شدّني فيلم وثائقي بثته قناة (NBN) اللبنانية قبل أيام، عن حياة الرئيسة الفلبينية السابقة كورازون أكينو، (1933- 2009)، والتي يحكم ابنها بنينو أكينو الفلبين اليوم.
حين سألها المذيع في نهاية اللقاء هل كان يخطر على بالها أنها ستكون يوماً رئيسة للفلبين؟ قالت بابتسامة: «لا... ولو لم أكن زوجة لبنينو أكينو لما وصلت للرئاسة».
كانت الفلبين من دول العالم الثالث التي تحكمها الأنظمة الدكتاتورية المتحالفة مع الغرب في الستينيات والسبعينيات. وكان الجنرال ماركوس أحد الحلفاء الخُلّص للأميركان في جنوب شرق آسيا، كما كان أنور السادات في مصر، والشاه رضا بهلوي في إيران، ومحمد سياد بري في الصومال، وهي أنظمة تفنّنت في قمع معارضيها.
عمل أكينو في بداية حياته صحافياً، وغطّى الحرب الكورية في الخمسينيات. وفي 1954 تزوّج كورازون، وكانت من عائلة موسرة، وفي سن الثانية والعشرين انتخب عمدة لمدينته، وفي مطلع الستينيات انتخب حاكماً للإقليم، حتى انتهى إلى عضوية مجلس الشيوخ. وفي السبعينيات قاد مع عدد من زملائه حركة معارضة ضد ماركوس، وحُكم عليه بالسجن في 1973، حيث قضى عدة سنوات في السجن الانفرادي، مقطوعاً عن العالم الخارجي تماماً، وتعرّض لأزمة قلبية، فسُمح له بالسفر للولايات المتحدة للعلاج بطلب من الرئيس جيمي كارتر، وهناك التأم شمل العائلة، وقضت هناك بضع سنوات، وصفتها كورازون بأنها انتقالة إلى الجنة من الجحيم، حيث بدأت تتكلّم بحرية.
في العام 1983، ومع تدهور الوضع العام، قرّر أكينو العودة لبلاده، وحين سألته زوجته: ألا تخاف من الاغتيال؟ أجابها: إن كان في موتي صلاحٌ للفلبين فلأمت. كانت تنتظر جواباً يهدّئ روعها، لكن هذا الجواب زادها قلقاً، فاختلت بنفسها في إحدى غرف المنزل وأخذت تصلّي. وتحققت مخاوفها فعلاً، فعند عودته إلى بلاده، تم اغتياله في المطار، وكانت المؤشرات كلها تشير ناحية ماركوس، وخصوصاً أن زوجة الرئيس القوية ايميلدا ماركوس زارته قبل عودته ولوّحت له بأن لديهم موالين لا يمكن التحكم بتصرفاتهم، كما امتنعت القنصلية الفلبينية من إعطائه جواز سفر، إلا أنه أصرّ على حقه كمواطن في العودة إلى وطنه. وحينما عاد أنزلته قوات الأمن من مؤخرة الطائرة وأطلقت عليه الرصاص.
اغتيال زوجها في 1983 كان البداية لتضع رجلها على طريق السياسة الوعر. كانت ربة بيت، اهتمت بتربية أولادها الخمسة، وضمنت لزوجها حرية الحركة في سنوات النضال وهو مطمئن على وضع عائلته ورعاية أبنائه. وحين قرّر ماركوس تنظيم انتخابات مبكرة نتيجة تعرضه للضغوط الدولية المطالبة بالتغيير، قرّرت كورازون أن تدخل الحلبة. وظلت الولايات المتحدة تدعم ماركوس رغم ما انكشف من عمليات تزوير في الانتخابات، وانتشار مقاطع مصورة للمتطوّعين في حملتها ممن تعرّضوا للاغتيال. واستمر الموقف الأميركي المنحاز حتى 1986، حين زاد الضغط الشعبي وحصل انشقاق في الجيش الفلبيني، ووقفت الكنيسة إلى جانب المحتجين، فقرّرت أميركا سحب الغطاء والتخلي عنه والاعتراف بمسئوليته عن اغتيال أكينو.
في مثل هذه الأيام من العام 1986، وفي الخامس والعشرين من فبراير تحديداً، رحل ماركوس مع زوجته إيميلدا، إلى جزر هاواي، بينما تسلمت أرملة غريمه أكينو منصب الرئيس، لمدة ست سنوات، واجهت خلالها عدة محاولات انقلاب، بالإضافة إلى تركة سياسية مثقلة بالمشاكل، في بلد يزيد تعداده يوماً على السبعين مليوناً، يعاني الجزء الأكبر منه من الفقر، واختارت عدم الترشح ثانيةً، ليتم انتخاب قائد الجيش فيدل راموس، وقد حققت أمنيتها الكبرى، بأن تذكر في التاريخ بأنها الرئيسة التي حققت الديمقراطية للفلبين.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ
هذه طريقة الامريكان مصالحهم فوق كل شيء. تخلو عن ماركس كما تخلو عن امثاله
والسؤال هل من معتبر؟
هلا هلا !
كورازون أكينو حياتها فيه الكثير من الغموض . بعيدا عن قصص ولع كورازون بجمع الأحذية . الا ان لعبة السلطة والسياسة لا تكون نظيفة . زد عليها انها لعبة الكبار وكبير تلك الحقبة ليس القطب الأمريكي فقط. والقصة الحقيقية لابد انها لا تخلو من مفاجئات تنكشف حقائقها بين فترة وأخرى .
الانظمة الاستبدادية تتكئ على الظهير الامريكي و الغربي لقمع معارضيها
لن تجد مسنبد يتمادى في قمعه للاصوات المعارضة او المتعاطفة مع المعارضة الا لانه غالبا يحتمي من النقد و اللوم و الادانة بالدعم الامريكي و اللغربي له حقيقة لا يمكن ان يتملص منعا الداعمون لذاك اي انتهاك لحقوق الانسان يسأل عنها الامريكي و البريطاني و الفرنسي