أكد خبراء في مجال الاتصال الحكومي ضرورة أن يكون الشاغل لوظيفة المتحدث الرسمي باسم الحكومة يحمل مهارات صحافية، ويكون قادراً على التعامل مع مختلف الأسئلة والاستفسارات التي يستقبلها من الجمهور، مشددين على أهمية أن يقول المعلومات الحقيقية، ولا يدلي بكل المعلومات.
ونّوهوا إلى أن المتحدث الرسمي يجب أن يكسب ثقة الجمهور والصحافيين، وألا يشوّه علاقته مع وسائل الإعلام؛ لأنها هي التي ستنجح الرسالة التي سيبثها، في الوقت الذي يكون حريصاً على الدفاع عن سياسات الحكومة وبرامجها وخططها.
جاء ذلك في الجلسة الختامية لفعاليات الدورة الرابعة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي نظمه مركز الشارقة الإعلامي في الفترة ما بين 22 - 23 فبراير/ شباط 2015، وذلك في مركز إكسبو الشارقة بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، برعاية من عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، والذي حمل هذا العام شعار «خطوات محددة... نتائج أفضل».
الجلسة التي أدارها مدير عام قناة العربية تركي الدخيل، وحملت عنوان «المتحدث الرسمي: بين الواقع والمستقبل»، ناقشت دور المتحدث الرسمي المعاصر في ظل التطورات التكنولوجية وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي وأهمية توفير التدريب والتأهيل اللازمين لإعداد متحدثين وأصحاب رأي قادرين على خلق تأثير إيجابي وصدقية تساهم في توثيق العلاقة بين الحكومات والجمهور.
وتحدث في الجلسة كل من وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، والخبير في شئون الأمن القومي والسياسات الخارجية الأميريكية، مساعد وزير الخارجية في إدارة بيل كلينتون (1997 ـ 2000) جيمس روبن، ومخطط الأخبار الحكومية في مكتب رئيس الوزراء البريطاني روبين جوردون فارليغ، وخالد حازم، الذي يشغل منصب مدير تطوير الأعمال للقطاع الحكومي في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في مايكروسوفت.
ومن وحي تجربته الشخصية وموقعه الرسمي كناطق باسم الحكومة المغربية، قال الوزير مصطفى الخلفي: «يعد المتحدث الرسمي نتاج فريق عمل كامل، وعليه أن يجد التوازن بين الحكومة والطرف الآخر، والحديث عن المتحدث الرسمي اليوم يعد أمراً ملحاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، حيث إنه يعمل في وضع حرج وحذر في الوقت ذاته، وعندما يكون المضمون غير واضح يقع المتحدث في مشكلة لأن الرسالة لن تصل إلى الناس وسيؤدي ذلك إلى فشل سياسة الجهة التي يمثلها، وأعتقد بأن جزءاً من مشكلة المنطقة يكمن في عدم وجود أي سياسات واضحة في الاتصال الحكومي أو لأن السياسات القائمة حالياً غير دقيقة».
وأضاف الخلفي أن «الحكومة وجدت قضايا كبرى مكلفة اجتماعياً ومؤثرة انتخابياً، ونجاح منظومة الاتصال الحكومي التي لا تفرق بين الإعلام التقليدي والاجتماعي نجاح للحكومة بشكل عام، وهذه المنظومة أصبحت موضعاً للاختبار، وليست من طرف واحد أو خاضعة لطرف واحد، وهي فرصة عظيمة لنا لتحقيق معادلة التفاعل بين الحكومات والناس».
أما عن الدور المستقبلي للمتحدث الرسمي، قال جيمس روبن: «في عصر ما قبل التكنولوجيا وعندما كانت السياسة الخارجية ترتكز على السفراء والدبلوماسيين الذين يلعبون دوراً مهماً في رسم صورة الرأي العام، وكانوا يوضحون سياسة بلادهم من خلال الناطقين الرسميين عبر أجهزة التلفاز، وهذا يعطي دلالة على مدى أهمية وموقع المتحدث الرسمي تاريخياً، فقد كانت دائماً الولايات المتحدة تسعى للحصول على التأييد العالمي وتأييد الحكومات من خلال بث رسائل واضحة ومدروسة في مختلف القضايا عبر متحدثين متمرسين لمختلف الجهات الحكومية الرسمية».
وأضاف روبن: «لضمان نجاح المتحدث الرسمي عليه أن يحدد ما هي الرسالة التي سينقلها والأدوات المتاحة لذلك، ويجب عليه أيضاً أن يؤمن بما يقول به ليستطيع إقناع الجمهور المستهدف، يضاف إلى ذلك ضرورة تركيز الاهتمام بنسبة 50 في المئة على طلبات الصحافيين والنصف الآخر على توجهات الحكومة التي يسعى لنقلها عبر رسائله، وحقيقة تقال إن العديد من السياسات تفشل نتيجة ضعف نمط الاتصال أو كونه يتسم بنوع من الهجومية، وأخيراً أعتقد بأن على الجهات المعنية وقت الأزمة منح صلاحيات كافية للمتحدث الرسمي للحصول على نتائج إيجابية».
وبشأن الخطوات اللازمة لإعداد وتأهيل المتحدثين الرسميين، قال روبين جوردون فارلينغ: «من خلال خبرتي هناك 3 نقاط رئيسية تتعلق بإنجاح الناطق الرسمي وهي دور الناطق الرسمي في إرسال رسائل واضحة وذات صدقية، والثانية أن يتم صياغة هذه الرسالة بشكل جيد سواء كان على الصعيد المدني أو العسكري، والثالثة أن تدرس مدى جدواها والوسيلة الأمثل لترويج مضمونها وتحقيق المطلوب».
وأضاف فارلينغ: «إن التخطيط الاستراتيجي لعمليات التواصل مع الجمهور يحدد كيف يقوم المتحدث الرسمي بإيصال الرسالة الصحيحة بالشكل الصحيح، فالمتحدث الرسمي يتم تقييمه من خلال ما يقدمه من رسائل وما ينقله من معلومات نيابة عن الجهة التي يمثلها، وأعتقد بأنه على كل حال وتحديداً في أوقات الأزمات يجب على الجهات الحكومية التنسيق فيما بينها لضمان نجاح المتحدث عبر تدفق سلسلة الأخبار العاجلة وأن تكون الحقائق كافة سليمة ومرتبة وتعطي القدر الكافي من المعلومات التي تبحث عنها الصحافة» .
من جانبه قال خالد حازم: «أعتقد بأن الناطق الرسمي يجب أن يستوعب الجمهور، وأن يكون مستعداً لمتطلباتهم دائماً وأن يكون متابعاً للمنصات كافة التي تعطي المعلومات التي تدعم من جهوده وجهود الجهة التي يمثلها، وتالياً يجب على الناطق الرسمي أن يتمتع بالقدرة على متابعة التغريدات وأن يتواصل مع الجمهور من دون إبطاء. أعتقد بأن عدم تمكن المتحدث الرسمي من استخدام وسائل التكنولوجيا سيجعله في وضع صعب نتيجة لوجود شبكات الجيل الرابع وبالتالي عليه التمرس على استخدام الأدوات المتاحة كافة لتسهيل مهمته ودعم التوجهات الرسمية سواء كانت حكومية أو خاصة».
وكان المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2015 قد أقيم تحت شعار «خطوات محددة... نتائج أفضل»، وتطرق إلى مناقشة الإجراءات الفورية والمطلوبة لضمان أفضل النتائج على صعيد العلاقة بين الحكومة والجمهور من خلال آليات الاتصال الحكومي الفعال والواضح المعالم، وعمل على تحديد الإجراءات المطلوبة على الصعيدين الدولي والمحلي لتفعيل دور الاتصال الحكومي بصورة أكبر.
العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ