رأى خبراء في مجال تقنية المعلومات ووسائل الإعلام الاجتماعي، أن تطور الاتصال الحكومي يعتمد على سرعة الحكومات في تبني تكنولوجيا المعلومات.
جاء ذلك خلال إحدى جلسات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي نظمه مركز الشارقة الإعلامي بمركز إكسبو الشارقة بإمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي حملت عنوان «مستقبل الاتصال الحكومي الإلكتروني»، وركزت على الدور المتنامي لتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام الاجتماعي وتأثيرها على أساليب التواصل بين الحكومات والجمهور في دعم مسيرة الدول التنموية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وتطرقت إلى الإجراءات الواجب اتخاذها اليوم لتفعيل التواصل الحكومي الرقمي مستقبلاً.
واستضافت الجلسة كلاً من مؤسس ورئيس جوجل أيدياز جاريد كوهين، والإعلامية السعودية منى أبوسليمان، من قناة أم بي سي، ونائب رئيس الأخبار في جيتي ايماجيز لمناطق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا هيوغ بيني، وصحافي متخصص وباحث في أدوات التواصل الاجتماعي بن هامرسلي، وأدارتها الإعلامية ريما مكتبي من قناة العربية.
وعن تجربته الشخصية في تغيير نظرة الحكومة الأميركية في التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح كوهين: «نحن مقبلون على جيل متطور من أدوات التواصل الاجتماعي، بحيث أصبح الوصول للبيانات الشخصية للمستخدمين متاحاً للجميع، على الحكومات أن تعمل على حماية هذه البيانات، والتقليل من حدة المخاطر التي تشكل الوجه السلبي للتكنولوجيا».
وأضاف كوهين: «الاتصال الرقمي يقدم خيارات متعددة للحكومات، ويمكنها من الوصول إلى شرائح أكبر من الجمهور وتناول عدد أكبر من القضايا بشكل سريع وفعال، وهذا يتطلب من القائمين على الاتصال الحكومي التحديث الدائم لآليات تعاطيهم والحرص على التواجد بشكل دائم ومستمر في ساحات التفاعل الرقمية».
أما عن تأثير الاتصال الحكومي الرقمي على القضايا الأساسية للمجتمعات والحكومات بشكل عام وفي المنطقة العربية بشكل خاص، أشارت منى أبوسليمان إلى أن مستقبل الاتصال الحكومي يجب أن يبنى على قاعدة مشتركة جديدة تبنيها الحكومات من خلال وعيها وإدراكها لمتطلبات شعوبها ومخاوفهم وتطلعاتهم، وكلما أتيح للناس التعبير عن أفكارهم وآرائهم كانت مهمة الحكومات أسهل. وبدل قمع حرية التعبير، على الحكومات أن تقترب أكثر من الناس وتتبنى النقاش المفتوح معهم لبناء جسر من التواصل على قاعدة الثقة والحرص المتبادل على المصالح المشتركة.
وأضافت أبوسليمان «انطلاقاً من دورها في حماية شعوبها، على حكومات اليوم تفعيل الرقابة وضبط مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع خطة التوعية والتثقيف التي تسلط الضوء على الأسباب الحقيقية وراء الحروب والنزاعات. هذا الدور هو تماماً كدور أي أب وأم في حماية أولادهما من مساوىء الفضاء المفتوح الذي تتيحه مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم عرض ومناقشة كل المواضيع الحساسة والخطيرة والتي قد يساء فهمها واستيعابها من دون توجيه صحيح ورقابة صحيحة».
من جانبه أكد هيوغ بيني «علينا أن نتمتع بمسئولية أكبر عند التعاطي مع الأحداث. يجب الانحياز للحقيقة واعتماد الدقة، وأن نلتزم أكثر بالشفافية والصدقية، فمازلنا نرى بعض الحكومات تعتمد لغة موحدة ومحايدة عند تواصلها مع الناس على اختلاف أهوائهم وتطلعاتهم ومخاوفهم، في حين يتعين عليها اليوم مع كل المنصات المتاحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن توجه رسائل محددة وبلغة محددة للتواصل مع كل شريحة من المجتمع».
وأضاف بيني «إن مستقبل الاتصال الحكومي يقوم بالدرجة الأولى على مدى إرادة الحكومات في اعتماد الحوار المتبادل مع الناس. عليها أن تصغي أكثر وتتحقق من المعلومات المتداولة قبل صياغة رسائلها إلى الجمهور وذلك من أجل أن تحتفظ بثقته وبصدقيتها أمامه. على القادة اليوم أن يعبروا عن صدقيتهم من خلال انفتاحهم على النقد فمواقع التواصل الاجتماعي قادرة اليوم على فرز القادة الحقيقيين من القادة العاديين من خلال معيار واحد فقط هو تقبل النقد والاستجابة له بالشكل المناسب».
وبشأن التحديات التي يمكن أن تواجه فعالية التواصل الحكومي الرقمي أشار بن هامرسلي إلى أنه لا يمكن التواصل بالشكل والنمط التقليدي السابق حين كانت الرسائل تنقل من أعلى الى أسفل، ولم يكن أمام الجمهور سوى قبولها مهما اختلفت مع توجهاته ومصالحه. وأن الحكومات الناجحة هي التي تستخدم الوسائط الرقمية للوصول إلى المستخدمين بشرائحهم كافة، وتفتح الحوارات الموضوعية التي تتناول الهموم والقضايا اليومية.
واختتم هامرسلي «على الجهات الحكومية أن تعمل على التقليل من مخاطر التكنولوجيا الآن وغداً، فقد تسعى بعض الجهات غير المسئولة لاستخدام التكنولوجيا في الوصول الى عقول الجيل الناشىء والتأثير عليه، لذا على الحكومات اتخاذ كل ما يلزم للحد من هذه الظاهره السلبية في حال حدوثها».
هذا ويعد المنتدى الذي يقام سنوياً تحت رعاية عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ويستقطب كبار الشخصيات السياسية والإعلامية من قادة الفكر والرأي من جميع أنحاء العالم، ويساهم بشكل فعال في طرح معلومات متميزة في مجال الاتصال الحكومي لتصبح في متناول الباحثين وتزودهم بالمعرفة في مجال الإعلام في المؤسسات الحكومية.
العدد 4556 - الخميس 26 فبراير 2015م الموافق 07 جمادى الأولى 1436هـ