لا أحلم بإعفاء من مخالفة مرورية. لا أحلم بابتسامة رجل المرور، أو مدير مُحْدث نعمة في أي وزارة أو هيئة حكومية. لا أحلم بإعفاء من تمييز هنا وهناك. لا أحلم بإعفاء من فاتورة الكهرباء المتراكمة منذ سنوات. لا أحلم بالوفاء من قبل الأصدقاء والأحبة؛ لأنه أمر مستفز لهم. لا أحلم بتبخر الديون كما تبخرت الثروة ذات غياب. لا أحلم بمنزل بحديقة وبركة سباحة وسور مستفز. لا أحلم بنوم أكثر من 4 ساعات. لا أحلم بكتابة نص يستدرج ردودا على الشبكة العنكبوتية. لا أحلم بالانتظام في الوجبات الثلاث التي اكتفيت منها بواحدة منذ أكثر من 8 سنوات. لا أحلم بطابور انتخاب حكومة. لا أحلم بتردي الأوضاع كي أتورط بقائمة من الإدانات. لا أحلم «بعقل جميل» يضعني على مشارف جائزة في حي، عدا وهم جائزة في مجمع تجاري. لا أحلم بالهجرة كي أنسى، فيما ذاكرة المكان تنزف ليلا. لا أحلم بوطن مرتهن للخبراء القادمين من وراء الحدود، ويتقاضون ثمن شقائنا بالعملة الأجنبية، والمدارس الخاصة، والعيش في المجتمعات المغلقة. لا أحلم بمفردات تجبرني على العودة إلى «لسان العرب». لا أحلم برصيف بإضاءة مادمت مهددا بالعتمة. لا أحلم بأغنية طويلة وسهري قصير لفرط الإحباط. لا أحلم بالطوب في ممشى مادامت الطريق موحلة. لا أحلم بوردة على قبر لأنها تستفز أعصابي في هكذا موضع. لا أحلم بمطر غريب في صحراء من الروح. لا أحلم بخيل تستفز كساحي. لا أحلم بشرق متورط بالمادة. لا أحلم بربيع وقت تحصد فيه أعمار.

فقط أحلم بقلب يبتهل لمن أحب. قلب أختلي به في حيزي البسيط برفقة سهر مضن. في انتظار صوت يطمئنني على العالم! أحلم بصوت في ذروة نومي يعيد تشكيل صحوة من نوع آخر.