المعتقدات الغذائية الخاطئة يتم توارثها بين الأجيال، وهي ليست بالشيء الغريب في هذه الفترة لكثرتها وتنوعها. وعندما نمر بفترة امتحانات يكثر ترديد عبارة أن الجبنة تسبب الغباء ولا يجب تناولها في أوقات الدراسة، حيث إن هذا المعتقد أثار دهشتي بأنه لايزال موجوداً ولهذا اليوم. حيث كثرت الأقاويل عن الأجبان في مختلف المجتمعات في الآونة الأخيرة.

أولاُ: ما هو الجبن (لمعرفة الجبن يجب أن نعرف طريقة صنعه ولو باختصار شديد): الجبن هو جزء من مجموعة الألبان، وطعام مصنوع من الحليب عن طريق فصل خثرة الحليب الصلبة curd وسائل المصل whey عن طريق عملية التحميض acidification or souring للحليب وإضافة أنزيم rennet (في عملية الـ coagulation) وبشكل أساسي إضافة بكتيريا مسئولة عن تحويل سكر الحليب إلى lactic acid. حيث إن أنزيمات هذه البكتيريا تؤثر في طعم وعمر المنتج النهائي ومنها Lactococcus، Lactobacillus، or streptococcus families وغيرها. ثم يتم التعامل مع الخثرة (curd processing) إلى أن تصل إلى مرحلة الإنضاج (ripening).

المحتوى من الناحية الغذائية (لن أدرج النسب حيث إنها تختلف باختلاف النوع واختلاف عمليات التصنيع):

الدهون، البروتين، المصل «whey»، الكالسيوم، الفوسفات، المنكهات (من أعشاب و«spices»، وغيرها).

بعض المعتقدات الغذائية الخاطئة المتعلقة بالأجبان على المستوى العالمي وصحتها:

-1 الجبن يؤدي إلى أمراض القلب: لطالما كان من المتعارف عليه أن كثرة تناول الأجبان المرتفعة في نسبة دهونها (الأجبان الصفراء) تزيد من احتمالية أمراض القلب «CVD cardiovascular disease»، و«(CHD) coronary heart disease»، و«stroke»، وذلك من خلال رفع الكوليسترول (LDL). ولكن دراسة حديثة 2012 أثبتت عكس ذلك بأنه لا توجد علاقة حتمية بين تناول منتجات الألبان كاملة الدسم من ضمنها الجبن وأمراض القلب والكوليسترول، بل على العكس أثبتت بأن تناول الأجبان الطبيعية كاملة الدسم يساهم على خفض الكوليسترول بشكل كبير مقارنة بالأجبان المعتمدة في تصنيعها على الزبدة.

-2 من أغرب المعتقدات شيوعاً هي أن الأجبان تؤدي إلى التسوس، إلا أن دراسة حديثة على بعض الأنواع (الشيدر، الموزيريلا، السويسرية والأميركية) أثبتت عكس ذلك من خلال شرح ميكانيكيتين، وهما باختصار:

• يعمل الكالسيوم والفوسفورس والبروتين في الأجبان واقياً لطبقة المينا في الأسنان.

• إن تناول الأجبان يزيد من إفراز اللعاب الذي يعمل على غسل وتقليل الأحماض والسكريات المتواجدة في الفم.

-3 والاعتقاد الأغرب هو أن تناول الأجبان قبل النوم يؤدي إلى الكوابيس، إلا أن دراسة بريطانية على أجبان بريطانية أثبتت عكس ذلك تماماُ في 2005 بنتائج إيجابية خلاصتها أن الأجبان تحتوي على «tryptophan»، وهو حامض أميني أثبتت بأنه يقلل من التوتر ويساعد على النوم.

-4 «تناول الأجبان في كل الوجبات هو جزء من الرفاهية» هي عبارة وليست بمعتقد، إلا أن تناول الأجبان يمكن أن يؤدي أحياناً إلى أعراض حساسية ـو رد فعل، حيث أثبتت دراسات أخرى أن تناول الأجبان المعمرة المرتفعة في نسبة «tyramine» تعمل على حصول ردود فعل بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون أدوية معينة ضد الاكتئاب كالطفح والصداع وارتفاع ضغط الدم.

ختاماً، لا توجد دراسة حتمية تثبت بأن الجبن يسبب الغباء أو يقلل من بديهية الشخص، وهذا المقال ليس دفاعاً عن الجبن أكثر من كونه عرض بعض المعتقدات الخاطئة حول الجبن، لأنه في الجهة الأخرى توجد أيضاً سلبيات كثيرة لتناول الجبن، سواء في أنواع معينة أو في حالات معينة. لذلك ننصح دائماً بالاعتدال في تناول جميع أنواع الأطعمة طبيعية أو صناعية أو حتى عضوية.