عندما نتكلّم عن الثقافة في مضمونها البسيط والمعقّد، فإننا نتكلّم عن مجتمع بأكمله، ونتحدّث عن مسيرة تقدّم وتطوّر للشعوب، من خلال ثقافتنا الماضية والحاضرة، ونستشرف عن طريقها المستقبل القريب جدّاً، فالأحداث تتلاطم من حولنا، سواء على الصعيد الداخلي أو الخليجي، وللثقافة دور جبّار لحمايتنا من هذا الطوفان القادم.

ربيع الثقافة الذي تمّ انتقاده داخلياً ومن فئات معيّنة ومعروفة، تمّ الإشادة به على المستوى الخليجي والعالمي، وهناك شريحة كبيرة من المجتمع البحريني تقف مع هذا الربيع وتتمنّى تطويره أكثر وأكثر، من خلال البرامج والأطروحات.

عندما نتكلّم عن الاستثمار الاقتصادي في البحرين، لا نتكلّم عن الدنانير وجلب الأموال ومضاربات البورصة فقط، ولكن نتكلّم عن دعم الثقافة لزيادة المستثمرين، فهذا الدعم يجب أن يكون من مختلف القطاعات وليس مقتصراً على رجال الأعمال والبنوك والقطاع الخاص، بل إنّ القطاع الصحّي والتعليمي وغيره من القطاعات عليها أن تبرز دورها في ربيع الثقافة.

هذا التسويق السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبحرين، يدر علينا الانتعاش المعرفي بأهمّية البحرين لمختلف شعوب العالم، ويكفينا فخراً استقطاب القاصي والداني من أجل فعالية من فعاليات ربيع الثقافة.

البعض يعوّل بأنّ ما هو قائم على أرض الواقع ترف ما بعده ترف، وأنه هدر للأموال، ولا يعلم هؤلاء بأنّ هذه الأموال التي تُصرف في هذا الربيع تعزّز مكانة البحرين، وتزيد من الوحدة الاجتماعية التي نحتاجها أكثر من السابق، لمواجهة التطرّف والتقسيم الطائفي والقلاقل الموجودة لدينا.

في المؤتمر الصحافي الذي أطلق في قلعة بوماهر بالمحرق، لإعلان فعاليات وبرامج ربيع الثقافة في نسخته العاشرة صباح الأحد (22 فبراير 2015)، سأل الزميل مُهنّد منصور عن عراقيل إصدار التأشيرات، سواء للزوّار أو للمشاركين في ربيع الثقافة، وأشار إلى أنّ التسهيلات في الفورمولا 1 سريعة جدّاً، ما جعلنا نتساءل هل هناك أولوية في إصدار التأشيرات من قبل الإدارة العامّة للجنسية والجوازات والإقامة لربيع الثقافة كما للفورمولا1؟ أم أنّ تأشيرات الثقافة مركونة لدى الجوازات إلى حين؟ علماً بأنّ هذه الإدارة تتفاخر دائماً بالتأشيرات الالكترونية وسرعة إنجاز المعاملات!

وسؤالنا أيضاً هل هناك جهات أخرى تؤخّر التأشيرات في فترة ربيع الثقافة؟ فدول مثل تركيا لا تؤخّر إصدار التأشيرات الالكترونية، حيث لا تزيد عن يوم أو يومين، إن لم يكن في الوقت نفسه، لمختلف جنسيات العالم، ولذلك نجد أنّ التوجه إلى تركيا بسبب منح التأشيرات السريعة والردود السريعة على طالبيها، ونجد في المقابل تذمّر البعض من تعطيل التأشيرات أثناء ربيع الثقافة، فهل هناك أسباب لذلك؟

ونسأل عن دور وزارة الإعلام في الترويج لربيع الثقافة، والتسهيلات التي ستقدّمها هذه المرة! فهل يكفي الترويج في التلفزيون والإذاعة؟ نحن نريد دوراً فعّالاً ومؤثّراً من خلال مندوبيها في الخارج، الذين تمّ استخدامهم إبان أحداث فبراير 2011، فعمل هؤلاء لا يقتصر فقط على الصور الجميلة حول البحرين عند مقابلتهم للمسئولين في تلك الدول، بل يتعدّى ذلك إلى ترويج ربيع الثقافة خصوصاً وبقيّة الفعاليات التي تُدار خلال السنة.

ولا ننسى وزارة الخارجية الصامتة عن الربيع وعن مختلف الفعاليات، فأين سفراؤها من الترويج لهذه الفعاليات؟ فنحن لا نجد السفراء أو السفارات إلاّ في احتفالات العيد الوطني! أمّا ما يتبقّى من السنة، فهم في حالة صمت اختياري، لحين بروز أي حدث سلبي يهز البحرين! أيعقل ذلك يا وزارة الخارجية ونحن نستند عليكم في الترويج الايجابي للوطن؟

سمّوها كما شئتم، وزارة أو هيئة أو جهازاً أو إدارة، فالمسمّى ليس مهمّاً كأهمّية الانجاز والعطاء من قبل من يدير الثقافة، ولنعمل معاً حتى نحقّق مع الثقافة مشروعاً ثقافياً وصرحاً رائداً، وصدقت من قالت بأنّ البلدان التي لا تملك ثقافة لا تستطيع ترويج السياحة. ونردّد بأعلى صوتنا ادعموا الثقافة يا من تحبّون الثقافة!