أكدت رئيسة جمهورية ليبيريا، إلين جونسون سيرليف، أن انتشار مرض «إيبولا» أثّر على النسيج الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي في ليبيريا، إلا أنهم بدأوا يتعافون من المرض بعد عدم تسجيل أية حالة جديدة في شهر يناير/ كانون الثاني 2015، مشيرة إلى أنهم يسيرون نحو العودة إلى طريق التنمية والنمو.
وقالت سيرليف إن أطباء هربوا إلى أميركا بعد انتشار المرض في ليبيريا، إلا أنهم يسعون إلى إرجاعهم من خلال إعطائهم حوافز ومميزات، مشيرة إلى أن عدد الأطباء لديهم لا يتجاوز 219 طبيباً يعالجون 3.4 ملايين شخص، ما يعني أن طبيباً واحداً لكل 100 ألف شخص.
جاء ذلك في خطاب ألقته سيرليف صباح أمس الاثنين (23 فبراير/ شباط 2015) في افتتاح أعمال اليوم الثاني من الدورة الرابعة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يعقد في مركز إكسبو الشارقة برعاية عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي.
وقالت سيرليف: «إن فيروس إيبولا تسبب بتأثير كبير على نسيج ليبيريا الاجتماعي والثقافي والسياسي، ودمر الكثير من الإنجازات التي حققناها، وأدخل الخلل في تطوير البنية التحتية وأنهى حياة مواطنين. وهو وصمنا بوصمة الكل يعرفها، ولكننا وقفنا على أقدامنا ودعونا إلى عمل وطني يفضي بالقضاء على المرض بحلول أعياد الميلاد.
وأضافت «في شهر يناير الماضي لم تسجل ليبيريا أية حالة مرض جديدة، وهي المرة الأولى منذ أشهر، وهذا ما أكده الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له في شهر يناير 2015. والآن يتواجد 47 مريضاً فقط في مراكز العلاج».
وذكرت أنهم انتقلوا من مرحلة حرق جثث ضحايا المرض إلى عمليات الدفن الطبيبة. مؤكدة أنهم يكسبون هذه المعركة، على حد وصفها، وخصوصاً بعد أن خرج 1227 شخصاً من مراكز العلاج، من بينهم أيتام.
وأشارت إلى أن الكثيرين في ليبيريا أدركوا أنه يجب أن نبذل وننجز، لأننا في مرحلة من مراحل الاستجاب والاجتثاث الكلي للمرض، والذي لن يتأتى إلا تحررت المنطقة من المرض، وجميع الدول المحيطة بهم.
وأضافت «من الواضح أنه يجب أن نبذل كل ما نستطيع للعودة إلى الوضع الطبيعي، وسنناشد شركاءنا لدعمنا من أجل التحرك نحو تصحيح وضعنا».
وقالت: «ليبيريا تسير في طريق العودة إلى التنمية والنمو، ونعد خطة اقتصادية لما بعد مرض إيبولا، وأصبحنا متفائلين بأن العد التنازلي إلى الصفر قد بدأ فعلاً، ونحن نواجه تحديات كبيرة، لكننا أصبحنا دولة وشعباً أقوى، وهذا ما يجعلنا نقف أمام التحدي». وذكرت أن «الخوف جعلنا مصممين وملتزمين ليس فقط بإنقاذ بلادنا بل لضمان حياة أفضل لمواطنينا».
ولفتت إلى أن انتشار المرض في ليبيريا كان يتطلب منهم تحركاً، وخصوصاً أن حياتهم كانت «على المحك»، وكل ما سعوا لتحقيقه خلال 10 أعوام كاد أن ينهار، على حد وصفها.
وتابعت «حاولنا التقليل من انتشار الفيروس من خلال الحد من الحركة، واللجوء إلى الشرطة إذا استدعى الأمر، وفرض حظر تجول من الفجر إلى المغرب، والكنائس والمساجد لجأت إلى الدعوات والصلوات المستمرة، والمئات ماتوا بسبب عدم وجود المنشآت الملائمة لعلاج المرض».
وأضافت أن «الهلع الذي انتاب الجمهور تحول إلى عدم ثقة في الحكومة التي لم تكن قادرة على الاستجابة الفورية للتعامل مع المرض، وهذا أدى إلى إصابة شخصين تحديا قوات الأمن».
ونوّهت إلى أن ليبيريا أصبحت «الطفل المنبوذ»، مبينة أن «انتقال المرض إلى نيجيريا دق ناقوس خطر كبير من خلال زيادة القلق العالمي، ولذلك غادر المستثمرون، وشركات الطيران وقلصت رحلاتهم».
وأكدت أنهم «مدركون للخوف الذي اجتاح الشعب الليبيري، ونحن واجهنا تحدياً لإنقاذ البلاد، ولذلك تم إنشاء لجنة تنسيقية من السلطات الثلاث في البلد، وانضم المجتمع الدولي إلى جهودنا والمجتمع المدني، إلى جانب القادة التقليديين والدينيين؛ من أجل تعزيز مسئولية كل طرف لحل مشكلة، وهذا حظي بدعم فريق تقني للتكفل بمواجهة المرض وتحديد المرضى ودعم من تم الحجر عليهم صحياً»، معتبرة أن هذا الدعم يبقى «المفتاح لتغيير الذهنيات والسلوكيات».
وأفادت بأن أعضاء الفريق التقني قاموا بتصميم أدوات اتصال للتواصل مع الجمهور، وتحديد سبل الاستجابة، وهو الأمر الذي أنتجه المواطنون المتطوعون الذين جندوا أنفسهم وحظوا بدعم مختلف المؤسسات.
وفي إجابتها عن سؤال متعلق بالتحديات التي واجهتهم في بداية انتشار المرض، ذكرت سيرليف أن «قسماً كبيراً من الشعب مسلمون لهم عاداتهم وتقاليد، ولم يكونوا ليعرفوا ما الذي يواجههم، وكذلك المسيحون لديهم طريقتهم في حياتهم اليومية، والناس معتادون على أخذ الميت ودفنه، والناس كانوا يرون أن أهاليهم يؤخذون ولا يرونهم مرة أخرى، وهو الأمر الذي كان صعباً علينا التعامل معه».
وذكرت أنه في بداية المرض لم يكن بإمكانهم مصافحة بعضهم بعضاً، بسبب الخوف من الإصابة بالمرض، «ولكننا الآن عدنا لنصافح بعضنا».
وأردفت «كان من الصعب علينا التواصل مع المواطنين الليبيريين في بداية الأمر؛ بسبب عدم وجود الرسالة الواضحة لدينا، وما تعلمناه من هذه الأزمة هو أن ننقل الرسالة الصحيحة للشعب، والتي تقلل تخوفهم وتشعرهم بالأمان وأن هناك حلاً للمرض، وما وجدناه أنه يجب التواصل مع الإعلام لإبلاغهم رسالتنا وقصتنا الحقيقية، ووسائل التواصل الاجتماعي كانت أسرع منا، ولذلك التقطت صور لأشخاص ماتوا في الطريق».
ونبّهت إلى أن «الإعلام المحلي كان داعماً لنا، وينتقلون مع فريق صحي وينقلون الصورة للحقيقية عن المواطنين الذين ماتوا والذين يتلقون العلاج».
العدد 4553 - الإثنين 23 فبراير 2015م الموافق 04 جمادى الأولى 1436هـ