الحديث عن النكتة السياسية في المشهد السياسي العربي الحالي يعكس حالة البحث المستمر لأدوات تنفس عن المواطن العربي الغارق في متاهات وإحباطات لا تعدّ ولا تحصى أضف إلى ذلك أنه لا يمكن له أن ينتقد أحداً في الدولة إلا ولقي هلاكه في سجونها والأمثلة كثيرة من المشرق إلى المغرب العربي.
لقد ازدهر فن النكتة السياسية بعد العام 2011 خاصة بعد أن تغير المشهد السياسي العربي وطرأت تغييرات في بعض بلدان المنطقة العربية. فسقط زعيم وحل زعيم جديد وآخر سجن إلى غيرها من النهايات والبدايات المختلفة التي اكتظ بها المشهد السياسي العربي في زمن الأزمات. ولعل تأليف النكتة السياسية جاء من منطلق أن هناك من استطاع التعبير عن رأيه بالمزاح دون خوف. ويعتبر هذا نوع من التفاعل الساخر أمراً ضرورياً وانتشارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي تحول إلى نوع من الحشد الساخر الذي ينشر النكتة على أكبر نطاق، فتصبح النكتة السياسية سخرية جماعية، ونوع من أنواع الحالة الدفاعية أو الانتقامية اتجاه حدث معين.
ولا يمكن في هذا السياق تجاهل الفن الكاريكاتيري الساخر الذي أيضاً يستخدم كأداة قوية لتوجيه الرأي العام حتى أصبحت الحكومات تخشى لما يخلفه لهم من أذى، فالكاريكاتير إلى جانب قدرته على النقد اللاذع يمتلك قدرة على الانتشار السريع، كما أنه يختزل الأحداث الكبيرة في مساحة صغيرة توثق ما حدث.
وقد نشرت وكالة رويترز تقريراً بعنوان «تضيق الخناق على المعارضة لم يعد مثاراً للضحك في مصر» من القاهرة في (18 فبراير/ شباط 2015) أشارت فيه إلى موضوع النكتة السياسية في حقبة الرئيس عبدالفتاح السيسي وكيف أن على جميع المصريين أن يحمدوا الله بأن مصر ليست كالعراق وسورية حتى ولدت مع هذه الملاحظة نكتة سياسية تقول: «جوازات السفر المصرية الجديدة يجب أن يكتب عليها «جمهورية اللي مش زي سورية والعراق» لكن تقرير الوكالة علق بأنه حتى مثل هذه النكات أصبحت شحيحية في مصر بسبب تشديد قضبة الدولة على الجميع وذلك بشكل لا يترك مجالاً لنقد من قبل الكتاب والإعلاميين الساخرين ورسامي الكاريكاتير. إضافة إلى أن الآلاف من معارضي الحكومة يقبعون في السجون كما أن قانوناً جديداً يكاد يحظر تنظيم الاحتجاجات.
لقد أصبحت الحكومة لا ترى شيئاً مضحكاً في السخرية منه ولهذا فإن النكتة السياسية تراجعت في مصر حتى أصبح «دمها تقيل» بحسب الكاتب الساخر محمد الغول الذي قال لـ «رويترز» بأنه كان لديه آمال كثيرة من بيع كتابه الساخر الذي ينتقد طبيعة الزعماء المصريين لكن هذا غير ممكن خاصة في ظل تذبذب الوضع الداخلي في مصر. ورغم أن مصر تعد من أكثر البلدان العربية التي تحمل صفة الفكاهة وخفة الدم في إطلاق النكات والأفلام الكوميدية إلا أن المواطن المصري يرثي حاله اليوم كما هو المواطن العربي الذي لا يجد أي أسلوب للتنفيس. ولذا فإن النكتة السياسية وإطلاقها عكست طبيعة الظروف الاقتصادية والسياسية التي تعيشها المجتمعات العربية ومنها مصر. إذ يرى مواطنوها أنها تخفف من عبء وقساوة الحياة بدءاً من الفقر وصولاً إلى الأحياء والمساكن العشوائية وسوء الصرف الصحي.
إن قراءة المشهد السياسي العربي يبرهن مهما تعددت الأسباب فإن المواطن العربي يعيش في الوقت الراهن بين نارين... نار من لا يسمح له بنقد الدولة حتى لا يوصم بالخيانة ونار تدفعه إلى أن يصمت لأن هناك حرباً ضد الإرهاب يُستغل الإسلام من خلالها. وهذا مثلاً ما يشعر به المواطن المصري خاصة بعد قتل 21 مصرياً قبطيا على أيدي مقاتلي داعش في ليبيا.
ولذا فإن النكت السياسية ستبقى الأداة التي سيلجأ لها الشارع من أجل التنفيس وعدم الاستسلام للعجز عن التغيير... وقد نستشهد بكلام الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف الذي قال في منتصف 2014 بعد إلغاء برنامجه وانتقاله إلى الولايات المتحدة الأميركية «احنا عايشين أزهى عصور الديمقراطية في مصر ويتقطع لسان اللي يقول غير كده». وهو كلام ينطبق على جميع دول المنطقة التي مازالت ترى في النكتة السياسية والسخرية تهديداً لركائز وهيبة الدولة بعكس ما هو مثلاً موجود في مجتمعات الغرب المتقدم مثل السويد وبريطانيا.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4552 - الأحد 22 فبراير 2015م الموافق 03 جمادى الأولى 1436هـ
صنقيمة احسن نكتة سياسة
وين يا حسرة ...على قولة صنقيمة يعيشون الأوادم في اقفاص بعد 15 سنة و يبون نرز أعلام الولاء.على شنو
نعيش في زمن الممنوع
نعم أصبتي العرب يعيشون زمن المنع من كل شيء وصار دمهم ثقيل وشعارها للأسف القتل
الأخت ريم
هل نكتة تنطبق علي العراق وسوريا واليمن في واحد عمره ماتبخر قام يبي يجرب حرق روحه