أشار تقرير صدر مؤخراً عن بوسطن كونسلتينج جروب والاتحاد العالمي لجمعيات إدارة الأفراد إلى أن أقسام الموارد البشرية المتميزة بأدائها تسهم في تطوير الأداء المالي للشركات. ويتضمن التقرير النتائج التفصيلية لدراسة معمقة بعنوان: ’كيفية التأسيس لأداء موارد بشرية متميز في التواصل وترتيب الأولويات والتأثير‘. والتقرير هو الثامن في السلسلة السنوية التي تحمل عنوان: "تعزيز ميزة العنصر البشري"، والتي تستكشف الاتجاهات الناشئة في قطاع الموارد البشرية.
وفضلاً عن قيام مؤلفي التقرير بجمع الإجابات عن الاستطلاع، وضمن سياق بحثهم، أجروا مقابلات معمقة مع 64 من أبرز العاملين في مضمار الموارد البشرية وغيرها. كما أخذوا في الاعتبار أداء الأسهم خلال عشر سنوات للشركات العامة على قائمة مجلة فورتشن: "أفضل الشركات للعمل لديها" لعام 2014، ومن ثم قاموا بمقارنته مع مؤشر ستاندرد أند بورز 500، وقد تفوق أداء الشركات المئة الأفضل، التي تميزت بأداء فعال للموارد البشرية، بنسبة بلغت نحو 100٪ على المؤشر. بيد أن التقرير نوّه أيضاً إلى أن هذا ما يكون عليه الحال فقط حين يكون قادة الموارد البشرية مجهزين للتعاون مع قادة الأعمال.
وقال جان ميشيل كاي، كبير الشركاء في بوسطن كونسلتينج جروب، والمشارك في تأليف التقرير: "تحتاج مهام الموارد البشرية إلى التواصل من خلال تعزيز الشراكة مع الأطراف المعنية ضمن الشركة، وبشكل مضطرد، وخارجها لتحسين الأداء العملي والمالي".
كما بحث مؤلفو التقرير في 27 موضوعاً فرعياً ضمن مجال الموارد البشرية لتسليط الضوء على أبرز أولويات الشركات في مختلف المناطق والقطاعات. وصنفت القيادة في أغلبية البلدان باعتبارها الموضوع الفرعي الذي يعد في أمس الحاجة للتصرف بشأنه، وتبعه في ذلك موضوع إدارة الكفاءات. غير أن ترتيب المواضيع الفرعية شهد اختلافات كبيرة حسب البلدان، ففي الشرق الأوسط تركز الاهتمام بصورة رئيسية على إدارة الكفاءات ومن ثم القيادة والسلوك والثقافة.
وشملت مجالات الاهتمام الأخرى مشاركة الموظفين، ونماذج السير المهنية والكفاءات، والمكافآت والتعويضات، والتدريب والتعليم، وتواصل الموارد البشرية، وخدمة الموارد البشرية وأنظمتها، والعلامة التجارية للشركة، واستراتيجية الموارد البشرية والأفراد، وإدارة الأداء، والتخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة، وعمليات التوظيف.
من جانبه قال كرستوفر دانييل المسؤول في مكتب بوسطن كونسلتينج جروب في دبي: "مما يثير الاهتمام أن إدارة الأداء تحتل مرتبة أدنى بكثير، من حيث الإلحاح، في مختلف البلدان الأخرى، ففي الواقع لم تذكر في أي بلد آخر بين المواضيع الفرعية الثلاثة الأكثر إلحاحاً، ويشير هذا إلى أن قادة الموارد البشرية في الشرق الأوسط يحتاجون إلى إحداث تقدم كبير في هذا المضمار على وجه التحديد".
يجب على قادة الموارد البشرية التواصل مع الأطراف المعنية في الشركة
يشدد التقرير على أهمية إقامة علاقة واضحة بين قادة الموارد البشرية وقادة الأعمال، الأمر الذي قد يكون مفقوداً بشكل كبير في بعض الشركات وفقاً لما تشير إليه معلومات الاستطلاع.
وقال جورج جاوريجي، المعين حديثاً رئيساً للاتحاد العالمي لجمعيات إدارة الأفراد: "صنف المجيبون على الاستطلاع من غير المختصين بالموارد البشرية كفاءات إدارة الأفراد في شركاتهم في مرتبة أدنى بكثير بالمقارنة مع تصنيف أولئك المختصين بالموارد البشرية لأدائهم الخاص".
وقد صنّف المجيبون من غير المختصين بالموارد البشرية 40 بالمئة من 27 مجالاً من الموارد البشرية التي تطرق إليها البحث ضمن "المنطقة الحمراء"، مما يشير إلى حاجة ماسة للتصرف في هذا الشأن. وعلى النقيض من ذلك، لم يصنف المجيبون من مختصي الموارد البشرية أياً من مجالاتها في المنطقة الحمراء.
قام التقرير أيضاً بتقسيم الشركات ضمن شرائح وفقاً لأفضل وأسوأ أداء، وذلك اعتماداً على التغيرات في متوسط إيراداتها وهوامش تشغيلها، وحدد نواحي مشتركة في كل شريحة. وتمثل الاكتشاف الأبرز في أن أقسام الموارد البشرية لدى الشركات ذات الأداء المالي الأعلى قادرة على تحديد أولويات واضحة لتطوير أداء الموارد البشرية، وبذلك يمكنها توجيه استثماراتها وجهودها المستقبلية بصورة واضحة وبفعالية أكبر.
وأضاف دانييل: "تعتمد الشركات ذات الأداء المالي الأدنى أسلوباً أقل تنظيماً في الاستثمار في مواضيع الموارد البشرية، وهي لا تحدد أولويات واضحة ولا تركز على استثماراتها".
دور حاسم لمؤشرات الأداء الرئيسية وتحليله
نظراً لتنامي توافر التحليلات والمقاربات الأخرى المستندة إلى البيانات، قد لا يفاجئنا أن تشير نتائج التقرير أيضاً إلى وجود ترابط قوي بين اعتماد مؤشرات الأداء الرئيسية وتحليلاته ضمن الموارد البشرية وبين دور استراتيجي أكبر لها بصورة عامة.
الرسالة الموجهة إلى قادة الموارد البشرية واضحة: يجب على أولئك الذين سيشاركون في المداولات الاستراتيجية مع كبار المسؤولين التنفيذيين أن يتحلوا بالقدرة على تقدير أداء القوة العاملة ونقله. ويستلزم هذا تجاوز المعايير البدائية، التي تركز على تكاليف شؤون الموظفين وعدد العاملين بها، نحو مؤشرات معلومات أكثر تطوراً يمكنها قياس إنتاجية الموظفين فضلاً عن بيانات هامة أخرى.
بدوره قال بيتر هاين، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لجمعيات إدارة الأفراد: "يجب على الشركات خلق التأثير من خلال استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية، وتوجيه الأدوات نحو تطوير المؤسسة وأهدافها الاستراتيجية، ومن خلال التركيز على تطوير استقطاب الكفاءات وصياغة السلوك المؤسسي".
تقرير: " كيفية التأسيس لأداء موارد بشرية متميز في التواصل وترتيب الأولويات والتأثير"، ينشر في سياق سلسلة: تعزيز ميزة العنصر البشري الصادرة سنوياً منذ العام 2007 عن بوسطن كونسلتينج جروب، وبالتناوب سنوياً مع شريكيها، الاتحاد العالمي لجمعيات إدارة الأفراد والجمعية الأوروبية لإدارة الأفراد، (وفي الحالة الأخيرة تركز الدراسة على القارة الأوروبية حصرا.