كشف محامي التنظيمات الإسلامية موسى العبد اللات أن منظر التيار السلفي الجهادي في الأردن عاصم البرقاوي الملقب بأبو محمد المقدسي الذي كان أحد أطراف التفاوض مع تنظيم داعش بشأن إطلاق سراح الطيار الأردني معاذ الكساسبة كانت اتصالاته عبر شخصية مقربة من أبو محمد العدناني وهو أبو محمود الموصلي والموجود في سوريا، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد (22 فبراير/ شباط 2015).
وأضاف العبد اللات وهو خبير في شؤون التنظيمات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» أن أبو محمد المقدسي أجرى قبل عملية التفاوض اتصالات مع شخصيات مقربة من تنظيم داعش في كل من ليبيا واليمن إضافة إلى الاتصال مع شخصية مستقلة موجودة في تركيا تحظى باحترام قيادات تنظيم داعش، موضحا أن الاتصالات مهدت للاتصالات والحديث بين المقدسي والعدناني عبر الموصلي.
وأشار العبد اللات إلى أنه تم إعطاء المقدسي الذي كان موقوفا في سجن الموقر 2 شرق العاصمة عمان حرية الاتصال الصوتي من هاتفه الخاص وعبر الـ«واتس آب» وتقديم كل وسائل الاتصال من أجل القيام بالتفاوض من أجل تأمين إطلاق سراح الطيار معاذ الكساسبة الذي قتله تنظيم داعش حرقا، موضحا أن المقدسي أبلغ أبو محمود الموصلي أن لديكم مفتاحا، وهو يقصد الطيار معاذ ولدى النظام الأردني مفتاح، ويقصد السجينة العراقية ساجدة الريشاوي المحكوم عليها بالإعدام لاشتراكها في تفجيرات فنادق عمان عام 2005 وطلب منه تبادل هذه المفاتيح.
وأشار العبد اللات إلى أن أبو محمد المقدسي، أبلغني أنه طلب من أبو محمود الموصلي، إرسال ما يثبت أن الطيار معاذ ما زال على قيد الحياة وإرسال ما يثبت ذلك إلا أن رد الموصلي على المقدسي، سنرد عليك بالجواب ولم يأت الجواب له.
وقال العبد اللات إن «عملية الاتصال كانت تتم من خارج السجن ومن هاتفه الخاص، وليس من هواتف الأجهزة الأمنية أو الحكومة الأردنية».
وأكد العبد اللات أن اللقاء الذي أجرته معه قناة «رؤية» الأردنية، كانت ردود الفعل عليه من قبل أعضاء التيار بين مؤيد ومعارض، ومنهم من التزم الصمت، حيث إن هناك من وجه انتقادا للمقدسي، لعدم تطرقه للتحالف الدولي فيما كان هناك موقف موحد ضد التحالف والمعارضة في اشتراك الأردن في التحالف وإلقاء القنابل على المسلمين في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش.
وختم العبد اللات بالقول إن «التيار في الأردن طرح مبادرة على الحكومة الأردنية للتوسط بشأن الطيار والرهينتين اليابانيتين، وأن يكون الاتصال والتفاوض معلنا، وفي تركيا». موضحا أن التيار قدم 3 أسماء من أجل القيام بهذه المهمة، وهم أبو محمد الطحاوي وهو قيادي وأنا بصفتي محامي التنظيمات الإسلامية، وكيل الدفاع عن أعضاء التيار وأبو محمد المقدسي إلا أن الحكومة الأردنية اختارت المقدسي.
وكان قيادي مقرب من المقدسي أكد لـ«CNN بالعربية»، صحة ما نشر من مقاطع صوتية مطلع الأسبوع الماضي، توثق سلسلة الاتصالات التي أجريت للإفراج عن الكساسبة واستعادة ساجدة الريشاوي «كمصلحة شرعية»، كما ورد على لسانه.
وقال إن «المقدسي أفرج عنه بالفعل قبل أسبوع من إعلان السلطات الأردنية رسميا ذلك، وتم نقله إلى غرفة عمليات تديرها أجهزة أمنية لإجراء الاتصالات مع (داعش) للتفاوض، وأن المقدسي كان حريصا على نجاح التبادل، ويعتقد أنه تم الإفراج عنه لدوره في الوساطة».
ولا يعتقد القيادي أن ما نشر من تسجيلات للمقدسي يتناقض مع ما قاله في مقابلته المتلفزة التي بثتها قناة «رؤية» المحلية الأردنية في يوم الإفراج الرسمي، إذ تم تنسيقها مع أجهزة رسمية وبمشاورة قيادات في التيار السلفي، «وبما يتفق مع الرؤية الشرعية للتيار ومصلحته التي تقتضي توجيه رسالة لقواعد التيار، قبل الكشف عن المفاوضات التي سعت الجهات الرسمية للإعلان عنها عبر المقدسي».
ويعلق القيادي بالقول: «لم نتفاجأ بما نشرته (داعش) وقد تحدث عن المفاوضات في لقاء التلفزيون.. المرحلة كانت تتطلب ذلك».
وكشف المقدسي في اللقاء المتلفز عن رسائل رفعها عبر وسطاء إلى أبو بكر البغدادي وأبو محمد العدناني، فيما أكدت مصادر للموقع أن المقدسي لم يسبق له التعرف إليهما أو الاتصال بهما، بخلاف زعيم تنظيم القاعدة السابق في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي.
في أثناء ذلك، تشير مصادر إلى أن المقدسي لم تكن لديه الرغبة بالخروج عبر شاشة التلفزيون للحديث، كما لم يجبر بالمقابل على تسجيل اللقاء وأن إحدى القيادات البارزة في أوساط المتشددين نصحته بأن يكون اللقاء «فرصة غير مسبوقة لمخاطبة أنصاره للمرة الأولى عبر شاشة تلفزيون محلي يحظى بمشاهدة وافرة، للتأكيد على الموقف الفقهي المخالف لـ(داعش) ونبذ نهجها».
ولم تكن عملية تسجيل اللقاء المتلفز يسيرة، حيث اعتمدت النسخة الرابعة بعد الإعادة، وأضافت المصادر أن المقدسي «اشترط لتسجيل اللقاء، إسقاط جملة من الأسئلة، على رأسها موقفه من التحالف الدولي الذي كان هجوم المقدسي عليه سببا في سجنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2014»، مؤكدة في معلومات لم تتمكن «CNN» من الحصول على تعليق من القناة الأردنية حولها أن المقابلة «حضرها ممثلون عن أجهزة رسمية في الدولة وبعض القيادات في التيار المتشدد».
ونشر منظر المتشددين في أوروبا، عمر محمود عثمان، (أبو قتادة) على صفحته الرسمية على «تويتر»، السبت، تغريدة نصرة للمقدسي الذي كان أول من التقاه عند الإفراج عنه قال فيها: «حفظ الله شيخنا أبا محمد المقدسي فقد فضحهم وأتعبهم فخرجوا لأول مرة يعتذرون بالكذب، فحالهم هو اللف والدوران، لكن الحبل يدور على أعناقهم».
اللقاء الذي مضى عليه أسابيع، أشعل حربا كلامية إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي عند طرفي أنصار «داعش» والمقدسي، وأطلق أنصار الأخير حملة تضامنية من مختلف الدول العربية حملت أيضا وسم «الانتصار»، كما رد آخرون بحملة مستوحاة من عبارة «كسر الصنم» لتكون وسم «أبو محمد المقدسي كسر الصنم».
وبالرجوع إلى التسجيلات، تشير بالفعل إلى أن المفاوضات قد استغرقت عدة أسابيع قبل أن تنتهي بخذلان المقدسي، رغم ما تضمنته من هجوم وتهكم على المقدسي، واتهامه بالعمالة للمخابرات الأردنية والأميركية.
ويعزز التسجيل فرضية قتل «داعش» للكساسبة قبل بدء عملية التفاوض، حين يذكر المقدسي للوسيط المفاوض أن الأردن قد أعاد تطبيق عقوبة الإعدام قبل أسبوعين (وهو تاريخ 21 ديسمبر (كانون الأول) 2013) قائلا: إن «هذه الأخت أصبحت تنتظر دورها»، وإن الله أرسل مفتاح هذه الأخت وهو بأيديكم في إشارة إلى ساجدة الريشاوي.
وكان « داعش» أعلن قتل الكساسبة في 3 فبراير (شباط) الحالي، في الوقت الذي أكدت فيه السلطات الأردنية مقتله قبل شهر من هذا الموعد، إذ وقع بيد «داعش» في 24 ديسمبر من نهاية العام الماضي.