هناك الكثير من المقولات قد تحمل مفهوماً واحداً، نسوق منها على سبيل المثال ما يأتي: «إن من يُمسِك الثعبانَ من ذَيْلِه يرتَّد عليه»، «ومن يستعمل آلة يجهل استعمالها قد تجرَحه»، و«أي محاربٍ لا يجيد استعمال آلة حربه يَهزِم نفسه بنفسه».
وفي هذه المقالة سنقف على مقولةٍ تجمع المقولات الثلاث السابقة وهي «إن من يحتج بالقانون وهو جاهل به أو مخالف له يرتد عليه»، فهذه المقولة الأخيرة تصدق على دائرة الأوقاف الجعفرية التي لجأت إلى القانون للدفاع به عن نفسها في قضية المؤذنين الذين قررت فصلهم من العمل مؤخراً.
فبعد أن نشرت صحيفة «الوسط» قضية هؤلاء المؤذنين «المظلومين» في أكثر من مقالٍ وبحثٍ وتقريرٍ صحافي، ظهرت لنا الدائرة المذكورة لتبرر فعلتها «التعسفية» تلك بالاحتجاج بالقانون طبقاً لما جاء في ردها المنشور في الصحيفة (العدد 4539، العاشر من فبراير 2015). وبدورنا سنقتطف جزءاً مما دفعت به في ردها السابق، بقولها: «إن المؤذنين المفصولين طُبقت عليهم أنظمة الخدمة المدنية لتغيبهم عن العمل»، و«إن المؤذنين موظفون يخضعون لكادر الأئمة والمؤذنين ويتم التعامل معهم وفقاً لأنظمة ديوان الخدمة المدنية»، و«إن سبب فصلهم يعود إلى تغيبهم عن العمل». ونوهت في هذا الصدد إلى أنها في العام 2013 اتخذت معياراً للمحاسبة قد ثبت خلاله ارتكابهم الكثير من المخالفات؛ ومنها انقطاعهم عن أداء المهام المناطة لهم لفترة طويلة وتكرار سفرهم للخارج خلال ذلك العام دون عذر رسمي، مخالفين بذلك ـ حسب قولها ـ المادة رقم (28) من المرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010، وهو قانون الخدمة المدنية، ولهذا قررت فصلهم من العمل.
بيد أنه فيما يأتي سنثبت أن هذه الإدارة استعملت ذلك القانون واستندت إليه في حين أنها تجهل أحكامه، أو أنها تعمدت مخالفته، فتنطبق عليها المقولة السابقة «إن من يحتج بالقانون وهو جاهل به يرتد عليه»، حالها كحال من يُمسك الثعبان من ذيله فيرتد عليه، وبالأدلة الآتية:
أولاً: بداية يستوجب الإشارة إلى أن الإدارة المذكورة قد أقرت بأن المؤذنين خاضعون لأحكام الخدمة المدنية المشار إليه آنفاً، وحيث كان الأمر ذلك فلا يجوز لها (أو لغيرها) تجزئة النصوص القانونية لتُطبِّق منها ما ينفعها وتتجاهل ما لا ينفعها، لأن هذه التجزئة تُعد وجهاً من وجوه التعسف وعدم احترام القانون، وهذا ما يماثل قوله سبحانه وتعالى «ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً» (النساء، 150).
ثانياً: عزت الدائرة المذكورة سبب فصل المؤذنين إلى غيابهم عن العمل خلال العام 2013 وأشارت إلى أنها اكتشفت هذه المخالفة بعد أن طبقت آنذاك معيار المحاسبة بحسب تعبيرها، في حين أنه من واقع هذه القضية أن قرار الفصل قد صدر في العام 2015 أي بعد أكثر من عام من وقوع المخالفة المنسوبة إلى المؤذنين واكتشافها.
وقبل التعقيب على هذه النقطة يستوجب علينا أن نقف حول النصوص القانونية المتصلة بهذا الشأن لنرى كيف أن هذه الدائرة قد مسكت القانون من ذيله استناداً لما سيأتي:
1 - تنص الفقرة (5) من المادة (22) من قانون الخدمة المدنية بأن «لا يجوز توقيع الجزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه كتابةً»، وبناء على ذلك كان على الدائرة المذكورة احترام هذا النص وتطبيقه تطبيقاً متكاملاً كما نص عليه القانون وبدون تجزئة أو نقصان، وهو إجراء ملزم حتماً لم تطبقـه على أرض الواقـع، ما يعني أنها تجهل استخدام القانون في مواجهة خصومها المفصولين المعنيين.
2 - تنص المادة رقم (24) من قانون الخدمة المدنية بأن «لا يجوز مساءلة الموظف تأديبياً بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ علم رئيسه المباشر بوقوع المخالفة، أو بعد سنة واحدة من تاريخ وقوعها أيهما أقرب».
وحيث ذكرت الدائرة المذكورة في ردها المنشور بأن مخالفة المؤذنين المشار إليها قد وقعت في العام 2013 فأيما يكن الحال؛ إنْ اكتشفت هذه المخالفة وقت وقوعها أم اكتشفتها في العام الحالي فإنه تطبيقاً للنص السابق يسقط حقها في مساءلة المؤذنين المعنيين، وبالتالي يمسي تمسكها بالقانون مبرراً لفصل المؤذنين كمن يحارب بآلة لا يجيد استعمالها.
3 - استندت الدائرة المذكورة في فصلها المؤذنين إلى نص المادة (48) من قانون الخدمة المدنية، التي جاء فيها «يعتبر الموظف مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متصلة أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة، ويتعين إنذاره كتابة بعد خمسة عشر يوماً في الحالة الأولى وعشرين يوماً في الحالة الثانية»، بيد أنها في تطبيقها لهذه المادة غفلت أو تغافلت عن وجوب الإنذار المشار إليه في النص، وهذا ما يحمل على أنها عمدت إلى تجزئة النص، وهو وجه من وجوه التعسف وعدم احترام للقانون كما قلنا.
4 - وللتذكير نعود إلى مقال سابق لنا نُشر في صحيفة «الوسط» (العدد4526) تحت عنوان «جِرحٌ في جسدنا تنكأه الأوقاف الجعفرية»، بينا فيه أن هذه الدائرة استخفت بحقوق المؤذنين المعنيين طوال مدة خدمتهم، ولم تراع أحكام القانون بامتناعها عن دفع البدل النقدي المستحق لهم عن الإجازات السنوية والراحة الأسبوعية والعطل الرسمية، وقلنا حينذاك طالما أنها لم تطبق القانون ولم تراع أحكامه فلا يحق لها معاقبة المؤذنين بمقتضى هذا القانون.
وبناءً على ما تقدم يثبت لنا أن الدائرة المذكورة تنطبق عليها المقولات الثلاث التي افتتحنا هذا المقال، ومنها مجتمعة يثبت أنها تُمسك القانون من ذيله.
إقرأ أيضا لـ "علي محسن الورقاء"العدد 4551 - السبت 21 فبراير 2015م الموافق 02 جمادى الأولى 1436هـ
عين الصواب
قد وقعت على الجرح الذي ادما المؤذنين طوال عملهم في ادارة من دون اي مستحقات تذكر لا بدل اجازةلا عطلة اسبوعية لا رتبة منذو 9 سنين لن تغير درجة واحدة كل هذا الظلم لم يكتفي حتى يريد ان يقطع جميع ارزاق المؤذنين وتحويلهم الى مكافاءات حاالهم كعمال اجانب
احسنت
ورحم الله والديك لنصرتك المظلومين.
سدد الله خطاك وحفظك
لكلامك يبرد القلب
ننتظر رد الأوقاف وهل ستتهرب من الرد؟
ولا ينبئك مثل خبير= شكرا لك ايها الاستاذ الكبير
تلاعبوا بالقانون ولم يدركوا ان وراءهم من يعد عليهم الطعام
ماكو فايدة
والله لو تصعد للمريخ وتنزل كلامك ضايع بيطبقون إللي يحتاجون له من القانون وبيخلون الباقي يولي ماهو هذا سلك البلد.
العبد المطيع
رئيس الاوقاف جرب طعم الفصل المفاجئ عندما كان قاضيا والاجدى به ان لا يتعلق بالذرائع ليذيق المؤذنين من ذات الكأس
تي تي تي تي زي ما رحتي جيتي
إدارة الأوقاف كلما ارادت تبرير تصرفاتها ... وقعت في مطب اخر يثبت تخبطها ... قراراتها التعسفية وعدم كفاءة القائمين عليها
في الدول المتحضرة يستقيل رأس الادارة، ....
بورك في قلمك يابن الورقاء
...
عليك بهم!!