العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ

«الطبيب» المخرج حسين الحداد يستعرض آثار العنف الأسري

في أول أفلامه القصيرة «كيوتايبين»

في أول أفلامه القصيرة «كيوتايبين» Quetiapine، يقدم المخرج البحريني الشاب حسين الحداد رسالة مجتمعية أسرية بالغة الأهمية. العنف الأسري ضد الأطفال، تبعاته وآثاره الوخيمة، وإلى أي حد يمكن أن تصل. تلك هي قضية فيلم الحداد الذي قدمه العام 2014 وأنتجته شركة هايبرد برودكشن Hybrid productions. يصور الفيلم التبعات الوخيمة والنتائج القاسية التي يعاني منها صبي صغير يتعرض لعنف أسري.

مخرج الفيلم كان قد هيأنا منذ بداية فيلمه بأننا أمام حالة نفسية، استدعت استخدام عقار هو الكيوتايبين. يضع المخرج عبارة تعريفية بالعقار، في بداية الفيلم، تقول: «الكيوتايبين هو عقار غير نمطي مضاد للذهان، يستخدم لعلاج الفصام والهوس الاكتئابي، وحالات الاكتئاب الشديد».

لعلنا لم نتوقع بداية أن يكون المريض الذي يحتاج لعقار «كالكيوتايبين» هو في الواقع صبي صغير يدعى أحمد. يتعرض لعنف جسدي بالغ على يد والده، يدخله المستشفى بإصابة جسدية بليغة وأخرى نفسية أشد حرجاً.

لكن هل يمكن أن يصاب صبي صغير بالهذيان والهلوسة يحتاج عقار كهذا أن يعالجهما. وما هي أعراض الهذيان والهلوسة الناتجين عن تعاطي هذا الدواء. هل وفق الكاتب في تفصيلها والمخرج في تصويرها.

حسناً، لنا أن نطمئن لتفاصيل المرض التي قدمها الطفل علي العالي، بطل الفيلم، وهو صبي صغير لا يتجاوز عمره 12 عاماً، لكنه أبدع في نقل صورة حقيقية للمرض. ساهم في ضبط تفاصيلها المعرفة العلمية الدقيقة التي يملكها حسين الحداد مخرج الفيلم، والمشارك في كتابة السيناريو الخاص به، وهو واقعاً طالب في كلية الطب.

مع حالة الصبي النفسية، يأخذنا المخرج في رحلة زمنية غير متسلسلة ولا مرتبة الأحداث في داخل ذهن هذا الصبي الصغير. وربما كانت تلك الأحداث هلوسات الصبي وهذياناته فقط، فيما يرقد على سرير الطبيب النفسي ويتعرض لجرعات العقار المذكور.

لكن واقعاً، تمكن المخرج الحداد عبر تلك الرحلة غير المتسلسلة التي يقفز فيها بين أزمان مختلفة، بعضها واقعي وآخر منها خيالي، تمكن من أن ينقلنا للحالة النفسية المزرية التي يعيشها هذا الصبي الصغير، لنتلمس فداحة العنف الأسري وما يمكن أن يعود به على نفوس الأطفال.

يتنقل الفيلم عبر مشاهد «فلاش باك» عديدة بين ذكريات الصبي وهلوساته وخيالاته. يخبرنا منذ مشاهده الأولى أن أحمد يتعرض للعنف على يد أحد أفراد أسرته، ويبدو وكأنه والده.

مشاهد يتنقل فيها المخرج بين الواقع الذي عاشه الصبي وأدى به إلى ما هو عليه، وإلى خيالاته التي تكونت بفعل قسوة ذلك الواقع، فمن رعبه لصراخ والده وتهديداته إلى الألم الذي يعتريه حين يسقط مضرجاً بدمائه بسبب عنف جسدي بالغ من والده.

ومن تلك المشاهد، إلى صوت داخلي وصديق غامض يحاور الصبي دائماً، يرفض أن يغادره، ويعد بانجلاء الظلمة قريباً. إنها هلوسات الصبي المذعور التي ينجح مخرج الفيلم الشاب في جعلنا نعيشها.

لكن لعل الهلوسات هي جزء من علاج الصبي، فالنور يأتي في مشهد لاحق حين يمسح أحدهم صورة للأب رسمت بطباشير على جدار غرفة ما. لعل تلك هي بداية أحمد الجديدة وشفاؤه من حالة الذهان التي يعيشها.

ينتهي الفيلم بذكر لبعض إحصاءات اليونسيف بشأن حماية الأطفال تفيد بأن عدد الأطفال الذين يشهدون العنف المنزل في كل عام يقدر يما يصل إلى 275 مليون طفل على نطاق العالم.

الفيلم مأخوذ من قصة قصيرة للكاتب جعفر الحداد بعنوان «مولود هذا الصباح» وقائم على سيناريو كتبه جعفر الحداد بالتعاون مع مخرج الفيلم حسين الحداد.

قام بتمثيل الأدوار كل علي محمد، علي بدر، أحمد الحداد، يوسف الحداد، حسين الحداد، جمال بوعلاي، يوسف أحمد، حسين أحمد، زهراء صالح.

شارك الفيلم في مسابقة مهرجان نقش للأفلام القصيرة، كما عرض خلال «أيام البحرين السينمائية» في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2014.

العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً