أحيت جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) ذكرى أربعينية المناضل أحمد الخياط، واصفة إياه بأنه «من الرجال الذين ارتحلوا بين المنافي بحثاً عن العدالة والحرية ورفعة الإنسان».
وألقى الأمين العام لوعد رضي الموسوي كلمة المكتب السياسي للجمعية في مقر الجمعية في أم الحصم مساء الأربعاء (18 فبراير/ شباط 2015)، بمناسبة مرور ذكرى أربعينية الخياط، وقال فيها: «حين يختطف القدر أحد أحبتنا، نتأمل بحزن تاريخه، ننحني لنقبل هامته التي ظلت مرفوعة بعنفوان وبصمود نخيل هذا الوطن حتى توسد التراب في رحلته الأخيرة».
وأضاف الموسوي «خمسون عاماً من الألم الصامت والهدوء المتوثب يا أحمد، ففي التاريخ رجال يمرون بصمت، يتعمدون الهدوء في دربهم، يخزنون الألم، لا يلتفتون إلى ذاتهم، ربما إهمالاً أو نكراناً للذات المعجونة بآهات الوطن المثخن بجراح تفوق جراحاتهم. يعيشون بساطة المقاتل في جبال صرفيت وسمحان والأخضر الزاهي الذي يعانق سهول ظفار التي احتضنت رجالاً وضعوا أرواحهم على أكفهم فجعلوا ظلال القمر ستراً لهم وهو يرسل نوره على الجبال التي تشكل مأمناً لتنقلات حفاة يحلمون بخلق جنة الله على الأرض».
وأردف «أحمد الخياط، الذي حمل اسماً حركياً لعقود طويلة «ناصر حسين»، هو واحد من هؤلاء الرجال الذين ارتحلوا بين المنافي بحثاً عن العدالة والحرية ورفعة الإنسان وتقديسه بما يستحق من تكريم وتبجيل، لكن هذا الفارس ترجل أخيراً في مطلع عام جديد، رحل أبوناصر وفي جوفه الكثير الذي خزنه طوال سنوات الجمر والرماد، لم يقله، ولم يكن يريد البوح به، رحل أحمد من أجل أن يبقى الحصان الوعدي متوثباً».
وتابع «أحمد الخياط، تاريخ من النضال السياسي والتنظيمي امتد لأكثر من نصف قرن، قضاها بين المنافي وسنوات قليلة في وطنه البحرين، بدأ رحلة شتاته من مصر طالباً جامعياً وباحثاً عن حلم الأمة، فسورية حين احتضنته حلب الشهباء التي تحترق اليوم بفعل الاحترابات الغرائزية، ليستقر في اليمن الديمقراطي الذي كان يبشر بحلم جميل من العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وجد شريكة حياته أم ناصر، ليشكلا ثنائياً جميلاً فتأتي ندى ثم ناصر فإبراهيم وآخر العنقود أسماء التي تحفر في جدار العلم الجامعي كما علمها وأوصاها والدها وحبيبها أحمد، ليعود إلى دمشق مستقراً له لعقد من الزمن قبل أن تطأ قدماه أرض الوطن الذي ذاب فيه عشقاً».
وأفاد «بصمت رحل عنا أحمد الخياط في السابع من يناير/ كانون الثاني 2015 تاركاً وراءه إرثاً لم نتمكن من توثيقه كما يجب، نعرف جزءاً من هذا التاريخ المديد الذي احتضنه أولاً في تنظيم شرق الجزيرة مطلع سبعينيات القرن الماضي الذي شكل فيما بعد الجبهة الشعبية في البحرين بمعية تنظيمات يسارية أخرى قررت الاندماج وخوض النضال ضد الاستعمار في مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي، كان الخياط حاضراً في كل المفاصل السياسية والتنظيمية التي اتسمت بها الصيرورة النضالية للجبهة الشعبية حتى تأسست جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) في العاشر من سبتمبر/ أيلول 2001، كأول تنظيم سياسي مصرح به في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد الانفراج الأمني والسياسي الذي توج بميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه الشعب البحريني بأغلبية كبيرة في الرابع عشر من فبراير 2001، وإصدار العفو العام عن الموقوفين والمسجونين والمنفيين والمبعدين والذين أجبرتهم ظروف العمل السياسي للعيش في الخارج».
وشدد الموسوي «كان أبوناصر حاضراً في تلك المفاصل ومساهماً فيها بفعالية، كما كان راصداً دقيقاً للحراك في البلاد من خلال الصحافة اليومية، حيث كان يبعث صبيحة كل يوم الموضوعات والأخبار المحلية التي تنشرها الصحافة من دون كلل أو ملل، حتى شكل هذا الجهد ذخيرة يمكن الاعتماد عليها لتحليل مسار العمل السياسي والاجتماعي في البحرين».
وواصل «ولأنه مثل كل المناضلين الذين وهبوا حياتهم لمبادئهم من أجل رفعة شأن الوطن، ولم يدّعوا يوماً أنهم ملائكة، بل كانوا يجتهدون في استنباط وسائل نضالية جديدة، يصيبون ويخطئون ولا يترددون في انتقاد ذاتهم إن أخطأوا، وقد كان أحمد الخياط تأكيداً لهذه القاعدة وتعزيزاً لها».
وأكمل «من حق المناضل الراحل أحمد الخياط على رفاقه وأصدقائه أن يوصيهم بالثبات على المبادئ والاستمرار في تعزيز مكانة «وعد» وتألقها، وفي الدفاع عن مصالح الشعب والوطن، ومن واجبهم تلبية التوصية والنداء».
وفي كلمة رفاق الفقيد، تحدث الحقوقي عبدالنبي العكري «قد تكون هذه مناسبة لاسترجاع بعض ملامح جيل بأكمله، أحمد الخياط ذهب إلى مصر عندما كانت تحتضن الأمة بأسرها، لم يكونوا وقتها يسألون عن أصله ولا فصله، مصر التي كانت تعاني من آثار العدوان كانت تقدم المنح والتسهيلات للعرب، ولكن بعد أن جاء السادات إلى الحكم في مصر وقاد الانقلاب على ثورة 23 يوليو/ تموز، تغيرت مصر، وأحمد الخياط كان أحد ضحايا هذا الانقلاب الذي شمل بآثاره السلبية الأمة العربية، ووجد نفسه مضطراً لمغادرة مصر والذهاب إلى الشام، ويمكن العديد من الطلاب البحرينيين والعرب طردوا آنذاك من مصر وعانوا كما عانى الشعب المصري».
وأضاف العكري «في سورية عاود دراسته للطب، ثم أطلقت الجبهة الشعبية نداء التطوع، لم يكن هناك إجبار، وكان القرار متروكاً لكل شخص بحسب قناعته، أحمد الخياط ترك دراسته الواعدة وذهب إلى التطوع إلى القفار البعيدة في مستشفى موجود في صحراء قاحلة، قريباً من ظفار في عمان، وعمل في ظروف صعبة جداً، وعمل مع الأطباء العمانيين والقوميين، وعندما أذهب إلى عمان يتذكرونه، وفي سورية كان مسئول المكتب في سورية، التي لم تكن جنة للمقيمين فيها، والإخوة الذين عاشوا هناك يدركون صعوبة العيش في سورية.
وأردف «بعد سنوات رجع إلى البحرين من دون أي تنازلات، ولم يسع إلى أي منصب، واعتمد على نفسه ولم يعتمد على تاريخه، واشتغل في نادي العروبة، وعمل متطوعاً ولم يكن يستنكف من أي شيء».
أما كلمة عائلة الفقيد، فقد ألقتها ابنته أسماء الخياط، ذاكرة فيها «أربعون يوماً مضت على فراقه ونحن راضون بقضاء الله وقدره، ونحن نعلم أن الموت حق، ولكن الفراق صعب، فارقتنا من هذه الدنيا الزائلة، إلى الآخرة الدائمة، وتركتنا ونحن أحوج ما نكون إليك، فقد كنت دائماً له السند والمرشد والناصح والموجّه».
وأضافت «نستذكر في كل يوم بزيارة الأصدقاء والأهل الذين أحبوك، فلهم منا كل الوفاء، ونستذكر أنك كنت أبعد منا نظراً، وعلمتنا أكثر مما علمتنا المدارس والجامعات، تنصحنا وكنت ناصحاً أميناً، وكنت تمتلك من الخبرات أكثر مما كان يملكه غيرك، وقدمت النصح الصادق، فكنت دائماً موجوداً عندما كانت الناس تحتاجك».
وتابعت «كان صعباً علينا يا أبي أن نكتب كلمات تعبر عن فراقك لنا، فقد كان قلبك ينبض حباً وعطاء للوطن، وكنت وفياً ووصولاً لكل الأصدقاء، وكانت ابتسامتك حاضرة دائماً في أفراحهم وأحزانهم لأداء الواجب».
وختمت الخياط «أبي الحبيب لا يغيب عن ذهني لقائي الأخير بك، حيث لم أكن أدري أنه سيكون اللقاء الأخير، عندما سلمت أمرك لله، فقد كنت معيناً لا تنضب بالحب، ونعاهدك أن نسير على خطاك».
العدد 4549 - الخميس 19 فبراير 2015م الموافق 29 ربيع الثاني 1436هـ
احمد الخياط رجل الشهامه
رحمك الله ايها المجاهد العظيم وحشرك مع ال ببت النبوه حقا لا ننسى فضلك في رفع الوطن وحريته جراك الله خبرا وحفظ اولادك وابنتك دحرا ولا ننسى مواقفك الشريفه فنم فرير العين يا بظل