رعى نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة افتتاح أعمال المؤتمر الثالث للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب الذي يعقد في مملكة البحرين على مدار يومين في قاعة المؤتمرات بفندق الخليج تحت عنوان «جودة التعليم والتدريب: الاستدامة وتوفير فرص العمل» وذلك بحضور عدد من الوزراء وكبار المسئولين وأعضاء الهيئات الدبلوماسية.
وقال سموه في كلمته التي افتتح بها أعمال المؤتمر أمس الأربعاء (18 فبراير/ شباط 2015)، أن انعقاد المؤتمر يتزامن مع مرور 7 أعوام على الإعلان عن بدء عمل الهيئة التي تعد إحدى أهم لبنات مشروع تطوير التعليم والتدريب في مملكة البحرين الذي أنطلق في يناير/ كانون الثاني 2006، بهدف تأسيس نظام تعليمي عالي المستوى مواكب لمتطلبات القرن الحادي والعشرين يمكن من تخريج جيل متعلم قادر على الإبداع والابتكار والمنافسة وتلبية احتياجات التنمية ومتطلبات العمل في مختلف مجالاته.
وأضاف سموه أن إقامة المؤتمر في مملكة البحرين وبهذا الحضور الرفيع من المتخصصين والخبراء في مجال التعليم ليؤكد حقيقة الاهتمام الذي توليه مملكة البحرين ودول العالم بتطوير هذا القطاع في مختلف مراحله، وتأسيسه على الأسس التي تضمن تحقيق دوره الهام في نمو وتطور الأمم والشعوب في مختلف الميادين. كما أن هذا التجمع العلمي يرسخ مبدأ التعاون والمشاركة، ويعزز تبادل الخبرات والتجارب والأفكار، حيث إن الاهتمام بالمعرفة والعلم والتعليم قد جمع الناس على أهمية ودور العلم والتعليم في تطور الأمم وتقدمها؛ يؤكده قول الفيلسوف جون ديوي: «التعليم ليس استعداداً للحياة، إنه الحياة ذاتها». فالتعليم أولاً، وثانياً، وثالثاً هو الحياة، وهو الطريق إلى المستقبل.
وأشار إلى أن القضية التي تدور حولها وقائع جلسات المؤتمر وفعالياته وهي: «الاستدامة... وتوفير فرص العمل»، تشغل الحيز الأكبر في خطط و استراتيجيات التطوير في الدول النامية والمتقدمة على السواء، وتدفع المسئولين وأصحاب القرار في هذه الدول للعمل وفق أطرٍ وبرامج تنمويةٍ كبرى تشمل جميع قطاعات الدولة، ومنها قطاع التعليم والتدريب الذي يشكل وبصدقٍ النواة الحقيقية للتقدم والارتقاء، نحو التنمية والرخاء. ولكي تصبح جودة وكفاءة مؤسساتنا التعليمية والتدريبية على المستوى المطلوب، تلبي مخرجاتها العلمية والمهنية متطلبات العمل، فيجب على القائمين والمعنيين بتطوير المنظومة التعليمية والتدريبية أن يضعوا نصب أعينهم أهمية الربط بين كفاءة المخرج التعليمي وتوفير فرص العمل، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
وقال إن التعليم والتدريب، والارتقاء بمخرجاتهما لهو نهجٌ تبنته البحرين، يحدونا في ذلك التوجيهات الملكية السامية التي تضمنها خطاب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في افتتاح الفصل التشريعي الرابع لدور الانعقاد للمجلس الوطني، في 14 من ديسمبر/ كانون الأول 2014، بالتأكيد على ضرورة تحقيق التطوير النوعي للتعليم في المملكة بوصفه إحدى الدعامات الأساسية في التنمية البشرية. وترجمةً لتلك التوجيهات السامية، جاء برنامج الحكومة المقدم إلى المجلس الوطني ليؤكد الأولوية الاستراتيجية لتمكين البحرينيين، ولرفع مساهماتهم في عملية التنمية، من خلال تحسين جودة وكفاءة الخدمات التعليمية المقدمة لجميع المواطنين، والارتقاء بجودة التدريس، وتطوير المناهج الدراسية وطرق ووسائل التعليم والتعلم، والخدمات التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة.
وبين أن «تأسيس الهيئة الوطنية للمؤهلات بوصفها إحدى مبادرات مشروع إصلاح وتطوير التعليم والتدريب في مملكة البحرين الذي بدأناه منذ ما يقارب عشر سنوات لخير دليلٍ على مدى الاهتمام بالتعليم؛ فالهيئة منذ تأسيسها قد أخذت على عاتقها مسئوليةً كبرى وهي الارتقاء بأداء المؤسسات التعليمية والتدريبية، وبالتعاون والشراكة مع الجهات المعنية كوزارة التربية والتعليم، ووزارة العمل، والمؤسسات التعليمية والتدريبية في القطاعين العام والخاص، بهدف رفعة ورقي الوطن والمواطن والمجتمع».
وأضاف أنه من واقع اهتمام مملكة البحرين بهذا القطاع الهام، فقد تم العمل في عام 2007 على تأسيس اللبنات الأولى لهيئة المؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب من خلال الاتصال والتعاون مع شركاء دوليين من ذوي الاختصاص والخبرة في هذا المجال وهي: نورد أنجليا البريطانية ((Nord Anglia Education في مجالي معاينة المدارس و في تقييم المعاهد المهنية، جامعة كامبريدج (Cambridge International Examinations) في مجال الامتحانات الوطنية.
وقال سموه لقد حققت الهيئة منذ تأسيسها العديد من الإنجازات منها:
استكمال 77 مراجعة لمؤسسات التعليم العالي البالغ عددها 13 مؤسسة، شملت المراجعة المؤسسية لجميع مؤسسات التعليم العالي لمرة واحدة بالإضافة إلى مراجعة مجموعة من البرامج الأكاديمية لهذه المؤسسات لدورتين.
مراجعة جميع مؤسسات التدريب المهني البالغ عددها ما يقارب 100 مؤسسة، لدورتين حيث بلغ مجموع المراجعات 176 أسهمت في تحسين أداء 40 في المئة من هذه المؤسسات.
يتم العمل حالياً على استكمال مراجعة أداء جميع المدارس الحكومية البالغ عددها 206 مدرسة، لدورتي مراجعة حيث بلغ مجموع المراجعات 388 أسهمت في تحسين الأداء حيث تضاعف عدد المدارس الحائزة على تقدير ممتاز وجيد وبلغت نسبتها 32 في المئة من مجموع المدارس الحكومية مما يدل على أننا مازلنا في أول الطريق.
استكمال الدورة الأولى لمراجعة جميع المدارس الخاصة وعددها 66 مدرسة حيث وجدت الهيئة علاقة وثيقة بين المدارس ذات الأداء الجيد وبين تنوع وثراء الموارد المتاحة فيها وكفاءة معلميها.
وبين سموه أن الإطار الوطني للمؤهلات، ومنذ مراحل تأسيسه الأولى، وإسناد مهامه للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب، والقائمون عليه يضعون نصب أعينهم هدفاً استراتيجياً، وهو الوصول بمؤهلاتنا ومخرجاتنا إلى مرتبة المؤهلات الدولية المعترف بها، وتمكينها من المنافسة والسبق... وفي إطار من التعاون والشراكة بين الهيئة وعدد من الجهات المعنية في الدولة وعقدها اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدد من المؤسسات والهيئات الدولية في ضمان الجودة ومراجعة الأداء؛ نالت الهيئة حضوراً دولياً وتمثيلاً في الشبكة الدولية لضمان الجودة(International Network for Quality Assurance Agencies in Higher Education)، حيث تمثل في استضافتها لكلٍ من الشبكة العربية لضمان جودة التعليم والتدريب، والشبكة الإسلامية لضمان الجودة على أرض مملكة البحرين تأكيداً لذلك.
وقال سموه أن دور الهيئة ومهامها الداخلية وأخذها بمعايير الشفافية والمصداقية في تطبيقاتها على مراجعة أداء المؤسسات قد أفضى إلى أن تقوم الهيئة الوطنية للمؤهلات بإخضاع نفسها لإجراء مراجعةٍ خارجيةٍ على هيكلها وإداراتها الداخلية، ومراجعة أعمالها، ومهامها ومدى تحقق أهدافها، حيث ستقوم الشبكة الدولية لضمان جودة التعليم والتدريب بهذه المراجعة.
بعد ذلك القت الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب جواهر شاهين المضحكي كلمة قالت فيها لقد أصبح التعليم في أيامنا المعاصرة قضيةً محوريةً تستدعي تضافر جهود مواطني ومؤسسات الدول التي تريد ارتقاء سلم الحضارة، وترغب في تطوير منظومة التعليم، وتحسين أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية التي لديها، كما أصبحت هذه القضية الشغل الشاغل في هذه الدول. ولذا فإنها تسخّر لها كل طاقاتها وقدراتها، وتعمل على تفعيل المبادرات والرؤى الخلاقة التي أنتجتها عقول أبنائها بغية تحسين وضمان جودة المؤسسات والمخرجات. وكذلك لا يغيب عن الدول النامية أو المتقدمة أن تنشئة أجيالها ورعايتها ودفعها دفعاً لكي تتخذ سبل العلم، وتنتهج طريق التعليم والمعرفة، وربط مخرجاته العلمية والمهنية باحتياجات سوق العمل وفرصه التشغيلية، التي تتطلب خريجاً يمتلك الكفاءة العلمية، والخبرة المهنية الاحترافية، من شأنه تحقيق مبتغاها في الرقي، وتمكين مواطنيها من التقدم.
ومملكة البحرين، وتحت ظل قيادتنا الرشيدة، قد أنشأت ودعمت العديد من المبادرات التي تصب في استدامة جودة التعليم، وتوفير فرص العمل للمواطنين، فإن الاستدامة في تطوير التعليم والتدريب، وتحسين أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية، وتوفير فرص عمل لهذه المخرجات، لتتضافر جميعاً لتحقيق التوازن الطبيعي بين المخرج التعليمي والمتطلب الوظيفي في سوق العمل. إن الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب لهي دليل حي على حرص المملكة على ذلك، فإن نتائج مراجعات أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية تنشر لجميع المعنيين ومتخذي القرار بكل شفافية ومهنية، وذلك حسب المعايير الدولية؛ مما جعلها تحوز على ثقة المعنيين والمهتمين بضمان جودة التعليم والتدريب داخل وخارج المملكة. كما أن العمل بالإطار الوطني للمؤهلات والذي بدأ العمل به فعلياً مع نهاية العام 2014، يعد نقلةً نوعيةً ولبنةً صلبةً في تطوير التعليم والتدريب في المملكة.
العدد 4548 - الأربعاء 18 فبراير 2015م الموافق 28 ربيع الثاني 1436هـ