لا يختلف اثنان بأن "الموبايل " جهاز ضروري ومهم في حياة الفرد فها هي الدنيا قد أصبحت قرية صغيرة فالأخبار والأحداث تنتشر بسرعة البرق فكل ما يحدث في الشرق يصل الغرب في ثوانٍ قليلة، بالإضافة لذلك فــ "الموبايل" يساعد على تنظيم حياة الفرد لما فيه من تقنيات وفي الوقت نفسه يمكن أن يستخدم كمكتبة متنقلة فكل أنواع الكتب والمعلومات متوافرة في أي وقت.
فكسر "الموبايل" جميع الحواجز، فلم تعد هناك أي قيود لينابيع العلم والمعرفة ولربما يكون "الموبايل" أحد أسباب دخول الجنة لبعض الأشخاص فقرآنهم في "الموبايل" ووردهم من الدعاء من خلاله ويستخدمونه لصلة الرحم وتقويتها وحل المشاكل المجتمعية ولتقويم أي اعوجاج في المجتمع.
ولكن من ناحية أخرى فأضراره جمة لن أتناول في هذا المقال حجم الأضرار الجسدية التي يسببها استخدام "الموبايل" مثل السرطانات والتأثير السلبي المباشر على القلب والتأثير الحراري على معظم أجهزة الجسم، ولكن سأتوقف عند الأضرار "النفسية" و "الاجتماعية" التي يتركها مستخدم "الموبايل" على نفسه ومن حوله من أهل وأصدقاء ومجتمع.
لا داعي للقيام بدراسة للتأكد من أن شريحة كبيرة من المجتمع قد أدمنت استخدام "الموبايل"، فبمجرد أن يقع نظر القارئ على فرد أو مجموعة من الأشخاص في أي تجتمع سواء كان في مجمع تجاري أو مجلس أو تجمع عائلي لاتضح للقارئ حجم المصيبة التي يعيشها المجتمع.
فبعد أن انتشر "الموبايل" على أوسع نطاق أصبح جلياً تلاعبه بمفهوم "المسافة" إذ قرب البعيد وبعد القريب وسلب "روح" الحياة ونشر الوجه المزيف لها، فيزور الفرد أمه أو أباه اللذين يشتاقان لسماع صوته ولرؤيته وتجاذب أطراف الحديث معه ولكن بعبع "الموبايل " يقف دون ذلك فترى تلك الأم تتكلم وتفضفض لذاك الابن المتعلم الزاهد أو لتلك الابنة المثقفة العابدة ولكنها لا تسمع منهم إلا بعض تمتمات وأعينهم مغموسة في ذاك "الموبايل" وأصابعهم ملتصقة بشاشته. فأية حياةٍ هذه وأي برٍ هذا، فبدل أن يسعى الأبناء لاستخراج ضحكة أمهم التي أفنت عمرها في تربيتهم وتذكيرها بالماضي الجميل وزرع السعادة في قلبها فتكون تلك الزيارة من بعض أو لربما الكثير من الأبناء لأمهاتهم أو آبائهم مصدر حزن وتعب وكآبة، فلم يعد هناك احترام للأب والأم والنظر في وجههما غير مهم، فبات "الانستغرام" أهم من رضا من شابت شعورهم من أجل تربيتنا.
أما ذاك الزوج المسكين أو تلك الزوجة المحطمة فبعد أن سألت أحد علماء الدين العاملين في المحكمة عمّا إذا كانت هناك حالات خلاف بسبب "الموبايل"؟ فأجابني سريعاً وبلا تردد: "نعم وكثير ما هي"، فقلت: "سترك يا رب". فبعض الزوجات لا يعرفن طريق المطبخ ولا يدرين أين آواني الطبخ وهن أكثر من يضع صوراً للأكل في "سناب" وتراهن بدل أن يجهزن أنفسهن من النظافة الشخصية قبل النوم للفراش ويتأكدن أن أولادهن قد ناموا في السرير أصبحن يتأكدن من "الموبايل"، "فل جارج" أم لا، فلم يعد التأكد من وضع الأولاد والزوج لدى بعض الزوجات إلا كماليات والأساسيات هي برامج "الموبايل".
وهناك بعض الرجال المدمنين على استخدام "الموبايل" فتراه قد أخذ تلك الزوجة الضعيفة التي حاربته عشرات المرات ولكن دون جدوى. فتراه يأخذها هي وأبناءها للتنفيس والتنزه فيذهبون لأحد الأماكن أو أحد المجمعات التجارية ولكن للأسف بدل أن يدخل على قلبها وقلبهم السرور يزيدهم هماً وعلى الخصوص تلك الزوجة "المُهمَلة"، فبمجرد أن يصلوا للمكان يقوم ذلك "الأرجوز" بعقد زواج "كاثوليكي" بين عينيه وذاك "الموبايل" وكأن زوجته وأبناءه ما هم إلا تحف وسرعان ما يؤدي ذلك لكره التنزه مع بطل "الكيبورد" وتفضل تلك الزوجة الخروج ولقاء صديقاتها حيث يتبادلن الحديث والضحك والنقاش. والمصيبة عندما يكون ذاك "المعتوه" وتلك "المهبولة" هما الاثنان مدمنان على "الموبايل" فيترك ذلك أثراً سلبياً على الأطفال فإما أن تراهم مشردين أو قد سلكوا طريق الأبوين بالإدمان على الموبايل أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى.
فها هي الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية قد أصبحت قشوراً بلا لب فالزوجة ليس لديها وقت لزوجها بسبب متابعتها للمشاهير وكل تفاصيل حياتهم والزوج قد قطع على نفسه عهداً بأن يحرر كل الأراضي المغصوبة وينصر كل المظلومين وينتقم لهم عن طريق "الموبايل" وهو أكبر فرعون في بيته وعلى أقرب أهله بسبب "الموبايل".
وها هو إسلامنا بات مهدداً بسبب "التسامر مع الموبايل" فلم تعد صلاة الصبح من أولوياتنا ولم تعد للصلاة خصوصيتها وقدسيتها فبدل الانشغال عقب الفرائض أو الصلوات بالدعاء والتسبيح والاستغفار فبات الانشغال بتصفح "تويتر" والمؤذن ينادي وينادي للفلاح والنجاح ولكن "الموبايل" يمنع البعض من فضل الصلاة في وقتها أو في جماعة بسبب "الموبايل" ولم يعد لعالم الدين أي احترام فتراه ينصح ويقرأ ويفسر ويحاول أن يفيد ولكن شيطان "الموبايل" يحول بينه وبين الحضور فيغويهم عنه وعن الحكم والوعظ ولم يعد للقرآن الكريم أي إجلال، فالقارئ يقرأ القرآن ويرتل والحضور في عالم آخر منشغلين بأمور الدنيا وسفاسفها وأعراضنا مفضوحة وكل ذلك باسم التطور والتقدم والتحضر، فشعور النساء وأرجلهن وأياديهن وشفاههن وأظافرهن وأجسامهن كلها منتشرة في "الانستغرام ولسناب والواتساب...".
أما علاقاتنا الاجتماعية فقد بردت حتى تجمدت وها هي تتكسر بسبب "الموبايل " فترى مجموعة من الناس تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى وللأسف الشديد قد وصل التأثير السيئ لاستخدام "الموبايل" حتى على الأداء الوظيفي لبعض الأشخاص، فترى بعض موظفي خدمات الزبائن والأطباء والمدرسين وسائقي السيارات والمهندسين ورجال الشرطة... مشغولين بـ "الموبايل" غير مكترثين بقضاء حاجات الزبون أو المواطن فتتأخر أمورهم ويضيع وقتهم بسبب انشغالهم بـ "الموبايل".
بالأمس كانت أسباب حوادث السيارات الخطيرة والتي تؤدي بعض الأحيان للموت بسبب السرعة والسواقة المتهورة وعدم الانتباه وقلة الخبرة وها هو"الموبايل" يزاحم كل تلك الأسباب ليكون رقماً صعباً في كل عام فتحصد عشرات الأرواح وتعاق عشرات الأجساد بسبب "الموبايل".
على جميع العقلاء والمفكرين والكتّاب والعلماء والمربين أن يقفوا أمام هذه المصيبة التي انتشرت بيننا وتفشت من دون سابق إنذار فاقتحمت بيوتنا وتسللت لدواخلنا فرداً فرداً إلا ما رحم ربي وها هي تخلّف ضحايا بسبب سوء استخدام "الموبايل " ولكن "لا إفراط ولا تفريط " و "خير الأمور الوسط "، فإن لم تكن مثلاً من الأشخاص المذكورين في السطور أعلاه فلك أن تحمد ربك وتشكره وإن كنت أحدهم فعليك أن تحارب نفسك وتصححها لترجع لجادة الطريق، فمن نعم الله سبحانه وتعالى علينا نعمة الوقت وسنسأل غداً كيف قضيناه.
منير الشهابي
مصااااااائب الموباااااايل كبيرة!!!
نعم الموبايل نعمة تحولت بفعلنا لنقمة و كم من مستهتر تسبب في تقصير عمر غيره و تيتيم أطفال بسبب "موبايل"
مقال ممتاز
على الجرح و اهم فقرة لما تكلمت عن الدين
احسنت
اولا الشكر الجزيل للاستاذ على الموضوع المتميز حقيقة تناولت قضية مجتمعية حساسة و منتشرة على اوسع نطاق
ثانيا كنت اتمنى انك تتفصل في الموضوع اكثر و لكن في صلب الموضوع
اتمنى تكتب عن الطلاق و اسبابه و سلبياته
شكرا لك من اعماق قلبي
جنون الموبايل
نعم الكثير من الخلافات العائلية و الاجتماعية بسبب الهاتف النقال، و قد سببت في كثير من الأحيان حتى علاقة الزوجين والاخوه أصبحت هاتفيةو ان كانوا في بيت واحد!!!، و حالات الطلاق ازدادت لهذا السبب ، لأدمان احد الطرفين او كلاهما..انه جنون يتخطى واقع فوائد الهاتف والإنترنت
والعكس
ازواج ينشغلون عن زوجاتهم ولاحاسين فيهم وبالطقاق
لكنك أسمعت لو ناديت حيا
أصبت كبد الحقيقة..الكثير من حالات الطلاق ايضا كان سببها ادمان الزوجة الموبايل على حساب اسرتها
بارك الله فيك
بارك الله فيك
كلام سليم
احسنت وياليتنا نتعظ من هذه الكلمات