قطع الرئيس الأميركي باراك أوباما، أخيرا، خلال طلبه من الكونغرس تفويضا باللجوء للعمل العسكري ضد تنظيم داعش، تعهدا بدا للمراقبين غريبا بعض الشيء، وهو «ألا يسمح لهؤلاء الإرهابيين بالحصول على ملاذ آمن»، بحسب ما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها اليوم الثلثاء (17 فبراير/ شباط 2015).
في حقيقة الأمر إن لـ«داعش» ملاذا آمنا واحدا هو سوريا، المحاصرة بمجموعة حروب تخوضها عدة أطراف متعادية. ووفق التقارير الدولية التي يعتد بها فإن كل أراضي سوريا عرضة اليوم للغارات الجوية، والاختراقات والاجتياحات البرية، ناهيك عن السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية، باستثناء المقر الرئيس لـ«داعش». وكان العامل الأساسي الذي كفل لـ«داعش» التمتع بـ«ملاذ آمن» أو «معقل حصين» هو قرار الإدارة الأميركية بالإحجام عن قصف أهداف حيوية تعود للتنظيم المتطرف في مدينة الرّقّة، أول عاصمة محافظة سورية تسقط بيد رجاله، والمدينة التي غدت فعليا عاصمة لـ«الدولة» التي أعلنها.
مصادر عراقية رفيعة أفادت أخيرا بأن الولايات المتحدة أوضحت للدول المنضوية في التحالف الحالي في الحرب ضد «داعش» والتنظيمات المتطرفة المشابهة، بما فيها حكومة بغداد، أنها لن تؤيد شن غارات على معقل التنظيم «في الوقت الراهن». وترفض إدارة أوباما، وفق المصادر، التهم التي توجه إليها بأنها أسهمت في توفير «معقل» أو «ملاذ آمن» لـ«داعش». ووفق مصادر أمنية أميركية - طلبت التكتم على هويتها - فإنه «ليست هناك من أهداف عسكرية واضحة» في الرّقّة ومحيطها، وإن الرئيس أوباما حريص جدا على تحاشي الأضرار الجانبية لأي عمليات قصف.
غير أن المصادر العراقية، خلال اتصال مع «الشرق الأوسط»، ذكرت أن الجهات العسكرية والأمنية العراقية حددت لواشنطن بالفعل أكثر من 100 هدف تصفها بأن «صفتها العسكرية موثوقة ومؤكدة» في قلب مدينة الرّقّة، التي باتت عاصمة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وكذلك في أرياف المحافظة الواقعة في شمال وسط سوريا على نهر الفرات، وتمتد بين الحدود التركية وبادية الشام شمالا - جنوبا، وبين محافظتي حلب ودير الزور من الغرب إلى الشرق.
وتشمل الأهداف «بيت الخليفة» (منزل البغدادي) وثكنتين إحداهما في مقر الهجانة، والثانية في حي المشلب، والمقر الرئيس لـ«الحسبة» (الشرطة الدينية)، و«بيت المال» (مقر الخزانة)، بالإضافة إلى الجسرين على نهر الفرات اللذين يربطان معظم أحياء المدينة في الضفة الشمالية للنهر مع الضواحي الواقعة على ضفته الجنوبية.