قبل أيام نُشِرَ خبر قصير في إيران. الخبر عبارة عن تصريح لرئيس منظمة تعبئة العشائر الإيرانية العقيد دوست علي آزوغ عن قرب انعقاد «مؤتمر رؤساء العشائر في إيران وباكستان وأفغانستان»، بمناسبة «الذكرى 98 لانتصار عشائر سيستان وبلوشستان أمام البريطانيين» كما جاء في التصريح، مع مشاركة عشائرية من لبنان وسورية والأردن أيضاً.
هنا، يُثار تساؤل حول طبيعة هذا الخبر، وعن هدف التوجُّه الإيراني لتعزيز العنصر العشائري في المشهد السياسي الداخلي وارتباطاته الإقليمية. فالموضوع فيه الكثير من الغموض، فضلاً عن الاستفهام المركزي الذي يقول: هل في إيران مجتمع عشائري أو قبلي بالأساس؟ وهل أن دوره مهم لفرض خيارات سياسية أو أمنية أو اجتماعية؟
بداية، فإن الجواب نعم، هناك مجتمع قبلي في إيران طبقاً لدراسة الباحث علي بلوكباشي التي صدرت قبل اثني عشر عاماً، وعلَّق عليه محمد نورالدين عبدالمنعم. فالقبائل الإيرانية تتوزع على عدد من القوميات كالفرس والترك والأكراد واللور والبلوش والعرب والتركمان، مع خصوصية قبلية لكل منها ترتكز على الأصل اللغوي والقومي والتاريخي لها. رغم أن باحثين تحدّثوا عن اندماجات حصلت بين قبائل إيرانية مختلفة أفضت إلى وجود قبائل مُهجَّنة.
وسمات القبائل الإيرانية هي ذات السمات التي عُرِفَت بها القبائل في المنطقة؛ إذْ أن هناك قبائل متنقلة من ساكني الخيام تطلب الماء والزرع، وأخرى مستقرة في البيوت الطينية. وتتنقل القبائل الراحلة ما بين المناطق الدافئة والجبلية الباردة، أو في الصحارى طبقاً للفصول كما في الدراسة.
وبحلول العام 1987، كان في إيران 96 قبيلة و547 عشيرة مستقلة يصل تعدادها إلى مليون و152 ألف فرد. وفي العام 1998 زاد عدد القبائل الإيرانية إلى 102 قبيلة و592 عشيرة مستقلة تعدادها مليون و304 آلاف فرد بزيادة ناتجة عن اعتبار بعض القبائل المستقرة وكأنها راحلة، حيث تتزاوج تلك القبائل نسبياً وسببياً كما جاء.
وبعيداً عن بقية التفاصيل الدقيقة للقبائل الإيرانية، فإن ما يهم هنا هو تفسير هذا اللجوء الإيراني الرسمي (كما أسلفنا) إلى العناية بالمسألة القبلية والعشائرية. وإذا ما أردنا الواقع فإن ذلك ليس عناية بها بقدر ما هو توظيف لبنيتها الاجتماعية والسياسية والدينية لخلق أوضاع أمنية وسياسية واجتماعية جديدة في أماكن محددة من إيران.
فالدولة الإيرانية تُدرك بأن القبيلة هي وحدة سياسية عصية على الكسر، تقوم بعملية تعاضد داخلي بين عشائر مختلفة تخضع لاحقاً لزعامة قوية تتكوّن من زعماء العشائر والبطون المكوِّنة للقبيلة. هذه الزعامة الجماعية هي التي تقود عملية التحشيد وتجنيد أفراد القبائل كمقاتلين للدفاع عن المكان، وبالتالي فهي تريد أن تعتمد على تلك الوِحدة القوية ذات الأعراف الصارمة في مواجهة أوضاع داخلية مُلِحَّة.
ولو تتبعنا جيداً مواطن أهم الأخطار الأمنية في إيران التي تشهد مشكلات قومية لوجدنا أنها في ثلاث أماكن، الأولى: منطقة سيستان بلوشتسان، حيث تتواجد جماعة جند الله. الثانية: في منطقة كردستان الإيرانية، حيث ينشط حزب بيجاك الكردي. والثالثة في خوزستان حيث لا توجد جماعات مسلحة، لكنها تشهد صراعاً على الهوية، كون المنطقة تعيش حالة إهمال شديد يتم توظيفه آلياً ضد الدولة.
فيما خص الجَيْب الأول، فإن الإيرانيين بدأوا النظر إلى منطقة سيستان بلوشستان التي تعاني من إهمال شديد، لامتصاص نقمة أبناء المحافظة. لكن وفي الوقت نفسه، قامت الحكومة الإيرانية عبر وزارة الدفاع، بإنشاء مراكز متعددة للحرس الثوري، وإشراك عدد كبير من أبناء سيستان بلوشستان في تلك القوات، كفرق أمن عسكرية محلية.
هذا الأمر تهيأت له ظروف المنطقة من الناحية القومية بعد المصاهرات واختلاط الأعراق فيها بأعراق الشرق الإيراني وقومياته ولغاته وثقافاته. والإيرانيون يريدون إشراك الدول المجاورة في ذلك وبالتحديد أفغانستان وباكستان، لأنها تدرك قرب التاريخ الذي جعل من مكران وسيستان جزءًا من إيران سنة 1928، وألحقت خانية كلات البلوشية بباكستان سنة 1948، وبالتالي بقاء الروابط العائلية في الدول الثلاث ببعضها.
في الجيب الثاني حيث الأكراد، فإن الحكومة الإيرانية وظفت انشطار العرقية الكردية لديها ما بين قبائل الأكراد في كردستان وغرب إيران الذين يدينون بالمذهب الشافعي، وبين قبائل الأكراد في كرمانشاه وإيلام الذي يدينون بالمذهب الجعفري الإثني عشري. ذلك التوظيف جعلها قادرةً على أن تُشرك القومية الكردية ضمن مسئولي الدولة (وزير النفط مثالاً) وذلك لكسب مشاعر الأكراد، وتشجيعهم على خيار الدولة ومواجهة تمرد بيجاك.
كما دخلت الدولة الإيرانية إلى القبائل الكردية من بوابة الطرق الصوفية القادريّة التي تنتشر بين القبائل الكردية الإيرانية. وهي مدارس تبدأ من العراق وتصل حتى كردستان وكرمانشاه. وتقوم طهران برعاية هذه الطرق وتشجّع عليها، بل وتسمح بتواجد قياداتها وتكاياها في إيران. وإيران عبر تلك البوابة تكسب العديد من القبائل الكردية.
أما الجيْب الثالث فهو المتعلق بمناطق العرب في خوزستان. وهي منطقة تعاني من حرمان شديد في الخدمات والتوظيف في مراكز صنع القرار. لكن الإيرانيين يعتبرونها الأكثر ضماناً كون قبائل وعشائر خوزستان يتبعون المذهب الجعفري، وبالتالي فهي تصهرهم ضمن فضاء المذهب وتحويله كمرجعية عليا تنسيهم المنبهات القومية الكامنة في تاريخهم وثقافتهم.
لكن الحكومة في طهران سعت دائماً وبشكل موازٍ، إلى تقريب زعماء القبائل والعشائر العربية، ونقل العديد منهم إلى طهران، وجعل تمثيل سياسي لهم في البرلمان (وإن كان متواضعاً) وديني في مجلس الخبراء، وذلك لضمان استمالتهم.
هذا باختصار ما يمكن أن نعتبره أحد التفسيرات التي تجعل طهران تولي اهتماماً بالمسألة القبلية والعشائرية لديها.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4545 - الأحد 15 فبراير 2015م الموافق 25 ربيع الثاني 1436هـ
وجعل تمثيل سياسي لهم في البرلمان (وإن كان متواضعاً)
لكن منصب وزير الخارجية من المناصب العليا في الدول ووزير الخارجية السابق كان عربيا ، وكذلك رئيس المجلس القومي الحالي علي شمخاني عربي وكان في السابق قائد الحرس الثوري ، ولهم تمثيل في البرلمان الاخ الكعبي وآخرون حسب التعداد السكاني والمناطقي .
اطراء غريب وعجيب
موضوع لا يستحق الكلام او النظر الية والقبائل من الاعراف القديمة المتفق عليها في قديم الزمان فياريت تتكلم عن شي مفيد وبناء اما هذا مثير للسخرية ومضيعة للوقت فأرجو اختيار المواضيع بدقة وتأمل ان كنت تتأمل النجاح والتميز في مجال الصحافة
يناسبك رد الأعمش على رسالة هشام بن عبد الملك
عندما أخذ رسالة هشام وأدخلها في فم الشاة فلاكتها وقال لموفد هشام: قل له هذا جوابك
الاهمال في ايران
الاهمال والفقر موجود في كل مكان في ايران ولا يتوزع على اساي عرقي او طائفي كما يحاول ان يصور الكاتب، فالعرب في ايران كغيرهم من القوميات يسكلون جزء من النسيج القومي ويشاركون في القوات المسلحة والحرس الثوري فمنهم شامخاني وجزائري وغيرهم كثيرون ليس لهم ظهور اعلامي، اما مدينة الاهواز وهي تمثل عاصمة اقليم خوزستان فاهتمام الحكومة يظهر بها بوضوح فمشروع مترو اهواز يوازي مشروع شيراز واصفهان وتبريز ومشهد وعذا يعكس اهتمام الحكومة بالمدينة .
مراقب ...
مع احترامي الشديد للشعب الإيراني الشقيق بكل أطيافه القومية والمذهبية إلا أنه ضحية حكومة وجماعة لها نزعة فارسية ....ترمي لإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية القديمة وهي تهلك نفسها وشعبها في حروب وإثارة فتن ليس للشعب الإيراني مصلحة بها
على أنه وبحسب رأيي إن صح الخبر الذي نقلته فإن الهدف هو إعادة تعبئة القوى البشرية لاستخدامها في الصراعات التي دخلت بها إيران في سوريا والعراق واليمن وهي تقوم على أساس طائفي لا قبلي قبل كل شيء
يا أخي
مقالك عارا عن الصحة
للتذكير فقط
ايران لها اعداء من الشرق والغرب لا تنسى اثناء الحرب العراقيه الايرانيه تكالب الدول من الشرق والغرب عليها وهي اللان تحتاط وبحذر من الكل
قمة التخلف
انها قمة التخلف بدل ما يتم نسر قيم الديمقراطية و الدولة المدنية هاهي ايران تنشر قيم التخلف الطائفية و العرقية
ما اعلنته طهران امس
بالأمس أعلن وزير المخابرات الإيراني عن تفكيك خلية في منطقة بلوشستان
التفافات على ملف العدالة في توزيع التنمية
من حق جميع المواطنين ان يحصلوا على قدر متقارب من التنمية الاقتصادية في مناطقهم، لا أن يكون هذا التفاوت الكبير و الغير عادل، أبناء خوزستان الذين يخرج النفط من تحت اقدامهم نجد أن خيره يذهب لتشييد طهران بينما مدينتهم قمة في الاهمال و العوز، بل حتى ان مجموعة كبيرة من مسؤولين خوزستان ليسوا عرب !
و للانصاف فإنني لا احصر مشكلة عدم العدالة في توزيع التنمية بإيران بل هي ظاهرة نلاحظها بقوة في كل الدول الشرق اوسطية و دول العالم الثالث و ايران ليس عندها ما هو افضل من غيرها في ملف العدالة.
أي قبائل
أول مره أسمع بأن ايران فيها قبائل المعروف ب...
سبحان الله شاغلتنك ايران واجددائما
اتلمس من كتاباتك شي مواوكي بخصوص ايران تتصيد ليش ماادري
ما تقوله ليس صحيح عن مقالات الكاتب،في الشأن الايراني
باعتقادي أن هذا تحليل وليس تصيد
عما قريب
المقال الجاي راح يتناول القبائل والعشائر اليمنية عندك مانع؟ ..............