قال الشيخ صلاح الجودر إنّ ميثاق العمل الوطني حقَّق مطالب شعب البحرين التي نادى بها مُنذ عقود امتدت من عشرينيات القرن الماضي، ضمن حركات مطلبيّة شعبيّة نادت بوجود المجلس الوطني أو مجلس الشورى ووجود النقابات العماليّة وإنشاء المحاكم المستقلة؛ فيما أوضحت رئيس الجمعية البحرينية للتخطيط الاستراتيجي الناشطة هالة صليبيخ أنّ الميثاق فتح الآفاق لوجود مؤسسات وهيئات مختلفة منها الرقابية، كما فتح المجال لإنشاء مؤسسات المجتمع المدني التي باتت شريكاً للدولة، وتُقدّم تقاريرها إلى المنظمات العالميّة أسوةً بتقارير السلطة، داعيةً الشباب إلى الانخراط في العمل لدى مؤسسات المجتمع المدني.
جاء ذلك خلال ندوةٍ بعنوان «ميثاق العمل الوطني علامةٌ فارقةٌ في تاريخ البحرين المعاصر»، نظمها مجلس الدوي بالمحرق مساء يوم السبت الماضي (14 فبراير/ شباط 2015)، لمصادفة التاريخ مع تاريخ صدور ميثاق العمل الوطني، ومرور أربعة عشر عاماً على التصويت على الميثاق بنسبة 98.4 في المئة.
واستهل الحديث في الندوة الشيخ صلاح الجودر الذي تطرق إلى فترة ما قبل صدور ميثاق العمل الوطني، سارداً الحركات المطلبيّة خلال العقود السابقة.
وفي بداية حديثه، أوضح الجودر أنّ «عملية الإصلاح عمليةً مُستمرة ومتحركة وغير ثابتة»، مؤكداً أنّ «الميثاق يُعتبر نقلةً نوعيةً في تاريخ البحرين، ليس بإمكان أي شخص أن يتّخذ هذه الخطوة الكبيرة. والجميع يعلم أن الانتقال لمرحلة الميثاق كان خلال فترة زمنيّة شهدت احتقاناً سياسيّاً». موضحاً أنّ «مرحلة ما بعد الميثاق حقّقت مطالب شعب البحرين التي نادى بها منذ سنوات طويلة، فالوثائق البريطانية تتحدّث عن الحِراك المجتمعي للشعب البحريني، وذلك بخلاف دول المنطقة، ففي فترة العشرينيات من القرن الماضي بدأت مطالب شعب البحرين لعمليّة الإصلاح، وكان أبرزها البرلمان أو المجلس الوطني أو الشورى، ولكن كل هذه الأمور لم تتحقّق في تلك الفترة».
وأضاف «كما كان من بين المطالب ألا يتدخل الأجنبي في الشئون الداخليّة للبحرين، وكان هناك النشطاء السياسيون ومنهم عبدالله الزياني وأحمد بن ناعش وعشرة من زعماء القبائل، كما كان من بين المطالب إنشاء محكمة للنظر في حقوق الناس وقضاياهم».
وتابع الجود سرده التاريخي للحراك المطلبي «حتى تم نفي عبدالوهاب الزياني وأحمد بن ناعش، وفرض الإقامة الجبريّة للعشرة الذين كانوا معهما في الحراك وهم أصحاب العريضة، في حين تمّ عزل أو منع الشيخ قاسم بن مهزع أن يأتي للمحرق العاصمة التي شهدت الحراك آنذاك»، مشيراً إلى أن «تلك كانت فترة صعبة، كما أن المجتمع البحريني دائماً في حراك».
وواصل «وفي الثلاثينيات رُفعت مطالب أخرى وكانت الحركة عمالية، إذ انصبت المطالب على القطاع العمالي وحقوق العمال، بالإضافة إلى المطالبة بوجود المجلس الوطني أو البرلمان، إلا أنّ تلك المطالب لم تتحقّق حتى دخلنا في الحرب العالمية الثانية».
أما الخمسينيات من القرن الماضي، فأشار الجودر إلى أنه «كانت الهيئة واللجنة التنفيذية، والمطالب المرفوعة بخصوص النقابات العماليّة، واستقلال القضاء، إلى حين الولوج في مرحلة الستينيات، ولم تتحقّق مطالب الشعب المرفوعة، بينما رفع الشعب في هذه الحِقبة مطالب بخروج المُستعمر، ولكن جاءت مزاعم إيرانية لضم البحرين لها، وشهدنا الفاصل التاريخي عندما أرسلت الأمم المتحدة مبعوثها النمساوي الذي قدّم تقريره في (20 أبريل/ نيسان 1971) مؤكداً أنّ الإرادة الشعبية في البحرين في أن تبقى دولة عربية مسلمة ذات سيادة».
وقال: «وفي العام 1972 تمّ تقديم الدستور والمجلس التأسيسي ومن ثم المجلس المنتخب، ودخلنا في أحداث الثمانينيات وبعدها التسعينيات؛ كل هذه الأمور والوقائع حتى وصلنا إلى فترة ميثاق العمل الوطني».
وأفاد بأن «الجميع يعلم أنّ البحرين شهدت احتقاناً كبيراً، ولكن الإرادة الملكية الساميّة والشعبيّة قرّرت آنذاك الانتقال من فترة التأزيم إلى فترة أكثر استقراراً، والجميع يعلم أنه لا يمكن أن يتحرك الميثاق إلا بإرادة شعبية جامعة».
وبيّن الفارِق الذي شهِده المجتمع قبل وبعد صدور الميثاق، منوهاً إلى أننا «نرى أنّ الحِراك المجتمعي ما قبل الميثاق يختلف كثيراً عمّا بعد الميثاق، فالكثير من القطاعات في المجتمع اليوم مختلفةً عن السابق، فمثلاً نجِد النقابات العماليّة التي لم تكن موجودة»، متسائلاً: «هل كان بإمكان العمال الاحتجاج وتنظيم المسيرات؟ إضافةً إلى حقوق المرأة التي لم تكن تصوّت ولا تنتخب وليس لها يوم مُعيّن، هذا دليلٌ واضحٌ على أنّ هناك مكتسبات تحقّقت». مضيفاً «كما نشهد اليوم المجالس والمنتديات، فالجميع يتحدث في السيّاسة ويبدي رأيه، ونشهد كذلك الجمعيات السياسيّة التي لم يكن لها حضور. المجتمع اليوم بأكمله يتحرّك في رتمٍ واحد، بينما لا توجد دولة خليجية تتمتّع بهذا الحراك الموجود بهذا المستوى مع ما تتعرض له المنطقة من تغييرٍ للهوية، ومع ذلك فإنّ المجتمع البحريني يُكافح منذ أربع سنوات لإثبات هويته العربية، في ظل خطاب حزب الله وإيران و «داعش»؛ اليوم مع كل هذه الأمور يتحرّك المجتمع البحريني بناءً على الميثاق».
وعن الدعوات التي تُنادي بتطبيق الديمقراطية الغربية في البحرين، قال الجودر: «إنّه طرحٌ مأساوي عندما تأتي قوى مثقّفة تُريد تشبيه البحرين ببريطانيا أو فرنسا، جميلٌ ذلك ولكن تلك المجتمعات تدفع ضرائب لكل شيء، ففي أميركا 20 مليون أميركي خارج نطاق الضمان الصحي، بينما نحن هنا مكفولون من قبل الدولة. جيّد أن تصل لمستوى تلك البلدان بشأن المحاسبة، ولكن هل تستطيع أن تواكب هذه المجتمعات في كل شيء؟ فمثلاً فنزويلا أرادت تخفيض الرواتب بنسبة 20 في المئة نتيجة هبوط النفط، فهل نحن نقبل بذلك؟».
بعد ذلك، تحدّثت رئيس الجمعية البحرينية للتخطيط الاستراتيجي الناشطة هالة صليبيخ عن فترة ما بعد صدور ميثاق العمل الوطني، مستعرضةً ما تحقّق طوال هذه الفترة من بعد الميثاق.
إلى ذلك، قالت: «إن الجانب الأمني في الميثاق مهم جداً، ونحن نعيش الإرهاب اليوم، لذلك فإن كانت هناك كلمة فهي كلمة شكرٍ وتقديرٍ وثناء تُقال في حق رجال الأمن، والإرهاب يحل بتكاتف جميع الجهود، ونحتاج أن يكون التشريع متماشياً مع هذه الأمور»، مشيرةً إلى أنّ «الميثاق يؤكد أنّ الهوية للبحرين هي الهوية البحرينية الخليجية العربية الإسلامية».
وأضافت خلال حديثها أن «هناك تطورات سياسية وإقليمية واقتصادية تشهدها البحرين، وهناك أمورٌ وموضوعاتٌ تشريعية تحتاج إلى التسريع وإلى وتيرةٍ أسرع في التعامل معها لترجمة الأحداث». مستشهدةً بـ «ما شهدنا قبل أيامٍ من نقاش البرلمان مع الحكومة بشأن برنامج العمل الحكومي، وميثاق العمل الوطني هو أحد المراجع لمراجعة وقبول البرنامج الحكومي».
ونوّهت صليبيخ بدور مؤسسات المجتمع المدني، موضحةً أنّ «المؤسسات أو المنظمات العالميّة تأخذ التقارير التي تُرفع من منظمات المجتمع المدني حتى لو رفعت الحكومة تقريرها، فإنّ تلك المنظمات العالميّة تأخذ بتقارير منظمات المجتمع المدني».
وتساءلت: «كأفراد، كيف نعالج منظمات المجتمع المدني؟ نحن نحث الشباب على الانضمام إلى مؤسسات المجتمع المدني، فاليوم نحن شركاء مع الحكومة والقطاع الخاص». وبخصوص تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية، عقّبت صليبيخ بأنّ «تفعيل مخرجات تلك التقارير هو المحك، فهناك بعض الإجراءات التي تحتاج إلى متابعة وتفعيل من قِبل الأجهزة والمؤسسات الرقابية وليس كل شيء يُلقى على عاتق الدولة».
واعتبرت المتحدثة «ملف الموارد البشرية من أهم الملفات، فنحن نشهد نمواً سكانياً متزايداً، والشباب يُشكّل فئةً كبيرةً من المجتمع، كما أنّ من هم فوق عمر الخمسة وستين عاماً فئة تشهد ازدياداً في المجتمع، ما يعني نمط حياة وصحة معيّنة، الأمر الذي يؤثر على طريقة البرامج الحكومية وتنفيذها».
وتطرقت صليبيخ إلى «المؤشرات الدوليّة التي تصدر عن الأمم المتحدة والتي تُصنّف البحرين وتضع ترتيبها بين الدول في قطاعات الصحة والتعليم ومستوى دخل الفرد، والمساواة خصوصاً في الجانب السياسي، فهذه المؤشرات الدوليّة هي التي تؤثر، والمستثمرين ينظرون إليها». متسائلة: «كيف نقوم بتحسين الأرقام الصادرة عن البحرين أو جعل البحرين في المراتب المتقدمة دولياً؟ نقوم بذلك عن طريق العمل مع الأجهزة التنفيذية بمساعدة مؤسسات المجتمع المدني».
ولفتت إلى أن «الميثاق ذكر العلاقات الخليجية؛ والبحرين مرّت بمواقف، ونحن نتمنى من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني أن يكون هناك مكان لصوت الأفراد، فموقع الأمانة العامة لا يوجد به مكان للشعوب، وقد يكون صوتنا مسموعاً عن طريق المجالس المنتخبة، إلا أنّ المواطن الخليجي يحتاج إلى أن يكون على اتصال ويُسمع له من قِبل الجهات الرسمية».
وبشأن العلاقات الخارجية للبحرين، أشارت صليبيخ إلى تجربة مرّت بها العام الماضي، إذ قالت في هذا الصدد: «وددتُ إلى أن أُشير لتجربة مررت بها شخصياً، فالعام الماضي كنا في جنيف وكنا نناقش تقرير «سيداو»، والبعض في البحرين يأخذ المعاهدات الدولية بنوعٍ من التشنج، وكأنّ أحداً يتدخل في الشأن البحريني».
وأضافت «ما نستطيع أن نقوله إن البحرين لا تستطيع أن تعيش بمعزلٍ عن العالم، وأية معاهدة بالتأكيد لن تُخالف الدستور البحريني أو الشريعة الإسلامية، فنحن نستفيد من المعاهدات الدولية، فإذا توافرت عندي ممارسة متماشية وفق المؤشرات العالمية، فإنّ العالم سيُعزز ذلك وسيُشار للبحرين بالبنان وتحيى عليها البحرين». مستطردةً «وإذا ما كان هناك أمرٌ مقصّر فهذه فرصتنا لنبدأ وضع الآلية الصحيحة وفق المعاهدات الدولية وهذا بالطبع سيكون مكسباً لجميع الأفراد وللوطن». مستدركةً «أما مقولات ما علينا من الخارج والمعاهدات ليس في صالحنا؛ فالرد إن كانت هذه المعاهدات تُخالف الشريعة والدستور فإنّ ذلك الرأي صحيح، أما كانت هذه المعاهدات تُضيف للبحرين فأهلاً وسهلاً بها».
وواصلت حديثها في هذا الجانب: «في العام الماضي وعندما كنا في جنيف كنا نمثل حينها مؤسسات المجتمع المدني، استطعنا أن نُغيّر فكرة خاطئة عند العالم عن البحرين، حينها كان النقاش حول عدم وجود مساواة بين عامة المواطنين، وكان ردنا أن المرأة واحدة، ولكن يوجد في البحرين قانون أحكام أسرية للمذهب السني، فيما لا يوجد قانون للمذهب الجعفري، وذلك تساهل ومراعاة وتقدير من قبل الحكومة لظروف الطائفة؛ ومن هنا صار التعامل بشأن القضية مع البحرين بدلاً من أن يكون ضدها. من هنا نحث الشباب على الدخول والانخراط في مؤسسات المجتمع المدني».
وتابعت «نعم، هناك إيجابيات ولكن نحتاج إلى تسريع الوتيرة في بعض الأمور، وأن تكون هناك أولويات سواء في التعليم أو الصحة وغيرها من القطاعات»، مشيرةً إلى أنّ «وعي المواطن في هذه الأمور مهمٌ جداً ويُساعدنا كأفراد لنا أصوات في العملية الانتخابية، كما أن لهذا الوعي أهمية في الرقابة الشعبية».
وانتهت إلى القول إنّ «من أهم ما استفادت منه المرأة البحرينية من ميثاق العمل الوطني، هو ما يتعلق بالمرأة المتزوجة من زوج غير بحريني، فكانت هذه الزوجة لا تستطيع الحصول على الجنسية البحرينية لأبنائها، ولكن بسبب المجلس الأعلى للمرأة الذي أنشأ من بعد الميثاق، صار بمقدور المرأة البحرينية الحصول على هذا الحق».
العدد 4545 - الأحد 15 فبراير 2015م الموافق 25 ربيع الثاني 1436هـ
اتفق معك
طبعا حقق مطالبي
انا متخرج وعاطل وهناك اجنبي يشغل مكاني
واذا أعلنت احتجاجي قلتم خاين ينتمي الى ايران
يضيق علي في عيشي ويميز بيني وبين الاخر وتقول عدالة
انت ستقف امام ربك