العدد 4543 - الجمعة 13 فبراير 2015م الموافق 23 ربيع الثاني 1436هـ

المخرج السينمائي بسام الذوادي: الذاكرة حالة عابرة

في محاضرة بمركز كانو الثقافي

أكد المخرج السينمائي بسام الذوادي، في محاضرة بعنوان «السينما في حياتنا المفهوم والفهم»، أن «الذاكرة حالة عابرة وليست شيئاً مؤكداً، فالتفاصيل تغيب وتبقى الحالة وعليه لا يمكن نقل الواقع كما هو، ولذلك فإن الفن السينمائي يركز على الحالة وليس نقل الواقع أو نص الرواية التي يكتبها المؤلف»، محيلاً ذلك التباين إلى «اختلاف أدوات كل منهما؛ فكما أن للكاتب أدواته من وصف وسرد وغيرهما فإن للسينمائي أدواته المختلفة من لقطات ومشاهد وغيرها والتي بالضرورة تصنع مخيلة أخرى». جاء ذلك في محاضرة بمركز كانو الثقافي مساء يوم الثلثاء ( 10 فبراير/ شباط 2015)، بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء والمهتمين ورواد المركز.

بداية، نوه الذوادي بدور الرواد في المجال السينمائي في البحرين محيلاً الفضل لهم في الريادة ومؤكداً على دورهم المهم «الذين لولاهم ما قدمنا الذي قدمناه بعدهم»، مشيداً بالمخرج خليفة شاهين، الذي حضر الأمسية، وبأفلامه التسجيلية «ودوره وأسبقيته في صناعة الفيلم السينمائي في البحرين، وإتاحته الفرصة للمخرجين البحرينيين في استخدام استوديو الصقر الخاص به ووضع إمكاناته في خدمتهم».

السينما بين موجتين

بعدها، تحدّث الذوادي عن الفرق بين السينما في السابق التي كانت تعتمد على البساطة والمشاهدة والاستماع، ولا تثير التفكير، حتى أنها (السينما) في فترة الأربعينيات كانت تصنف ضمن وسائل الاتصال الباردة كون القصة معروفة ونتيجتها محسومة بالضرورة، ولا تثير الجدال أو التفكير العميق، بينما الفترة التالية وخصوصاً مع مخرجي «أفلام الموجة الجديدة» حيث تم تجاوز تلك الحالة الباردة في التلقي وأصبح الفيلم يعتمد على فهم المشاهد؛ خرجت عن التصنيف السابق وصارت ضمن وسائل الاتصال الساخنة، فهؤلاء المخرجون الجدد أسسوا لحالة مختلفة وأكدوا على دور المشاهد الذي بات عليه أن يكمل الصورة من خلال الحالة الرمزية والنهاية المفتوحة، وصار المتلقي شريك المخرج، وأصبح الجمهور بعد خروجه من المشاهدة يناقش موضوع الفيلم ويعيد النظر في أفكاره ويتغير ويغير أيضاً، بل ويعيد النظر في أفكار الواقع من حوله.

الذاكرة حالة عابرة

أكد الذوادي أنه لا يوجد فيلم سيء وآخر جيد، فكل فيلم ينوي تقديم الأفضل ولكن أحياناً لاختلاف السياق أو للمغايرة في الفيلم لا يتم تقبله إلا بعد سنوات من صدوره كما حدث لبعض أفلام يوسف شاهين التي لم تتحول بعضها إلى أفلام جماهيرية إلا بعد عشر سنوات من صدورها وعرضها، وهكذا فإنه لا توجد أفلام ليس لها معنى.

وأضاف «لا توجد أفلام تنقل الواقع كما هو، فالذاكرة حالة عابرة وليست شيئاً مؤكداً، فالتفاصيل تغيب وتبقى الحالة، وليست الذاكرة سوى حالات ناتجة عن تلك التفاصيل الغائبة، بدليل أنك حينما تشاهد الفيلم مرة أخرى تكتشف أشياء أخرى لم تلتفت إليها من قبل بل وتعيد النظر إليها وما ذلك إلا للوعي الجديد الذي تكون لديك، وهكذا دائماً حينها نكون قد نسينا الفيلم وبقيت الحالة».

«حكاية بحرينية»

استشهد الذوادي بتجربته في فيلم «حكاية بحرينية» الذي كتبه الروائي والسينارست فريد رمضان عن قصة بحرينية حقيقية فعلاً ولكن «بالتأكيد تفاصيل الواقع العديدة تختلف عما التقطه فريد رمضان وكتبه، كما أن قصة فريد اختلفت عن الواقع فكذلك أنا كمخرج كان لي انطباعي المختلف، بالإضافة إلى خبرتي وخلفيتي التي لها دور في اختلاف التلقي، ومن حقي أن أقدمه كما رأيته، وهكذا من سيقرأ الرواية ثم يرى الفيلم حتماً سيرى الفارق بين الاثنين فأدواتي مختلفة بالطبع عن أدوات الكاتب؛ فهناك مشاهد مهمة في الرواية ولكنها غير مهمة في الفيلم، ناهيك عن الوصف الذي يصنعه الكاتب في جملة بسيطة وقصيرة، حين تحوله لمشهد لربما يتطلب الكثير ومن هنا يظهر حجم التباين بين سياقين مختلفين، وكثيراً ما يكون هدف الفيلم مختلفاً عن هدف الرواية، كما أنه من حق المخرج عكس الواقع الذي يريده على القصة الأساسية للرواية، وكثيراً ما نقارن بين الاثنين ونتوه ونظلم أحدهما».

بين الواقع والرواية والسينما

وخلص الذوادي إلى أن التباين بين الواقع والكتابة والسينما مرده إلى أنه لا يمكن نقل الواقع كما هو، على مستوى الكتابة كما لا يمكن نقل الكتابة كما هي على مستوى السينما، ولذلك فإن الفن السينمائي يركز على الحالة وليس نقل الواقع أو نص الرواية التي يكتبها المؤلف، محيلاً ذلك التباين إلى اختلاف أدوات كل منهما، فكما أن للكاتب أدواته من وصف وسرد فإن للسينمائي أدواته المختلفة التي بالضرورة تصنع مخيلة أخرى، فقراءة الرواية حالة، ومشاهدة السينما حالة أخرى، فالناس ترى المشاهد وتستمتع بالصورة، وهي حالة جماهيرية، بينما الرواية خاصة ومحدودة التوزيع والانتشار، والمقارنة تضيع الكثير من المتعة الفنية الخاصة بكل فن من الفنون.

العدد 4543 - الجمعة 13 فبراير 2015م الموافق 23 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً