بعد استضافة ساعات لدى المعنيين بمطار الكويت، التحقت باللقاء السنوي الخامس والثلاثين لمنتدى التنمية خلال السادس والسابع من فبراير/ شباط 2015، الذي انعقد هذا العام بعد أن ألغي اجتماعه العام الماضي في دبي، ولكن بالعنوان نفسه: «مستقبل مجلس التعاون الخليجي»، وبالأوراق نفسها تقريباً، عدا ورقة عن التكامل والتنافر الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي للباحث عباس المجرن.
وبسبب الاستضافة القسرية، لم أتمكن من حضور جلسات الصباح في اليوم الأول، والتي تضمنت كلمة المنسق العام ابتسام الكتبي، وكلمة مدير المشروع عبدالخالق عبدالله، والجلسة الأولى عن «مستقبل التكامل السياسي الخليجي»، للباحث محمد بن هويدي، وتعقيب عبدالخالق عبدالله. لكنني حضرت الجلستين الثانية حيث أُلقِيت ورقة سوسن كريمي «فرص المواطنة والهوية الخليجية مستقبلاً»، والتي لم تستطع سوسن كريمي إلقاءها بسبب استدعائها الفوري من قبل إدارة جامعة البحرين، بحجة أنها لم تحصل على ترخيص للمشاركة في المنتدى وتقديم ورقة. فلنتصور مدى التعسّف ضد الأكاديميين الوطنيين، وخنق الحريات الأكاديمية. وقد قدّمت الورقة نيابةً عنها منيرة فخرو، التي كان من المفترض أن تكون معقّبةً، وأدار الجلسة فاطمة الشامسي.
الجلسة الثالثة خصّصت لورقة عبدالله بشارة (الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي طوال 12 عاماً الأولى من حياة المجلس 1981 – 1993). وكانت بعنوان: «من التعاون إلى الاتحاد... أحلام القادة وأوهام الواقع»، وأدارتها بهية الجشّي.
أما اليوم الثاني، فكان مخصّصاً لمناقشة ورقة الباحث عباس المجرن عن «التكامل والتنافر الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي»، وعقّب عليها الباحث عبدالرزاق الفارس، وأدارها الاقتصادي المعروف جاسم السعدون.
وخُصّصت الجلسة الأخيرة للمناقشة العامة، وانتخاب منسق عام، وهو محمد الرميحي، ولجنة تنسيقية من تسعة أشخاص، من ضمنهم المنسق العام، وقد اختيروا بالتزكية.
الحضور في هذه الدورة كان الأضعف من حيث العدد وحيوية المناقشات، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أهمها: شيخوخة المنتدى، وعدم تجديد دمائه بالشباب، والحذر الشديد في أوساط الأعضاء من تناول أوضاع الخليج بصراحة، بل إن بعضهم تحوّل إلى مدافعٍ متحمس عن الأنظمة الحاكمة.
موضوع المنتدى هذا العام تناول «مجلس التعاون وآفاق المستقبل»، هل هو التطور للاتحاد، أم المراوحة، أم التفكك؟ وبما له من علاقة بالتكامل السياسي والاقتصادي والهوية.
الورقة التي قدمتها سوسن كريمي وزّعت في صيغتها القديمة وليس الحديثة، ما خلق انطباعات خاطئة لدى المشاركين، خصوصاً في ظل غيابها القسري عن المنتدى. لكن الورقة أثارت قضايا حيوية تتعلق بالهوية الوطنية لكل بلد خليجي، والهوية الخليجية الجامعة. وقد عرضت المؤلفة من خلال بحث انثروبولوجي لعينات من مختلف بلدان الخليج من الشباب لمفهومهم للتراث والهوية وتعريف الذات والانتماء.
قد بيّنت الباحثة أن هناك توجهاً للمزيد من تعريف الذات بالهويات الفرعية الدينية والإثنية، والمذهبية والقبلية، على حساب الهوية الوطنية. وهذا يعود إلى عدة أسباب في مقدمتها تحوّل المواطنين إلى أقليةٍٍ في وطنهم، بل والتباس معنى المواطنة بربطها بالولاء للنظام الحاكم وليس الوطن، واختزالها في مفاهيم وسلوكيات أحادية، ومن يخرج عنها يُشكَّك بمواطنته.
ومن هنا تأتي سياسات التجنيس بدوافع سياسية، وكذلك إسقاط الجنسية. وهو ما يطرح حاليّاً من قبل الأنظمة أن المواطنة والجنسية امتياز وليس حقّاً. وعرضت الباحثة صورة قاتمة للهوية الوطنية في ظل سياسات التعليم والإعلام وغياب المشاركة السياسية والمجتمعية.
ورقه الأمين العام الأسبق لمجلس التعاون الخليجي عبدالله بشارة، (وهو ممثل دولة الكويت في لجنة المتابعة للمشروع السعودي للإتحاد الخليجي)، عرض للاتحاد منذ أن طرحه العاهل السعودي المرحوم عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في مؤتمر قمة مجلس التعاون في فبراير/ شباط 2012، وما لاقاه من رفض عماني صريح وتمنّع من جانب الكويت والإمارات وقطر، وترحيب من البحرين فقط. وكما هي العادة جرى الهروب إلى الأمام بتشكيل لجنة لبحثه وتقديم تقرير بذلك إلى القمة.
عبدالله بشارة المتحمّس كثيراً للمشروع، كشف أنه هو نفسه لم يفهم تعقيدات بنية الاتحاد من مجلس مفوضين ومجلس وزاري وغيرهما، وأرجع رفض المشروع إلى كونه لم يقدّم مسبقاً قبل عرضه في القمة على المسئولين الخليجيين ليستوعبوه، ويقدّموا ملاحظاتهم، ويسعوا إلى التوافق حوله، وهكذا طُويت صفحة الاتحاد.
الباحث عباس المجرن، عرض لمسيرة مجلس التعاون من حيث التكامل الاقتصادي والسوق المشتركة والطموح إلى تحقيق عملة خليجية واحدة وبنك مركزي واحد. الباحث عرض هذه المسيرة بالتفصيل وعلى مختلف المراحل مع ما صاحبها من إنجازات كانت دون الطموح، ودون متطلبات الاندماج الاقتصادي.
وتحدث الباحث بصراحة حيث أشار إلى أن دول المجلس تتعاون في الحد الأدنى، وهي لم تبلغ بعدُ مرحلة السوق المشتركة، كما من المستبعد التوصل إلى عملة موحدة وبنك مركزي واحد. وشدّد على أن لكل دولة استراتيجيتها واهتماماتها وهواجسها وتمسّكها بسيادتها.
إن من الصعب في هذه العجالة الإحاطة بكل المناقشات والرؤى المطروحة، لكن يمكن القول إنه وفي ضوء أزمة مجلس التعاون الأخيرة على امتداد العام 2014، والتي سُوّيت بطريقة تلفيقية حسبما نُشر في الإعلام، فيما عُرف بقمة الساعتين في الدوحة، فإن غياب المشاركة الشعبية في إدارة الحكم في كل بلد، وفي بنية مجلس التعاون استتباعاً، وحتى غياب استشارة النخب الخليجية، وحصر العلاقات بالأسر، وهي علاقات متذبذبة ومتقلبة، قد أعاق كثيراً مسيرة مجلس التعاون، خلافاً لتجربة الاتحاد الأوروبي الذي بدأ كاتحاد للفحم والفولاذ وانتهى باتحاد سياسي راسخ.
جوانب الخلل في مجلس التعاون تبدأ في كل بلد خليجي، حيث إنه على رغم التقدم الاقتصادي والاجتماعي، فإن ذلك لم يتطوّر إلى إقامة اقتصاديات منتجة، تستند إلى العمالة الوطنية، بل ظلّت اقتصاديات دول مجلس التعاون معتمدةً على النفط والغاز. اقتصاديات هشة خدماتية، أسهمت في تضخم الاقتصاد وتضخم العمالة الأجنبية التي أضحت تمثل الأغلبية. لكن النظام السياسي الخليجي لم يتطور، وظلَّ محصوراً في السلطات، وتغييباً لإرادة المواطنين وبعيداً عن حكم المؤسسات... وعلى هذا بني مجلس التعاون كمحصلة لمجموع الأنظمة.
إن مجلس التعاون ودوله تواجه اليوم أزمةً لا سابق لها، تتمثل في صعود الفكر المتطرف والحركات التكفيرية، وتجسيدها الكامل في دولة «داعش»، حيث هناك امتدادات لفكر وتنظيمات الحركات التكفيرية في دول المجلس، وآلاف المتطوعين من الشباب الخليجي يقاتلون في صفوف «داعش» وغيرها من الحركات التكفيرية.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 4543 - الجمعة 13 فبراير 2015م الموافق 23 ربيع الثاني 1436هـ
اول
اول مرة فى حياتى اشوف بلد يفضل الاجنبى على المواطن عشان بس المواطن طالب بحقه هل هادى جريمة اليس من حق المواطن ان يعيش مرتاح فى بلده وان تفتخر به الدولة بين الدول لماذا .....الناس ولدو احرار وليس عبيد يعنى معقوله المواطن الاجنبى يتمتع بخيرات البلد وهو محروووم جميع دول الخليج تفضل المواطن على الاجنبي الى البحرين ..........