قالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن مجموعة من المحققين الذين يتتبعون نشاط المتطرفين في منطقة الشرق الأوسط عثروا على «عقد صيانة» لمبنى يقع بالقرب من السفارة الليبية في إحدى الدول الإسلامية المطلة على البحر المتوسط. وكان اللافت للنظر أن أحد الأسماء المرتبطة بتوقيع العقد، الذي تبلغ قيمته ملايين الدولارات، مدرج على لوائح المطلوبين المحرضين على قتل أفراد الجيش والشرطة خاصة في ليبيا ومصر.
وبعد عدة أيام تمكنت عناصر أمنية مدربة من الوصول لمعاينة المبنى نفسه. وكانت المفاجأة: مبنى ضخم يتكون من 4 طوابق يستخدمه ما يعرف بـ«التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين»، بالتحالف مع جماعات متطرفة، في إدارة الصراع مع نظم الحكم في طرابلس الغرب والقاهرة وغيرهما.
خسر الإخوان المسلمون الانتخابات في مصر، وتونس، وليبيا بعد تجارب فاشلة للحكم استمرت من سنة إلى ثلاث سنوات في هذه الدول. لكن بدا أنها لا تريد أن تعترف بالخسارة، خاصة في مصر وليبيا، ولهذا «لجأت الجماعة إلى التحالف مع الشيطان لهدم الدار على من فيها»، وفقا لوصف أطلقه ضابط شرطة مصري برتبة نقيب.
تلقى هذا الضابط، أثناء عمله في وزارة الداخلية، نبأ عن قتل المتطرفين زميلا له برتبة نقيب في سيناء، ضمن سلسلة هجمات استهدفت رجال الجيش والشرطة راح ضحيتها عشرات الضباط والجنود منذ ثورة المصريين على الإخوان في 30 يونيو (حزيران) 2013.
ومع ازدياد أعمال العنف التي تستهدف رجال الأمن والمنشآت العامة بمصر وليبيا، أصبح من السهل أن ترى شخصيات عربية تتردد على القاهرة لبحث «هذه المعضلة.. هذا الكابوس». وفي فندق يقع على طريق صلاح سالم الشهير بالعاصمة المصرية، دخلت مجموعة جديدة لشخصيات بدت مهمة. ويقول أحد مرافقيهم وهو من ليبيا، إنهم «خبراء أمن من عندنا ومن دول شقيقة». يبدو من ملامحهم أنهم من ليبيا وتشاد والنيجر ومالي. وبعد نحو ساعة وصلت 3 سيارات سوداء واختفت في الداخل.
هنا يجري على قدم وساق جمع مذكرات أمنية من أطراف عربية وأفريقية، من بينها ليبيا، لتضمينها في تقرير متكامل، من أجل التصدي لنشاط الإخوان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتزامن هذا مع مباحثات أجراها وفد أمني روسي رفيع المستوي، مع أطراف أمنية بالمنطقة، خلال زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة، هذا الأسبوع. وعلى العكس من موقف واشنطن المنفتح على جماعة الإخوان، تصنف موسكو «الجماعة» بأنها «منظمة إرهابية» بسبب وقوفها مع مجموعات متطرفة كانت تعمل ضد الدولة الروسية في العقود الماضية. كما يمثل تحرك الإخوان الذي جرى رصده في الإقليم أخطارا على مصالح روسيا وأصدقائها. هذا حسب مصادر أمنية وعسكرية معنية بالتطورات في المنطقة، التي تتلخص في «خطر استخدام غلاة المتطرفين للإمكانات التي تتيحها لهم جماعة الإخوان في التحرك عبر حدود الدول وحسابات البنوك وأموال الجمعيات الخيرية».
التعاون الأمني في هذا الاتجاه أسفر حتى الآن عن معلومات خطيرة من بينها أن التنظيم الدولي للإخوان، طلب من زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، إرسال 3 آلاف مقاتل إلى سيناء لمحاربة الدولة، وأنه جرى رصد مكالمتين هاتفيتين معه، وكان المتصل، وهو قيادي إخواني، يقول للظواهري: «يا مولانا»، وذلك خلال المحادثتين اللتين استغرقت كل واحدة منهما عدة دقائق.
التنظيم الدولي، الذي يشغل عضويته شخصيات عربية وأجنبية، قام بعد خسارة الإخوان للانتخابات في دول «الربيع العربي»، بتأسيس مقر بملايين الدولارات في الدولة الإسلامية المشار إليها، والواقعة على البحر المتوسط. تقول واحدة من المذكرات الأمنية الجديدة عن هذا الأمر إن المقر تعقد فيه اجتماعات لزعماء من الإخوان ومتطرفين من جماعات راديكالية أخرى، برعاية أطراف إقليمية ودولية، وإن تنظيم الإخوان «يراهن على تدهور الأوضاع في ليبيا ليضمن تدفق السلاح للمتطرفين في دول الجوار ودعم العمليات الإرهابية في سيناء وزيادة الاضطرابات بمصر».
الاتجاه يمضي في طريق يؤسس لنظرية مفادها أن الإخوان أصبحت لديهم مصالح مشتركة مع رافعي رايات هدم الدول في المنطقة. أحد الخبراء العسكريين الليبيين ممن شاركوا في لقاء أمني مصري - روسي على هامش زيارة الرئيس بوتين، يشير إلى أنه جرى بحث قضية تمدد تنظيم داعش في البلاد، خاصة قرب المواقع النفطية في شمال ليبيا، ونشاط «القاعدة» في الجنوب حيث تحاول أيضا السيطرة على حقول النفط هناك، إضافة لعلاقة المتطرفين في ليبيا بالمتطرفين في مصر وسوريا وغيرهما.
جرى أيضا التطرق مع الخبراء الروس إلى علاقة قادة من الإخوان من عدة دول، بتيسير أعمال التنظيمات الدموية بالمنطقة، إضافة لأمر يثير دهشة كثير ممن يتحدثون عن هذا الأمر، وهو تراجع كثير من دول الغرب عن الاهتمام بتنامي نفوذ المتطرفين في أفريقيا. وخلال كلمته الرسمية في المؤتمر الصحافي مع بوتين، أكد السيسي على «موقف روسيا المتضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب». وقال أيضا إن «استشراء تلك الظاهرة بات يحتم تضافر الجهود الدولية لمواجهتها».
قائد القوات المصرية في حرب عاصفة الصحراء في الخليج، اللواء محمد بلال، يتابع المنعطف الذي تمر به دول المنطقة، ويشدد، في لهجة حاسمة، على ضرورة أخذ المعلومات بشأن تحالف الإخوان مع المجموعات الخطرة «على محمل الجد»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن العالم يركز على محاربة «داعش» في العراق وسوريا، ويترك باقي الدول تواجه المتطرفين وحدها. بينما يرفع مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، العميد عادل العمدة، يده محذرا، وهو يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، من «وجود تمويل ضخم لصالح تحالف الإخوان والمتطرفين».
وبين حين وآخر، يسحب أحد المجتمعين هنا ورقة ويضع تصورات عن طريقة مجابهة التحولات الجديدة للجماعات. ويبدو أن أحدهم أمضى سنوات في دراسة العداء والتلاسن القديم بين «الإخوان» و«القاعدة» ومن على شاكلتها: «هل يمكن أن يتحد هؤلاء.. أيعقل هذا؟». ويجيب الشيخ نبيل نعيم، المؤسس والقيادي السابق بجماعة «الجهاد»، الذي عاش لسنوات في فيلا واحدة مع الظواهري على حدود أفغانستان، في رده على أسئلة لـ«الشرق الأوسط»: لا فرق بين «الإخوان» و«القاعدة» و«داعش». لكن مسؤول جماعة الإخوان الليبية، الشيخ بشير الكبتي، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا غير صحيح.
يقابل الزخم الذي أثارته عمليات القتل البشعة والتفجيرات والتخريب وتهديد المسؤولين والإعلاميين بالتصفية الجسدية، زخمٌ آخر لرجال أمن وخبراء عسكريين، لـ«مواجهة هذا الوباء»، وفقا لما ورد في مذكرة اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها ضمن تقارير ومذكرات جرى تداولها على نطاق ضيق بين مسؤولين مصريين وعرب وأفارقة، في الأيام الأخيرة.
وتخلص واحدة من هذه الأوراق إلى أن «الإخوان» أصبحت جماعة تبحث بشكل محموم عن ثغرات لمواصلة إثارة القلاقل في مصر، ومحاولة استقطاب شخصيات مؤثرة داخل الجزائر، إضافة إلى الضغط على الحكام الجدد في تونس لصد أي محاولات من شأنها تقييد حركة النهضة (الإخوانية) وحلفائها بعد فوز التيار المدني بأغلبية في الانتخابات البرلمانية التونسية الأخيرة.
بعد ثورة المصريين ضد الإخوان فرَّ عدد كبير من المتطرفين من المدن المصرية التي كانوا ينشطون فيها، وانضموا لمن سبقهم في سيناء، كما فرَّ عدد آخر إلى ليبيا. ورد في تقرير آخر أن كوادر من الإخوان ومتطرفين يتعاونون معهم، حاولوا إقامة معسكرات تدريب على الحدود الليبية - المصرية، إلا أن التقرير يوضح أن غالبية هؤلاء انتهى بهم الأمر إلى الانضمام لمتشددين تديرهم قيادات إخوانية ليبية، سواء في درنة أو بنغازي أو طرابلس، وبعض منهم اتجه لجنوب ليبيا وشمال مالي.
صوتُ «الشيخ نعيم» يأتي من جديد ليذكِّر بما أصبحت عليه الحال، ويقول إن الذي لا يفرق بين الإخوان والتنظيمات والحركات المتطرفة، مثل «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» يكون لديه «عمى ألوان».
ويقلِّب الرجل الأمر، وهو يمشط لحيته بأصابعه، في المعلومات الأمنية الجديدة بشأن تحالف الإخوان مع المتطرفين: «أنا عشت معهم.. كنت أسكن مع أيمن الظواهري في فيلا واحدة بمدخلين، في بيشاور لمدة 3 سنوات، وكان معه أولاده، وأنا كنت وحدي.. كان هو في الطابق الأول، وأنا في الطابق الثاني.. كنا نلتقي كل يوم مع بعضنا بعضا. نأكل ونشرب. ولهذا أستطيع أن أقول لك إن العلاقة بين الإخوان والمتطرفين وثيقة، وذات أصل واحد».
ولدى «الشيخ نعيم» ما يؤكد له أن «أصل منهج هذه الجماعات يبدأ على الفكر القطبي (نسبة إلى سيد قطب أحد القادة التاريخيين للإخوان، وأعدم بمصر عام 1966)، ثم يتبنون بعض المسائل الفقهية، مثل أن تارك الصلاة، ولو لمرة واحدة، كافر كفرا مخرجا من الملة، وأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أكبر ومخرج من الملة.. وينسحب على هذا تكفير البرلمان والقضاء والجيش والشرطة».
كثير ممن انخرطوا في السابق مع التنظيمات المتشددة، يعتقدون اليوم، بشكل لافت للنظر، بوجود رعاية أميركية لجماعة الإخوان، خاصة بعد أن استقبل الكونغرس قادة من الجماعة الأسبوع الماضي. حتى «الشيخ نعيم» لديه يقين بأن هناك «نصائح أو توجيهات من الجانب الأميركي، لكي يتولى الإخوان السيطرة على جميع التنظيمات المتطرفة في العالم، على أساس أن أميركا لا يمكنها السيطرة على كل هذه التنظيمات بشكل مباشر، ولكن تسيطر عليها من خلال سيطرتها على الإخوان».
وزارة الخارجية الأميركية، ردت على أسئلة «الشرق الأوسط» بشأن ما ورد عن تواصلها مع الإخوان رغم اتهامهم بالوقوف وراء التطرف في المنطقة، بقولها، في إفادة عبر البريد الإلكتروني، إن مسؤولا في الوزارة التقى بالفعل مع «مجموعة برلمانيين مصريين سابقين كانوا في زيارة للولايات المتحدة جرى تنظيمها وتمويلها من قبل جامعة جورج تاون»، مشيرة إلى أن من بين هؤلاء أعضاء في حزب الحرية والعدالة (الإخواني). وفي إفادة أخرى يقول نائب مستشار الأمن الوطني الأميركي، بن رودز، إن بلاده لا تتعاون مع من ترى أنهم متورطون في أي أعمال إرهابية.
في لقاءات مع أطراف مسؤولة من القاهرة وطرابلس وحتى من وسط أفريقيا (شخصيات من تشاد والنيجر تنتمي لقبائل الطوارق والتبو وغيرهما)، يبدو الامتعاض واضحا على شفاه هؤلاء الرجال، من الموقف الأميركي والبريطاني خصوصا، في ما يتعلق بنفوذ المتطرفين الآخذ في التنامي بالمنطقة. يقول أحد قيادات «الطوارق»: «جماعة إخوان ليبيا تستقطب شباب القبيلة من المتشددين للانضمام للميليشيات.. يرسلون لهم مراسيل في جنوب غربي ليبيا وجنوب الجزائر وشمال النيجر ومالي».
بعض الدول الغربية، هكذا يقول «الشيخ نعيم» وهو يفسر القضية، كانت تريد وصول الإخوان لحكم عدة بلدان عربية لكي تحتوي حركات مثل حماس و«القاعدة».. «خطر الإخوان يتمثل اليوم في تحالفهم مع المتطرفين على نطاق واسع. انظر إلى سيناء وإلى درنة وبنغازي وحتى جماعة (بوكو حرام). إنهم يسهلون لهم النمو والحركة».
وهو يرى أيضا أن الموضوع خطير. ويصمت قليلا وهو ينقر بأصابعه على الطاولة، قبل أن يضيف موقنا: «سيظل الخطر شديدا إذا لم تتبن الدول العربية مواجهة شاملة للإخوان.. أي إغلاق أي مشاريع استثمارية لهم. خلال الخمسين عاما الماضية، حققوا مليارات الدولارات من نشاطهم في جمعيات الإغاثة والجمعيات الخيرية وجمعيات الزكاة وغيرها من شركات وخلافه.. ستستمر التفجيرات وأعمال القتل البشعة طالما ظلت أموالهم تتحرك عبر حدود الدول».
هناك فرق مهم يشير إليه «نعيم» بين «الإخوان» و«باقي المتطرفين»، وهو أن الفريق الأخير «يعلن عن عقيدته وتكفيره للناس صراحة، ويقولون لهم إننا نكفركم، لكن الإخوان لا يعلنون ذلك بشكل مباشر ويستخدمون التقية». ويزيد موضحا في أسى: «في الحقيقة.. الإخوان يتعاملون مع الناس على أساس أنهم كفار، وهذا ما أشار إليه سيد قطب في كتاب (معالم في الطريق) حين قال إن الناس الآن ليسوا مسلمين ولو ادعوا الإسلام ولو شهدت لهم شهادات الميلاد بذلك».
وتتضمن المعلومات الواردة في المذكرة رصدا لأربعة على الأقل من خطوط نقل شحنات من الأسلحة المتقدمة والمقاتلين والأموال، من دول في المنطقة إلى الإخوان والمتطرفين. وتشير إلى أن التعاون الظاهر بين الإخوان وباقي المجموعات الدموية «عبارة عن تحالف يراهن على الحفاظ على تدهور الأوضاع، خاصة في شرق ليبيا، لضمان تدفق السلاح نحو مصر لدعم العمليات الإرهابية في سيناء ومدن مصرية أخرى».
ويقلق انتشار «أعمال التطرف» في المنطقة المواطنين العاديين الذين يعبرون الشوارع صباح كل يوم في طريقهم إلى أعمالهم. ففي مصر يبدو أن هناك تصميما من المتشددين على إثارة الفوضى، وكذلك الأمر في ليبيا ودول أخرى. وكما يقول «اللواء بلال» وهو ينظر إلى الخريطة: «لا بد من التعامل مع هذا التطور على محمل الجد.. معظم أعمال التطرف أصبحت اليوم منتشرة في غالبية بلاد منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ثم ماذا؟ لا نجد من يعاون هذه الدول للتغلب على المجموعات الإرهابية».
لو نظرنا إلى شمال أفريقيا، بما في ذلك مصر والجزائر، أو في وسط أفريقيا، سواء في مالي أو نيجيريا، كما يقول «اللواء بلال»، سنجد أن العناصر التي يقال عنها إنها «إسلامية» هي التي تقف وراء الأحداث الإرهابية. وهو يذهب إلى أنه توجد «وحدة واحدة» تدير هذه الأعمال، وهي «منظومة إسلامية متطرفة تتبناها للأسف (بعض) دول الغرب».
الأمر بسيط.. يمكن فهم المزاج العام بجولة وسط الناس. باعة الخبز والفول.. تجار الفاكهة.. متعهدو شاحنات النقل.. هؤلاء المواطنون الذين شاركوا مع ملايين آخرين في ميادين مصر لطرد الإخوان من حكم البلاد، يرون أن الغرب لا يكن لهم الاحترام، ولا يأخذ إرادتهم الرافضة لأعمال التطرف البشعة، مأخذ الجد. سائق سيارة الأجرة، الذي يجتاز شوارع القاهرة، ويدعى حسين، أصبح لديه يقين بأن أميركا تقف مع الإخوان، لا مع الشعب. ولذلك كان من بين المصريين الذين استقبلوا موكب الرئيس بوتين بالأعلام الروسية ولافتات الترحيب، حين توجه لدار الأوبرا لحضور حفل مع الرئيس السيسي.
مسؤولون مصريون وليبيون، وحتى بعض الأفارقة، ينظرون لعشاء الزعيمين المصري والروسي فوق برج القاهرة الشهير، على أنه رسالة موجهة للدول الغربية التي لا تريد أن تتخذ موقفا واضحا تجاه التحالف المتطرف في بلدان المنطقة ككل. يقول أحد هؤلاء المسؤولين.. «الأمر ينبغي ألا يكون مقتصرا على ضرب (داعش) في العراق وسوريا فقط. من يرد أن نساعده في ضرب الإرهابيين هناك، فعليه أن يساعدنا في مواجهة ما لدينا من تنظيمات إرهابية هنا، وعليه ألا يشجعهم على تخريب بلادنا».
معلوم أن الولايات المتحدة استقبلت قيادات إخوانية بعد ساعات من إطلاق منتسبين للجماعة دعوات عبر قنوات فضائية تتحدث باسم الإخوان، إلى قتل ضباط الجيش والشرطة بمصر. ويضيف هذا المسؤول بمرارة: «أميركا، يا للأسف.. إنها تضع يدها في يد من يحرضون على قتل جنودنا في سيناء وغير سيناء».
هذا الأمر مصدر غضب من مصريين كثيرين من كل الأوساط. «اللواء بلال»، على سبيل المثال، يرى أن «مبنى الكونغرس حينما يحتضن قيادات الإخوان، وهو يعلم أنها جماعة تقوم بعمليات إرهابية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، فإن الأمر له دلالات كبيرة». كما يلفت الانتباه إلى رد الخارجية الأميركية بقولها إنها «تشعر بالانزعاج» تعليقا على دعوات الإخوان لسفك دماء الجيش والشرطة، قائلا إن كلمات الخارجية الأميركية «لا تتناسب مع أعمال التحريض على الاغتيال والحرق وأعمال النسف والتدمير التي يدعو لها الإخوان».
وينظر «اللواء بلال» لقضية الإرهاب بالمنطقة حزمة واحدة، ويتعجب، مثل كثيرين، من تركيز الغرب على محاربة «داعش» في العراق وسوريا فقط.. «كيف يترك الغرب باقي الدول التي فيها قلاقل وتصفيات دموية بشعة، دون أن يتعاون معها.. (داعش) أعلن عن نفسه في ليبيا ومناطق أخرى». ويرى أن هذا يعني وجود دول إقليمية ترعى العمليات الإرهابية في بلدان بعينها تنفيذا لمخطط لزعزعتها وجعلها غير مستقرة.
واجتمع مع الإخوان في الولايات المتحدة، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، إضافة لمسؤولين آخرين بالوزارة. وتضمنت الإفادة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من الخارجية الأميركية قول جين بساكي، المتحدثة باسم الوزارة، أن مثل هذه الاجتماعات تعد روتينية داخل وزارة الخارجية.. «حيث نلتقي بانتظام بقيادات أحزاب سياسية من شتى أرجاء العالم.. وأعتقد أننا نستقبل هنا آلاف الزائرين يوميا، وغالبا ما يلتقطون صورا لأنفسهم. لا أعتقد أن انتهاكا ما حدث في هذه الزيارة أو أنها تمثل قضية شائكة».
ومن المعروف أن السلطات المصرية وبعض دول المنطقة، صنفت الإخوان «جماعة إرهابية». كما وصم البرلمان الليبي، أعلى سلطة في البلاد، الميليشيات التي يترأسها قادة من الإخوان، بالإرهاب.
وعن موضوع الزيارة الإخوانية لبلاده يوضح «بن رودز» الأمر بقوله إن واشنطن تتعاون مع مجموعة تمثل أطيافا واسعة من المجتمع المصري على امتداد سنوات، و«بالتأكيد لا نتعاون مع أشخاص ترى الولايات المتحدة أنهم متورطون في أي نمط من النشاطات الإرهابية»، مؤكدا في الوقت نفسه العلاقة الوثيقة بين بلاده والحكومة المصرية، لكنه يرى، على الجانب الآخر، أنه «يجب إيجاد سبيل لخلق منافذ سلمية للمشاركة السياسية أمام مختلف قطاعات المصريين، خاصة أن هذا سيسهم، نهاية الأمر، في تحقيق الاستقرار الذي ينشده الرئيس السيسي».
ويقول «بن رودز» إنه «في الوقت الذي نعترف فيه بالحاجة للتعامل مع تحديات أمنية بعينها، وبالتأكيد هناك جماعات إرهابية تعمل في مصر نشارك القلق بخصوصها، فإننا ندرك كذلك أن هناك كثيرا من المصريين الذين ربما، مثلا، أيدوا محمد مرسي، وهم ليسوا إرهابيين، ولا يتعاطفون مع الإرهابيين. وهناك حاجة لإيجاد منفذ لتمكينهم من المشاركة السياسية السلمية».
جماعة الإخوان، ووفقا للتقارير الأمنية الجديدة، «تتعاون بالفعل» مع تنظيمات متطرفة مختلفة بما فيها «الجماعة الليبية المقاتلة» التي يشغل منصب أحد قادتها في الوقت الحالي، عمدة طرابلس الغرب، ويدعى «م.ح»، بعد عودته أخيرا من مهام قتالية في سوريا. كما يعمل أحد القادة الآخرين في هذه الجماعة «رئيسا لجهاز مخابرات الإخوان»، ويدعى «ع.ب».
والتعاون الإخواني امتد، وبقوة أيضا، إلى تنظيم «أنصار الشريعة» الذي يضم مقاتلين عربا وأجانب، وكذلك جماعة «أنصار الحق» التي نقلت نشاطها إلى جنوب ليبيا بعد أن كانت تتمركز في شمال مالي وجنوب الجزائر، إضافة لعناصر من جماعة «أهل السنة للدعوة والجهاد» النيجيرية والمعروفة باسم «بوكو حرام».
لهذا تقول التوقعات المستقاة من قراءة ما تيسر من هذه التقارير، إن بلدان في شمال أفريقيا والشرق الأوسط يمكن أن تشهد مزيدا من الفوضى، ما دامت مسارات تهريب السلاح والنفط والمتطرفين مفتوحة ودون رقابة.
من أسباب التشاؤم بشأن المستقبل أيضا أن المجموعات المتطرفة أصبحت تستغل الموقع الاستراتيجي لليبيا، وما في هذا البلد من ثروات وحدود طويلة ومساحات شاسعة، ولهذا يراهن «الإخوان» ومن تحالف معهم على زيادة تدهور الوضع الأمني الداخلي لكي تضمن تدفق السلاح نحو سيناء وفي اتجاه بؤر الإرهاب. و«ما يقوم به الإخوان والمتشددون من محاولات لتطويق مصر يلتقي مع أهداف عدة أطراف إقليمية».
ومن بين من ابتهجوا بزيارة بوتين، العميد عادل العمدة، الذي يشغل أيضا عضوية المجلس المصري للعلاقات الخارجية، وبدا من نبرة صوته أنه أصبحت لديه ثقة أكبر من السابق بشأن القدرة على مواجهة زرع القنابل واستهداف المواقع الأمنية، وهو يقول إن «شرَّ المتطرفين الموجه للدولة، يأتي على خلفية نجاح الرئيس السيسي في تحقيق إنجازات في وقت قياسي داخليا وخارجيا.. لقد بدأنا في تنفيذ مشروعات كبرى على رأسها المجرى الجديد لقناة السويس. ولدينا الزيارة المهمة للرئيس بوتين».
ولأن الموضوع يشغل الجميع هنا، بدا أن السيسي كان حريصا على الإعلان عن أنه اتفق، في لقائه مع بوتين، على أن استشراء ظاهرة الإرهاب «بات يحتم تضافر الجهود الدولية لمواجهتها والتعامل معها من خلال منهج شامل». ويرى الرئيس المصري أن هذه المواجهة ينبغي ألا تقتصر فقط على التصدي الأمني، و.. «إنما يتضمن محاربة أسسها الفكرية التي توفر بيئة حاضنة تخرج من كنفها التنظيمات الإرهابية، فضلا عن معالجة الأوضاع الاجتماعية التي تسهم في نمو الإرهاب والتطرف المرتبط به».
لم تتعرض مصر لعمليات إرهابية هزت الرأي العام فقط، بل شهدت أساليب أخرى من الحرب النفسية ضد قادة الدولة. ويقرأ العميد عادل العمدة المشهد من جديد، ويضيف أن التقدم على الساحة المصرية اقتصاديا وسياسيا، بما فيه إحكام ضبط الحدود مع ليبيا وقطاع غزة، أصبح يزيد من غضب التنظيم الدولي للإخوان. و.. «يقومون بتدبير المكائد للوقيعة بين مصر والدول الشقيقة، بكل الوسائل، بداية من إطلاق الشائعات والتسريبات، وصولا لتنفيذ العمليات الإرهابية».
وعن الفقرة التي وردت في واحدة من المذكرات الأمنية عن تهريب الأسلحة من ليبيا عبر مراكب الصيد، إلى سيناء، يعلق «العمدة» قائلا إن «السواحل المصرية مؤمنة بالكامل، ولكن من الممكن أن تكون هناك أعمال تهريب من هذا النوع بمعاونة بعض العناصر الخارجة عن القانون، لكن بنسبة أصبحت لا تذكر، إلى درجة أنها تكاد تكون معدومة».
قيادات الإخوان أعلنت عن تأسيس برلمان مصري في المنفى، قبل شهر، وفي الوقت الحالي يتخذون من المبنى الواقع بجوار السفارة الليبية لدى الدولة المشار إليها، مقرا للإقامة وعقد اللقاءات مع أطراف من التنظيم الدولي والمتطرفين، من بلدان عربية وأجنبية. وتستخدمه بيتا للضيافة أيضا. وجرى الكشف عن هذا الموقع بعد تتبع عقد الصيانة الذي يخص المبنى الجديد، بما قيمته 49 مليون دينار ليبي (أكثر قليلا من 30 مليون دولار).
وجاء في صفحات أخرى من التقارير الأمنية، حصول الإخوان، من أطراف إقليمية، على تقنية متقدمة في الاتصالات والتنصت والتصوير، وأنظمة التجسس الإلكتروني، إضافة إلى تخصيص بعض دول بالمنطقة قنوات تلفزيونية للإخوان موجهة لليبيين والمصريين وغيرهم، وأن تكلفة هذه التقنية تبلغ مئات الملايين من الدولارات. لكن «العميد العمدة» يقول في ثقة إن هذه الإجراءات، بما فيها زيارة الكونغرس، مجرد «ضجة إعلامية» للإيحاء بأنهم ما زالوا أقوياء، «ببساطة.. الكل يعلم أنهم خسروا الانتخابات في الدول العربية التي حكموها. الشعوب لا تريدهم».
مذكرة أمنية أخرى تشير إلى أن جماعة الإخوان ركزت في بداية «ثورات الربيع العربي» على رص صفوفها بالتعاون مع أذرع عسكرية متطرفة، وهيمنت، بالدعاية واستغلال البسطاء، على برلمانات هذه الدول، بينما كانت الأحزاب المدنية تعاني الضعف والتهميش والحظر. هذه الجماعة لم تظهر في انتفاضة التونسيين إلا بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي، لبلاده.. كان معظم قيادات حركة النهضة في المهجر والسجون، بينما كانت قواعدهم في الداخل مجرد متفرجين إلى أن انتشر خبر مغادرة الرئيس.
الأمر نفسه تكرر تقريبا في مصر وليبيا بعد أسابيع من انتفاضة التونسيين، لكن العودة من الخارج لم تقتصر على الإخوان فقط، بل رجع معهم مئات من قادة التنظيمات المتطرفة وأتباعهم من العرب والأجانب، ممن كانوا يقاتلون في أفغانستان وباكستان وغيرها. تشير المذكرة إلى «طريقة المداهنة والتسلق» التي اتبعها الإخوان في كل من تونس ومصر وليبيا، للصعود لسدة الحكم.
من بين المكالمات الهاتفية التي جرى رصدها، واحدة تتعلق باتصال لقيادي من إخوان تونس عقب عودته من المنفى، اتصل بسيف الإسلام نجل القذافي. كان القذافي ما زال في الحكم وقتها. ألقى الرجل السلام على سيف، وحمد، وشكر، ثم تحدث عن حاجته للتعاون مع «الأخ القائد» الذي «لن ننسى فضله». واستفاد الإخوان أيضا من الحماسة التي كان عليها القوميون والاشتراكيون والتيارات الأخرى، وهم يهتفون في شوارع بلادهم: «الشعب يريد إسقاط النظام»، إلى أن تمكنت الجماعة من السلطة، لتغيِّر بعد ذلك بوصلتها، وتتحالف مع الجماعات المتطرفة.
الإخوان رأوا وقتها أن الفرصة حانت لربط مناطق نفوذهم، من مصر للسودان، ومن ليبيا لتونس.. كما أن المتشددين عدوا تخلي «بن علي» و«مبارك» عن السلطة، ومقتل «القذافي»، نصرا إلهيا يفتح مجالا للانتقام من خصومهم، و.. «بدأوا في التواصل مع الجماعات المتطرفة في الجزائر، عبر الحدود».
عقب حكم الإخوان لمصر جرى رصد اتصال هاتفي مع الظواهري، الموجود في مكان ما على الحدود الباكستانية - الأفغانية. تضمن الاتصال وعودا من جانب الإخوان بإطلاق سراح مئات المتطرفين المسجونين منذ عهد مبارك، وفي المقابل تعهد الظواهري بإرسال مقاتلين لتدريب ميليشيات الجماعة وحلفائها على القتال، وبلغ عددهم نحو 3 آلاف مقاتل بينهم أجانب، وجرى توجيههم، منذ ذلك الوقت، إلى سيناء.
فترة حكم الجماعة لدول الربيع العربي تركت أرضية كبيرة لتحريك الأسلحة والمتطرفين عبر الحدود، عن طريق 4 مسارات رئيسة، كما ورد في إحدى المذكرات الأمنية. المسار الأول يوجد قرب الحدود الليبية - التونسية. استغل المتطرفون الفوضى، وهرَّبوا أسلحة لليبيا من مناطق جرجيس، ورمادة، إضافة لعمليات تسهيل إدخال سلاح ومقاتلين عرب وأجانب من موانئ درنة وبنغازي ومصراتة.
وجرى أيضا رصد اتصال بين الإخوان وقيادات عسكرية إقليمية، لتوفير احتياجات المتشددين. ومن بين هؤلاء قيادي إخواني يدعى «ع.ص»، وقيادي آخر في ما يعرف بـ«الجماعة الليبية المقاتلة» ويدعى «ع.ق»، وعقيد سابق بالجيش الليبي يعمل لصالح الإخوان يدعى «ع.ش».
المسار الثاني يقع على الحدود الجنوبية الشرقية لليبيا ويمتد حتى العاصمة طرابلس، ويجري عن طريقه نقل أطنان من الأسلحة والذخيرة وتهريب المقاتلين. يوجد نقل بري بشاحنات ويشرف عليه متشددون من قبيلة «زوية» المنتشرة في تلك المنطقة، أي من دارفور جنوبا حتى الكفرة شمالا. استخدم متطرفون يقيمون في الوقت الحالي في فندق المهاري على كورنيش طرابلس، طائرات لنقل أسلحة ومقاتلين عبر المطارات التي يضعون أيديهم عليها قرب العاصمة وفي مصراتة وسبها.
المسار الثالث للتهريب يوجد حول المثلث الحدودي لليبيا والنيجر والجزائر. يسيطر عليه تنظيم «أنصار الحق» الذي يعرف أيضا باسم «أزواد مالي»، ويتكون من خليط من عرب وأفارقة يقودهم متشددون من قبيلة «الطوارق»، إضافة للقيادي الجزائري في تنظيم القاعدة، مختار بلمختار، الملقب بـ«الأعور».
المجموعة المسيطرة على هذا المسار تعد أكثر تنظيما لخبرتها في القتال مع قوات أفريقية وفرنسية، في شمال مالي، العام الماضي. جرى رصد تنسيق وتعاون بين هذه المجموعات وجماعة الإخوان بقيادة موحدة تحمل اسم «القوة الثالثة» تتمركز في معسكرات استولت عليها من الجيش في مدينة سبها.
المسار الرابع يقع بين ليبيا ومصر. يشير التقرير إلى أن انتقال الأسلحة والمتطرفين بين البلدين يتركز على خطين؛ الأول، الخط البري الذي أصبح يخضع لتشديد أمني مصري بعد وصول الرئيس السيسي للحكم. والثاني، خط مراكب الصيد إلى سواحل سيناء.
عدة مذكرات مرفقة بتسجيلات مصورة لعمليات تهريب أسلحة آتية من جنوب شرقي ليبيا، وتسلم لمتطرفين قبليين مرتبطين بالإخوان في جنوب مدينة الكفرة، وأخرى من موانئ بحرية يسيطر عليها المتشددون بسواحل بنغازي وطرابلس ودرنة ومصراتة، إضافة لتسجيلات لمكالمات هاتفية جرى اعتراضها بين قادة من الإخوان والمتطرفين، وشخصيات عربية مسؤولة، من بينهم قيادة عسكرية إقليمية.
كما جرى اعتراض مكالمات هاتفية لأشخاص يعملون لصالح الإخوان تنقلوا بين عدة دول في المنطقة تحت ستار «إعلاميين تلفزيونيين» وشاركوا في تنسيق عمليات للمتطرفين من بينهم «م.ع (عراقي الجنسية)» و«س.ص (ليبي)»، والأخير قيادي في «الجماعة الليبية المقاتلة». والهدف أن تكون ليبيا بموقعها الاستراتيجي مركزا لتجميع القوى المتطرفة من تونس ومصر والجزائر، لـ«تكوين جيش ضخم» يقوده الإخوان.
حاولت «الشرق الأوسط» إجراء لقاء مع أي من القيادات الإخوانية المصرية التي تقيم في تركيا، لكنها اشترطت إجراء تعديلات على هذا التحقيق الصحافي قبل نشره، وهو أمر يتعارض مع مبادئ العمل الإعلامي. وفي المقابل وافق مسؤول «إخوان ليبيا»، الشيخ الكبتي، على الرد على الاتهامات الموجهة للجماعة، عبر الهاتف. يجيب الكبتي قائلا إن الإخوان «يقفون ضد التصرفات التي تسيء للإسلام، سواء من تنظيم داعش أو من غيره.. نحن ضد التطرف في كل ألوانه وأشكاله، سواء من يرفعون شعارات إسلامية، أو من أصحاب السلطة والتسلط من أجهزة الدولة المختلفة».
وعن البيان المنسوب لإخوان مصر الذي دعت فيه الجماعة لاستهداف الجيش والشرطة، يجيب بقوله: «نحن لم نطلع على هذا البيان، وحتى وإن كان، فإن ما يراه إخوان مصر ليس ملزما لنا. نحن لنا اجتهادنا ولنا خطنا الواضح. ولا أعتقد أن إخوان مصر ينتهجون العنف لأنهم دائما يصبرون على أذى الحكومة، وهذا هو الذي نعلمه عنهم، وإن كان هناك تغيير حدث الآن في مسار إخوان مصر، فذلك ما لا نعلمه».
وفي ما يخص المعلومات عن تعاون إخوان ليبيا مع قيادات في «الجماعة الليبية المقاتلة»، يقول الكبتي إنه «لا يوجد تعاون مباشر، ولكن، كما تعلم، فإن قادة الجماعة المقاتلة، تبرأوا من العنف وعملوا مراجعات». ووصف اتهام الإخوان بالاتصال بدول لتسهيل إدخال أسلحة للمتطرفين، بأنه «من الأكاذيب التي يروج لها إعلام الثورة المضادة».
ويضيف: «نحن، أولا، كجماعة إخوان، نتعامل مع الحركات الإسلامية على المستوى الحركي فقط، من تبادل للخبرات وكذا، ولا نتعامل مع الأنظمة الحكومية، لأنه ليس لدينا وضع تنظيمي في الدولة الليبية حتى نمثلها في الخارج. ربما بعض أفرادنا في بعض المؤسسات، وهم لا يمثلون الجماعة في ذلك. وعلى كل حال ليس لدينا شيء من هذا على الإطلاق».
ومن أمام الفندق المطل على شارع صلاح سالم كان يمكن مشاهدة موكب الرئيس بوتين وهو في طريقه إلى مطار القاهرة عائدا إلى بلاده، بينما وصلت إلى هنا سيارات أخرى لضيوف للانضمام إلى الطاولة وما عليها من تقارير ومذكرات بشأن مستقبل المنطقة وما يشكله الإخوان من خطر. وفي صفحة كانت هناك جملة تقول إن محاولات محاصرة مصر «لن تنجح إلا بوقوع ليبيا نهائيا في قبضة الإخوان والمتطرفين».