حدث تاريخي ذو قيمة حضارية وله دلالاته في التنمية الاجتماعية وضع بداية تغيير مفاهيم العلاقة في شأن تعليم البنات في قرية باربار، كان ذلك في نهاية ستينيات القرن الماضي عندما أقدم عدد من الآباء والأخوة المتنورين بإدخال بناتهم وأخواتهم إلى مدرسة جدحفص الابتدائية للبنات.
يومها وللمرة الأولى شهدت باربار حراكاً غير عادي: فتيات بالملابس المدرسية الخضراء وهن متوجهات إلى المدرسة في الصباح، وكانت تلك ظاهرة ملفتة وغير مألوفة لمجتمع محافظ يرفض تعليم البنات ويعتبره خروجاً على القيم والتقاليد الاجتماعية السائدة آنذاك، حيث كان تعليم البنات مقتصراً على القرآن والعلوم الدينية. وعلى الرغم من عدم الرضا الاجتماعي والتحفظ الشديد من قبل أكثر أفراد المجتمع، إلا أن الحدث شكل منعطفاً تاريخياً مهماً أسّس لبداية تغير المفاهيم السائدة بشأن تعليم البنات، وترك أثره على الحراك المجتمعي. وبدأت مجموعة من الشباب المتنورين في باربار تنظيم حملة توقعيات للمطالبة بإنشاء مدرسة ابتدائية في باربار. ومن الطبيعي أن تلقى الفكرة استحساناً من قبل المجتمع المحلي لفوائدها المرجوة في تخفيف العناء على صغارهم حيث كانوا يقطعون ما يقارب مسافة ثلاثة كيلومترات مشياًً على الأقدام عبر المزارع للوصول إلى مدرسة أبوصيبع الابتدائية، وأخذاً في الاعتبار الموقف الاجتماعي غير المتقبل لفكرة تعليم البنات، جرى في البداية الترويج لفكرة إنشاء مدرسة ابتدائية للبنين لتحفيز المجتمع على التجاوب مع الفكرة، بيد أن ذلك لم ينجِ الشباب من معارضة المجتمع لفكرتهم. ونتذكر يومها كنا نجول بالعريضة من بيت إلى بيت، ونزور مواقع التجمعات كالمجالس الشعبية والحوانيت، ونستوقف المارة ونلتقي التجمعات الشبابية المتباينة في مرئياتها ومواقفها، وندخل في جدل لإقناعهم بالفكرة والسعي لدعمها. وكنا نجهد للحصول على توقيع واحد حيث كان المجتمع متخوفاً من أن نحوّل المدرسة بعد أن تتم الموافقة على إنشائها إلى مدرسة لتعليم البنات.
أنشئت مدرسة باربار الابتدائية في العام 1969، ووفق ما أفاد به المعلمون الأوائل من القرية إبراهيم خليل الجمري وأحمد عبد العزيز الشويخ، التحق الطلبة للمرة الأولى بالمدرسة في الفصل الثاني من العام الدراسي 1969- 1970، وكان التعليم في بداية عمل المدرسة مقتصراً على البنين، ولاحقاً جرى التحرك للعمل على فتح مجال لتعليم البنات في المدرسة. وفي العام الدراسي التالي (1970-1971) التحقت البنات بالدراسة في المدرسة، التي أصبحت مركزاً تعليمياً يدرس فيها البنات في الفترة الصباحية، والبنون في فترة ما بعد الظهر. كما افتتحت صفوف لمحو الأمية في الفترة المسائية وتحوّلت لاحقا إلى مدرسة باربار الابتدائية للبنات.
المجتمع المحلي أدرك المخاطر المحيطة بواقع مبنى المدرسة، وبدأ التحرك في العام الدراسي (2001-2002) لجمع التوقيعات من أولياء أمور الطالبات لمناشدة وزارة التربية والتعليم شراء وترميم مبنى المدرسة، وشراء قطعة أرض ملاصقة للمبنى لتوسيع مساحة المدرسة، وتصدر الحراك الباحث الاجتماعي يوسف مكي والناشطة الاجتماعية يسرى عبدالكريم العليوات.
وفي العام 2007 عقد في نادي باربار الثقافي والرياضي لقاء ضم ممثلين من دائرة الخدمات بوزارة الأشغال ووزارة التربية والتعليم ونادي باربار، وقدّمت وزارة الأشغال تقريراً فنياً خلص إلى أن مبنى المدرسة انتهى عمره الافتراضي وصار آيلاً للسقوط. وتعزيزاً للجهود الموجهة لإيجاد بديل لمبنى المدرسة، عقد في مدرسة زينب الإعدادية للبنات لقاء مع ممثلين من المجتمع والمؤسسات الأهلية، حضره مديرة إدارة التخطيط والمشاريع التربوية (سابقاً) الوكيل المساعد للتعليم العام والفني لطيفة عيسى البونوظة. ووفق الخبر المنشور في صحيفة «البلاد» (16 يوليو 2009) وعدت البونوظة الأهالي بدراسة جميع الحلول والمقترحات التي يقدّمونها من أجل توفير البديل المناسب للمدرسة الحالية. وبالاستناد إلى الخبر المنشور في صحيفة «الوسط» (12 ديسمبر 2009) وافقت الحكومة على الاقتراح برغبة المقدم من البرلمان باستملاك قطعة أرض لإنشاء مدرسة ابتدائية للبنات بقرية باربار، وأن «وزارة التربية والتعليم تسعى إلى استملاك قطعة أرض لإنشاء مدرسة ابتدائية للبنات بقرية باربار في ضوء توافر الموقع المناسب والموازنة اللازمة للاستملاك وتنفيذ المشروع».
وجرى إغلاق المدرسة في العام الدراسي 2010-2011 وتوزيع طالبات قرية باربار على مدرسة الدراز الابتدائية، وطالبات قرية جنوسان إلى مدرسة كرانة الابتدائية للبنات. ووفق ما أفاد المتابعون من نادي باربار، بأن هناك ميزانية مخصصة لإنشاء مبنى حديث للمدرسة، وأن وزارة التربية بذلت جهوداً طيبة وسعت لإيجاد حل لبناء مدرسة جديدة للبنات في باربار، وكان وزير التربية والتعليم ماجد بن علي النعيمي في سياق تلك الجهود التقى في العام 2008 وفداً من مجلس إدارة النادي.
إن مدرسة باربار الابتدائية منجز حضاري، وتركت أثرها الملموس في حركة التعليم بالمنطقة، وتخرّج منها طلبة وطالبات صار لهم حضورهم المتميز في صفوف الكوادر الوطنية في مجالات الطب والهندسة والعلوم التربوية والاجتماعية والقانونية. وهناك شواهد على تقلد خريجي المدرسة مناصب وزارية وأكاديمية وإدارية متقدمة. وتعزيزاً لما أنجز، فإن أهالي باربار يتطلعون إلى إيجاد حل لإعادة هذا المعلم التربوي المهم ويناشدون القيادة السياسية توجيه جهة الاختصاص للتسريع في توفير قطعة أرض تلبي طموحهم في بناء مدرسة للبنات في باربار.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4542 - الخميس 12 فبراير 2015م الموافق 22 ربيع الثاني 1436هـ
الف شكر وتحيه
نشكر السيد ونثمن له طرح موضوع مدرسة البنات ونتمنى اعطاء الموضوع الجديه لتفتح في القرية مدرسه حديثة متكامله
حديقة حيوان
نمبه حديقة حيوان بعد يفتحون لينا في باربار