اختلف المشاركون في ندوة جمعية تاريخ وآثار البحرين حول حقبة الميجور كلايف دايلي (Major Clive Daly) في البحرين بين الأعوام 1921 و1926، فيما طرح رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين عيسى أمين أن فهم تاريخ البحرين يتطلب أيضاً أن نأخذ بعين الاعتبار أن بريطانيا لم تُستعمر البحرين، وإنما وضعتها «تحت الحماية» وفقاً لاتفاقيات مشتركة.
أمين هذا، لم يَرُقْ للنائب السابق إبراهيم بوصندل، الذي تداخل مطالباً بـ «عدم تمجيد الاستعمار، وتسمية الأشياء بمسمياتها»، متسائلاً «إن لم يكن الوجود البريطاني استعماراً، فماذا يعني يوم الاستقلال الذي تحتفل به البحرين؟».
جاء ذلك، في المحاضرة التي احتضنتها ونظمتها جمعية تاريخ وآثار البحرين، مساء أمس الأول الأربعاء (11 فبراير/ شباط 2015)، وتحدث فيها الباحث جعفر الدرازي عن تاريخ الميجور دايلي في البحرين (1921 - 1926)، وسط حضور متنوع اكتظت به قاعة الجمعية بالجفير.
واتكأ الدرازي في محاضرته على النقل المباشر من مجموعة المصادر التاريخية، غير أنه واجه سيلاً من الاعتراضات على محاضرته التي اعتبرها المحتجون «مشوشة، وتشتمل على معلومات غير دقيقة». الدرازي دافع عن موقفه بالقول: إن الميجر دايلي لم يترك مدونات أو مذكرات خاصة لفترة تواجده في البحرين، والتي وصفها بـ «الحرجة والصعبة».
وتطرقت المحاضرة إلى حقبة دايلي، الذي «التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف، سعياً لخدمة مصالح بلاده، وتعلم اللغة العربية حتى تمكن من الحديث بها وبطلاقة كما درس الديانة الإسلامية والمذهب الجعفري»، كما يقول الدرازي.
وأشار إلى أن حقبة دايلي تضمنت «بعد استقرار دايلي والاطلاع على أوضاع البحرين المحلية لأكثر من عام، وجد قناعة بأهمية الإصلاحات في البحرين، وطلب من حاكم البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الشروع في الإصلاحات الإدارية، كما شهدت حقبته ظاهرة العرائض والعرائض المضادة والتي ظلت تكتب بشكل يومي، ويطالب فيها قسم من البحرينيين بالإصلاح فيما يصرّ القسم الآخر على المحافظة على المنهج المتبع في حينه».
وتحدث الدرازي عن «إصرار البحارنة في انتفاضتهم العام 1922 على اتباع المنهج السلمي ضد الاضطهاد (السخرة والرقابية) الذي مورس ضدهم»، منوهاً باستمرار ذلك النهج في العقود اللاحقة.
وكان الوكيل السياسي البريطاني كلايف دايلي قد بدأ عمله في البحرين في يناير/ كانون الثاني 1921، وتتابعت الأحداث في تلك الفترة. ففي 18 يونيو/ حزيران 1921، تم تعيين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة على رأس الإدارة، بصفة «نائب حكومة البحرين»، وتولى الشيخ حمد رئاسة بلدية المنامة أيضاً.
وفي 6 فبراير/ شباط 1922 شهدت البحرين ما سمي حينها بـ «انتفاضة البحارنة» ضد نظام السخرة (استخدامهم في العمل بالمجان) وفرض ضرائب عليهم (من دون غيرهم)، مثل ضريبة «الرقابية» التي كانت تدفع عن كل فرد ذكر من أفراد أسرهم، وأغلقت المحلات في سوق المنامة، وأعلنوا أنهم لن يدفعوا ضريبة الرقابية والضرائب الأخرى المفروضة عليهم دون غيرهم.
وفي يناير 1923 قاد الحاج أحمد بن خميس وفداً تفاوض ممن أجل تحقيق إصلاح الإدارة في البحرين، وفي 23 مايو / أيار 1923 أعلنت الإصلاحات الإدارية في البحرين، والتي على أساسها تشكلت الدولة الحديثة. وقبل أن يغادر الميجور دايلي البحرين اختار المستشار تشارلز بليغريف في 31 مارس/ آذار 1926، وبعدها غادر دايلي، بينما استمر بليغريف مستشاراً حتى مطلع العام 1957.
وعقب المحاضرة، اقتنصت «الوسط» الفرصة لتجمع كلاً من أمين وبوصندل في حوارية خاصة، تناولت الإشكالية العميقة التي يواجهها تاريخ البحرين بوصفه تاريخاً غير متفق عليه، ولايزال بحاجة للكتابة والتوثيق.
تعليقاً على ذلك، رأى أمين أن المخرَج يكمن في الاستجابة لمطلب الجمعية المطروح منذ أمد، متضمناً دعوة السلطة لإنشاء مركز للأرشفة التاريخي ليُجمع فيه تاريخ البحرين السياسي والاقتصادي والتجاري والغوص ونهضة التعليم ونهضة الدوائر وتأسيس البلديات، وبالتالي يفتح المجال للباحث التاريخي بوجود المصدر الذي سيقلص بلاشك هامش الخطأ والإضافة، مؤكداً أن الطلب لايزال معلقاً دون رد رسمي واضح.
وبحسب أمين فإن المشكلة التي يواجهها تاريخنا تكمن في أن التدوين الذي تم عن هذا التاريخ كان كله خارجياً، ولا يوجد تدوين محلي موثق لتاريخ الخليج، فلدينا الأرشيف العثماني، الأرشيف البرتغالي، الأرشيف الفارسي، والأرشيف الإنجليزي، أما الأرشيف العربي الخليجي فلا وجود له.
وفي محاولة لتوضيح أسباب الاختلاف الحاد في قراءة الأحداث التاريخية، أشار أمين إلى أن التاريخ دائماً يكتب بواسطة عدة شخصيات، فهنالك باحث تاريخي ملتزم يكتب التاريخ بطريقة حيادية، وهنالك باحث تاريخي غير ملتزم وهذا بدوره يتحول لكاتب انتقائي، وحين تعرض وجهة نظر هذا الكاتب تحصل المصادمات الفكرية والتاريخية، ويحصل التضارب في الآراء، مستدركاً ليؤكد أن ذلك يعبر في نهاية الأمر عن حالة إيجابية، تثري النقاش، نافياً في الوقت ذاته اعتبار ذلك «إشكالية تسهم في تغييب الحقائق».
وأضاف أن «البحث التاريخي يقف على الوثائق الأصلية الموثقة، ولا يقف على الرواية، بحيث إننا نجد تعارضاً بين الرواية من جهة وبين صاحب البحث التاريخي الموثق، وحتى هذا الأخير ليس بوسعه امتلاك الحقيقة المطلقة، على اعتبار أن الباب يظل مفتوحاً لظهور وثائق أخرى لم تكشف بعد، ومعلوم أن الوثائق التاريخية يسمح لها برؤية النور كل 50 عاماً، إلا ما يمس الأمن الوطني في أي دولة من العالم».
في السياق ذاته، نوّه أمين بالمكتبة الإلكترونية القطرية التي حولت وثائق الخليج كلها في الفترة من 1820 حتى 1956 إلى صفحة مقروءة فيها كل الوثائق المدونة سواء تلك المستقاة من كل من مكتب الهند، مكتب بوشهر، مكتب لندن، والمعتمديات في دول الخليج.
بدوره، نوه النائب السباق إبراهيم بوصندل، بـ «القامة الأكاديمية لأمين»، من دون أن يخفي اعتراضاته على بعض الأطروحات، مبيناً ذلك بالقول: «داء الانتقائية ليس محصوراً في المؤرخ غير الملتزم، فنقيضه أي المؤرخ الملتزم الذي يعتمد على الوثائق قد يقع في الفخ ذاته».
وأضاف أن «هذه المسألة معروفة بين المؤرخين، وهي سبب اختلافهم، والأمر الآخر يتمثل في الخطورة التي يذكرها الباحثون ممثلة في تدوين التاريخ من وثائق أخرى تعود لمستعمرة أو من هي في حكم المستعمرة، بحيث تتجاوز صلاحياتها الحماية العادية والمتعارف عليها دولياً».
عطفاً على ذلك، قال بوصندل: «الأوروبيون كانوا يحكمون في البحرين، والأمر ذاته ينطبق على الإنجليز حتى وإن كان الظاهر يتحدث عن وجود حاكم»، معترضاً على قول أمين المغاير لذلك والذي يعتبر أن الاستشاريين البريطانيين كانوا في حقيقة الأمر موظفين لدى السلطات في البحرين وفقاً لاتفاقية الحماية بين البلدين.
ورداً على تساؤلات بوصندل فيما إذا كان ممكناً الاعتماد بشكل كلي على الوثائق الوطنية، قال أمين: «في بحثك التاريخي وبحسب العرف الأكاديمي، فمن غير الممكن منح أي شخص درجة علمية أو أن تتناول قضية علمية في المحاكم الدولية، إلا بالوثائق الأصلية والاستناد إليها».
وأضاف «لا يتوقف الأمر عند حدود توافر الوثائق، إذ يتعين على من يمتلكها، قراءتها بصورة ذكية تؤهل صاحبها لتجاوز الجوانب والمصالح الشخصية، والنظر بشكل أوسع لمحتوى هذه الوثيقة، وإعطاؤها تفسير أو اجتهاد بما قد يخالف قناعاته في بعض الأحيان».
وتابع «في موضوع الحديث عن اللجوء للوثيقة أو الرواية أو القصيدة، فإن البحث التاريخي لا يعتمد على الرواية، والآن باتوا يدونون التاريخ الشفهي وربما يعتمد في المستقبل كمرجع للأبحاث التاريخية».
وفي الحديث المتباين بشأن تسمية الوجود البريطاني في البحرين، قال أمين: «بغض النظر عن الاختلاف بشأن تسمية ذلك، بين من يراه استعماراً وبين من يراه حماية، إلا أن علينا الإقرار بأن هذا الوجود هو الذي دوّن الوثائق التي تتحدث عمّا حدث في البحرين من سنة 1820 حتى 1956م».
وبيّن أن الأمر ليس محصوراً عند الإنجليز، الذين ينظر لهم البعض بنظرة المستعمر، فها هي الإرسالية الأميركية التي تحتفظ بتدوين لتاريخ البحرين من سنة 1889 حتى 1954م، ويشمل ذلك الأحداث السياسية والصحية والاجتماعية، وتشكل مصدراً آخر للبحث التاريخي.
كما تطرق أمين إلى مصادر أخرى، من بينها المصدر العثماني والمصدر الفارسي والمصدر البرتغالي، وكل ذلك يجب أن يؤرشف في مركز الأرشفة التاريخي الخاص بمملكة البحرين، والذي لايزال يشكل إنشاؤه حلماً لنا كباحثين تاريخيين، مقترحاً في هذا الصدد أن تبادر الحكومة لتخصيص بيت المقيم السياسي البريطاني في البحرين لذلك والكائن بمحاذاة جمعية تاريخ وآثار البحرين ومنه حكمت البحرين والخليج، على أن يكون مركزاً للبحث التاريخي والاتصال العالمي بالمراكز الأرشيفية الأخرى.
العدد 4542 - الخميس 12 فبراير 2015م الموافق 22 ربيع الثاني 1436هـ
غزوا أستعمار أحتلال وصايه سميها حسب مصلحتك
العرب لما دخلوا الأندلس سموها فتوجات اسلاميه ولكن هناك رأي يقول أستعماري أسلامي
نشكر الاستاد بوصندل توضيح الحقائق ووضع النقاط علي الحروف
الاستعمار او الاصح الاستحمار البريطاني كان واضحا تعامله مع الجميع انه السيد وشعب البحرين باكمله هم العبيد ينطبق هذا الوصف علي الجميع بدون إستثناء من مل الطبقات ونسال اسيد أمين عن سبب تشكيل هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينات؟ اليست للوقوف في وجه المستحمر البريطاني؟ من نفي اعضاء الهيئة الي سانت هيلانة؟ ومن اودع سجن جزيرة جدة الكثير من بقية الاعضاء؟ ومن رحل البعض الآخر الي الي الكويت وقطر وغيرها؟ يجب ان يتصدي لكتابة تاريخ البحرين ضد المستحمر البريطاني اناس ثقاة وليس كل من هب ودب.
حكمك و لا حكم ديلي
الميجور ديلي كان ظالماً خصوصاً لأهل البحرين الأصليين و كان يحابي المهاجرين لذلك كان انتشر مثل شعبي و خصوصاً عندنا في المحرق يقول "حكمك و لا حكم ديلي"