يقول رجل الأعمال المليونير والرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال الكتريك جاك ولش: «إذا كان معدل التغيير في الخارج أسرع وتيرة من التغيير في الداخل فإن النهاية قريبة». “If the rate of change on the outside exceeds the rate of change on the inside, the end is near.”
بمعني أدق فإن أية مؤسسة لابد لها أن تلحظ التغيير الجاري حول محيطها وخارجها راهناً ومستقبلاً، وأن تستعد له وتواكبه وتلاحق متطلباته لأنه بالضرورة سوف ينعكس عليها، ما يحتم عليها التغيير أو يطيح بها.
وإذا طبقنا هذه المقولة على حال الأمة العربية، فسوف نجد أن جرس الإنذار قد قُرع منذ عقود طويلة، مع انطلاق عصر النهضة العربية، فالعالم حولنا وخارجنا يدور ويتحرك ونحن ثابتون جامدون. أجهضت عوامل داخلية وخارجية عصر النهضة العربي الأول، ثم جاءت فرصة أخرى لهذا العالم كي يستجيب للتغيير الهادئ العقلاني، فلم يقتنصها فكان أن عصفت به الثورات.
حين انطلقت أولى تقارير التنمية البشرية التي اشتغل على إعدادها عددٌ من مفكّري هذه الأمة، استبشر الناس خيراً، وجرى الحديث وقتها عن ثورات عربية هادئة ورصينة مبنية على العلم والدراسات. وكانت هذه التقارير فرصةً لأن يتلمس العرب مواقع أقدامهم وحجمهم الطبيعي قياساً بالآخرين وبالعالم المتغيّر والمتحوّل حولهم. وكانت مناسبةً كي ينطلق العرب من نتائج هذه التقارير إلى رحاب التنمية الحقيقية الوطنية والإقليمية الشاملة، ويتدارسوا إخفاقاتهم ويضعوا الاستراتيجيات المُعِينة على إنهاضهم.
انطلقت التقارير من 2002 إلى 2012 بوصفها أدواتٍ لقياس التقدم البشري، وإطلاق الإجراءات اللازمة للتغيير، وتطرّقت إلى صلب الأولويات وأدق التحديات، ولم يفتها رصد الفئات المحرومة والمهمّشة وضآلة نصيبها من التعليم ومن الفرص الحياتية، وخطورة تركها وتجاهلها والاستمرار في تهميشها - وهي التي كانت وقود الثورات لاحقاً. ولقد صنّفت هذه التقارير العرب بوصفهم أصحاب الأصفار والرتب المتدنية في الديمقراطية والحريات والتشريعات وإنتاج المعرفة والتصنيع والتأليف والرياضة والبحث العلمي ووضع المرأة.
لقد كان الدافع إلى هذه التقارير هو حالة العرب المتردّية في مطلع ألفية جديدة، وأما نتائج هذه التقارير فقد كانت تقتضي قيام ثورات تصحيحية جذرية في شتى المجالات. ومع انطلاق السلسلة الأولى للتقارير (2002 – 2005) كانت المنطقة العربية موعودةً بعصر جديد من الديمقراطية والإصلاحات، فبدأت ورش العمل والندوات حول التقارير، وجرى التباحث والتدارس والخروج بتوصيات رُفعت إلى صنّاع السياسات وأصحاب القرار، لكن الخوف من التغيير في أي مجال -والذي من شأنه أن ينسحب على المجالات الأخرى– أعاق تحوّل نتائج وتوصيات هذه التقارير إلى واقع ملموس، فالتغيير جرى التعاطي معه دائماً في هذه المنطقة من العالم، على أنّه مهدّد لحال الثبات والجمود والسكون والاستقرار، ولا قدرة لصنّاع القرار على استيعابه، فهل كان مستغرباً والحال هذه أن نشهد الهبات الشعبية العارمة التي اجتاحت المنطقة محدثةً زلزالاً متواصلاً إلى هذه اللحظة؟
من يسمع عن هذه التقارير اليوم وعن توصياتها، ولماذا يحجم الإعلام العربي عن تغطيتها ومناقشتها ويفضّل إبقاءها حبيسة قاعات المؤتمرات وحكراً على التداول بين النخب؟ وكيف فترت الروح الحماسية التي تولدت لحظة انطلاقها؟
هكذا ومرةً أخرى، يخسر العالم العربي إمكانية حدوث التغيير الهادئ المتعقل التدريجي... ليجد نفسه أمام التغيير القسري الجارف.
إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"العدد 4539 - الإثنين 09 فبراير 2015م الموافق 19 ربيع الثاني 1436هـ
احد الشروط الموضوعية لأي انتصار او تغيير ايجابي
في البدء نشكر عصمت الموسوي، وجريدة الوسط البحرينية على نشرها هكذا مقالات إثراءية تزيد المجتمع المدني والثوري عقلانية ويصل به إلى النضج الثوري، نختم عند عصمت الموسوي لقد كان مقالك مقال الماضي والحاضر والمستقبل وكم كان كبيرا" وعملاق
لكل فارس كبوة والدنيا دروس وعبر
و الي ما يلين ينكسر
الاستبداد
من طبائع الاستبداد عدم القدرة ع تمييز الاشياء مثل الظالم والمظلوم والحق والباطل لذا يصعب التغيير والاصلاح .....أبوجعفر
من وين طالعة
الحمد الله على السلامة الناس نست وجودك
عبدالرحمن الكواكبي
طبائع الاستبداد
من عمق التخلف حتى التغيير القسري الجارف
قاد تلك الثورات الى غياهب الماضي وأعطوا العمائم دون العقول زمام القيادة
صقر الخليج
للأسف نحن نتغير ولكن من حسن الى سيّء