على إثر المقالة السابقة في المقارنة ما بين الطب الخاص والحكومي لفت نظري موضوعٌ هام آخر والذي يُشكل السبب الرئيسي وراء سفر الكثيرين للعلاج في الخارج، وإذ إنني أرى أنه بالرغم من كثرة وازدياد الأطباء والمراكز الصحية، إلا أنه هنالك من الأمور الهامة، والتي لا يُمكن إنكارها للوصول إلى الحقيقة الغائبة للعلاج المتكامل في بلادنا.
ولقد اتصل بي أحد المرضى ليسرد لي مُشكلته في سبب بعض الاختلافات ما بين هنا وهناك، ومُعاناته في التنقل ما بين المستشفيات العامة والخاصة وأطبائها، وكيف أنه لم يجد ما يُشافيه إلا بعد لجوئه للخارج، ووجدت أن تجربته تستحق الوقوف عندها مقارنةً بالكيفية غير المتكاملة، والتي يُعالج بها مرضانا في الكثير من الأحيان.
هذا بالرغم من إشادته بمهارة الأطباء عندنا، ولكنه يؤكد أنه اكتشف وجود بعض النواقص الأساسية والتي تُعرقل بعض العلاجات.
ودعوني آخذكم معي فيما رآه، وأراه وأبدؤهاعندما بدأ يُعاني من عدم قُدرته على المشي بسبب أصابة أحد شرايين رجله اليُمنى، حينها أجمع الأطباءهنا أنه بحاجة إلى عملية لإصلاح ذلك الشريان كما وعليه التوقف عن التدخين، (والذي كان وراء السبب الرئيسي لمرضه) كي يتجاوب مع العلاج والعملية، وإلا سوف يضطروا لقطع رجله إذا لم يفعل ذلك، حيث كان مُدمناً ومنذ عشرين عاماً على التدخين. وكان ذلك الطلب من شبه المستحيلات، لأنه حاول التوقف سابقاً ولمرات عدة، ولكنه فشل ووجد أن ذلك يتسبب له بأوجاع جسدية لا يُمكنه احتمالها وبما يُسمى (withdrawel symptom) حينها أصابه الخوف من عدم تحسنه والهلع من قطع رجله، ما اضطره للاستدانة والسفر للخارج لأحد المستشفيات المعروفة والمُتخصصة، وكان هناك الاختلاف الواضح في الطريقة التي تناولوا فيها حالته... بدأ بعدم حاجته إلى العملية المزعومة لإصلاح الشريان، وأنه سيتم شفاؤه من خلال الأدوية وممارسة المشي المنتظم يومياً، ولكن مع شرطٍ أساسي وهو التوقف عن التدخين، وهو والتشخيص كانا مما اتفقوا فيه مع أطبائنا وهذا شيء نفتخر به، وأما الاختلافُ الآخر والذي اعتبره من أهم خطوات العلاج... والذي لم يكن اختيارياً، وهو تحويله إلى الطبيب النفسي لمساعدته في إيجاد الحلول لإيقاف التدخين، والذي كان وراء السبب الرئيسي لمرضه، ووجد الطبيب أن هذا الإنسان يُعاني من الإحباط النفسي (depression) بسبب الكم من المشاكل التي يُعانيها والتي يضطر معها للتدخين للترفيه وللهروب منها، عوضاً عن مُجابهتها ومُعالجتها.
وقام بتقديم الطرق البديلة والعصرية للتخفيف من الضغوط وبإسداء بعض الإرشادات للتغلب على تلك المشاكل، ومنها كتابة بعض المُهدئات والعلاجات التي تُعوض نقص النيكوتين في الدم، وإلى تغيير نظرته للحياة بأن تكون أكثر تفاؤلاً وبأن لا يُعصب لصغائر الأمور وبأن لا يُحمل نفسه ما لا طاقةَ له، وبذلك فتح له أبواباً كانت مُغلقة ربما لجهله، وقِلة اطلاعه وخبرته وبوضعه للسير على الطريق السليم للحياة، والتي تتطلب الكثير من الجهد والحكمة. إن هذه القصة الحقيقية تُرينا الفروق الكبيرة في التعامل مع الحالات المرضية وكيف أن الطبيب/ الطبيبة يجب عليهما لمس شغاف المريض من قلبٍ وروحٍ وجسد، وأن يُكونا لمسة حنان ومودة قبل أن يبدآ في العلاج، وذلك بالأخذ بمسببات وظروف المريض، وأخذ أجزائه كوحداتٍ مُتكاملة مع باقي الجسد وليست مُنفصلة. إن الإنسان ليس إلا كُتلةً من الأحاسيس، وأن مُعظم الأمراض تكون مُسبباتها نفسية، وقبل أن تكون عُضوية، وعلى المُعالج أخذ ذلك بعين الاعتبار، وأن يكون مُتفهماً لما يدور في حياة المريض، وأن لا يكون كالمكنة المبرمجة، والتي تعمل من دون قلبٍ أو روح.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4537 - السبت 07 فبراير 2015م الموافق 17 ربيع الثاني 1436هـ
شكرا للأخت الدكتورة
أضيف ملا حظة صغيرونة زززأهم شيء الثقة ...الثقة هي نصف العلاج وبالذات هنا في البحرين تكاد تكون معدومة ...ودليل على ذلك كثرة شكاوي المراجعين وكثرة الأخطاء ووجود بعض الإهمال ووووو ((اعتقد ))نحتاج لإعادة بناء الثقة في مستشفيات (السلمانية) خاصة والمراكز الصحية بشكل عام ...وشكرا .
علاج
علاج مستشفيات الدولة فقط البندول والسيلان وبعدين فقد المريض وتسمع خبر وفاته امراض السكلر الدليل دكاترة تفكر فقط فى رواتبهه والسفر الى جميع انحاء العالم والمريض يعانى المشتكى لله
مقال محكم
تحليل جيد لعدم اكتمال الطب عندنا دكتوره وانشالله يسمچعچ الآخرون