كانت «دموع الفراق» آخر مشهدٍ عاشه المسقطة جنسيته فرحات خورشيد في ردهات مطار البحرين الدولي قبل أن يُبعد إلى دولة قطر امتثالاً لأمرٍ قال عنه أمن المطار: «إنه لازم التنفيذ».

كان أمام خورشيد بضعٌ من الزمن لـ «يحتضن الزمن»، إذ وجد نفسه يرتل آيات الوداع على زوجته زينب، وابنتيه زهراء ذات الربيعين، ومريم وربيعها اليتيم، قبل أن يفترقا فتدخل العائلة إلى البحرين ويحلق هو «غير راغبٍ» كما عبر إلى سماء الدوحة.

«الوسط» تحدثت إلى فرحات خورشيد من مقرِ إقامته في أحد الفنادق القطرية، وسألته عن وضعه الحالي في الدوحة، فأكد «مازلت غير مستقر حتى الآن. أعكف حالياً على إجراء مجموعة من الاستشارات حتى أحدد أين يمكن أن أحط الرحال. لكن ما أستطيع تأكيده لكم أنني لن أبقى طويلاً في قطر».

لماذا اخترت قطر بالتحديد؟. سألنا خورشيد الذي أجاب «كنت منهكاً جسدياً للغاية. فقد بقيت في مطار البحرين أحاول الدخول للبلد نحو 13 ساعة. لذلك كان لابد أن ألجأ إلى أقرب دولة ممكنة حتى أرتاح قليلاً ثم أفكر إلى أين سأذهب»، ويضيف «الأمر الآخر لما سألني من كان يحقق معي عن الدولة التي أرغب الذهاب إليها فقلت له لندن. لكنه تعذر بسبب تأخر الوقت وصعوبة الحصول على تأشيرة الدخول، وعندما سألته عن أي الأماكن التي يمكنني الذهاب إليها، فأشار علي بقطر».

وعما جرى أثناء وصوله مطار البحرين قادماً من إيران، روى خورشيد «أولاً قبل كل شيء. أود أن أوضح أنني علمت عن إسقاط جنسيتي من خلال «الواتس آب»، وحينها كنت لاأزال مسافراً في رحلة علاجية إلى إيران مع زوجتي التي تعاني من الغدد اللمفاوية».

زينب زوجة فرحات قالت لـ «الوسط» إنها صدمت عندما سمعت بالخبر وأخذت تبكي، بينما فرحات نفسه قال: «كنت مطمئناً بسلامة موقفي القانوني، فليس في سيرتي أن ارتكبت جناية أو ما شابه، وهو الأمر ذاته الذي صرح به أحد المسئولين الأمنيين في المطار، حين خاطبني «ملفك نظيف تماماً وليس عليك أي شيء».

وتابع «اطمئناني هذا دفعني إلى النزول للبحرين بشكل طبيعي جداً حتى إنني لم أغير مواعيد السفر لا تقديماً ولا تأخيراً. ففي الأصل والخاتمة أنا ابن البلد وليس لي مقرٌ غيره».

وذكر خورشيد «عندما وصلت والعائلة إلى المطار، حاولنا الدخول من البوابة الإلكترونية لكنها لم تعمل. فذهبنا إلى «الكونترات» العادية. جاء دوري فسلمت الموظف جوازي، وحينها أمرنا بالتوجه إلى نقطة معينة. لما سألناه عن السبب قال لا شيء، إجراءات أمنية اعتيادية».

وأردف «بعد قليل جاء مدير أمني رفيع المستوى بالمطار والذي عاملنا باحترام بالغ. سألني إن كنت أعلم بأنه قد أسقطت جنسيتي فأجبته بلى أعلم.

فسأل مرة أخرى إذاً لماذا رجعت إلى البحرين؟. فأخبرته الغريب أنني لا أرجع إلى البلد وليس أن أرجع إليها. هذا وطني فأين أذهب عنه؟».

وأفاد خورشيد «بعد التحقيق أكد المدير أن ملفي الأمني سليم تماماً، وأنه سيتم إعطائي ورقة يسمح لي بموجبها أن أدخل البلد شريطة أن أراجع الجهات المختصة لتصحيح وضعي القانوني بعد إسقاط الجنسية». واستدرك خورشيد «لكن ذلك لم يتم»، مشيراً إلى أن «مسئولاً آخر جاء بعد انتهاء نوبة المسئول الأول وأخبرني أن هناك أمراً لازم التنفيذ بمنعي من دخول البحرين وتوجيهي إلى أي مكان آخر أريد، فكررت عليه القول بأنني بحريني وليس لي وطن آخر، فإلى أين أذهب؟. إلا أنه شدد «لا تتعب نفسك. لن تدخل البحرين وهنالك أمر بإرجاعك».

وبيَّن «عرضت عليهِ أن أدخل البلد وأتعامل كما بقية المسقطة جنسيتهم من الداخل، لكنه أبى. وكنت خلال الـ 13 ساعة التي قضيتها في المطار عبثاً أحاول التوصل إلى صيغة تمكنني من دخول البلد حتى اضطررت في النهاية إلى السفر وترك أسرتي وحيدة».

زينب التي عادت وحيدة تحمل طفلتيها قالت: «إن شعوراً ما مشابهاً كنت قد شعرت به عندما سحبت وزارة الإسكان منا وحدتنا الإسكانية بمشروع اللوزي في العام 2011 من دون سبب»، وأشارت إلى أن عائلتها سكنت الوحدة مدة 10 أشهر قبل سحبها.

ولفتت إلى أنها وزوجها مفصولان عن العمل أيضاً، وأكدت «الأسر التي تعيش حياة عادية لا تستغني عن المعيل، فما بالكم بأسرة تعيش بأوضاع شديدة الاستثناء».

قبل أن أغلق الخط، سألت خورشيد عن الرسالة التي يحملها في داخله، فقال: «أنا ابن البحرين وهي مسقط رأس جدي ووالدي، وفي المنامة المخارقة ترعرعنا.

البحرين بلدي الذي عاش فيَّ قبل أن أعيش فيه، وليس لي عنه عوض. عشت فيه محترماً لم أقترف في حقه أي جناية. وأنا بقدر تألمي على منعي من دخول بلدي وفراق عائلتي وبناتي وكل أحبتي أعيش أمل العودة قريباً جداً».