حين تزور سوق المنامة «العتيقة»، فإنك تكون على موعدٍ مع نبضك، موعدٍ مع ذاكرتك، مع روح البحريني الجميلة، مع رائحة البهار، وصوت الباعة وهم يروجون لسلعهم بعفويةٍ وبأهازيج صيغت بعنايةٍ وجمالٍ، بلهجةٍ بحرينية تختلف باختلاف منطقة سكن البائع.
تأخذك ذاكرتك إلى طفولتك، وأنت تتجول بين محلات الحدادة التي اندثر منها الكثير، فتسمع صوت الطرق المتناغم وكأنه سيمفونية يعزفها أصحابها بقلوبهم التي تعشق مهنتها. تجول ذاكرتك بين أزقةٍ ضيقة، اصطفت فيها المحلات بجمالية لم يشوشها قدم البنايات أو المطبات الكثيرة في الطرق. محلات اختار أصحابها ما يبيعونه منذ قديم الزمان، وربما ورثوا المهنة عن آبائهم فأحبوا ما يقومون به، حتى تشكّلت لوحات جميلة من الألوان والروائح.
البهارات المرتبة بعناية في أكياسها أو أوانيها، على طاولات العرض الخشبية، حتى تكاد ألوانها تنطق مبتسمة وهي ترحب بالزوار والمشترين، فيغريك تدرج ألوانها اليوم بأخذ الصور من زوايا مختلفة قبل الشراء.
«التتن» المصفوف بحسب جودته أمام المحلات الضيقة، والمغطى بحصير يحميه من «البرودة»، فكلما كان «حاراً» كلما كان سعره مرتفعاً، يذكرك برائحة الحوش القديم وهو يزخر بالأمهات اللواتي يشربن «القدو» أو «النارجيلة»، فتحلو جلساتهن وتطول إلى أن يبرد التتن أو ينطفئ الفحم.
محلات «الماجلة» وهي ترتب الأنواع المختلفة من المعلبات والأكياس لتختار منها ما تريد بعد أن تدخل في «مساومة» مع البائع، تشرح قلبك وتبعده قليلاً عن صلافة السوبرماركت الذي غالباً ما يكتب في زاويةٍ ما منه عبارة: الأسعار ثابتة.
محلات الملابس وهي تعلق بعفوية وبطريقة بدائية ما بين «دشداشة» و«جلابية» و«سروال» و«ثوب نشل»، و«مشمر» و«ملفع» وأثواب وأشمغة، تذكّرك حين كانت جدتك ترتدي «القيطان» المطرّز بجمالية وجودة، وتريك جارتك وهي ترتدي «مشمر الزري» في المناسبات، وأختك وهي سعيدة بـ «بخنقها» الجديد.
كل المحلات هناك تتكلم، تشير، تنادي، ولا تسمع منها إلا صوتك، وصوت ذاكرتك الجميلة، وحنينك للزمن الجميل الذي كانت البساطة عنوانه.
تتجول في سوق المنامة بدءاً من باب البحرين، مروراً بكل تلك المحلات، ووصولاً لسوق الذهب ومسجد الخواجة ومجمع دلمون الذي طالما أبهر زواره بجمال ما يبيع في فترة من الفترات، ومثله مجمع يتيم ومجمع الزينة قبل أن يؤول بهم الحال إلى ما وصلوا إليه اليوم، وقبل أن تتعدد المجمعات التجارية في كل البلاد وتصل مختلف الماركات التجارية لجميع البيوت.
تتجول وذاكرتك تتجوّل معك وربما تسبقك وتصل قبلك، وكل حواسك تضيء وتبرق، حتى يهطل عليك الفرح ماطراً، ويهطل معه الحنين وربما الحزن لما آلت إليه حال هذا المكان وما وصل إليه وضعه.
حين تتجول في سوق المنامة لابد أن تمسك بمشاعرك وتقبض على اللحظات كي لا تنفرط من بين يديك من دون الشعور بها، والاستمتاع بجمالها.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4534 - الأربعاء 04 فبراير 2015م الموافق 14 ربيع الثاني 1436هـ
ذكريات
وكنا نختم جولتنا الاسبوعية في السوق بوجبة لذيذة من ديري كوين وكان اسم تلك الوجبة أنذاك full meal. سنوات تمضي وتبقى تلك الذكريات مشتعلة ويزداد الحنين لتلك الأيام.
دخوا السوق مثل المنتزه
الحمد لله أن أغلب هذه المحلات ملك للديوان الملكي الذي حعل أكثر المواطنين لم يتركوها نتيجة المعاملة الطيبة للمالك ولو كانت ملك لأصحاب الأستثمار الجشع لحولوها الي مجمعات ونزعوا عنها كل ذكرياتك وفرضوا الأيجارات الكبيرة علي المتأجر حتي يطفش ويترك المحل ويحل الأهمال
عبق الذكريات
ذكريات سوق المنامة وأيام الطفولة في المنامة لا تنسى.. فكلما حلت في الخاطر يرجع إلى براءة وبساطة تلك الأيام أشعر في الرغبة بالبكاء في الحال الذي وصل إليه اليوم
عبق الذكريات
ذكريات سوق المنامة وأيام الطفولة في المنامة لا تنسى.. فكلما حلت في الخاطر يرجع إلى براءة وبساطة تلك الأيام أشعر في الرغبة بالبكاء في الحال الذي وصل إليه اليوم
اي والله
المنامة و ذكريات المنامة. و أزقة المنامة. ما زالت رائحة البهارات و نسمات الهواء المنامة تعلق بذاكرتي. حنينن يدفعني لها و ارتباطها بالماضي الجميل والمستقبل الزاهر
المنامة حلم كل بحريني