من المؤمل أن تحدث الأوامر الملكية التي صدرت مؤخراً والتغييرات الإدارية والتنظيمية الجديدة التي تبعتها، تحولاً كبيراً في أداء عديد من مؤسسات الدولة ومرافقها بصورة تجعلها أكثر فاعلية وقدرة على مواكبة حاجات وقضايا المواطنين. وهو أمرٌ قد يصعب الحكم به مسبقاً ما لم تتراءى في الأفق السياسات الجديدة التي سيتبعها كل مسئول جديد في إدارته ووزارته.
التغيير – كسنة في الحياة – بحد ذاته أمر مطلوب لتجديد الدماء في الإدارات العليا للدولة، وبالتالي إحداث تموجات جديدة في الشأن الإداري قد يكون مختلفاً وأكثر فاعلية مما سبقه. من هنا فإن التغيير بحاجةٍ إلى أن يتزامن مع رؤية واضحة وأهداف متجددة.
التنظيم الجديد الذي استبدلت فيه 12 لجنة إدارية عليا مختلفة التخصصات والقضايا بمجلسين رئيسيين في مجالي التنمية والاقتصاد والأمن والسياسة، قد يساعدان في جعل منظومة العمل الحكومي أقل بيروقراطية وقدرة على تفعيل المهام وإنجازها. كما أن إعادة تشكيل الوزارات بدمج بعضها وتنظيم بعضها الآخر قد يتيح فرصةً لتحقيق أداء متخصص أفضل.
قد تكون هذه أول مرة يتحمل فيها بعض الوزراء والمسئولين الجدد مسئوليات بهذا الحجم، ومع ذلك فإن المواطن يتأمل منهم أن يحققوا ما عجز عنه من سبقهم في هذه المواقع، ومن المتوقع أن يكونوا تحت أنظار ومراقبة المواطنين بشكل عام لمعرفة توجهاتهم وإنجازاتهم.
لعله من الأجدى أن يشكل كل مسئول جديد له رؤية وبرنامج عمل واضح يحدد من خلالها أولويات برنامجه ومشروعه التطويري في وزارته ويعلن ذلك لعموم المواطنين، كي تعرف التوجهات التي سيتبناها والخطوات التي سيتخذها وما يترتب عليها من انعكاسات على كل مواطن.
تابعت كثيراً من التعليقات حول التغييرات الوزارية والإدارية الأخيرة، ووجدت أن أكثر القضايا المطروحة من قبل الكتَّاب المحليين هي تلك المتعلقة بقضايا سجناء الرأي، حيث طالب كثيرون بإعادة النظر والبحث في أوضاعهم مجدداً. وقد جاء الأمر الملكي المتعلق بالتنازل عن الحق العام للسجناء داعماً لهذا المطلب، فيما لو قامت وزارة الداخلية – وهي المعنية بالموضوع – بتوسيع القوائم المقترحة بحيث تشمل أصحاب الرأي ممن لم يمارسوا أعمال عنف ضد الدولة أو المجتمع.
كما أن هناك كثيراً من التساؤلات التي بدأت تبرز لدى كثير من المواطنين حول ما الذي سيقدم الوزراء الجدد في هذه التشكيلة الوزارية وخصوصاً في مجالات التعليم والصحة والثقافة والإعلام والعدل والشئون البلدية والقروية والشئون الاجتماعية.
من الأسئلة المطروحة أيضاً التي نتطلع إلى أن تتضح قريباً هو موقع المرأة في ظل هذه التغييرات الكبيرة بعد أن قطعت شوطاً كبيراً، واتجاهات مسار الحوار الوطني وحوار الأديان، واستراتيجيات السياسة الخارجية للمملكة إقليمياً ودولياً، وبرامج التنمية الاقتصادية المتوازنة، ومشاريع اللامركزية الإدارية التي تحتاجها البلاد.
كلنا أمل في أن تتضح الصورة بجلاء للجميع، وأن يسهم المواطن في معرفة ومتابعة أداء المسئولين لمساندتهم ومساعدتهم في تأدية واجباتهم ومهامهم ومسئولياتهم الوطنية الكبرى.
إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"العدد 4533 - الثلثاء 03 فبراير 2015م الموافق 13 ربيع الثاني 1436هـ