يوم 12 فبراير 2008، وصل معاون الأمين العام في المجلس الجهادي في «حزب الله لبنان» عماد فايز مغنية إلى كفرسوسة - دمشق، ودخل إلى شقة جمعت بعض القادة الفلسطينيين ومسئول وحدة في الجسم الجهادي في «حزب الله» وبعض أعضاء الحرس الثوري الإيراني، للتباحث بشأن تدريبات وتنسيقات عسكرية.
وقبل نهاية الاجتماع وفق ما نشرته صحيفة الراي الكويتية اليوم الثلثاء (3 فبراير/ شباط 2015)، خرج مغنية طالباً من المجتمعين متابعة الأمور والتنسيقات، وبعد دقائق دوى صوت انفجارٍ. اعتقد المجتمعون بأنهم ضمن دائرة الاستهداف، إلا أن ضجيج الشارع في باحة الموقف المكشوف أمام المبنى وحضور الأجهزة الأمنية السورية دفع بعضهم للنزول إلى الشارع لمعرفة ما حدَث، فوُجد عماد مغنية وقد أصابته 8 كرات حديدية، منها واحدة اخترقت عيْنه وخرجت من خلف الرأس وقد قضى نحبه مباشرةً، فحمله رفاقه إلى داخل سيارتهم، متّجهين مباشرة الى لبنان، واتصل المسئول العسكري الذي كان يتواجد مع مغنية أثناء الاجتماع، بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليبلغه الخبر متوجّهاً بالجسد الملقى في الخلف إلى المستشفى حيث وافاه السيد نصرالله ليلقي النظرة الأخيرة على رفيق دربه ويودّعه ويلفّه براية الإمام الحسين، التي كان قد تسلمها من كربلاء ويعلن لعائلته ورفاقه الخبر.
لم يخرج مغنية من مطعمٍ ولم يكن يزور إحدى صديقاته كما رُوّج أخيراً، بل ذهب للاجتماع المتفَق عليه داخل مركز معروف بأنه يتبع للحرس الثوري الإيراني في دمشق منذ سنين طويلة.
وقد وصل مغنية إلى سورية قادماً من لبنان، وطلب من مرافقيه، كما جرت العادة، الذهاب إلى المركز القريب من منطقة السيدة زينب، ليتوجّه هو إلى المكان الذي يريده لوحده، ومن دون أي مرافقة أمنية معه، لأنه كان هو المسئول الأول والأخير عن أمنه الخاص، ولم يكن يشارك أحداً بجدول تحركاته، معتمداً على أسلوب التخفي وعلى العامل الأهمّ بأنه شخصية غير معروفة الوجه، إلا انه لم يكن يعرف أن إسرائيل كانت تعلم خريطة تحرّكاته منذ أكثر من 6 أشهر قبل عملية الاغتيال، وانه أصبح لدى المخابرات التي تلاحقه بصمة بعدما كان يسمى بـ «الشبح» وان اصطياده في لبنان كان ممكناً قبل تاريخ العملية في كفرسوسة وان توقيت العملية - حسب خبراء بشأن «حزب الله» - أتت «إهداءً» من المخابرات التي اغتالته إلى فريق 14 آذار ليتزامن التاريخ مع الشهر واليوم عيْنه الذي اغتيل فيه رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بعدما اتُهم «حزب الله» بتنفيذ العملية، فأخذ الرئيس الأميركي جورج بوش حينها على عاتقه مهمة «تقليم أظافر حزب الله» بمشاركة الموساد الإسرائيلي الذي يتبع قاعدة معروفة: «ان لم تستطع هزيمة عدوّك في ميدان الحرب فاقتله بعمليات أمنية غامضة»، وهذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد عملية مزارع شبعا الأخيرة، وردّ عليه السيد حسن نصرالله بأنه سيردّ على عملية الاغتيال، ذلك أن الاثنين على علم ودراية تامة باللغة المستخدَمة بينهما.
وتقول المصادر المطلعة على حياة عماد مغنية إن «الخطأ الذي وقع فيه انه أصبح يتعايش مع تحركاته في المناطق التي يتحرّك بها من خلال مسئولياته المتعددة ولم يعد يتحسس بأنه المطلوب رقم 1 دولياً إلى جانب أسامة بن لادن».
والخطأ الآخر، حسب المصدر، أن مغنية اعتبر سورية الحديقة الخلفية التي يستطيع فيها ان يمارس حياته الطبيعية كأي شخص عادي، وهذا كان سبب مقتله في المكان الذي نُفذ فيه، رغم تحذير القيادة السورية له بضرورة أخذ الحيطة والحذر، فأصبح لديه منزل يتردد إليه، وحلاق ثابت يذهب إليه بشكل متواصل، ومكان اجتماع للحرس الثوري يلتقي فيه مع مسئولي حركات المقاومة الفلسطينية والعراقية وغيرهم. وهكذا، يوم 12 فبراير، خرج من المبنى ليمرّ على مسافة نحو 25 متراً من مكان سيارة الـ «باجيرو» التي كانت مركونة داخل موقف البناء المكشوف لتنفجر عبوة موضوعة في الدولاب الخلفي الاحتياطي لتنطلق منها طابات حديدية بسرعة 8400 متر في الثانية بسبب وجود مادة «سي 4» فيها لتستقرّ بمكان قاتل في جسد مغنية الذي كان يعبر ضمن شعاع الانفجار المعدّ له.
وتؤكد هذه المصادر انه «كانت هناك 3 مجموعات، مجموعة رصْد، ومجموعة تنفيذ ومجموعة إخلاء وانتشال للمنفذين، وتواجد هؤلاء كلهم قرب مسرح الاغتيال على الأرض وفي شقة مواجِهة لمركز الحرس الثوري الإيراني، وكذلك تواجدت طائرة تجسس من دون طيار من نوع هارون لا يستطيع الرادار السوري كشفها لتأمين تغطية للفريق المنفذ في كفرسوسة، وكذلك وُضع جهاز 8200 الإسرائيلي بأقصى جهوزيته لجمع كافة الاتصالات والمعلومات والبيانات والهواتف الهوائية العائدة لكافة القوى الأمنية النظامية وغير النظامية في مسرح العملية لحماية المجموعات وتأمين نجاح العملية».
وبحسب المصادر نفسها فإن «إسرائيل قامت ليلة الاغتيال بمناورة استفزازية مقابل شواطئ لبنان، وبالأخص مقابل صخرة الروشة بزوارق صاروخية، وكذلك تمت مشاهدة ورصد غواصة إسرائيلية من نوع دولفن في خلدة بهدف الإلهاء وحرف النظر عما كان يُحضّر في سورية ليلة التنفيذ، وان هذه التحركات قد أحدثت ضوضاء وإرباكاً لمحاولة اتخاذ الموقف من الإجراء الإسرائيلي المستغرب، وهذا ما أبعد حزب الله عن احتمال ان تكون إسرائيل تحضّر لعملية اغتيال من هذا النوع».
وتؤكد المصادر انه «لم يكن بالإمكان معرفة كيف أُجليت المجموعات، فمن الممكن ان تكون طائرات مروحية حطت وأخذت جميع المنفذين، ومن الممكن ان تكون تسهيلات الإخلاء قد قُدمت لهم عن طريق الحدود السورية - الأردنية، إلا أن لا شيء عُرف لغاية اليوم رغم التحقيق والمتابعة».
هكذا قُتل عماد مغنية، ولكن كيف عاش؟
كُتب الكثير عن حياة مغنية وكيف انطلق من صفوف «منظمة التحرير الفلسطينية» العام 1982 ليأخذ مساراً آخر داخل صفوف «المقاومة الإسلامية»، ويلتحق بصفوف «الجهاد الاسلامي» الذي كان يتبع وزارة الاستخبارات الإيرانية، فعاش ليس فقط الصراع مع إسرائيل ولكن أيضاً الصراع مع أعداء إيران، ولمع اسمه في قضية تفجير مركز المارينز والسفارة الاميركية في بيروت، وقتْل الرهائن الغربيين وخطفهم، ولم يكن هناك وجود حينها لمنظمة «حزب الله» متماسِكة ولا لأمين عام بل مجلس شورى لا يتدخل في شؤون عمل الأجهزة الايرانية في لبنان، حتى بعد تعيين اول امين عام الشيخ صبحي الطفيلي واغتيال سلفه السيد عباس الموسوي.
وكان التاريخ المفصلي لبداية تماسُك وتراصص «حزب الله» ابتداء من شهر فبراير 1992 عند اغتيال الموسوي، وانتخاب السيد حسن نصرالله خلفاً له والذي طلب من كافة التنظيمات التي كانت تعمل مع جهات عدة أمنية ايرانية ان تتوحّد تحت راية «حزب الله»، على ان يكون مغنية على رأس كافة الأجهزة الأمنية الداخلية، الأمن العسكري والأمن الخارجي، واستطاع مغنية توحيد رئاسة الأجهزة بيده، وحوّل «حزب الله» مؤسسة تجمع كوادر أمنية تعمل كلها تحت راية الأمين العام ومجلس الشورى.
وفي العام 1999 تسلم مغنية قيادة الأركان، بما فيها قيادة الأجهزة الأمنية، وأنشأ حزب الله مجلساً جهادياً يترأسه السيد نصرالله وعُيّن مغنية معاوناً له في هذا المجلس، مع كافة الصلاحيات المطلقة على كافة الوحدات العسكرية والأمنية، وهو شغل هذا المنصب الى حين اغتياله ليأخذه معه ويدفنه في قبره لعدم تعيين أحد من بعده بالصلاحيات ذاتها.
ودأب عماد مغنية بعمله على القيام بزيارات ولقاءات مع كافة الكوادر ومسئولي الوحدات وكان يتنقل بين كل المناطق اللبنانية في الجنوب والبقاع والشمال وبيروت، فبدأ اسمه بالتداول وأصبح مركز قيادته معروفاً في منطقة بئر العبد. وقد قصفته إسرائيل في حرب العام 2006 ليتعرض للدمار الكامل، ما يؤكد ان إسرائيل كانت تعلم بمكان وجوده ومسؤوليته.
واجتمع مغنية مع بعض الوزراء في الحكومة اللبنانية الذين جهلوا حقيقة هويته حتى طلب احد الوزراء منه ان يعرّفه بمغنية فأجابه ان «هذه الشخصية خرافية لا وجود لها داخل حزب الله»، الى ان عرفه الوزير عند مقتله.
ويروي عارفوه من المجلس الجهادي انه كان «انسانياً بالتعامل مع الأفراد والكوادر وإعطائهم الحصانة اللازمة لمنْع فصلهم من قبل مسئول تعسفي، وانه أحضر الى الحزب كافة التطورات التكنولوجية والعلمية ومعه أصبح (حزب الله) جسماً يفوق تعداده الـ 100 الف عنصر وكادر من المعلّمين وأصحاب الاختصاصات كافة».
وقد التقى عماد ببعض الصحافيين اللبنانيين، وبعضهم عرفه، وكذلك التقى مع صحافيين عالميين لم يعرفوا حقيقة هويته يوماً، رغم توجيه الكاميرا له مباشرة مثل كريستيان امانبور ايام قضية الرهائن الغربيين وقضية تيري وايت.
وحاول حزب الله على مدى أعوام اخذ الثأر لعماد مغنية، لكن هذه المحاولات صادفت عقبات عدة، منها عدم توافر المعلومات الأمنية في الوقت المناسب لضرب شخصيات عسكرية وحكومية كانت شاركت بقرار قتْل مغنية، ومنها عدم تواجد «الموفّقية»، ومنها ما كشفته معلومات صدرت عن مسئولين في حزب الله تعاملوا مع المخابرات الأميركية والإسرائيلية وكشفوا الكثير من محاولات «حزب الله» للأخذ بالثأر، وكذلك عن إمكانات ومؤسسات يملكها الحزب في الخارج، وقُدرت خسارتها من جراء الاختراق الأمني بمئات الملايين من الدولارات، إلا أن حزب الله أبقى الحساب مفتوحاً مع إسرائيل ولم يقفله ولن يقفله.
انا لله وإنا إليه راجعون
هي الحياة كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
شهركاني سنابسي
اللهم صل على محمد وآل محمد الطاهرين وصحبه المنتجبين
ونعم القائد المجاهد الشجاع الذي كان يدافع عن السني قبل الشيعي في فلسطين ولبنان والأمه العربيه والاسلاميه ضد العدوان الصهيوأمريكي
فله منا وللشهداء والمؤمنين والمؤمنات… ثواب الفاتحه مع الصلاة على محمد وآله الطاهرين
دمه لن يضيع
دم الشهيد عماد مغنية لن يضيع أبدا
البطل
الشهيد البطل الحاج عماد مغنية قضى عمره في جهاد السر ولم ينتظر شكرا او تقديرا من احد
عرف منذ شبابه بحيويته وذكائه وكل انتصاراات وعمليات حزب الله له دور كبير فيها
الله يرحمه
الله يرحمك يا عماد مغنيه.والخزي والعار للأوباش والمرتزقه والعملاء