تجاوزت جماعة «الأخوان المسلمين» الحدود فعلاً، بعد التهديدات التي بثّتها قناة رابعة العدوية، في بيان عاجل توجّه فيه السيّاح الأجانب والعرب والشركات الأجنبية إلى ضرورة مغادرة أرض مصر، وأعطتهم مهلة إلى 11 فبراير/ شباط 2015، وأعطت الشركات الأجنبية مهلة إلى 20 فبراير من العام نفسه! وهددت الدبلوماسيين والسفارات بغلق أبوابها، وأعطتها مهلة حتى شهر أبريل/ نيسان 2015! أمعقول هذا في أرض الكنانة؟

لم نتوقّع يوماً أن تقوم هذه الجماعة باستهداف الأجانب والمسالمين والأبرياء، ولا ندري إن كانت هذه الجماعة هي ذاتها جماعة الأخوان المسلمين التي نعرفها، فلقد كنّا في هذه الجماعة وكنّا نقرأ كتب حسن البنّا وأفكاره، كما كنا من المعجبين بالراحل سيد قطب وفكره المنظّم، ولكن ما تقوم به الجماعة هذه الأيّام فاق الخيال.

أبناء مصر من جماعة الأخوان نسألهم إن كانوا يرضون بهذا الوضع، وإن كانوا يقبلون بهذا التهديد الصريح؟ فلقد عاش الجميع على أرض مصر الحبيبة سالمين آمنين، واليوم نجد التهديدات من كل حدب وصوب، ولم نجد السلمية لا في الفعل ولا في القول، وما هذه التهديدات إلاّ تشريداً وترويعاً وتجويعاً لأبناء مصر لا أحد غيرهم.

الذي يطأ أرض مصر يشهد التدهور الاقتصادي والسياحي، وقطاع السياحة هو من القطاعات الحيوية والمهمّة، إن لم يكن الأول في رزق أهل مصر، ولكن ما حدث من تجاوزات وتهديدات جعل السوّاح يهربون من الذهاب إليها، وهذا ما لا نرضاه على مصر.

نحن لسنا مع سياسة رئيس مصر عبدالفتّاح السيسي، ولكننا أيضاً لسنا مع التهديدات والإضرار بمصالح الناس، فلكل منّا وجهة نظره، ولكل منّا موقفه، وما هذه التهديدات إلاّ تراجعاً وتدهوراً للحال المتدهور على أرض مصر الحبيبة.

أرض مصر التي كتب عنها قرآننا الكريم «ادخلوها بسلام آمنين»، لا نجد بها الأمن اليوم، بل نجد الخوف والتخوّف من الجماعات الإسلامية وعلى رأسها جماعة الأخوان، الذين لم نتوقّع أنّهم يهدّدون ويتوعّدون، فسياستهم التي نعرفها كانت تطالب بالسلمية والحوار والمصالحة، أمّا اليوم فسياستهم التهديد والتفجيرات والوعيد!

يا تُرى زعزعة أمن مصر يصب في صالح من؟ وما هو وراء التهديدات؟ هل هو القتل والإرهاب فعلاً أم إيقاف المؤتمر الاقتصادي في شهر مارس/ آذار المقبل أم ماذا؟ فلقد تعبنا ونحن نناشد الجميع باتّخاذ منهج السلمية في التعبير عن الرأي، وإن طالت المدّة، فلابد للحق أن ينتصر، ولكن أن تطالب وأنت تهدّد وتُرهب وتقطع الأرزاق، فإنّ هذا ما لا تحتمله الأنفس الطاهرة.

تجاوزتم الحدود فعلاً يا أخوان، وننصحكم بالرجوع إلى كتاب الله وإلى سنّة نبيّه المصطفى (ص). ونناشدكم عدم التعرّض إلى الأبرياء والمسالمين، وعدم ضرب الاقتصاد المصري أو السياحة المصرية، فهناك أسر تموت جوعاً بسبب ما يحدث، وتفكّروا لأنّ الله صفته العدل والإحسان.