بثت مواقع الكترونية تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، شريطاً مصوراً يظهر قتل الرهينة الياباني الثاني كينجي غوتو، في الوقت الذي سعت فيه الحكومة اليابانية إلى التأكد من صحته، فعقدت اجتماعاً طارئاً بعد نشر شريط الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي.
وكالعادة، فإن المجتمع الدولي أدان مقتل الرهينة الياباني الثاني في حال صحة هذه المعلومات، بينما أعلن البيت الأبيض أنه يجري التحقق من صحة هذا الفيديو. وحسب التقارير الصحافية، فإن تنظيم «داعش» احتجز الصحافي الياباني غوتو والطيار الأردني معاذ الكساسبة، مطالباً مقابل الإفراج عن غوتو والإبقاء على الكساسبة على قيد الحياة، بالإفراج عن ساجدة الريشاوي المحكوم عليها بالإعدام في الأردن لدورها في عملية تفجير ثلاثة فنادق في عمّان العام 2005.
مثل هذه الأخبار تستحوذ على قدر كبير من اهتمام الرأي العام العربي والعالمي، وقد أصبحت اليوم تكشف عن مدى حجم الخلل الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية تحت أنظمة سياسية مارست ومازالت تمارس القمع لشعوبها تجاه أي مطلب شعبي. وهي لم تدرك أنها واقعاً أسّست لثقافة الإرهاب بعد فترة من الزمن، فرخت معها أفراداً وجماعات تؤمن بأن القتل هو الحل كجزء من مدرسة الإرهاب في المنطقة العربية. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تحوّلت إلى مصدر لهذا الإرهاب الفاقد للسيطرة على عناصره، حتى باتوا يهرولون ويجندون هنا وهناك دون حساب.
ولقد لعب الإعلام العربي في وقتٍ ما، دوراً في نشر ثقافة الإرهاب عبر نشر فيديو الإرهابيين في السنوات الماضية لعناصر من تنظيم «القاعدة» مثلاً، وهو ما اعتبر عند الفئات المهشمة وغير المسموعة مثل الشباب، كالمنفذ لهمومهم وطلعاتهم، فبدا هؤلاء «أبطالاً» ضد الممارسات العنصرية في أوروبا، وضد بطش أنظمة عربية مدعومة من الغرب. ولهذا فإن كثيراً من هؤلاء انضموا إلى صفوف الإرهابيين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وهم الذين لا يعرفون من الدين إلا قشوره، وليس مثل الإرهابيين الذين سبقوهم بسنوات طويلة والتحقوا أولاً بالتنظيمات العقائدية، ومن ثم التحقوا بصفوف المقاتلين.
من هنا لابد من الإشارة إلى أن الإرهابيين الجدد تأثّروا بما جاء من تنظيرات عن دار كفر، ودار ردة، وغيرها من مفردات شبكات الجماعات التكفيرية الجديدة المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي. أما شكل الإرهاب فقد تغيّر من بعد اعتداءات 11 سبتمبر، إذ كانت هناك تنظيمات جهادية بقيادة معروفة مثلما حدث مع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان.
وهذا ما يكشف أيضاً عن طبيعة بعض الحالات التي أثار طرحها الإعلام الفرنسي حديثاً من بعد حوادث باريس عن الأسباب التي حوّلت شباباً فرنسياً فقيراً من أبناء المهاجرين واللاجئين إلى إرهابيين، والقيام بممارسات عنف في الشوارع وضد مراكز الشرطة. وقد كان الاستنتاج هو نتيجة لاستمرار الممارسات العنصرية والغطرسة الأوروبية «البيضاء» على هؤلاء، رغم أنهم مواطنون ويحملون الجنسية الفرنسية. فالأخوان شريف (32 عاماً) وسعيد كواشى (34 عاماً) هما خليط من ثقافة شباب الضواحي الفرنسية الفقراء والمهمشين. وبالتالي كان «الجهاد» طريقهم للانتقام. والأمر نفسه حدث مع تفجيرات لندن في يوليو 2005 لمن حكم عليهم بالسجن مدى الحياة من أصول آسيوية مسلمة، لم يكن لهم أي تاريخ جهادي أو تدين أو دراية بالحركات السلفية أو غيرها، وهم جميعاً من حملة الجنسية البريطانية.
ومن تطوّع مع «داعش» وغيرها من القادمين من دول غربية ليست لديهم دراية بالتفسيرات الفقهية الجهادية، ولكن الظروف القاهرة والعنصرية والتهميش المستمر، حوّلت هؤلاء إلى جهاديين وتكفيريين عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي التي استغلت إحساسهم بالتهميش ومعاناتهم، فأصبحوا نموذجاً جديداً للإرهاب من خلال الإيمان بالانتقام وليس الأمر متعلقاً بمبدأ الدين.
ما كان يحدث في السنوات السابقة، لم يكن يخرج عن منهجية التنظيمات الجهادية، أما ما حدث في السنوات الأخيرة -أي منذ حادثة لندن وبوستن وصولاً إلى باريس- فإنه يصنف اليوم كنوع من «الخلاص» للفرد المهمّش الذي يبرر فعلته باسم الجهاد والإسلام، ولكنه واقعاً حالة «انتقام فردية» للخلاص من التهميش القسري والعنصرية البغيضة من خلال القيام بعمليات لا تخرج عن أسلوب السطو المسلح على طريقة أفلام هوليوود.
ولا يبدو أن الأمر سيتوقف عند هذا الحد، طالما أن التقسيم مستمر والريبة تلاحق العربي والمسلم أينما كان، بما فيها المعايير التي تطبقها كل يوم دول الإتحاد الأوروبي في مكافحة الإرهاب، وكان آخرها مثلاً متابعة كل مسافر يطلب «وجبة حلال»!
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4531 - الأحد 01 فبراير 2015م الموافق 11 ربيع الثاني 1436هـ
الإرهاب صنيعة دول كبرى وإقليمية ومذهبية
هكذا هو الإرهاب وحقيقته انه صناعة الدول الكبرى المتبجحة بالديمقراطية والتي تتلاعب بهذه الكلمة فمرّة تكون حلالا زلالا بل واجبا ومرّة تكون حرام حرم الخمر ولحم الخنزير. تحليل وتحريم حسب المصالح
هذه الدول هي من انشأ الارهاب وهي من يرعاه وبإذن الله سينالهم نصيبهم منه غير منقوص.
تلك سنة لله في خلقه