نحن هنا في وسط العاصمة، تحديداً في سوقها القديم، والذي يختزل مسماه موقعاً متعدد المعالم، تتجاوز في مدلولاتها المعنى المحدود لمصطلح «السوق».
تجولنا في بعض أزقته وعلى مدى 3 ساعات، ولم نتمكن من رصد إلا النزر اليسير من معالم السوق، بما في ذلك محلاتها المنتشرة على رقعة جغرافية مترامية الأطراف، تبدأ من من شارع اللؤلؤة، وصولاً لباب البحرين فمستشفى الإرسالية وانتهاءً بالكنيسة القريبة من إدارة الأوقاف الجعفرية.
وبين اتجاهين، عبر تجار السوق ممن التقتهم «الوسط» عن قلقهم إزاء مصير السوق الذي يشهد غلبة آسيوية لا تخطئوها العين، تقابلها هجرة بحرينية، «ستنتهي إلى تصفير أعدادهم، في حال ظل الوضع على ما هو عليه»، كما تنبأ صاحب محلات بيع أدوات الخياطة محمد طرادة.
من جانب آخر، قالت اللجنة الأهلية لتطوير سوق المنامة: «بدأنا عملنا في اللجنة قبل 15 عاماً، وبذلنا طيلة السنوات الماضية جهود في سبيل إيصال مطالب تطوير السوق للصحافة وللوزارات ومحافظة العاصمة، وللأمانة فلقد وجدنا تجاوباً وخاصة في الفترة الأخيرة، ما أدى لتطوير طرقات السوق وأزقته عبر تركيب الطوب الأحمر، وتخصيص بعض مواقف السيارات، إلى جانب وجود المرافق الصحية في مجمع باب البحرين، وتركيب عدد من اللافتات».
رغم ذلك، أصر تجار السوق، الذي تعتبره اللجنة الأهلية «قرية سياحية»، على الشكوى من إهمال يطال أكثر من 7 آلاف محل، تعود ملكيتها لأربع جهات، هي الديوان الملكي، التجار البحرينيين، إدارة الأوقاف الجعفرية، وإدارة الأوقاف السنية.
أكثر من ذلك، بدا جلياً حجم اليأس الذي طال عدد من التجار، نتيجة ما أسموه «شكوى متكررة لوسائل الإعلام، دون فائدة تذكر»، تصدرهم تجار سوق الذهب البحرينيين، والذين يصارعون من أجل البقاء وسط غلبة آسيوية واضحة، معبرين عن يأسهم بالتساؤل «كم سنة ونحن نتحدث فما الذي استفدناه؟».
وبينوا، بعد رفضهم التصريح بأسمائهم، أن الآسيويين اكتسحوا المجالات كافة بما في ذلك سوق الذهب، والذي لم يتبقى فيه إلا 3 بحرينيين فقط، مطالبين الجهات المعنية، بما في ذلك غرفة تجارة وصناعة البحرين، بالقيام بدورها في التعرف على مطالب أصحاب المحلات والعمل على مساعدتهم في تحقيقها.
مهن في طريقها للاندثار
حين توغلنا أكثر وأكثر في أزقة السوق، كان لنا لقاءات متعددة مع من تبقى من بحرينيين، محصلة حديثهم بدت واحدة «نحن آخر الأجيال العاملة في هذه المهن، ولا مستقبل لها بعد رحيلنا».
ذلك ما يقوله الحاج علي حبيب الصفار، والذي ظل طيلة حديثه معنا منهمكاً على الطرق بما تصنع يداه، «منذ صغري وأنا أعمل في هذه المهنة التي تعلمتها من الوالد»، مشيراً إلى أن «وضع السوق لم يعد كما كان عليه في السابق، فمهنة «الصفافير» التي كانت محلاتها تملأ الشارع، لا مستقبل لها، وعدد من يمتهنها حالياً يعد على أصابع اليد الواحدة، ومن يرحل منهم لا يجد من يخلفه».
المعنى ذاته بدا حاضراً لدى بائع الأعشاب الحاج أحمد عبدالله، والذي قضى 7 عقود من عمره في سوق المنامة القديم، عبر قوله «وضع السوق متقلب، أحياناً يبدو بخير وأحياناً يسوء، وفي السابق كان السوق يمتلئ بـ «الحواوويج»، أما الآن فالعدد قليل جداً».
واستوقفت «الوسط» المواطن محمد جميل لحظة تواجده بالسوق، معلقاً على حديث أصحاب المحلات بالقول «لا غبار على صحة ما يقوله أصحاب المحلات، إلا أن السوق لا يزال قادراً على اجتذابي، رغم المنافسة الكبيرة التي خلقتها المجمعات ومحلات بيع الأغذية الكبيرة»، مضيفاً «يشعرني التجول في السوق براحة نفسية كبيرة، وتحمل أزقته ذكريات خاصة لأيام الطفولة».
شارع اليهود
وصلنا لشارع اليهود، الشارع المعروف حالياً باسم شارع المتنبي، وسط توضيحات من أصحاب المحلات مفادها أن سبب التسمية السابقة تعود لكثرة الباعة من أصحاب الديانة اليهودية في الماضي، والذين يعملون في بيع الأقمشة.
ذلك ما يقوله التاجر محمد طرادة، والذي يتموضع محله في قلب شارع اليهود، متطرقاً لتاريخ عمل عائلته في مجال بيع أدوات الخياطة بالقول «نعمل كعائلة في هذه المهنة التي نستوردها من اليابان منذ 50 سنة، ورغم محلاتنا المنتشرة في مناطق أخرى، إلا أننا لا نزال متشبثين بالتواجد في سوق المنامة القديم رغم تراجع حركة الشراء، قناعةً منا بأن محلنا هنا هو الأساس والبركة».
وأضاف «حالياً 90 في المئة من الباعة هم من الآسيويين، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإننا كبحرينيين سنختفي تماماً»، مجدداً حديث التجار الخاص بتطوير السوق، ليستعيد بريقه وجاذبيته.
قريباً من ذلك، تحركنا باتجاه محل تاجر القماش يوسف العوضي، والذي بدا متشائماً من الحديث للصحافة، موضحاً ذلك بالقول «سأكون صريحاً معكم، لا فائدة من كل هذا الكلام، فقد قيل سابقاً دون أي تغيير إلا للأسوأ».
ووسط إلحاح، بدأ العوضي في الحديث لافتاً إلى أن بداياته في العمل تعود لصغره، حيث كان ملازماً لوالده في محله الصغير في مساحته (متر ونصف مربع)، والنشيط رغم ذلك في حركة البيع والشراء التي لا تتوقف.
العوضي الذي يرى أن وضع السوق في السابق كان أفضل مما هو عليه حالياً، شكا من الضرائب التي اعتبرها أحد عوامل هجرة البحرينيين للعمل الحر، «وخاصة التأمينات الاجتماعية التي تستقطع ضرائبها نظير إصابات العمل، ووزارة الصحة التي بدأت في فرض التأمين الصحي والذي يكبدنا 154 ديناراً»، متسائلاً عن دور مجلس النواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين في هذه القرارات.
من ناحيته، قال بائع القماش محمد جواد، «أعمل في هذه المهنة منذ 50 عاماً، وأستطيع القول إن الأقمشة مضى سوقها، فالناس في السابق تعتمد شراء القماش أما الآن فهي تفضل شراء الثياب الجاهزة».
وتطرق إلى محدودية «البزازة» البحرينيين، مقارنة بالآسيويين «الذين بدؤوا في السيطرة، نظراً لاحتياجاتهم البسيطة والتي تسمح لهم بتقديم أسعار أقل»، مؤكداً أن العمل أصبح موسمي، والدخل تقلص إلى أقل من 10 في المئة مقارنة بما كان عليه في السابق.
المقاهي الشعبية... ملتقى المتقاعدين
وفي زاوية قريبة من حيث تواجدنا، كان لا بد لنا من توقف لبضع دقائق، والمكان هو مقهى شعبي بدا في حقيقته ملتقى للمتقاعدين عن العمل.
«كل يوم نجي وكل يوم نتهاوش»، هكذا كان تعليق الحاضرين على سؤالنا بشأن ما يفعلونه بتواجدهم اليومي هنا.
يستلم المواطن أبو رياض، أطراف الحديث، ليقول «أنا متقاعد عن العمل كمعلم، تقاعدنا لنرتاح ونحن نقضي نهارنا هنا في المقهى، حيث نتداول أخبارنا الاجتماعية، ونتطرق لشئون عامة».
وعن رأيهم في وضع سوق المنامة القديم، قال المواطن سيدجليل ربيع «تمثل المقاهي أحد المكونات الهامة لسوق المنامة، إذ تتعدى قدرتها على اجتذاب البحرينيين، إلى اجتذاب السياح الأجانب، والذين يرغبون في تناول الأكلات الشعبية، والتعرف من خلال ذلك على بعض عادات المجتمع البحريني». شاكياً في الوقت ذاته من سوء البنية التحتية للسوق، وخاصةً أزقتها التي تتطلب شوارعها صيانة مستمرة، معلقاً وهو يشير بيده لحفرة قريبة، «كم مرة تعثرت أرجلنا وأرجل السياح بهذه الحفرة».
شكاوى لا تنقطع
وطيلة حديثهم لـ «الوسط»، لم ينفك أصحاب المحلات التجارية من التأكيد على جملة مطالب، تصدرتها أزمة مواقف السيارات، إلى جانب المناداة بتطوير السوق عبر توفير مرافق عامة «تعيد للسوق قدرته على اجتذاب الزبائن والسياح»، كما يقول التجار.
بدوره، رد نائب رئيس اللجنة الأهلية لتطوير سوق المنامة محمود النامليتي على ذلك بالقول «لا نختلف في وجاهة تلك المطالب وأحقيتها، لا بل نحن معها قلباً وقالباً»، قبل أن يستدرك ليقول «لكننا نقول إن الخلل في بعض الأحيان يكون فينا كأصحاب محلات وكمتضررين، فحين نشكو بصمت لن يتغير شيء»، معتبراً أن التعاون لا يزال محدوداً في سبيل إيصال المشكلات للجهات المعنية.
وأضاف «بتكاتف الجميع، نتوقع أن يتطور وضع السوق عن ما هو عليه حالياً، ونحن بحاجة لتعزيز قدرته على اجتذاب الزبائن ليزدهر تواجد البحرينيين فيه من جديد، فالسوق ثروة قومية، وطموحنا تحويله لمكان تاريخي، وأثري، ومقصد للسياح المترددين على البحرين».
وفيما إذا كانت اللجنة تعاني تهميشاً رسمياً، قال «في السنوات السابقة كنا نعاني بالفعل من تهميش من قبل الكثير من الجهات الرسمية، إلا أن إصرارنا أدى لفرض اسم اللجنة وعملها على تلك الجهات، بما في ذلك لجنة الأسواق القديمة في غرفة تجارة وصناعة البحرين، بلدية المنامة، ووزارة الثقافة».
وامتدح النامليتي عمل وزارة الثقافة، موضحاً أن «الوزارة أظهرت اهتماماً بالسوق يتحدث عنه الواقع، فهنالك ترميم باب البحرين، وإنشاء مركز استشاري للسياح، إلى جانب العمل على تطوير بعض المرافق والمباني كفندق البحرين، وبعض المقاهي الشعبية»، مردفاً «قد يكون المنجز بسيط، إلا أنه يبقى خطوة في الاتجاه الصحيح».
العدد 4529 - الجمعة 30 يناير 2015م الموافق 09 ربيع الثاني 1436هـ
أحصائية علي الطاير
المحلات في السوق من هم أصحاب السجلات
من مدخل شارع الشيخ عبدالله من جهة الغرب لتقاطعه مع شارع الشيخ حمد الي تقاطعه عند المستشفي الأمريكي لايوجد محل يديره بجريني
بوجد وسط السوق قرب سوق الخضار القديم يديرها بحرينين 5 للمواد الغدائيه 1 لبيع اكياس النايلون وغيره خمسه لييع الأدوية الشعبيه (حواج) صيديليه واحد 2 لبيع الأقمشة يتواجد بحريني جالس قوق الكرسي 2 أدوات معدنية للطبخ وبلاستيكيه زالمسامحة يمكن خانتي الذاكرة
احنا الاقلية وهم الاكثرية
والدليل زوروا سوق المنامة خصوصا يوم الجمعة العصر
الي زائر2
زور السوق يوم السبت وسوف تري سوق نشيط زبائنه عائلات سعوديه والبياه يبيعون الشيء الذي سعره 1دينار ب 3 دينار
نعم
كلها كم سنة ونصير احنه الهنود وهم ابناء البلد