العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ

بحريني أسير للكالسيوم منذ 32 سنة!

عاشق الكالسيوم يسرد قصته لـ “الوسط الطبي”

حسن فضل في لقاء مع سفيرة البحرين السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية السيدة هدى نونو،و الدكتورة نسرين السيد، و رئيس جمعية الهايبوباثايرويد الدولية جيمس ساندر.
حسن فضل في لقاء مع سفيرة البحرين السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية السيدة هدى نونو،و الدكتورة نسرين السيد، و رئيس جمعية الهايبوباثايرويد الدولية جيمس ساندر.

قطع حسن فضل أو كما يطلق على نفسه «عاشق الكالسيوم» شوطاً مطولاً مضنياً للبحث عن علاج لمرضه النادر الملقب بـ «الهيبوباراثيرويد» أو الخمول في الغدد الجار درقية، فلم يكتفِ بتشخيص الأطباء ولا ببعثة العلاج للخارج، بل اعتمد على نفسه وعلى عزيمته في ذلك يحدوه الأمل.. كُلّ الأمل.

ليس من الأمر السهل أن يبحث المعتل عن علاج لعلته، إذا وضعنا في عين الاعتبار تبعات المرض المضنية على الجسد، فمرض فضل النادر هتك جسده بالمقدار غير القليل، يكفينا أن ندرك بأنه كان أسير أجنحة المستشفى لأشهر عدة.

ولد حسن فضل في 20 يونيو/ حزيران 1982، ودخل عالم الهيبوباراثيرويد في 20 ديسمبر/ كانون الأول 1987 بعد إصابته بنوبة تشنج تفوق نصف ساعة، على رغم أن أعراض المرض قد بدأت معه منذ العام 1986، وراجع المستشفى حينها، إلا أن الأطباء طمأنوا والدته في ذاك الوقت ووصفوا له «البندول»!.

في العام 2002 حصل فضل على بعثة الدولة للعلاج في فرنسا، إلا أنه لم يخرج من سفرته التي امتدت لشهرين بشيء، قائلاً: «لم يختلف التشخيص والفحص والعلاج عن البحرين سوى بعض الفحوصات غير المتوافرة هنا». وهو ما دفع فضل للبحث بنفسه عن علاج لمرضه بعد رجوعه للبحرين، فأخذ يبحث بالسبل المتاحة وهي البحث عن طريق الإنترنت، واهتدى خلالها إلى موقع جمعية الهيبوباراثيرويد الدولية في أميركا وقام بتسجيل عضوية فيه.

وبعد البحث المضني بين طيات النشرات الصحافية التي تصدرها الجمعية تعرف فضل على علاج جديد للمرض وهو حقن هرمون الباراثيرويد (parathyroid) المصنّع، وتعرف على أول مريضة استخدمت العلاج وهي هلارث من آيسلندا، وأرشدته للدكتورة كارين وينر، وهي أول طبيبة تستخدم هذا الدواء للعلاج.

ومن هنا بدأت رحلة الكفاح للحصول على ذلك الدواء ومراسلة الشركة المنتجة له في الخارج، مستعيناً بجهود مجموعة من الأطباء منهم الدكتور غازي المحروس الذي قام بإعداد تقرير لوزارة الصحة حول احتياجه لهذا الدواء.

وبعد كفاح طويل وسلسلة من العراقيل أقيم في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2006 مؤتمر صحافي في مركز جوسلين، حيث تم الإعلان عن البدء في علاج حسن فضل بهرمون الباراثيرويد، وأنه أول شخص في المنطقة يستخدم هذا الدواء لعلاج مرض الهيبوباراثيرويد. وفي 2 يناير/ كانون الثاني 2006 استخدم فضل - بالفعل - الحقنة الأولى من هرمون الباراثيرويد في مركز جوسلين.

بدأ فضل بتلقي أولى جرعات علاجه، ولكن لم تنتهي قصته عن هذا الحد. فربما يجيز لنا أن نقول إن بداية علاجه هي البداية الفعلية لرحلته. وهذا ما أكده أثناء لقائه «الوسط الطبي»، قائلاً: «بعد حصولي على العلاج كان أمامي تحديان هما تأسيس جمعية لمرضى الهيبوباراثيرويد في منطقة الشرق الأوسط، والتحدي الآخر هو مواصلة دراستي الجامعية».

فبعد حصول فضل على العلاج بدأ مرحلة التوعية بالمرض من خلال نشر مقالات عدة في الصحف والمواقع الإلكترونية، إلى جانب مشاركته في مؤتمرات عالمية للمرض من العام 2006 إلى 2014، وذلك في ماريلاند - أميركا، حيث يتعرف في تلك المؤتمرات السنوية على آخر ما وصل إليه الطب في العلاج وفهم المرض، مع الالتقاء بخبراء المرض، إضافة للقاء مرضى من كل أنحاء العالم.

ويواصل حديثه ويقول: «أطلقت على نفسي لقب عاشق الكالسيوم وهو اسمي المستعار في كثير من المنتديات على شبكة الإنترنت، وقد يعتبر البعض أن عشقي للكالسيوم ضربٌ من الجنون، ولكن لا يقدر قيمة هذا العنصر الملحي المرّ المذاق إلا من فقده».

ولقد اختار رئيس جمعية الهايبوباراثايرويد الدولية عاشق الكالسيوم ليكون المندوب للجمعية الدولية عن منطقة الشرق الأوسط، وذلك من حيث متابعة حالات المرضى في منطقة الشرق الأوسط وإرسال التقارير للجمعية، لذلك لُقب بسفير مرضى الهيبوباراثيرويد في الشرق الأوسط، فلقد أصبح همزة الوصل بين كثير من مرضى الشرق الأوسط سواء من الكويت، السعودية، العراق، غزة، ليبيا ولبنان.

ومن خلال تواصله مع المرضى العرب يقول فضل إن وضع المرض عربياً مبهم، قائلاً: «البعض منهم لم يصدق أنه يتحدث مع مريض بمثل مرضه النادر، فالوحدة مع المرض وعدم الوعي هي أكثر المشكلات التي يعاني منها مريض الهيبوباراثيرويد».

يفتخر فضل بعمله التطوعي في الوصول إلى أشقائه المصابين بمرض الهيبوباراثيرويد وتوعيتهم بالمرض والسعي وراء حصولهم على علاج، يشاركه في ذلك الممرض نافع علي. وبمشاركة الأطباء المختصين الذين يجيبون على أسئلة المرضى ويقيّمون حالتهم، أمثال الدكتور غازي المحروس سابقاً، ثم الدكتور وئام حسين، وحالياً دكتورة نسرين السيد.

لكن فضل يعتقد أن الظروف ستكون أفضل حالاً لو كان عملهم يدار بحرفية تحت جمعية رسمية تعنى بالمرض في الشرق الأوسط، فهي ستكون نواة حقيقية لتبادل التجارب والخبرات، وستمكن من التعرف على العدد الحقيقي للمرض إقليمياً في ظل غياب الإحصاءات العربية.

ولقد بدأ فضل وزملاؤه بمشاركة الأطباء أولى الخطوات في طريق إشهار الجمعية على أرض البحرين، وكان ذلك في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 حيث بدأوا أول الاجتماعات التأسيسية لتلك الجمعية التي من المفترض أن تكون فرعاً للجمعية الدولية الأم، ولكن البشارة التي لم تكتمل، أن حلم إنشاء جمعية خاصة بهم اصطدم بعدم وجود مقر، فبعد حصول الجمعية على موافقة وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين قاموا بطرح المناشدات في الصحف لتحديد مقر وإكمال التسجيل، ولكن للأسف لم يجدوا الدعم المنشود، فألغي طلبهم بسبب التأخير!. فهل ستتمكن هذه العقبة الصغيرة من وأد حُلم إنساني عظيم؟

ويؤكد فضل على الدور الكبير الذي لعبته جمعية الهيبوباراثيرويد الدولية على مشوار المرض، فلقد قام رئيس الجمعية جيمس ساندرس منذ العام 1994 بمحاولات جادة للتعريف بالمرض والوصول للمرضى حول العالم.

ويضيف فضل: «إننا بسهولة نستطيع أن نلحظ التغييرات التي حدثت في مشوار المرض بعد إنشاء هذه الجمعية، فهي الجمعية الأميركية الوحيدة المحتضنة للمرض حول العالم».

ويضيف فضل أن لجمعية الهايبوباراثايريود الدولية حالياً فروعاً عدة داخل الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب فروع في بريطانيا، النرويج، آيسلندا، إستراليا، وهناك جمعية خاصة بالدول الاسكندنافية وأخرى لأوروبا.

وأشاد بأهمية المؤتمرات التي تقوم بها الجمعية في الضغط على شركات الأدوية ومنظمة الصحة والغذاء، وذلك لإنشاء الدراسات الكفيلة بإيجاد علاج نهائي للمرض. فهي تعمل حالياً على الضغط على شركة «إن بي أس» للأدوية على إكمال دراستها بخصوص هرمون الباراثايريويد الكامل للحصول على موافقة الغداء والأدوية. وكذلك تعمل على توفير جهاز منزلي لقياس الكالسيوم.

ويتردد كثيراً في مذكرات فضل اسم الدكتور غازي المحروس ونسرين السيد، فهما من الأطباء الذين ساهموا بشكل فعال في مشوار حسن مع المرض، وقدموا له الدعم غير المتناهي.

وللاطلاع أكثر عن طبيعة المرض كان لاستشارية الغدد الصماء والسكر واختلال الدهون، المشرفة على علاج فضل، الطبيبة نسرين السيد، لقاء مطول على تلفزيون البحرين في العام 2010 تحدثت فيه عن طبيعة المرض. قائلة إن الخمول في الغدد الجار درقية هي حالة نادرة تحدث تقريباً لـ 4 حالات لكل 100 الف شخص عالمياً، وتحدث نتيجة أسباب مكتسبة، وأخرى غير مكتسبة. أحد الأسباب المكتسبة والأكثر شيوعاً - حسب قولها - هو إجراء عمليات جراحية على الغدة الدرقية، وأثناء العملية قد يضطر الطبيب إلى استئصال الغدد جار درقية أو تنقطع الدورة الدموية لهذه الغدد، وبالتالي يحدث لها ضمور قد يؤثر على وظيفتها.

ومن الأسباب المكتسبة كذلك في حالات السرطانات في منطقة العنق، حيث يعطى حينها نوع من العلاج الإشعاعي الذي قد يؤدي إلى ضمور الغدد وخمولها وخمول إفرازاتها.

وتحدثت السيد عن الأسباب غير المكتسبة والأقل شيوعاً، والتي قد تكون نتيجة خلل في الجهاز المناعي الذي يكتشف الغدد الجار درقية كأجسام غريبة فيقوم بإفراز أجسام مضادة لها وتقوم بتدميرها، أو لوجود أسباب وراثية (مورثات جينية) في عائلات معينة من الممكن أن تتسبب في خلل في إفراز هرمون البارثايروت (هرمون الجار درقية) أو أن الجسم لا يستجيب لهذه الهرمون الذي يفرز بالفعل.

ومن الأسباب غير المكتسبة المهمة هو وجود نقص في ملح المغنيسيوم الذي يلعب دوراً مهماً في صنع هرمون الغدد الجار درقية، لذا تشدد السيد على ضرورة التأكد من عدم وجود انخفاض في ملح المغنيسيوم قبل التأكد من عدم وجود خلل في الغدد الجار درقية. وهناك حالات تحدثت عنها السيد لا يستطيع الأطباء تحديد سببها بالضبط على رغم عمل الفحوصات اللازمة.

ومن أعراض المرض - كما تضيف السيد - هو نزول ملح الكالسيوم في الجسم وهي تتضمن بالشعور بالتعب الضعف، الشعور بالوخز والتنميل حول الفم وفي أصابع اليد أو في الرجل. كما قد تتطور إلى ألم في العضلات، أو حدوث تشنجات عامة قد تؤدي إلى غيبوبة، كما أن حدوث تشنجات في منطقة الحنجرة قد تؤدي إلى الاختناق.

وتردف بأن نزول الكالسيوم يؤثر على وظيفة القلب أو حتى وظيفة الخلايا أو كهربة القلب التي من الممكن أن تؤدي إلى اضطرابات في سرعة دقات القلب أو حتى أحياناً إلى مشكلات في القلب.

وعن علاج هذه المرض النادر، تقول السيد: «من منطلق أن هناك نزولاً في مستوى الكاسيوم ونزولاً في فيتامين (د)، فالعلاج دائماً يكون عبارة عن تعويض الكالسيوم وفيتامين (د) في الجسم».

العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:56 م

      انا من السودان عانيت الكثير من نقص الكالسيم وبعد اكتشافي له وعلاجه الدايم بالحبوب لاكتشف ان والدي وكل اخوتي يعانون من نفس المرض عانيت معهم لم يقنعهم كلامي ووصفوني باني مجنون بداوالدي باخذالعلاج وشعربراحه لم يكن يعلم بان الزياده قد تضره اتصلت بي والدتي في الخرطوم قالت لي يجب حضورك ان اباك لايستطيع المشي ورجلاه تالماه سرعت اليه لاجانه قدتناول كميات كبيره من حبب الكالسيوم لااطيل فانا اتالم وانا اكتب .ساهرت معه اليل اصبح لايستطيع الكلام ويحرك فكيه بصوره ورجليه بصورتشنجيه واصبح بلا حراك ناديت اخي الا

اقرأ ايضاً