العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ

د. مدن للمرأة: تعرّفي على جسمكِ جيداً... ولا تخجلي

دعت لتطبيق برامج توعية تبدأ من المدرسة

الثقافة الصحية عامل مهم في تحسن صحة الفرد وتحسين جودة الحياة، فكلما زادت ثقافة الفرد في المجال الصحي كلما قلّ تعرضه للأمراض، وتجنب مضاعفاتها. فالمعرفة أولى خطوات الوقاية، وهي كذلك البداية الصحيحة للتعامل مع الأمراض.

وتختلف درجات الوعي الصحي من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر، ومن مرض إلى آخر. فعلى رغم جهود التثقيف الصحي التي تبذلها المؤسسات الحكومية والأهلية، والمبادرات المجتمعية، إلا أنه بحاجة للمزيد لسد النقص في العديد من المجالات.

«النساء في مجتمعنا بحاجة لجهود مضاعفة من الجميع لنشر الوعي في كل ما يتعلق بأمراض النساء والولادة وسد فراغ كبير في هذا المجال». كانت هذه إجابة استشارية أمراض النساء والولادة الدكتورة سميرة مدن حول سؤال «الوسط الطبي» عن تقييمها لثقافة النساء في المجتمع المحلي بالأمراض التي تصيبهنّ.

لقاء «الوسط الطبي» مع الاستشارية مدن تمحور حول التثقيف الصحي ودوره في الوقاية وتسهيل علاج الأمراض النسائية المختلفة بما فيها الحمل والولادة.

أغلبهن لا يعرفن أجسامهن

بدأ اللقاء مع د. مدن حول تقييمها للثقافة النساء الصحية فيما يختص بأمراضهن، فقالت: «من خلال تجربتي وجدت أن هناك غياباً كبيراً في المعلومات الصحية لدى النساء، وأحياناً تكون هذه المعلومات بسيطة ولكنها مهمة جداً كتنظيم الدورة الشهرية، واضطرابات الهرمونات».

وأوضحت: «يمر جسم المرأة في كل شهر بتغيرات نتيجة الدورة الشهرية، وهو أمر طبيعي، ولا يشير لحالات مرضية إذا سار بشكله الطبيعي المنتظم. هنا من المهم جداً أن تعرف المرأة طبيعة الدورة الشهرية التي تصيبها، والأعراض المصاحبة لها. فإذا تعرفت عليها بشكل جيد فإن أي تغير أو أعراض غير طبيعية قد تكون مؤشراً لمشكلة صحية يقودها مباشرة إلى اللجوء للطبيبة المختصة التي تتعرف بدورها على هذا العارض وتشخصه وتجري إثر تشخيصها الإجراء اللازم».

وتؤكد مدن أن غالبية النساء لا يعرفن أجسامهن بشكل جيد، وتضيف: «يتسبب غياب المعرفة هذه في إصابتهن ببعض العوارض الصحية التي قد تكون بسيطة وتتطور مع الوقت وهن لا يشعرن، أو تأخر الإنجاب بالنسبة للمتزوجات وقد يعيش الكثير من النساء قلق إصابتهن بالعقم الذي يحرمهن من الأولاد فيما قد يكون العلاج بسيطاً جداً وهن لا يستطعن الوصول إليه بسبب قلة الوعي الصحي، والخجل».

وترجع الفجوة الكبيرة في تعرف المرأة على جسمها بشكل صحيح إلى غياب البرامج التعليمية والتثقيفية الشاملة، سواء على صعيد المؤسسات الحكومية وخصوصاً في المناهج التعليمية، أو على صعيد المؤسسات الأهلية، ويمتد هذا الغياب حتى داخل الأسرة التي من المفترض أن تُعنى بتثقيف البنت صحياً مع أول أيام البلوغ.

للمدرسة دور كبير

ودعت استشارية أمراض النساء والولادة إلى تضافر جهود جميع المؤسسات المجتمعية الحكومية والأهلية والأسرية من أجل وضع برامج توعية تثقيفية تبدأ من الأيام الأولى للبلوغ وحتى بلوغ المرأة لسن اليأس وما بعده.

وقالت: «المدرسة عليها ولها الدور الأكبر في النهوض بثقافة الفتاة الصحية. ومن خلال هذه المنصة الإعلامية أوجه دعوة مفتوحة للوزارة لوضع منهج تعليمي علمي متخصص يشرح التغيرات التي يمر بها جسم المرأة في مراحل عمرها المختلفة، والطرق المثلى للتعامل مع هذه التغيرات من أساسيات النظافة الشخصية وسُبل الوقاية، وحتى أنواع العلاج المتاحة».

وأضافت: «يمكن وضع هذه البرامج ضمن مادة التربية الأسرية أو غيرها من المواد التي تراها الوزارة مناسبة. ومن المفيد جداً أن تبدأ الطالبات في تلقي هذه المادة في المرحلة الإعدادية وهي المرحلة العمرية التي يمر فيها الجسم بتغيرات كبيرة على مستويات عدة من الهرمونات وغيرها».

أما فيما يخص دور وزارة الصحة، فقالت: «دائرة التثقيف الصحي من الدوائر التي تعمل بجد، ولكنها بحاجة لمجهود أكبر فيما يتعلق بالأمراض النسائية، وأيضاً تنويع أساليبها بحيث تصبح أكثر جاذبية، خصوصاً مع تعدد الأذرع الإعلامية ووسائل العرض المختلفة من الورق إلى المواد التلفزيونية، فالمنصات الإلكترونية بتعدد أنواعها».

ولفتت إلى أنها لمست آثار غياب الثقافة الصحية عبر مراجِعاتها من الفتيات في سن المراهقة، وتقول: «لاحظت أن الكثير من الفتيات اللاتي يراجعن عيادتي يشكين من أعراض بسيطة تتعلق بالدورة الشهرية وأعراضها، فاكتشفت من خلال حديثهن أنهن لا يعرفن بعض القواعد الصحية التي تبدو بسيطة وبديهية. هنا قررت إطلاق مبادرة شخصية فقمت بزيارات عديدة للمدارس لإلقاء المحاضرات التثقيفية، وأخرى في المؤسسات الأهلية من نوادٍ وجمعيات خيرية وغيرها». وأضافت أن لديها العديد من المشاركات التلفزيونية في قناة البحرين وغيرها من القنوات تناولت فيها موضوعات طبية تخص المرأة والحمل والإجهاض وغيرها.

وأكدت أنها مستعدة لمواصلة هذه المبادرات بالتعاون مع جميع المؤسسات.

منصات إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي

وفي ردها عن دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة الصحية النسائية، قالت: «هناك العديد من المنابر الإعلامية بمختلف أشكالها من برامج تلفزيونية وأخرى إذاعية، وصحف، ومجلات، ومواقع إلكترونية يمكن توظيفها في هذا المجال».

وبخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، أوضحت: «في رأيي أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تساعد في بناء ثقافة صحية عميقة. كما أن هناك عاملاً مهماً يجب أخذه بعين الاعتبار في أخذ المعلومة من هذه الحسابات المختلفة، وهو أن يكون المصدر جهة مختصة، سواء كانت حسابات أفراد كالأطباء، أو مؤسسات كالعيادات أو المستشفيات أو مؤسسة صحافية مهنية».

وتروي بعض المواقف التي تتعرض لها يومياً من جراء التقنيات الجديدة، فتقول: «يردني عبر برنامج الواتس أب الكثير من الأسئلة ويطلبون مني فيها تشخيص حالتهن ووصف العلاج لهن. ودائماً ما يكون ردي عليهن أن الواتس أب أو الهاتف ليس الأداة الصحيحة لتشخيص المرض والعلاج. فتشخيص الحالات المرضية ليس مجرد محادثة يمكن إجراؤها بالواتس أب أو غيرها من برامج المحادثة، فهو أكبر من ذلك بكثير». وتضيف: «التشخيص إجراء طبي أولي للتعرف عن قرب عن العارض الذي يصيب الشخص، وإذا ما كان حالة مرضية أو لا يستخدم فيه الطبيب العديد من الأساليب والأدوات التي تبدأ بالمحادثة مع المريض، ثم إجراء الفحوصات اللازمة».

وفي موضوع آخر، تقول: «لاحظت أن للمنتديات تأثيراً كبيراً على النساء. فكثيراً ما نسمع طلبات بعضهن بأن (أريد أن تجروا لي عملية قيصرية كما أجريت لجارتي). أو (يمكنكم إزالة التليف جراحياً فقد قامتِ دكتورة بهذه العملية لإحدى النساء التي كتبت عن تجربتها في أحد المنتديات)». وتتابع: «المرضى يطلبن تقديم إجراءات طبية مماثلة لأخواتهن أو جارتهن أو لنساء كتبن عن تجربتهن. وهذا غير صحيح بالمرة، فكل حالة تختلف عن الأخرى، والإجراء الطبي الذي يناسب السيدة (أ) ليس بالضرورة أن يناسب السيدة (ب)».

سياج الخجل يعوق الطبيب

وتشير د. سميرة مدن إلى عامل آخر لا يقل شأناً في تأخير علاج المريضة وفي بعض الأحيان التسبب بمضاعفات. وقالت: «أمراض النساء ذات طابع حساس وخاص جداً يجعل الحديث عنه أمراً مخجلاً في نظر الكثير. وهذا خطأ كبير يقيد يد الطبيب في تقديم العلاج المناسب للمريض في الوقت المناسب». وتابعت: «على المريضات أن يدركن أنه يجب ألا يخجلن في عرض مشكلاتهن الصحية أمام الطبيبة، فالصحة أمر مهم وحساس، خصوصاً في الجهاز التناسلي، وليس هناك ما يعيب في المصارحة بالأعراض التي تصيب أعضاء الجهاز التناسلي أو غيرها».

وأكدت: «من المهم جداً أن تكون المريضات على يقين بأن الطبيبة لا تفشي أسرار مريضاتها، وذلك لأمرين؛ الأول: القيم الأخلاقية العالية التي يتمتع بها الطبيب كشخص. والأمر الآخر: أن الطبيب أقسم على صون أسرار مرضاه. وهنا ينتفي أي مبرر للخجل».

وقالت: «خلال تجربتي المهنية أعتقد أن المرضى عموماً لا يصارحون طبيب النساء والولادة بكل شيء، ودائماً ما يُبقون بعض الأمور سراً من الأسرار، خصوصاً فيما يتعلق بالعقم. ويكون ذلك في اللقاءات الأولى التي يبدأ معها تشخيص المشكلة الطبية، والتأسيس لطرق العلاج المناسبة للحالة إنْ لزم الأمر». وأضافت: «إخفاء أي معلومة يجعل من التشخيص الأولي غير دقيق، وقد يتأخر العلاج المناسب من جراء ذلك. وخبرتي تمكنني من معرفة مدى جراحة المراجعين وفهم حالتهم النفسية. كما أني آخذ بيد المراجعين لدي للقفز على حاجز الخجل الزائف ونبدأ إجراء ما يلزم من علاج».

وختمت اللقاء بدعوتها النساء إلى التعرف على أجسامهن بشكل جيد، ومن مصادر صحيحة وموثوقة، وألا يخجلن أو يترددن في طلب العلاج.

العدد 4527 - الأربعاء 28 يناير 2015م الموافق 07 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً