بعد أن همّت به تقربا وهمّ بها كتابة وبحثا، سيكون كتاب «أنا أحب دميتي» للكاتب البحريني الشاب جعفر حمزة بين يدي القرّاء والمهتمين قريبا، هكذا يلذ لحمزة أن يقدم كتابه لقرائه من خلال الفعل هم تقربا وقراءة.
يدشّن الكاتب جعفر حمزة هذه الليلة كتابه الأول «أنا أحب دميتي» بمصاحبة فيلم ومعرض للدمى بمركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث بالمحرق وبرعاية كريمة من لدن وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي آل خليفة، وقد تبنّي المركز طباعة الكتاب ضمن مشروعه الثقافي.
ويتناول الكتاب في غرابة عنوانه الأول وهو «أنا أحب دميتي وعنوانه الثاني «سيرة عشق الإنسان لصورته الدمية» مادة جديدة قلّ من طرق الباب فيها، وتناولها بطريقة تزاوجية بين التحليل الفكري والسرد الأنثربولوجي للإنسان في علاقته مع الدمية، من بداية ظهورها كرمز مقدّس أو وسيلة أذى إلى تحولها إلى صورة نمطية عملت شركات ومصانع في رفعة شأنها، للتحوّل إلى أيقونة ورمز بل وقدوة صورية سلوكية تمثلت في العديد من النماذج موجودة الآن بين ظهرانينا، وما على المرء إلا ينظر حول ما يتفاعل معه الطفل من ذكر أو أنثى، ليرى «باربي» تارة و «براتز» أخرى، وقد يلمح «فلة» ثالثة. وليس أمر الدمية ببعيد عن الطفل من خلال الشركات التي تحوّل الشخصيات الكرتونية إلى دمى يلمسها ويقترب منها الطفل ويتفاعل، ولما لذلك من أثر لا يخفى على ذي بصيرة.
وقد طرح الكاتب جعفر حمزة تحليله التفاعلي في هذا الموضوع عبر حوار افتراضي بينه وبين «صاحبته» الدمية التي كشفت له عن ساقيها تاريخا وتأثيرا وتفاعلا من لدن العديد من المجتمعات معها، في السلم والحرب على حد سواء.
بل قد غيّر مسمّى فصول الكتاب إلى أغلفة ليعيش القارىء تلك الرحلة الطويلة من عمق التاريخ إلى يومنا هذا عبر صفحات تتجاوز المئة صفحة بقليل، ليختصر فيها الزمن والتاريخ، وبعبارة أخرى أطلق اسم الأغلفة لينزعها واحدا تلو الآخر ليعرف ماهية الدمية وفحواها.
إذ يتناول الفصل الأول تاريخ ظهور الدمى بصورتها الأولية التي كانت من الطين والقماش، والتي مثلّت في كثير منها جانبا دينيا واجتماعيا صرفا.
وينتقل من عمق الحضارات القديمة إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى وصناعة الدمى في كل من أوروبا وأميركا
أما في الغلاف الثاني، فيطرق باب الشرق من خلال تناول دقيق لمكانة الدمى في دول أقصى الشرق في آسيا كاليابان والصين.
سواء من ناحية التصنيع أو من ناحية الأثر الاجتماعي والنفسي التي تلعبه الدمى في تلك الدول.
والحديث عن الدمية الشقراء «باربي» قد أخذ نصيب الأسد من الكتاب في الغلاف الثالث، حيث تعمّق الكاتب تحليلا وبحثا في أصل ظهور الدمية الأميركية «باربي»، وسر نجاحها وانتشارها حول العالم، بل وتربعها على هذه الصناعة لأكثر من نصف قرن من الزمان.
و»دوام الحال من المحال» كما يقول المثل، إذ قضّت مضجع الشقراء الدمية ذات العيون الناعسة المدعوة «براتز»، ويطرح الكاتب جعفر حمزه بحيادية ملموسة وضع الدميتين ومشاعر الحب الفياض والنقد اللاذع الموجه لكلتا الدميتين، لدرجة أن يصل الأمر فيما بين الشقراء والناعسة إلى المحاكم، وبين الناس إلى درجة تناول الدين والحريات وعلاقتهما بالرسائل التي تروجها الدميتين.
وفي غلاف الدمية الرابع، يتناول الكاتب تجربة عربية صرفة قدمت البديل ولاقت النجاح بعد طول انتظار، وهي تجربة الدمية العربية «فلة»، ويقترب الكاتب منها ليستنطقها بلطف عن سر نجاحها وظهورها القوي في الأسواق العربية وبعض الأسواق الإسلامية.
وحين وصول جعفر حمزة إلى الغلاف الخامس، يتوقف ليستقرأ بعض الأفكار والمشاريع التي يمكن أن تتحوّل إلى أنيسة للدمية «فلة» بدلا من صراعها لوحدها في ميدان خبر الآخرين صناعته وفنه. فيقوم باستعراض لبعض التجارب والأفكار العربية التي يمكن أن تتحول إلى مشروع دمى بما تحتويه من إمكانية للمشي برجلي دمية.
وينزع الكاتب الغلاف الأخير للكتاب عبر حقيقة عنونها بالتالي «إما أن تُلقي أو يكونوا همُ الملقين» في دلالة على أنك إن لم تملأ الفراغ، فسيقوم الآخرون بذلك.
ويعمل حمزة على مشروع ترجمة الكتاب إلى اللغة الإنكلينزية .
وسيكون مشروع حمزة القادم هو كتابين آخرين، أحدهما عن ثقافة الصورة والبرمجة البصرية في الإعلانات، والآخر حول مفهوم اللباس عند الغربيين.
العدد 2491 - الأربعاء 01 يوليو 2009م الموافق 08 رجب 1430هـ