عانت المرأة السعودية من التهميش والإهمال خلال عقود طويلة؛ سواء بسبب نظرة المجتمع الدونيّة النابعة من الموروثات والتقاليد الجامدة، أو بسبب غياب الإرادة السياسية القادرة على اتخاذ القرارات من أجل تغيير وضعية المرأة. لذلك لم يتحقق لها بعض ما كانت تصبو إليه من حقوق. وهكذا دخلت المرأة السعودية الألفية الثالثة وهي بعيدة كل البعد عن نظيراتها الخليجيات والعربيات في الحقوق السياسية والشخصية والمشاركة الاجتماعية والاقتصادية..إلخ، إلى أن كان المنعرج!
مع اعتلاء الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز العرش، تحقّقت للمرأة السعودية مكاسب كبيرة؛ إذْ استشعر، رحمه الله، الحاجة الماسة إلى إعطاء المرأة ما هي أهلٌ له من منطلق كون المرأة كما قال ذات خطاب: «هي أختي وأمي وزوجتي وبنتي، ولن نسمح أن يقال أنّنا في المملكة نقلّل من شأن أمّهاتنا وأخواتنا وبناتنا، ولن نقبل أن يُلغى عطاء نحن أحوج الناس إليه»، مستبطناً في حديثه انتقادَ مؤسسات دولية التضييقَ على المرأة السعودية وحرمانها من فرص مشاطرة أخيها الرجل الوظائف، أو مشاركته الحياة السياسية والحضور في المجال العام.
وقد شكّل تمكين المرأة علمياً حجر الأساس في منظومة متكاملة من القرارات البانية لصورة المرأة السعودية وإشعاعها المحلي والإقليمي والعالمي؛ فقد أفسحت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة العربية السعودية، ولأول مرة، المجال للمرأة عبر تبنّيها افتتاح كليتين تقنيتين للبنات، و18 معهداً فنياً للبنات، وإدخال عدد من التخصصات الفنية التي تدرسها المرأة السعودية ولأول مرة. كما قدّمت بعض الكليات والجامعات السعودية تخصصات جديدة كالقانون والهندسة والصحافة والسياحة، وهي تخصصات كانت مقصورةً سابقاً على الرجال.
كما واصلت وزارة التعليم العالي، من خلال مشروع الملك عبدالله للإبتعاث لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه، فتح باب الإبتعاث للخارج لعدد كبير من الخريجات في تخصصات مختلفة، وبشروط أكثر مرونة من السابق. وما إنشاء أول جامعة للبنات، بعد مبايعته ملكاً، إلا دليلاً على النقلة النوعية التي أراد عبدالله بن عبد العزيز أن يساهم في تحقيقها بقرارات جريئة تتحمّل المرأة السعودية اليوم وغداً مسئولية الحفاظ على المكاسب المحققة من وراء تلك القرارات، وتسهم في تطويرها.
ومن الناحية السياسية، اكتسبت المرأة السعودية حق المواطنة، إذْ تدرّجت من نيل حقّها في استخراج بطاقة مدنية واستخراج سجلها التجاري وممارسة أنشطتها بنفسها بدون وكيل شرعي، إلى الاضطلاع بدور كبير في مركز الحوار الوطني، ثمّ إلى مرحلة صناعة القرار في القطاعات التنفيذية المختلفة في الوزارات والجامعات والملحقيات التعليمية والمؤسسات الحكومية المختلفة. وما من شك في أنّ دخول المرأة مواقع القرار ساهم في تغيير الثقافة السائدة نحو مزيد من التقدير والاحترام للمرأة، وإدراك إمكاناتها وقدراتها والاعتراف بدورها كشريك أساسي في جميع مفاصل الحياة.
غير أنّ النقلة النوعية والتاريخية والخطّ الحقيقي الفاصل في حياة المرأة السعودية، هو منح المرأة 30 مقعداً في مجلس الشورى ومشاركتها في الانتخابات البلدية؛ حيث فاجأت هذه القرارات العالم، إذْ جسّدت نقلةً تاريخيةً في النظرة إلى المرأة السعودية. وهكذا، ومن خلال دورها في مجلس الشورى تمكنت المرأة من المشاركة في صياغة العديد من الأنظمة المتعلقة بالعمل والحماية من الإيذاء، وكذلك حماية الطفل والاستثمار والبيئة والصحة العامة وحقوق المتقاعدين والمسنين والتعليم والثقافة والأمن.
كما أصبح للمرأة السعودية وجود في السلك الدبلوماسي بدخولها إلى وزارة الخارجية، ونجاحها في الوصول إلى منصب الرئيس في إحدى المنظمات الدولية، فقد اختيرت الدكتورة ثريا عبيد لرئاسة صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يلعب دوراً مهماً في معالجة قضايا الأسرة والسكان في العالم، خصوصاً في الدول الفقيرة في إفريقيا وآسيا.
اجتماعياً، لم يقتصر دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- على المرأة العاملة والقيادية فقط، بل وصل أيضاً إلى ربة المنزل والمرأة «الأميّة» ومتوسطة التعليم؛ فدعّم برنامج الأسر المنتجة، وسمح بأن تعمل المرأة السعودية في محلات المستلزمات النسائية.
ولقد كانت اللقاءات المباشرة بين خادم الحرمين الشريفين والمرأة السعودية في مختلف التخصصات والقطاعات مناسبةً لتكريم المرأة السعودية وإعطائها حق المواطنة في مبايعته والتحدث معه، حيث كان خادم الحرمين الشريفين الراحل أول ملك تبايعه المرأة؛ فعند توليه مقاليد الحكم حضرت بعض منسوبات وزارة التربية والتعليم وبايعنه. وحظيت المرأة السعودية بشرف التقليد بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى في شخص الدكتورة خولة الكريع. ولم تقف النجاحات عند هذا الحد، بل كان لجمعية حقوق الإنسان دور بارز في دعم العناصر النسائية البارزة، وإتاحة الفرصة لهن في التصدي للعديد من المشاكل الاجتماعية وقضايا العنف الأسري ووصول المرأة فيها إلى منصب نائب الرئيس.
كما ساهمت المرأة السعودية في تطوير اقتصاد المملكة في العشرية الأخيرة، وشاركت وبشكل غير مسبوق، في انتخابات الغرفة التجارية بجدة في التصويت والانتخابات، وفازت سيدتان هما لمى السليمان ونشوى طاهر بعضوية مجلس الغرفة التجارية بجدة عن طريق الاقتراع من أصل 36 مرشحة. وتبع ذلك صدور قرار وزير التجارة بتعيين سيدتين بجانب الأعضاء الفائزين بالتصويت، ليصبح عدد السيدات في مجلس الغرفة التجارية والصناعية بجدة أربع سيدات.
ولمزيد إعطاء فكرة أوسع عن تألّق المرأة السعودية في مجالات عديدة، نورد على سبيل الذكر لا الحصر، بعض من برزن من السيدات السعوديات في العقد الأخير؛ فقد صُنِّفَت لبنى العليان ضمن أقوى 100 امرأة في العالم، وأقوى سيدة أعمال في الشرق الأوسط. وتُعتَبر عايدة العقيل أول باحثة سعودية تحصل على جائزة المركز الأول في مسابقة العالم المتميز التي تنظمها الجمعية الأوروبية لعلم الوراثة البشرية في براغ. وفي مجال الفيزياء تمّ تكريم العالمة السعودية ريم الطويرقي من قبل معهد العالم العربي بباريس... والقائمة تطول.
لقد جعل عبدالله بن عبد العزيز –رحمه الله- المرأة صاحبة قرار وساهم في رفع مستواها التعليمي، كما أعطاها فرصاً وظيفية كثيرة وفتح لها عدة مجالات ما كان سهلاً أن يُشرَع لها الباب فيها، وساهم المغفور له في تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة العاملة، ورفع من مكانتها.
وإذْ يبدي اليوم بعض المحللين تخوّفهم من انحسار هذه الإنجازات التي تمّت لفائدة المرأة بسبب تغيّر القيادة السياسية في المملكة، فإنّ آخرين يؤكدون على دور المرأة السعودية نفسها في إثبات جدارتها بما حققته وتحقّق لها، والمضيّ قُدُماً نحو مزيد من الإنجازات التي تُعلي من شأن المرأة السعودية والعربية بشكل عامّ.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4525 - الإثنين 26 يناير 2015م الموافق 05 ربيع الثاني 1436هـ
المرأة السعودية في تطور
كما أصبح للمرأة السعودية وجود في السلك الدبلوماسي بدخولها إلى وزارة الخارجية، ونجاحها في الوصول إلى منصب الرئيس في إحدى المنظمات الدولية، فقد اختيرت الدكتورة ثريا عبيد لرئاسة صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي يلعب دوراً مهماً في معالجة قضايا الأسرة والسكان في العالم، خصوصاً في الدول الفقيرة في إفريقيا وآسيا.
المرأة السعودية
بارك الله فيك على هذا المقال الجيد
من أجمل ما قال رحمه الله
«هي أختي وأمي وزوجتي وبنتي، ولن نسمح أن يقال أنّنا في المملكة نقلّل من شأن أمّهاتنا وأخواتنا وبناتنا، ولن نقبل أن يُلغى عطاء نحن أحوج الناس إليه
للأسف مازلنا نعاني
عانت المرأة السعودية من التهميش والإهمال خلال عقود طويلة؛ سواء بسبب نظرة المجتمع الدونيّة النابعة من الموروثات والتقاليد الجامدة، أو بسبب غياب الإرادة السياسية القادرة على اتخاذ القرارات من أجل تغيير وضعية المرأة.
المرأة السعودية... عقد من الإنجازات
لكن ما زال أمامها طريق طويل للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه
فعلا صار للمرأة السعودية مكانة أفضل في عهده
لقد جعل عبدالله بن عبد العزيز –رحمه الله- المرأة صاحبة قرار وساهم في رفع مستواها التعليمي، كما أعطاها فرصاً وظيفية كثيرة وفتح لها عدة مجالات ما كان سهلاً أن يُشرَع لها الباب فيها، وساهم المغفور له في تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة العاملة، ورفع من مكانتها