قبل يومين توفِّي الزَّميل الدكتور محمد الهرفي إثر حادث سير أليم في السُّعوديَّة، وكان الخبر فجيعاً؛ لأنَّني في العادة أَتحدث إليه في كل مرَّة يزور فيها البحرين، وزياراته كثيرة؛ لأنَّه كان يعتبر البحرين بلده الثاني، ويكنُّ لأهلها كلَّ معاني الوُدّ والاحترام والتقدير.
عرفته منذ العام 2002، وشارك برأيه عبر مقال متواصل في «الوسط» على مرِّ السنين، عالج فيه القضايا الإسلاميَّة والعربيَّة والخليجيَّة، وحتى البحرينيَّة، بنهجه الوسطي الذي يسعى إلى التقريب والتفاهم والتَّعايش. كان مثقَّفاً وملتزماً بمبادئه، وكان يستمع إلى الجميع، ويُبدي ملاحظاته بصراحة، ومن يستمعه لابُدَّ أن يحترمه؛ لأنه كان قدوة في الاحترام والتعاطي مع الرأي المختلف.
ولذلك، فإنَّنا نستطيع أَن نفهم كيف فُجع الكثيرون بخبر وفاته المفاجئ، وكيف عبَّروا، عبر موقع التَّواصل الاجتماعي (تويتر) عن مشاعرهم، واستخدموا «هاتشتاغ» خاصّاً باسمه للمواساة والتعزية، ولم يكن غريباً أنَّ الذين عزَّوا بوفاته، كانوا من مختلف التوجُّهات والمشارب. الهرفي كان يذكِّرنا دائماً بأنَّ الخير في هذه الأُمَّة أَكثر من الشرِّ، وأنَّ الخير سينتصر في النّهاية.
ويوم أمس، توفي الوجيه والمثقف عبدالكريم بن الحاج عبدعلي العليوات، وهو الذي شهد أَحداث الخمسينات من القرن الماضي، ورافق والده الذي كان ضمن ثمانية رموز قادوا الحركة المطلبيَّة، على نهج وطنيّ اجتذب مختلف الفئات المجتمعيَّة.
العليوات سجَّل شهادته على عصره في كتابه الذي أصدره العام الماضي، قبل أن يقعده المرض في المستشفى، وقد سجَّل في كتابه حوادث الخمسينات وما تبعها من زاوية مختلفة، لم تذكرها الكتب من قبل.
كتاب عبدالكريم العليوات «البحرين... مذكَّراتي من الهيئة إلى الاستقلال»، يعتبر وثيقة وطنيَّة مهمَّة غطَّت أحداثاً وطنيَّة منذ منتصف الثلاثينات حتى سبعينات القرن الماضي، وسطَّر شهاداته بصفته نجل عضو هيئة الاتحاد الوطني، وبصفته مشاركاً في العديد من تلك الأحداث المحوريَّة في تاريخ البحرين. وقد كان أوَّل من قام بتنظيم معارض للكتب في البحرين، ودخل العمل البرلماني في السَّبعينات من القرن الماضي، ومن ثمَّ عاد إلى أعماله التجاريَّة، وعاش حياته المملوءة بالخبرة والحنكة، التي اكتسبها طوال عمره المديد.
نستذكر الكثير ممَّا خلَّفه لنا من يرحل عن هذه الدُّنيا، بعد أَن قدَّم الكثير من الأعمال الحسنة، ونترحم عليهم جميعاً، ونسأل الله أن يسكنهم فسيح جنَّاته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4524 - الأحد 25 يناير 2015م الموافق 04 ربيع الثاني 1436هـ
الفاتحة
المغفرة والرضوان للاستاذين ، رحلا عن الدنيا وظلت سجاياهما باقيتان ..
هكذا هما العظماء ..
أمانه
الروح أمانه في أي وقت يأخذها خالقها لماذا الجزع السؤال ماذا أعددنا له
رحمة الله عليهم
الف رحمة ونور عليهم
رحة الله عليهم
الله يرحمهم