العدد 2491 - الأربعاء 01 يوليو 2009م الموافق 08 رجب 1430هـ

الأدب الساخر... كوميديا سوداء تعكس أوجاع السياسة والمجتمع

في منتدى الثلثاء بالقطيف

للحديث عن الأدب الساخر استضاف منتدى الثلثاء الثقافي بالقطيف حسن السبع في ندوة أدارها الإعلامي عبدالوهاب العريّض؛ بدأها بتعريف الأدب الساخر على أنه كوميديا سوداء تقدم بقالب ساخر يعكس أوجاع المواطن السياسية والاجتماعية، ثم عرج على الحديث عن تاريخ السبع مع هذا الفن، الذي بدأه رسميا في مطلع التسعينيات بصحيفة «اليوم» مستخرجا من أدراجه ما أخفاه طيلة ثلاثين عاما مضت.

بدأ السبع حديثه عن أدب لم يحظَ في العالم العربي بالعناية التي حظي بها مثيله في الثقافة الغربية، مشيرا لإهمال تاريخ كتابته رغم ما يزخر به التراث الأدبي العربي شعرا ونثرا؛ مقابل الاحتفاء بتاريخ الكتابة الجادة، الأمر الذي أدى إلى إساءة فهمه ودفع بعض الأدباء الهازلين للجدية في الطرح، مقتصرين على طرح كتاباتهم الساخرة في مجالسهم الخاصة.

وعرّف المحاضر هذا الأدب بمزج المرارة بالدعابة لتخفيف عبء التوترات وتلطيف حمى الانفعالات النفسية المرهقة، وأنه جد يرتدي حلة الضحك، كما أنه الهزل المقوِّم لما اعوج من طباع، وشذَّ من عادات، وانحرفَ من ممارسات.

المزج الذي أشار إليه لكونه سمة يحتاج إلى أن يتحلى بها الإنسان الاجتماعي، واستدل على ذلك بما يؤيد كلامه من أقوال لبعض مشاهير السياسة والفلسفة والاجتماع، كالشاعر الألماني جوتة، والسياسي الفرنسي مونتريال وغيرهما.

أمثلة من الأدب الساخر أوردها السبع في مواقف سجلها التاريخ بقديمه وحديثه على المستوى العربي والعالمي، كما استعرض مجموعة أسماء لأدباء هذا الفن عبر العصور، معرفا بهم بشكل مختصر، وقارئا لنماذج من أدبهم، ومنهم الجاحظ وعلي بن سودون البشبغاوي في العصر القديم، وموليير، وجورج برنارد شو، وماركت ون، وعبدالحميد الديب، وحسين شفيق المصري، وجورج جرداق في العصر الحديث. كذلك قرأ نماذج شعرية ونثرية تضمنت لقطات أدبية ساخرة في بعضها وضاحكة في بعضها الآخر، تطرقت جميعها لكثير من السلوكيات الاجتماعية المرفوضة كالبخل والشراهة والتطفل وما إلى ذلك.

وفصّل المحاضر في بعض حديثه عن أبي عثمان الجاحظ المتميز برشاقة أسلوبه ومرارة سخريته وإثرائه بذلك للتراثَ العربي بفيضٍ من روائعه الساخرة، ومنها كتابه (البخلاء) الذي عرف فيه بفلسفة الضحك، ورصد أخبار البخلاء؛ مصورا طباعهم وعاداتهم، كما تحدث عن مقامات عن مقامات بديع الزمان الهمداني وما تضمنته من تحف نثرية رائعة لم تخل من فكاهة ساخرة لاذعة.


الضحك من أجل الضحك فقط

بعيدا عما سبق طرحه من معالجات سلوكية، استنكر السبع رفضه؛ مشيرا للفوائد النفسية والجسدية لهذا النوع من الضحك، والتي كتبها حسين علي لوباني الداموني في كتابه «الملف السرّي للنكتة العربيّة»، ومنها طرد السموم، حرق الدهون، تقوية جهاز المناعة، تنشيط حركة الهضم والأمعاء، تخفيف الضغط الشرياني، تهدئة الأعصاب، القضاء على الأرق، وحث الجسم على إفراز هرمون الأندروفين؛ وهو هرمون السعادة.

وأشار الضيف للخيط الرفيع الذي يميز بين الأدب الساخر والأدب الضاحك والاحتمال الكبير في التباس التفريق بينهما، والقائم بسبب ما يطرحه الأدب الضاحك من علاج غير مقصود لمشاكل وقضايا قائمة، وهو هدف الأدب الساخر الرئيسي.

في ختام طرحه، قرأ السبع نماذج من شعره الساخر، منها نص «الصراف الآلي» قال فيه:

لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ

لمـا جفانـي اليـنُّ والـدولارُ

ووقفتُ أسألُ عن رصيدِي آلـة

صمَّاء تقطنُ جوفهـا الأخبـارُ

فترددتْ خجلا وعـدتُ أحثهـا

فتراقصتْ في الشاشةِ الأصفـارُ

هيَ رأسُ مالي منذ أصبحَ شاغلي

علمُ العروضِ وبزنسي الأشعار

يشار إلى أن السبع حاصل على بكالوريوس آداب قسم التاريخ بجامعة الملك سعود الرياض، وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأميركية، وهو عضو النادي الأدبي في المنطقة الشرقية. شارك في الكثير من الأمسيات الأدبية والشعرية محليا وخليجيا، وهو ناشط في كتابة الشعر والمقال الأدبي والاجتماعي، له زاوية أسبوعية في صحيفة «اليوم» التي يحرر فيها الصفحات الثقافية، وله الكثير من الإصدارات الشعرية، مثل ديوان زيتها وسهر القناديل، حديقة الزمن الآتي، وركلات ترجيح.

العدد 2491 - الأربعاء 01 يوليو 2009م الموافق 08 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً