عالي - محمد العلوي

امتدح كل من سيد عبدالله الغريفي والشيخ ناصر العصفور، فكرة الزواج الجماعي، لكنهما طالبا بتطويرها عبر تحويلها إلى مشروع اجتماعي شامل، يتضمن تأهيل المتزوجين، ومتابعة شئونهم بعد الزواج، وتحويل الاحتفال إلى مهرجان رسالي وثقافي.

ولفتا في حديث إلى «الوسط»، على هامش حفل الزواج الجماعي المشترك بين 5 جمعيات خيرية، الذي أقيم مساء أمس الأحد (25 يناير/ كانون الثاني 2015)، بقرية عالي، إلى أن المهمة الاجتماعية الخيرية لا تنتهي عند تزويج الشبان، بل تشمل مراحل سابقة ولاحقة لذلك.

وتمكنت جمعيات: عالي الخيرية، بوري الخيرية، سلماباد الخيرية، إسكان عالي الخيرية، وإسكان سلماباد الخيرية، من خوض التحدي، والخروج بحفل الزواج الذي ضم 80 شابّاً وشابة، و66 عقيقة، بنجاح لافت حاز رضا المنظمين والمدعوين على حد سواء.

وكان للمكان دوره البارز في الاحتضان السلس والمنظم لآلاف المهنئين، ممثلاً في مأتمي الحاج حسن العالي والحاج أحمد منصور العالي، إلى جانب كوادر اللجنة المنظمة والبالغ عددها 200 كادر تقريباً، إضافة إلى الخبرة المتراكمة لدى المنظمين في إقامة هذا النوع من الاحتفالات.

الغريفي: تحويل الإحياء لمهرجان ثقافي

إلى ذلك، قال عالم الدين سيد عبدالله الغريفي: إن «مشروع الزواج الجماعي يعبر عن فكرة راشدة لها معطيات كثيرة، تشمل تكريس حالة التواصل الاجتماعي بين الأسر، والقرى، والمناطق المشتركة في إقامته»، قبل أن يستدرك ليشدد على ضرورة عدم التعامل مع هذا المشروع كحالة طارئة، والذهاب إلى العمق عبر خلق وعي متعدد الجنبات.

وأضاف «صحيح أن أحد معطيات هذا المشروع، هو تقليل المصاريف التي تثقل كاهل المتزوجين وأسرهم، إلا أن الهدف الحقيقي يبقى أكبر من ذلك، متضمناً إنتاج واقع اجتماعي متلاحم، وتعزيز الثقافة الدينية لدى أفراد المجتمع، الأمر الذي يتطلب من الجميع استيعاب هذا المشروع ومراميه».

وتابع «كمجتمع، نحن بحاجة إلى عمق أكبر في ذلك، وأتمنى لو تتحول حفلات الزواج الجماعي لما يشبه المهرجان الحافل بالفقرات التوعوية جنباً إلى جنب الغرض الاحتفائي، والذي يبقى وجوده مهمًّا»، مقترحاً في هذا الصدد استثمار الحضور الجماهيري، من خلال عرض مقاطع تتضمن مضامين تشرح أهداف الزواج وتعمل على خلق ثقافة دينية واجتماعية وروحية.

وبين أن مشروع الزواج الجماعي بحاجة إلى المزيد من التطوير، بما في ذلك إعداد وتأهيل المتزوجين ثقافيّاً قبل الزواج، عبر إقامة الدورات وورش العمل الخاصة بذلك، وتوزيع كتيبات تنهض بالوعي المجتمعي، إلى جانب تشكيل اللجان التي تعمل على متابعة أوضاع المتزوجين، ومساعدتهم على حل ما يعترضهم من مشاكل.

كما لفت إلى أن مهمة المجتمع ومؤسساته لا تنتهي بتزويج الشبان، إذ تسبق ذلك وتعقبه مسئوليات أخرى، تنتهي بتحويل مشروع الزواج الجماعي إلى مشروعات رسالية هادفة.

العصفور: ماذا بعد الزواج؟

من جهته، قال عالم الدين الشيخ ناصر العصفور إن حفل الزواج الجماعي المشترك بين 5 مناطق، يمثل أنموذجاً يحتذى به، مشدداً على أهمية استمرار ذلك لينعكس إيجاباً على بقية المناطق، وصولاً إلى الارتقاء بالعمل الاجتماعي.

وامتدح فكرة الزواج الجماعي، معتبراً أنها تمثل إحدى وسائل تسهيل الزواج على الأسر، مطالباً في الوقت نفسه بدراسة هذه الفكرة والارتقاء بها، عبر تثبيت وتعزيز الإيجابيات، وتفادي السلبيات.

وأوضح «صحيح أن الزواج الجماعي ييسر الأمر على المقبلين على المتزوجين، لكن يبقى السؤال: ماذا بعد الزواج؟».

وأضاف «هنالك حاجة ماسة لتأهيل الشباب للحياة الزوجية، ومعرفة الحقوق والواجبات، والتي ترتبط بالجوانب المادية والمعنوية والنفسية، فالزوج والزوجة، يحتاجان إلى التأهيل الثقافي والمعرفي، وذلك عبر إقامة دورات تعينهما على مواجهة التحديات والمشاكل».

وعن مسئولية علماء الدين في هذا الصدد، قال العصفور: «مسئوليتهم تتمثل في الإرشاد والتوجيه، على اعتبار أن بعض المشاكل الاجتماعية تحتاج إلى جهات متخصصة وتآزر من جميع المؤسسات والجهات ذات العلاقة».

الجمعيات الخمس: نجحنا... وندرس الاستمرارية

بدوره، قال رئيس اللجنة المنظمة لحفل الزواج الجماعي جعفر يعقوب: «إن الجمعيات الخمس تتجه إلى تطبيق الفكرة المطروحة حاليّاً، والمتمثلة في تثبيت مشروع الزواج الجماعي المشترك فيما بينها، على أن يتضمن ذلك إقامته بمعدل مرتين في العام الواحد.

وبين أن الزواج الجماعي الأول حقق نجاحاً فاق التوقعات، مضيفاً «على رغم الفترة الزمنية المحدودة للعمل والتي لم تتجاوز ثلاثة أسابيع، فإننا قررنا كمناطق خمس خوض التحدي، ونعتقد أننا انتصرنا على جميع التحديات التي واجهناها بما في ذلك قلة الممولين».

وتابع «لا ننكر هنا وجود بعض السلبيات، والتي تبدو طبيعية نظراً إلى الظروف التي واجهناها، ولكونها التجربة الأولى، إلا أننا نشيد بجهود جميع العاملين في اللجنة وعملهم الدؤوب، والذي شمل عقد 9 اجتماعات وزيارة العديد من المواقع»، لافتاً إلى أن اللجنة ستقيِّم عملها وسترفع توصيات إلى مجالس إدارات الجمعيات الخمس.

وردّاً على المطالبات بتأهيل المقبلين على الزواج ثقافيّاً ومعرفيّاً، قال يعقوب: «لدينا لجنة خاصة بذلك، قدمت 5 محاضرات للمتزوجين، تضمنت تثقيفهم بشئون الحياة الزوجية، بما في ذلك حقوق وواجبات الطرفين».

بدوره قال رئيس جمعية عالي الخيرية عادل الستري: «إن فكرة الزواج الجماعي المشترك قابلة للمزيد من التطوير في السنوات المقبلة، ويشمل ذلك ضم المزيد من المناطق المجاورة للمشروع، كمدينتي حمد وعيسى.

وأضاف أن «المناطق الخمس تمثل نحو 50 ألف نسمة، وهي كتلة بشرية جديرة بالمضي قدماً في إقامة المشاريع المشتركة»، مبيناً أن فكرة صندوق الزواج لاتزال في بداياتها وبحاجة إلى المزيد من الجهود لتتبلور وتصبح واقعاً. وتحدث الستري عن الواقع المعيشي الصَّعب للعديد من الأسر البحرينية المقبلة على تزويج أبنائها، والتي لا تجد لها معيناً ينقذها من متاهة الغلاء الفاحش، سواء المهور أو لمتطلبات الزواج الأخرى، والتي تقدر بنحو 5 آلاف دينار للفرد الواحد. ونادى في هذا الصدد، بتكاتف مجتمعي يشمل تدخلاً علمائيّاً وتضافر مؤسسات المجتمع «ينقذ الشباب من المواجهة المنفردة»، على حد وصفه.