العدد 4517 - الأحد 18 يناير 2015م الموافق 27 ربيع الاول 1436هـ

تقرير: يوم مأساوي لأسواق العملات بسبب سويسرا

الوسط – المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

قال تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن نائب رئيس البنك الوطني السويسري (البنك المركزي) قال الثلثاء الماضي، إنه مقتنع بأن وضع حد أدنى لسعر العملة يجب أن يبقى حجر الزاوية للسياسة النقدية، غير أن البنك، وفي خطوة غير متوقعة، أعلن الخميس الماضي، أنه ألغى الحد الأدنى لسعر الصرف وخفّض سعر الفائدة لتصبح أكثر سلبية "- 0.75في المئة" ما يفتح المجال أمام مزيد من الانخفاض دون حدود، ونتيجة ذلك تم فجأة اختراق حاجز سعر صرف الفرنك السويسري عند مستوى 1.200، وكانت نتيجته أشبه بتسونامي ضرب الأسواق المالية.

وتابع التقرير: "لأن الحد الأدنى المذكور كان موجوداً منذ سنة 2011، فإن الإجراء الذي اتخذه البنك الخميس كان مفاجأة كبيرة، وأدى إلى تغيير سعر العملة بنسبة 30في المئة خلال دقائق قليلة إن لم يكن خلال ثوان معدودة.

وبالنظر إلى التعقيد البالغ لقرار البنك الوطني السويسري هذا، كان القرار بحد ذاته رسالة للأسواق بأنه بات من الصعب جدا التكهن بما ستكون عليه سياسة البنك خلال سنة 2015، ويكمن وقع هذا الإجراء في أن البنك دأب باستمرار على تأكيد التزامه بالمحافظة على الحد الأدنى لسعر الفرنك إلى أن جاءت تلك الخطوة المفاجئة، والتي خلقت حالة من الفوضى في الأسواق التي ستَعتبر الخميس الماضي يوما مفصليا في تاريخها".

على صعيد أسعار العملة، أصبح اليورو، وبشكل لا رجعة فيه، عملة التمويل المختارة، وكما ذكرنا، اشعل قرار البنك المركزي السويسري تداولات الأسواق يوم الخميس نتيجة لإلغاء الحد الأدنى لسعر اليورو مقابل الفرنك لينخفض سعره في الأسواق من 1.20 إلى 0.8517 خلال ثوان قليلة، قبل أن يقفل عند مستوى 0.9941 بتراجع بلغ 16في المئة تقريباً خلال يومين.

وتراجع الدولار خلال الأسبوع مقابل عدد من العملات الرئيسية باستثناء العملة الأوروبية، وذلك نتيجة لضعف بيانات مبيعات التجزئة الأميركية لشهر ديسمبر وارتفاع العدد الأسبوعي لعدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة، أما بالنسبة لمركز الدولار مقابل اليورو، فقد جَرَت أولى تداولات العملة الأوروبية خلال الأسبوع بسعر 1.1841 مقابل الدولار، وأقفلت في نهاية الأسبوع بسعر 1.1560، أما بالنسبة للجنيه الاسترليني فقد بدأ الأسبوع بسعر 1.5160 وأقفل على 1.5150.

وفي آسيا، ظلت تداولات الين الياباني ضمن نطاق 115.86 و119.32 يناً مقابل الدولار، وبعد أن خفّض البنك المركزي السويسري سعر التداول إلى - 0.75في المئة راجت تكهنات في الأسواق بأن بنك اليابان ربما كان يدرس جدوى اتخاذ خطوة مماثلة في اليابان، الأمر الذي عزز موقف العملة اليابانية لتقفل بسعر 117.50 يناً مقابل الدولار.

وفي أسواق السلع واصل الدولار الارتفاع ليصل إلى 1.280 دولار، مع استمرار المستثمرين في البحث عن استثمارات آمنة، على خلفية تزايد عدد البنوك المركزية التي باتت تعرض أسعار فائدة سلبية.

الدولار الأميركي

في الجانب الأميركي، انخفضت العوائد بشكل حاد وغير متوقع منذ بداية سنة2015 مع استمرار بحث المستثمرين عن استثمارات آمنة، ومع استمرار حالة عدم اليقين التي تلفّ الاقتصاد العالمي، وخاصة بعد لجوء البنك المركزي السويسري لإلغاء الحد الأدنى للسعر وقيامه بتخفيض سعر الفائدة إلى 0.75في المئة- يوم الخميس، أصبح المستثمرون يستبعدون بدء التشدد النقدي من جانب مجلس الاحتياطي الفدرالي قبل نهاية سنة 2015. وفيما يتعلق بالبيانات الاقتصادية الأميركية، جاءت مبيعات التجزئة دون التوقعات، حيث تراجعت بنسبة 0.9في المئة مقابل توقعات بتراجعها بنسبة 0.1في المئة، وبالإضافة إلى ذلك، بلغ عدد المطالبات الأولية بالتعويض عن فقدان الوظائف 316 ألف مطالبة، بينما كان المراقبون الاقتصاديون يتوقعون لها أن تبلغ 290 ألفاً.

وعلى صعيد آخر، تدل البيانات التي تضمنها "الكتاب البيج" الذي صدر خلال الأسبوع على أن معظم مناطق الولايات المتحدة سجلت نموا اقتصاديا "متواضعا" أو "معتدلا" بفضل ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، بينما تباطأ النمو في منطقة دالاس مع انهيار أسعار النفط، وقال "الكتاب البيج" إن الإنفاق الاستهلاكي ارتفع في معظم المناطق مسجلا مكاسب متواضعة عموما في مبيعات التجزئة مقارنة بالسنة الماضية.

تيسير كمي أم لا؟

لعل الإجراء الذي اتخذه البنك المركزي السويسري الخميس يشكل مؤشرا جيدا إلى الاتجاه الذي سيسلكه البنك المركزي الأوروبي خلال الأسابيع القادمة، ولا يسعنا في هذه الظروف إلا أن نتذكر كيف قرر البنك المركزي الأوروبي في أكتوبر الماضي وقف برنامج التيسير الكمي الخاص به لنفاجأ بعد يومين فقط بإعلان بنك اليابان إطلاق برنامج تيسير كمي ضخم.

وسواء قام المركزي الأوروبي بإطلاق برنامج تيسير كمي 22 الجاري أو لم يقم، فإن السعر الحالي لليورو بات يعكس أثر قيام البنك المركزي الأوروبي بالإعلان عن إطلاق برنامج التيسير الكمي بعد اجتماعه الدوري يوم 22 يناير أو اجتماعه في مارس (حيث إن البنك ألغى اجتماعه الدوري لشهر فبراير).

وتعتبر الأسواق قرار محكمة العدل الأوروبية يوم الأربعاء الماضي نقطة إيجابية لمصلحة البنك المركزي الأوروبي لأن قرار المحكمة لم يفرض حدوداً رئيسية على نطاق تطبيق أي برنامج تيسير كمي قد يتم إطلاقه.

وحيث إن الأسواق أخذت سلفا بعين الاعتبار أن برنامج التيسير الكمي سيشمل ما يصل مجموعه إلى تريليون يورو من الأصول، ومع وجود أسعار فائدة سلبية، قد يكون أثر هذا المزيج سلبيا على المدى الطويل من وجهة نظر المستثمرين الذي يرغبون في المحافظة على مراكزهم في العملة الأوروبية، ولهذا السبب فإن مديري الاحتياطيات وأصحاب الاستثمارات طويلة الأجل قد يمتنعون عن الاحتفاظ باليورو ضمن محافظهم طويلة الأجل. وبالنظر إلى أن متوسط أعمار سكان القارة الأوروبية يعتبر مرتفعاً فإن المستثمرين مضطرون للبحث عن أماكن أخرى بحثا عن استثمارا تدرّ عوائد كافية لتغطية احتياجاتهم في فترة تقاعدهم، ولأن الاستثمارات الأوروبية عالية الجودة العالية تعطي عوائد سلبية فإن ذلك يخلق بيئة مثالية لتراجع اليورو لفترة طويلة.

وقال المركزي السويسري إن السبب الرئيسي لإلغاء الحد الأعلى لسعر الفرنك هو أن "الفرق بين سعر تداول الفرنك في الأسواق والقيمة الفعلية للفرنك قد تضاءل منذ استحداث الحد الأدنى لسعر التداول، ويعزى هذا التضاؤل بدرجة كبيرة إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة السويسرية، ومما لا شك فيه أن الأسواق سيكون لها تقييمها الخاص لوجهة النظر هذه، وخاصة على ضوء تجدد مكاسب الفرنك على حساب العملة الأميركية في أعقاب الخطوة التي اتخذها البنك المركزي السويسري الخميس. وبما أن البنك المركزي السويسري دأب باستمرار على زيادة احتياطياته من العملات الأجنبية، وخاصة باليورو، من خلال دفاعه عن الحد الأدنى البالغ 1.200، فقد انخفضت الضغوط على البنك بشكل كبير مع تراجع اليورو بنسبة 17في المئة تقريبا مقابل الدولار منذ يوليو 2014.

المملكة المتحدة

لا تزال الصورة ضبابية في المملكة المتحدة، فبعد أن تراجع الجنيه في بداية الأسبوع بسبب ضعف البيانات المتعلقة بالتضخم ومؤشر أسعار المنتجين، عاد الجنيه للارتفاع من جديد بعد قيام المركزي السويسري بتخفيض سعر الفائدة إلى -0.75في المئة، وبعد أن تزايدت التكهنات بأن المركزي الأوروبي سيعلن حملة تيسير كمي خلال الأسبوع القادم، وهي التكهنات التي ألهبت مشاعر المستثمرين. وكما ذكرنا في تقارير سابقة، وعلى افتراض أن البنك المركزي الأوروبي سيطلق برنامج التيسير الكمي الذي طال انتظاره في أوائل سنة 2015، فإن الجنيه سيستفيد من تدفقات محافظ الاستثمار على خلفية العوائد على الاستثمارات في أوروبا.

الاحتياطي الاسترالي

سجل سوق العمل الاسترالية نتائج أفضل مما كان متوقعا، حيث ارتفع عدد العاملين بـ 37.4 ألف شخص في ديسمبر، مقارنة بالمتوقع البالغ 5 آلاف شخص، وبعد ارتفاع بلغ 45 ألف شخص بعد التعديل، في نوفمبر، وانعكس هذا التحسن على معدل البطالة الذي انخفض على 6.1في المئة مقارنة بـ6.2في المئة (بعد التعديل. وبات السؤال الذي يشغل بال المستثمرين هو ما إذا كان الاقتصاد الأسترالي سيقدم أداء جيدا، على خلفية توجه عدد أكبر من البنوك المركزية نحو فرض أسعار فائدة سلبية وهبوط أسعار السلع وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وأثر هذه العوامل على الاقتصاد".

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً