العدد 4514 - الخميس 15 يناير 2015م الموافق 24 ربيع الاول 1436هـ

الشاعر الأيرلندي بول مولدون: أكتب لعصرٍ صعب

بول مالدون
بول مالدون

يحتل الشاعر الأيرلندي بول مولدون، مكانة مرموقة في المشهد الشعري العالمي، وربما يكون الشاعر شيموس هيني أول من التفت إلى تلك الموهبة التي ستكون لها مكانة في المستقبل القريب. كان ذلك حين أصدر مجموعته الأولى وهو في سن العشرين "طقس جديد"؛ حيث قال هيني: "إنه الشاعر الواعد الذي برز في أيرلندا منذ سنوات"، كما تنبَّأ نقّاد بعد هيني بأن صاحبها قادم بقوة ليأخذ مكانه اللائق في هذا المجال.

اتهم بأن نصوصه صعبة الاستيعاب. ولم تكن هروباً إجابته "إنني أكتب لعصر صعب". مستوحى من تعقيد العصر الإليزابيثي والشعراء الميتافيزيقيين.

شارلوت رانشي من صحيفة "التلغراف"، كتبت تقريراً يوم الثلثاء الماضي (13 يناير/ كانون الثاني 2015)، أضاء تجربته.

أول مجموعة شعرية لبول مولدون، "طقس جديد"، نشرت في العام 1973 وكان وقتها في العشرين من عمره. في ذلك الوقت، كان شيموس هيني مشهوراً بالفعل في العام ١٩٦٦، وكان مولدون وقتها يتلقى تعليمه في جامعة كوينز في بلفاست، وقال عن مولدون إنه "الشاعر الواعد الذي برز في أيرلندا منذ سنوات".

في العقود الفاصلة، أصبح مولدون واحداً من أكثر الشعراء احتراماً في العالم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وظل هيني دليله وبطله. مجموعة مولدون الثانية عشرة "قيمة معرفة ألْف من الأشياء"، والمجموعة الأولى منذ وفاة هيني في العام 2013، افتتحت بـ "كوثبرت وثعالب الماء"، التي امتلأت ببقع من الألم متنوعة ومتألقة، وما يدنو من الرثاء الطويل لمعلمه هيني.

مولدون الذي ولد في العام 1951 في "أرماغ" الأيرلندية، فاز بجائزة ت إس إليوت، وجائزة بوليتزر للشعر. عمل أستاذاً لمادة الشعر في جامعة أكسفورد حتى العام 2004، ويرأس حالياً جمعية الشعر، ويعيش في الولايات المتحدة، حيث يعمل محرراً للشعر في مجلة "نيويوركر".

عمل لأكثر من عشر سنوات في إذاعة وتلفزيون بي بي سي، في بلفاست. وفي العام 1986 ترك عمله الإذاعي، وتفرغ للكتابة والتدريس في جامعتي كمبريدج، وإيست أنجليا. من أهم كتبه: ديوانه الأول "طقس جديد" الصادر العام 1973، "بغال" العام 1977، "لماذا غادرت بروان لي" العام 1980، وغيرها، إضافة إلى أعماله الشعرية الكاملة التي صدرت العام 2001 تحت عنوان "قصائد 1968ـ 1998"، ومجموعته الشعرية العاشرة بعنوان "آفاق الخيول" صدرت في العام 2006.

قدّم الشاعر الأيرلندي مولدون كلمات في حفل تأبين هيني قال فيها: "هيني يشير إلى قدرته على جعل كل منا ليس فقط على ارتباط به؛ بل بعضنا بعضاً". "ساعدنا هيني جميعاً في تطوير طاقاتنا التخيلية".

واحدة من السمات الأكثر إثارة ولا هوادة فيها في شعر مولدون هي الطريقة التي يكتب بها، من خلال جمع قصاصات مما قاله القدماء (المحاربون، الراهبات البينديكتيات، وحياة موسى) مع قدرته على التواصل مع اللحظات التي تتجلى بإلماعات في العامية. إنه لا يكف عن التنقيب في الكنوز اللغوية والتاريخية من مختلف العصور وكأنه يضيء بعدسة مكبرة غنائمه تلك.

استفاد مولدون كثيراً من اعتماده الخط البياني في الانتظام الذي يريد لقصائده أن تكون عليه، وهو بأسلوبه الذي يشكو كثير من القراء من صعوبته، يدعو بطريقة أو أخرى أولئك القراء إلى أن يربطوا بين العلاقات في النص. "ما يعنيني أكثر هو مجموعة البنى الداخلية؛ تلك التي تمكّنني من تثبيتها كمرايا متقابلة".

في "كوثبرت وثعالب الماء"، التي استند فيها مولدون إلى أسطورة القديس كوثبرت، تنبض بإعجاب بالأعمال التي قدَّمها هيني، ولاسيما في إصداراته الجديدة المبكرة في الأدب، وارتباطه العاطفي بالتاريخ البشري. سطر واحد هو بمثابة الجملة الكاملة والمقفرة في آن.

هذا التوجُّه يضرب بثبات؛ لأنه واحد من عدد قليل من الكتب المقترنة بالحقيقة والوضوح المفاجئ. أي شخص يقلق بالفعل من الشعر المعاصر المبهم، وسيرغب في قراءته بعناية؛ أو على الأقل، يجب عليه أن يتحايل فيما يشبه اللعبة لاكتشاف إلى أي مدى يمكنه النفاذ إلى قصائد مولدون، دون أن يحاول الاستعانة بقاموس.

تلقى مولدون من قبل الكثير من الشكاوى في هذا الشأن، ودافع عن صعوبة الشعر الذي يكتبه بقوله، انه يكتب "لعصر صعب"، مستوحى من تعقيد العصر الإليزابيثي والشعراء الميتافيزيقيين.

يمكن اكتشاف أن مولدون يعمد إلى توظيف "الكولاج" في كثير من نصوصه، بتدافع الصور ومزاوجتها، في استدراج بصري لتكوين شكل جديد.

تأثر بمثَلَه ومعلمه هيني، في الركون إلى عوالم بديلة فيما يكتب من شعر، عوالم هي أقرب إلى الافتراضية، سعياً وراء تجاوز البيئة المحلية، نفاذاً إلى المدى الكوني؛ ما يعني ذلك التجاوز الذكي لحواجز كبرى، أولها الثقافة واللغة.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً