أجمع كل من غرفة تجارة وصناعة البحرين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كلمتيهما على رفض آلية إصدار القرار رقم 29 لسنة 2014 عن وزير الصحة، متضمناً إلزام أصحاب المنشآت بدفع 72 ديناراً سنوياً عن كل عامل غير بحريني، و22.5 ديناراً سنوياً عن كل عامل بحريني، ووصفوه أنه «جاء متسرعاً ومن دون تشاور مع بقية أطراف الإنتاج أولي الاختصاص بالموضوع».
فمن جانبه، أكد النائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين عثمان شريف رفض الغرفة للقرار معتبراً إياه «غير واضح ولم يستطلع آراء ممثلي أصحاب العمل قبل إقراره رغم أنهم المعنيون بالموضوع».
وقال: «إن سمو رئيس الوزراء دائماً ما يؤكد ضرورة إشراك القطاع الخاص والاستئناس بآرائهم في القضايا والقرارات المتصلة، وذلك حتى يكون القرار قائماً على أساس مدروس ومتين»، مستدركاً «لكن للأسف وزير الصحة أصدر القرار من دون الرجوع إلى الجهات ذات العلاقة».
وأضاف «رسوم الصحة الأولية بمقدارها السابق 60 ديناراً عن كل عامل أجنبي كانت تشكل عبئاً كبيراً على بعض القطاعات، وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذين هم في الواقع يعانون من زيادة المصاريف والكلفة، ما أثر على تجاراتهم، وخاصة أن لديهم التزامات مالية أخرى نتيجة الأزمة الاقتصادية والركود التجاري الذي يواجهونه وأمور أخرى».
وأشار شريف إلى أن إصدار القرار في هذا التوقيت من دون أخذ رأي الغرفة يجب أن يعاد النظر فيه، كاشفاً عن اتصالٍ تلقته الغرفة من وزارة الصحة لتحديد موعد اجتماع مع الوزير سيكون في منتصف الأسبوع المقبل.
وعن رأي الغرفة فيمن يرى القرار عادلاً وجزءاً من الالتزامات التي يجب أن يتحملها صاحب العمل تجاه الدولة، تساءل شريف «لماذا يضطر صاحب العمل لدفع الرسوم الصحية عن العامل البحريني؟، ألا ينص الدستور على مجانية العلاج للمواطنين وعلى نفقة الدولة؟ ثم لماذا هذا التمييز بين القطاعين؟. لماذا الحكومة معفاة من دفع هذه الرسوم عن العاملين في القطاع العام؟».
وأردف «أما بالنسبة للعمال الأجانب، أساساً كثير من أصحاب العمل يشتكون أنهم يدفعون رسوم الخدمات من دون مقابل، حيث لا يحصل العامل الأجنبي على علاج مناسب في المركز الصحي. بل على العكس الأجانب يعانون حتى يحصلوا على علاج في مركز الرازي الصحي الذي هو المركز الحكومي الوحيد المختص بهم».
وتابع «أنا مثلاً كثيراً من المرات تواجهني هذه المشكلة، فعندما يذهب العامل للمركز لعمل فحوصات دورية للسكر أو غيره يضطر للمكوث من الصبح حتى الظهر، وعندما نسأله عن ذلك، يجيب أنني لم أتمكن من الدخول للعلاج إلا هذا الوقت، ما يدفعني إلى أن آخذهم للعلاج في المستشفيات الخاصة حتى أضمن تلقيهم العلاج اللازم، وكي لا أخسر ساعات العمل المطلوبة أيضاً».
وعبر شريف عن رفضه لمقولة إن رفع الرسوم وتعميم إلزامها يأتي في سياق بحث الدولة عن موارد دعم أخرى في قبال انخفاض أسعار النفط، غير أنه عاد وقال: «من باب أولى وقف الهدر في المال العام الذي تكشفه تقارير الرقابة المالية وتوفير تلك المبالغ».
من جانبه، أكد الأمين العام المساعد للحماية الاجتماعية بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين فلاح هاشم أن قرار إلزام أصحاب العمل بدفع رسوم الخدمات الصحية للعمال الأجانب ليس جديداً، موضحاً «كان القرار السابق يقضي بدفع 60 ديناراً شهرياً على كل عامل أجنبي في المؤسسات التي يزيد عدد عمالها على 50 عاملاً، لكن الذي تغير الآن أن القرار رفع الرسوم وأصبح شاملاً لجميع المؤسسات أياً كان حجمها».
وشدد على أهمية التمييز بين أمرين، هما: خدمات الرسوم الصحية والتأمين الصحي. وأفاد «القرار لا يلزم صاحب العمل بعمل تأمين صحي للعامل، بل بإعطاء الدولة رسوماً عوضاً عن تقديم الخدمات العلاجية للعمال في المراكز الصحية الحكومية».
وفي حين أبدى هاشم تأييد الاتحاد لحصول العمال على التأمين الصحي من حيث المبدأ، إلا أنه اعتبر قرار وزير الصحة صادر من جانب واحد ومن دون دراسة مستفيضة.
وقال هاشم: «إن القرارات التي تمس سوق العمل من المهم أن يتم التباحث فيها بين أطراف الإنتاج الثلاثة الحكومة، أصحاب العمل، العمال، خاصة عندما تتحدث عن قرار سيسري على أكثر من 600.000 عامل ينتمون إلى سوق العمل البحرينية، مشيراً إلى أن نسبة العمالة الأجنبية في البحرين تقدر بـ 500.000 عامل.
وأردف «ولأن العدد ضخم ومؤثر فلا ينبغي أن تنفرد الحكومة باتخاذ القرارات بعيداً عن أطراف الإنتاج، وذلك لضمان قيام المشروع على أفضل الأسس، وضمان التنفيذ الناجح أيضاً».
وبيَّن هاشم «نحن في الاتحاد نعتقد أن مبدأ أن يدفع صاحب العمل تكاليف الرعاية الطبية ليس خطأ، لكن لابد من الدخول في حوار مجتمعي لتنضيج ذلك». وزاد «ونحن سندخل بعقل مفتوح، وسنرى أين مصلحة البلد والعمال».
ولفت إلى أن القرار بهذه الصيغة «لن يحل الإشكالية»، مؤكداً أن لجوء الحكومة لذلك مرده إلى آثار الأزمة الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط، حيث قال: «الحكومة في اتجاه حل عجزها برفع الرسوم على المواطنين».
هذا وسعت «الوسط» لاستطلاع رأي وزارة الصحة في الموضوع إلا أنها لم توفق لذلك.
العدد 4513 - الأربعاء 14 يناير 2015م الموافق 23 ربيع الاول 1436هـ