العدد 4510 - الأحد 11 يناير 2015م الموافق 20 ربيع الاول 1436هـ

ما بعد «شارلي ايبدو»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سيشكّل هجوم الأربعاء الماضي على المجلة الساخرة «شارلي ايبدو» في قلب العاصمة باريس، نقلة حاسمة في المواقف الفرنسية والأوروبية، كما كانت هجمات سبتمبر على واشنطن ونيويورك.

المظاهرة أمس (الأحد) التي حرص على المشاركة فيها مسئولون من خمسين دولة، بعضها ذات أنظمة ديمقراطية، وبعضها غير ديمقراطية، تسجن مواطنيها بسبب كتابة تغريدة في «تويتر»، حرص منظموها على تسميتها «مسيرة الجمهورية»، للتأكيد على «حرية التعبير»، وقد دعا للمشاركة فيها رئيس الوزراء نفسه (مانويل فالس) بقوله إنها «ستكون تظاهرة غير مسبوقة ويجب أن تظهر قوة وكرامة الشعب الذي سيهتف بحبه للحرية والتسامح». وتوقّع المراقبون أن يشارك فيها أكثر من مليون شخص.

في مقدمة المشاركين، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورؤساء الوزارة في كلٍّ من بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا وتونس والمجر، فضلاً عن وزير الخارجية الروسي، فيما اتخذ وزير الخارجية المغربي موقفاً وسطاً، حيث أعلن إنه في حال شهدت المظاهرة رفع رسوم مسيئة للرسول (ص)، سينسحب منها.

إلا أن الموقف الأغرب هو مشاركة رئيس الوزراء التركي داوود أوغلو، الذي كانت بلاده ممراً سالكاً لـ «الجهاديين» القادمين من 80 بلداً، للقتال في سورية والعراق. فبينما راجعت الدول الغربية مواقفها من دعم التنظيمات التكفيرية المتشددة، منذ العام 2012، استمرت تركيا في تبني ودعم هذه الحركات، وفتحت لها حدودها ومنافذها البرية، أملاً بالإطاحة بالنظام السوري، وزيادة خلخلة الوضع العراقي. حتى الدول العربية التي تورطت في المستنقعين العراقي والسوري، راجعت مواقفها وفرملت اندفاعتها، بعد غزوة الموصل واستيلاء «داعش» على مساحات واسعة من العراق، وبعضها انتبه من غفوته بعدما أطلق «داعش» تهديداته لها بالغزو. أما تركيا فمازالت تراهن على هذه التنظيمات المتطرفة لفرض أجندتها وتحقيق مصالحها في الإقليم.

الآن، فرنسا دفعت ثمن تدخلاتها ومواقفها المتشددة في دول المنطقة، وقد عاشت هاجس عودة المقاتلين من سورية إليها منذ مطلع 2014، إذ تبلغ أعدادهم 1200، من بينهم 100 امرأة. وكانت الداخلية الفرنسية تراقب حركتهم، وفي أحد تقاريرها الأمنية قالت بوجود 400 فرنسي في صفوف «داعش» و»النصرة»، وأن أكثر من 200 كانوا في حالة «ترانزيت» في تركيا، يستعدون لدخول الأراضي السورية والعراقية.

بعد أيام من غزوة «الموصل»، نشرت وسائل الإعلام الغربية رقماً مضلّلاً، سربته المخابرات الأميركية، عن تعداد «داعش»، بحدود 30 ألفاً، ولكن الحقيقة كانت ثلاثة أضعاف ذلك، إذ تصل التقديرات الواقعية إلى 120 ألفاً. وعلى الشعوب في المنطقة ألا تسأل: كيف جاءوا؟ ومن أين؟ وعبر أية مطارات تم تنظيم حركة هذه المجاميع؟ ومن الذي تولى تمويلها وإيصال السلاح إليها؟ وما هي الأجهزة الاستخباراتية التي تقف وراءها؟ وأين كانت غرفة العمليات لإدارتها؟ وكيف اتخذت مواقعها القتالية؟

في بريطانيا كان الرقم المعلن عن عدد «الجهاديين» 400، ولكن الصحافة البريطانية كشفت أن الحقيقة هو 1500. وهو رقمٌ مخيفٌ ومرعبٌ، خصوصاً أنهم يتوقعون عودة العشرات أو المئات منهم، سواءً توقفت الحرب في العراق وسورية أو استمرت لأشهر أو سنوات قادمة.

بريطانيا وفرنسا من أكثر الدول انغماساً في تأجيج الأوضاع في دول المنطقة، بدوافع المصالح الكبرى والحسابات الاستراتيجية، يحدوهما ماضٍ استعماري عريق، منذ «سايكس بيكو» قبل مئة عام (1916)، حتى العدوان الثلاثي على مصر (1956). ومن الصعب أن تقتنع الشعوب العربية أنها تصطف مع حريات الشعوب.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4510 - الأحد 11 يناير 2015م الموافق 20 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 5:05 ص

      أوغلو يا اوغلو

      لا أدري ماذا يقول داووووود اوغلو عندما يسأل في فرنسا: هذه من بركات دعمكم لداعش. فمتى ستوقفون دعمكم لهؤلاء القتلة والمجرمين؟.

    • زائر 16 | 5:01 ص

      من الصعب أن تقتنع الشعوب العربية أنها تصطف مع حريات الشعوب

      بريطانيا وفرنسا من أكثر الدول انغماساً في تأجيج الأوضاع في دول المنطقة، بدوافع المصالح الكبرى والحسابات الاستراتيجية، يحدوهما ماضٍ استعماري عريق، .

    • زائر 13 | 2:31 ص

      شيئ واحد محيرني

      ليش ما طلع من الشرطي المضروب إللي في الشارع دم؟
      آخاف هذا إللي قالته سوزان لينداور!

    • زائر 10 | 12:59 ص

      طابخ السمّ لا بد ان يتذوقه

      كل من ساهم في تدمير الشعب السوري والشعب العراقي وزرع الارهاب في المنطقة وسخّر اموال >> لتغدية هذه الجماعات سيذوق وبال ونتاج ما قاموا به

    • زائر 9 | 12:33 ص

      اسوأها سياسة اردوغان

      والدور جاي عليه

    • زائر 8 | 12:31 ص

      غريبة

      دولة بها تجهيز غازي و ... يذهبون خلسه الى سوريا ويجتمعون مع الارهابيين و يتبجحون بذالك, ثم ييشارك في فرنسا ضد الارهاب
      \nالبحرين دولة العجائب

    • زائر 7 | 12:21 ص

      عساهم ما جاهم

      من هذا لأزيد عشان يحسون بالمر والهوان والعذاب الي شافوه العراقيين والسوريين وعلى نفسها جنت براقش وموضوعك ممتاز وخاصة عبارة المشاركين دول غير ديمقراطية تسجن مواطنيها بسبب تغريدة وهذلين يقتلون القتيل ويمشون في جنازته وشكرا لك

    • زائر 6 | 12:13 ص

      قالوها

      طابخ السم آكله

    • زائر 5 | 11:27 م

      عمي البصر و عمي العيون

      من مشاكل البشر نقص العقل الذي لا يشعر به. لو كان الانسان يملك مفتاحا يوصله الي مخه ليجد كم هو ناقص ؛ لربما خلت العالم من المشاكل. من عيوب الانسان أيضاً بصره الذي يري به كل شيئ ما عدا عينيه اللتان يبصر بهما.
      قصر فكرهم و بصرهم اوصلهم لهذه المرحلة.

    • زائر 3 | 11:03 م

      سؤال

      >>وبعضها غير ديموقراطية تسجن مواطنبها بسبب تغريدة

    • زائر 2 | 10:50 م

      ومن الصعب أن تقتنع الشعوب العربية أنها اي بريطانيا وفرنسا تصطف مع حريات الشعوب.

      بريطانيا وفرنسا من أكثر الدول انغماساً في تأجيج الأوضاع في دول المنطقة، بدوافع المصالح الكبرى والحسابات الاستراتيجية، يحدوهما ماضٍ استعماري عريق، منذ «سايكس بيكو» قبل مئة عام (1916)، حتى العدوان الثلاثي على مصر (1956). ومن الصعب أن تقتنع الشعوب العربية أنها تصطف مع حريات الشعوب.

    • زائر 1 | 10:29 م

      لن يكف الغرب في توظيف الوحوش لافتراس خصومهم

      احتاج الغرب لهذه الكائنات المتوحشة في افغانستان و سوريا و في العراق لاخضاع الحكومة التي رفضت ان تكون عميلة و اصرت ان تعامل كحكومة دولة فسلط عليهم هذه الوحوش للحيلولة دون تحالفهم مع عدوتهم ايران . هذه الكائنات لا تمس باذى اسرائيلي و يقطع الفلسطيني المنتمي لهم ىلاف الكيلومترات في بلد آخر ليفجر نفسه بعيدا عن الاسرائليين

اقرأ ايضاً