العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ

الإرهاب الدموي العابر للحدود

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

شهد الأسبوع الأول من يناير 2015 تنقل الإرهاب من دولةٍ إلى أخرى، ففاجأ الجميع في السعودية ليحط بكلكله في فرنسا.

بدأ أولاً بالقارة الأفريقية، باختطاف «بوكو حرام» 40 رهينةً أعمارهم بين 10 و23 عاماً، عشية الاحتفال برأس السنة الميلادية، وقتل العشرات وتدمير 16 بلدة وقرية شمال شرق نيجيريا. وثنّى يوم الاثنين بالهجوم على الحدود الشمالية للسعودية، ومقتل 3 من رجال دورية أمنية في مركز سويف الحدودي بمنطقة عرعر، ومصرع المهاجمين الأربعة، وما أعقبه من اعتقال إرهابيين آخرين في الأيام التالية، من الجنسية السعودية والسورية. وعلى الأثر أعلنت الكويت الاستنفار على حدودها.

يوم الأربعاء، شهد تفجير سيارة ملغومة في صنعاء، خارج كلية للشرطة، أودى بحياة 31 وإصابة 50 آخرين بعضهم من المارة. وخلال هذه الفترة شهدت العراق وسورية أعمالاً مشابهة، أودت بحياة العشرات، مدنيين وعسكريين، وإصابة المئات، أغلبها على يد تنظيم «داعش»، الذي أعدم أيضاً، ثلاثة من قيادييه السوريين بتهمة الخيانة في العراق.

أما الحدث الذي حظي بالتغطية الإعلامية الأكبر، بسبب وقوعه في عقر بلد أوروبي، فهو الهجوم على الأسبوعية الساخرة «شارلي إيبدو»، حيث قتل 11 وجرح 12 آخرون. واستمرت التداعيات ليومين آخرين، حتى انتهت مساء الجمعة، بمقتل المهاجمين بعد عملية مطاردة ساخنة. وقد ولّدت الحادثة رد فعل سريعاً، بإجماع على إدانتها على مستوى العالم، وكانت الدول الإسلامية أول من بادر لإدانة هذا العمل الدموي، الذي لم يتردد بعض كبار المفتين في إدانته بأشد العبارات. بل إن المفتي العام بالسعودية حذّر من «دعاة الشر والسوء الذين يحملون أفكاراً منحرفة، ويسعون للفساد وسفك الدماء والتفجير والتكفير، وينتسبون للإسلام وهم عدو له ولأهله، ويزعمون أن عملهم جهاد في سبيل الله وهو في حقيقته جهاد في سبيل الشيطان».

فرنسا كانت تتحسب لمثل هذه العملية منذ أكثر من عامين، بسبب زيادة تورّطها في قضايا المنطقة، بدءًأ بمشاركتها في الإطاحة بالقذافي، وانغماسها بالحرب على الإرهاب في مالي، فضلاً عن تصدرها للمواقف المتشدّدة ضد النظام السوري. وبينما كانت تتوقع هجمات ثأرية انتقاماً لكل ذلك، جاءتها الضربة من حيث لم تحتسب: رداً على رسومات كاريكاتيرية ضد الإسلام، في مجلةٍ أسبوعية اعتادت السخرية من كل الأديان.

الواقعة ستعيد فتح الكثير من الملفات، وفي مقدمتها دور هذه الدول في التمدد الأخطبوطي للحركات الإرهابية، لاستخدامها ضد دول وأنظمة معينة. وهو موضوع ليس سراً، وإنما كتبت عنه الصحافة الغربية الكثير من التحقيقات، وكشفت كيف كان يتم استقطاب «الجهاديين» من 80 دولة، للقتال في سورية والعراق. ولم تنزل هذه الألوف المؤلفة من السماء، وإنما كانت هناك أجهزة استخبارات عربية وإقليمية ودولية، عملت لثلاث سنوات على إدارة الحروب وتأجيج النزاعات الأهلية، وإمدادها بكل أسباب الاشتعال.

120 ألفاً تم تسليطهم على سورية، بدعوى مناصرة الثورة السورية، ليدفع الشعب العربي السوري الثمن مضاعفاً، لمواجهة بطش النظام وهمجية الإرهاب. وسُلّط ضعف ذلك العدد على العراق خلال العقد الأخير. ولم يكونوا يصلون إلى مواقعهم إسقاطاً بالبراشوت، وإنّما كانت هناك تسهيلات مادية ولوجستية ضخمة، حيث يتنقل هؤلاء من مطار إلى مطار، في مسارات مؤمَّنَة، وكان قصب السبق في ذلك لحكومة رجب طيب أردوغان، وهي الدولة الوحيدة التي مازالت سادرة في غيّها بدعم ورعاية الإرهاب.

الغربيون كانوا أول من تنبّه للحفرة التي كانوا سيقعون فيها، فأخذوا يراجعون مواقفهم تجاه حركة «الاخوان المسلمين» فضلاً عن الحركات السلفية التكفيرية المتشددة. ومن العام 2012، بدأوا يعيدون حساباتهم، ويجردون عدد «الجهاديين» الذين خرجوا للقتال في سورية والعراق، بمباركة ضمنية، على أساس الخروج بتذكرة غير مرجعة، فهم بذلك يتخلصون من عناصر خطيرة، ويرمون بها في وجه البلدان والأنظمة المرغوبة. وكانت فرنسا أولاند، هذا الرئيس النزق، من أكثر الدول تشدّداً ومضياً في هذا المشروع: إنهاك هذه الدول المطلوبة، واستنزاف قواها العسكرية والاقتصادية.

شهد العام الجديد انفجاراً كبيراً للإرهاب، من الأسبوع الأول، ضرب نيجيريا والسعودية، وانتهى بضربته المدوية في فرنسا، فيما يتوقع المراقبون الغربيون الضربة الأكبر في بريطانيا، التي دفعت بالعدد الأكبر من «المجاهدين» للقتال في سورية والعراق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4509 - السبت 10 يناير 2015م الموافق 19 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:35 م

      لا تتعجب الحسين ابن علي بن أبي طالب( رضي الله عنه )

      قالوا عنه أكثر من ذلك واعتبروه هو الذي فرق بين المسلمين وخرج على خير الناس بعد الصحابه أمير المفسدين الطاغيه يزيد بن معاوية بالله عليك ماذا تتوقع أن يقولوا عن السيد حسن نصر الله غير أنه إرهابي

    • زائر 9 | 6:09 ص

      الى زائر 5

      قالها السيد حسن: سيأتي يوم ستأتي كل الدول لتشكرنا على موقفنا في محاربة الارهاب والتكفيريين في سوريا. وهذا اليوم يقترب. خلط الاوراق وتشبيه الحزب بداعش لعبة لا تنطلي على الأطفال ولا يصدقها الا الحمقى والاغبياء.انتظر وستسمع عن برقيات الشكر لحزب الله. وما فعله الارهابيون في فرنسا يقرب هذا اليوم أكثر.

    • زائر 8 | 6:00 ص

      هذه نتيجة اللعب بالنار

      فرنسا لعبت بالنار فجاءتها الضربة من حيث لا تحتسب. مواقفها املتشددة واملتطرفة ووخصوصا في دعم الارهاب في سورية والآن تشرب من نفس الكاس.

    • زائر 5 | 2:13 ص

      عاد يا سيد الله يهداك ما كملت القصة

      بوكوحرام في أفريقيا و مالي ؛ الحركات ... التكفيرية المتشددة في أفغانستان و باكستان ؛ جماعات و تنظيمات دمرت ليبيا ؛ جهاديين من 80 دولة للقتال في سورية والعراق ؛ الرزرقاوي و البغدادي و مليشيياتهم إللي سموها تنظيم الدولة ، مجاهدين رساليين من 3 دول إضافة إلي حزب عربي مقاوم لمساعدة الحكومة السورية ؛ سيطرة مليشيات على العاصمة اليمنية؛ ....

    • زائر 10 زائر 5 | 6:31 ص

      تعرف من اللي قطع الرؤوس وسبى النساء المسلمات؟

      ما سووها الا التكفيريين المتطرفين.اعادوا زمان الجاهلية. لا تخلطوا الاوراق وترمون زبالتكم على غيركم.

    • زائر 4 | 1:19 ص

      حالش و داعش

      حالش و داعش وجهان لعملة واحدة

    • زائر 3 | 11:51 م

      غريب الرياض

      أرجو ان ينقلب السحر على الساحر ...

    • زائر 2 | 10:56 م

      ------

      كلهم لا زالوا سادرين في غيهم في خلق ودعم وتمويل الإرهاب والضحية الشعوب المقهورة والمغلوبه على أمرها.

    • زائر 1 | 10:31 م

      .

      الله يرد كيدهم في نحورهم

    • زائر 6 زائر 1 | 5:51 ص

      ... سيد حسن نصر الله (لقد قلت كلمتك وصدقت)

      يوم وقف حزب الله ضد التكفيرين في سوريه قالوا الى الحزب اخرج من سوريه لا سو لينا مشاكل في لبنان ، ولآن كل الدول تتحسب من الضربة الي جيتنهم

اقرأ ايضاً