تنتمي مجلة "شارلي إبدو" إلى التقاليد الفرنسية العريقة في الصحافة الفرنسية التي امتدت منذ زمن الصحف الفاضحة التي هاجمت ماري انطوانيت اثناء الفترة التي مهدت للثورة الفرنسية.
وهي تقاليد تجمع بين اليسار الراديكالي وقدر من الاساءة البالغة في التعبير يصل أحيانا إلى حد البذاءة، حسبما ذكر تقرير نشره موقع الـ "بي بي سي".
وكانت الاسرة الملكية هي هدف تلك الصحافة إبان القرن الثامن عشر. وصاغ مروجو الشائعات لغطا هائلا بقصصهم - التي كثيرا ما صاحبتها الرسوم - حول المغامرات الجنسية للأسرة المالكة وفساد البلاط في فرساي.
واليوم هناك شخصيات ومؤسسات نافذة مثيرة للجدل تقوم تلك الصحافة بمهاجمتها وهي السياسيون والشرطة ورجال البنوك والدين.
والسلاح الذي تستخدمه الآن هو السخرية وليست القصص المفبركة.
إلا إنها لاتزال تستخدم - إلى حد كبير - لغة الاستهجان التي استخدمتها في انتقاد الانظمة القديمة.
وتمثل مجلة "شارلي إبدو" مثالا قويا لذلك النوع من الصحافة.
وقد يرى البعض السخرية من النبي محمد نوعا من الالتزام الشجاع بالمبادئ بينما يراها أخرون سلوكا خطرا غير مسؤول. لكن في جميع الحالات لا يمكن إنكار إنه ينسجم مع طبيعة الوجود التاريخي لتك الصحافة.
تاريخ "شارلي إبدو"
وتعاني مجلة "شارلي إبدو" من مقارنتها بشكل مستمر مع منافستها الأشهر والأكثر نجاحا صحيفة "لوكانار إنشين" الاسبوعية.
وكلا المطبوعتين تستخدمان الرسوم الكاريكاتيرية كوسيلة لتحدي القوى المؤثرة على الساحة.
وبينما تتميز صحيفة لوكانار إنشين بالسبق الصحفي وكشف الاسرار، فإن مجلة "شارلي إبدو" أكثر فظاظة وقسوة في تعبيرها، مستخدمة مزيجا من الرسوم وخفة الظل المحملة بالانفعال.
وتحتل مجلة "إبدو" مكانا في اقصى يسار السياسة الفرنسية. وقد عانت في الماضي من مجموعة الانقسامات والخروج على التقاليد الايدلوجية.
وقد استقال احد رؤساء تحريرها منذ عامين - بعد بقائه في منصبة فترة طويلة - إثر جدل حول معاداة السامية.
وتعود اصول المجلة إلى مطبوعة ساخرة أخرى اسمها "هارا كيري" التي نجحت في صنع اسم كبير لها في الستينيات من القرن الماضي.
وفي عام 1970 ظهرت مجلة "شارلي إبدو".
وكانت الأخبار آنذاك تدور حول خبرين أساسيين هما اندلاع حريق أدى إلى مصرع أكثر من 100 شخص في ملهى ليلي، ووفاة الرئيس السابق الجنرال شارل ديغول.
في ذلك الإثناء صدرت مطبوعة "هارا كيري" تحمل عنوانا يسخر من وفاة الجنرال ديغول يقول "رقصة مأساوية في كولومبي - مقر اقامة ديغول - تسفر عن مقتل شخص واحد".
وأدى ذلك إلى حظر مطبوعة "هارا كيري". وآنذاك سارع محرروها بإصدار مجلة "شارلي إبدو" الاسبوعية.