مع نهاية العام 2014، تدخل إحدى الدوائر الحديثة في مملكة البحرين اليوم (دائرة الجوازات)، عامها السادس والثمانين، منذ قيامها في العام 1928.
يظل رصْد بدايات تأسيس الدوائر الحديثة في البحرين منذ ما قبل مطلع القرن العشرين، مروراً ببداياته، وصولاً إلى فترة الاستقلال، واحداً من أهم الموضوعات التي تقدم صورة مُقرِّبة للتدرُّج، النجاحات والفشل، والاستقرار في نهاية المطاف، بوصول تلك الدوائر والمؤسسات إلى مراحل متقدمة، هي اليوم نموذج لمثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبحسب كتاب «لمحات من تاريخ البحرين» للباحث خليل المريخي، والذي أرفق صورة عن جوار سفر في فصل «جوازات البحرين قديماً»، نقف على ما قبل تأسيس دائرة الجوازات؛ إذ تشير الصورة إلى أن حاكم البحرين المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، قد أصدر في العام 1912 خطاباً (بمثابة جواز سفر) لمحسن السيد عبدالله العالم «الذي كان مسافراً إلى العراق، وجاء في الأمر الأميري وقتها «من عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين، لكافة مأموري الدول المتحابَّة، بأن الرجل محسن بن السيد عبدالله العالم مسافراً (مسافر) من البحرين قاصداً العراق لأجل الزيارة. إنه من رعايانا ومحسوبيتنا، فالمأمول ممن اتفق به لا يعمل معه شيئاً مما يتنافى مع مراسم الوداد، وروابط الصداقة والاتحاد، وأعطيناه هذا الشق لأجل البيان لكي لا يخفى. حاكم ولاية البحرين (ختم)».
ويمكن ملاحظة أن «الخطاب» (الجواز)، قد تم التصديق عليه واعتمد من قبل دار الاعتماد البريطاني، مع النص الإنجليزي المرفق به.
إذاً نحن أمام بدايات وإن لم تُؤسس فيها دائرة الجوازات، تعود إلى 102 سنة تقريباً منذ تاريخ التخويل بالسفر في صورة الجواز الأولية للشخص المذكور (السالم) في العام 1912.
الجواز/ الخطاب
لم تعرف البحرين دائرة للجوازات ضمن النظم المتعارف عليها، ولو كانت في صورها الأولية، قبل العام 1928. كان الذين هم على نية السفر، أو تقتضي ظروفهم وطبيعة عملهم التحرك بين البلدان، يحصلون على ورقة (خطاب) من حاكم البحرين في ذلك الوقت. وكانت الورقة تحتوي «على بعض البيانات كالاسم والعمل، بالإضافة إلى توصية من قبل الحاكم نفسه، ثم تُصدَّق من دار الاعتماد البريطاني أو القنصل البريطاني».
وبالنسبة إلى غير البحرينيين الذي يدخلون البحرين، لم تك ظروف البلد في تلك الفترة تشترط إبراز وثيقة أو جواز سفر، بحسب كتاب المريخي، والمصادر التي اعتمد عليها، فإن «أعداداً كبيرة كانت في بعض الأوقات تدخل البحرين بدون أن تحمل معها ما يثبت شخصيتها من تصريح أو وثيقة أو غيرها».
أول إصدار للجوازات العام 1929
اقتصر عمل إدارة الجوازات فترة تأسيسها الأول، على تسجيل المسافرين الذين يدخلون البحرين ويخرجون منها عن طريق البحر فقط «لأنه حتى ذلك الوقت لم يكن هناك مطار في البحرين، أو أي نوع من الخدمات الجوية للمسافرين».
عرفت البحرين وثائق السفر في صورتها النظامية، في العام 1929، بإصدار أول الجوازات البحرينية «وكانت مدة صلاحية الجواز سنتين، بينما رسْم استخراجه يصل إلى 7 روبيات».
ومثلها مثل أغلب الدوائر، كانت دائرة الجوازات تتبع المستشارية، و «كان مقرها في بداية تأسيسها يقع في جزء من المبنى الذي كان محل باب البحرين سابقاً، والذي كان يحتوي على عدة دوائر حكومية كالمحاكم - الشرطة - البريد، وقد ظل هذا المكتب في المبنى المذكور حتى العام 1939».
«الجوازات» بين قطب الدِّين، خلفان، والعصفور
تناوب على إدارة الجوازات منذ تأسيسها كل من: جلال الدين أحمد قطب الدين «وكان معه كاتبان فقط، هما المرحوم إبراهيم خلفان، والمرحوم مساعد الزياني»، ليلتحق بالعمل كاظم العصفور وأحمد جاسم، وبعد الخدمة الطويلة التي قدّمها قطب الدين، تم تعيين إبراهيم خلفان، لينقل بعد ذلك إلى بلدية المحرق، ليحل محله كاظم العصفور كمدير للجوازات، والذي ظل يشغل الوظيفة إلى ما بعد منتصف الخمسينات من القرن الماضي، ليتم تعيين الشيخ حمد بن محمد آل خليفة محله، والذي استمر في المنصب حتى العام 1966، لِيَلِيَه في المنصب الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة (وزير الداخلية السابق)، كمدير للإدارة حتى العام 1969.
وبحسب الترتيب والتعاقب على إدارة الجوازات نورد الأسماء على النحو الآتي: الشيخ عيسى بن علي بن محمد آل خليفة، وبمسمّى الوكيل المساعد لشئون الهجرة والجوازات، سمو الشيخ علي بن خليفة بن سلمان آل خليفة، الوكيل المساعد لوزارة الداخلية لشئون الهجرة والجوازات «خلفاً للشيخ عيسى بن علي الذي أصبح رئيساً لديوان الموظفين»؛ وصولاً إلى وكيل وزارة الداخلية الحالي لشئون الهجرة والجوازات، الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة
موازنة الدائرة
بحسب ما هو متوافر من وثائق وبيانات، يمكن الوقوف على موازنات دائرة الجوازات ابتداء من العام 1928، وصولاً إلى العام 1942، وجاءت على النحو الآتي:
العام 1928، بلغت الموازنة 5967 روبية، و 1929، 5925 روبية، و 1930، 6000 روبية، 1937، 8000 روبية، 1938، 11 ألف روبية، 1940، 13,850 روبية، 1941، 13 ألف روبية، والعام 1942 بلغت الموازنة 10 آلاف روبية.
إيرادات الدائرة
خلال 6 سنوات تبدأ من العام 1937، وتنتهي في العام 1942، فترة الحرب العالمية الثانية، نقف على تذبذب الإيرادات صعوداً في أحيان قليلة، وهبوطاً في أغلب الأحيان، ربما بطبيعة ظروف المنطقة عموماً في تلك الفترة، والبحرين خصوصاً.
ففي العام 1937، بلغت إيرادات الجوازات 20136 روبية، وفي 1938، 18964 روبية، و 1939، 18263 روبية، و 1940، 14047 روبية، و 1941، 11550 روبية، وفي العام 1948، بلغت الإيرادات 10136 روبية.
16 شخصاً نالوا الجنسية العام 1939
ترصد الوثائق المتوافرة التي استند إليها كتاب المريخي؛ من خلال المصادر الرسمية التي نشرت في عدد من الصحف في فترة مبكرة؛ إضافة إلى مصادر أخرى، إحصاءات منذ العام 1939، لحركة المسافرين عن طريق البحر والجو؛ وصولاً إلى بعض الإحصاءات للعامين 1940 و 1941، وعدد الذين تقدموا بطلب الحصول على الجنسية البحرينية، وإحصاءات الحجَّاج؛ إذ وصل عدد الذين دخلوا البحرين في العام 1939 «12500 مسافر. أما في العام 1940، فقد بلغ عدد المسافرين الذين دخلوا البحرين، 14475 منهم 3219 مسافراً عن طريق البواخر و 10997 مسافراً عن طريق اللنشات و 259 عن طريق الجو».
كما تشير الإحصاءات إلى أنه في العام 1941 بلغ عدد «المسافرين الداخلين إلى البحرين، 14743 مسافراً»، في حين تقدم في العام 1939، 28 شخصاً لطلب الحصول على الجنسية، وتمت الموافقة على 16 طلباً فقط.
وفي السياق نفسه، تم في العام 1945 إصدار 1418 ورقة سفر، و 480 جواز سفر.
وفي ما يتعلق بأعداد الحجَّاج، سافر إلى الحج 100 شخص، وذلك في العام 1946، وخلال العام 1947، بلغ 30 شخصاً فقط، بينما بلغ في العام 1952 - 1953، 280 شخصاً.
نستأنف متابعة سلسلة قيام المؤسسات الحديثة في البحرين، تناولاً للقضاء، البلديات، الزراعة والمياه، الصناعات المحلية القديمة وعصر الصناعات الثقيلة، موانئ البحرين ومواصلاتها، العملة والبنوك، عصر النفط... بعد عصر اللؤلؤ، أسواق البحرين وفنادقها، عيون المياه، بداية البريد، نشأة الخدمات الصحية، الرياضة ونشأتها، والبرق والهاتف، استناداً إلى كتاب المريخي، وغيره من المصادر.
العدد 4505 - الثلثاء 06 يناير 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1436هـ