العدد 4504 - الإثنين 05 يناير 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1436هـ

تقارير «الرقابة المالية» صعبة الفهم... تركز على التفاصيل دون توضيح جوهر المشكلة

الوسط - محرر الشئون المحلية 

05 يناير 2015

يظهر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في نسخة العامين 2013 - 2014، استمرار الديوان في الاكتفاء بتصنيف الملاحظات الرقابية على أساس إداري وأداء ويتبع كلمة جوهري، وهي كلمة تخصصية لا يفهم معناها أحد غير المتخصصين من أصحاب الخبرة، وهو ما يطرح تساؤلاً عن معنى جوهري، وما إذا كانت تعني مقداراً مالياً أو شهرياً من الزمن أو مستوى المخالف الإداري أو نوع المخالفة القانونية.

وتوضح معايير الرقابة الحكومية التابعة لمنظمة «الانتوساي» التي يقرها ديوان الرقابة المالية، معنى الجوهرية من خلال المعيار ISSAI 1315 أنها «تحديد مخاطر الأخطاء الجوهرية وتقييمها من خلال فهم الهيئة الخاضعة للرقابة وبيئتها»، ما يعني أنه يتم تحديد الجوهرية على أساس يعتمده نظام قائم في الجهاز الرقابي ويعتمد على إجراءاتهم الرقابية وموازنة الجهة الخاضعة للرقابة ومستوى المخاطر الخاصة ببيئتها الرقابية.

ويمكن القول إن تحديد الجوهرية يتم بشكل مجمل عبر الإمكانيات المهنية للطاقم الرقابي استناداً لتراكم الخبرة في الجهة والشخصيات الخاضعة للرقابة والذين يحددون مستوى المخاطر في البيئة الخاضعة للرقابة، بالتالي فإن كلمة «جوهرية» لا تخدم أية فئة من غير المتخصصين، ومن الضروري أن يتبع الديوان مبدأ تأثير الملاحظات على أساس خطورتها وأن يستعرضها بالمعنى العام للشفافية وبموضوعية تفهمها العامة والخاصة.

وفيما يتعلق بمدة صلاحية تقرير ديوان الرقابة، بات من الواضح أن مفعول التقارير الرقابية ينتهي بعد أن يتم إصدارها ببضعة أيام، وإن طالت تستمر شهراً من الزمن، إذ تظل على الأرفف من دون أن يستخدمها أحد أو يتابعها، أو أن يصبح التقرير مادة تحتوى على نصوص تاريخية قد تلتفت لها الجهات المعنية والمسئولة عن تطبيقها من دون أن تأخذ هذه التقارير دورها الحقيقي في عمليات موزونة للتصحيح الإداري والقانوني ووضع أسس لحوكمة القطاع العام.

ومما لاشك فيه أن تقارير ديوان الرقابة المالية كبيرة وتحتاج لشهور من الدراسة، وفاق عدد صفحات التقارير الرقابية 700 صفحة بحجم A4. وتحتوى على عشرات التقارير عن عدد من الجهات تكرر تدقيق بعضها سنة وراء سنة، ومن ذلك على سبيل المثال عشرات التقارير عن وزارة شئون البلديات، وزارة التربية، وزارة الأشغال، شركة طيران الخليج، صندوق العمل (تمكين) وهيئة تنظيم سوق العمل وغيرها.

يشار إلى أن الملاحظات التي يتم تنفيذها تبوب آخر التقرير كجدول متابعة سنة تلو السنة لثلاث سنوات ثم إما أن تختفي أو أن يتم رفعها في صدر التقرير إذا تمت إعادة التدقيق.

ويلاحظ افتقار النظرة الشمولية الاستراتيجية في العمل الرقابي، إذ لا توجد مساحة في التقرير تخصص لتقييم التكرار في الإجراءات الحكومية أو الهياكل التنظيمية، بحيث يتم تقييم أداء المؤسسات المتشابهة الموجودة في بلاد مساحتها 760 كيلومتراً مربعاً، فما الداعي لوجود برامج تدريبية متشابهة بين معهد البحرين للتدريب وجامعة البحرين وبوليتكنك والمجالس النوعية في آن واحد؟، وما الداعي لوجود رقابة إدارية ورقابة مالية من قبل ديوان الرقابة المالية بمعزل عن الرقابة التي تقوم بها وزارة المالية وديوان الخدمة المدنية ومركز البحرين للتميز وغيرهم؟.

ويحتوي تقرير الرقابة المالية والإدارية على 700 صفحة مجزئة إلى خمسة أبواب من دون أن يكون له باب لتحديد القوانين الموضوعة ومدى أهميتها وما أنتجته في البلاد، فتدرج المخالفات على أساس مخالفات لقرار وزير المالية أو مخالفة قانون معين كقانون المناقصات أو مخالفة أفضل الممارسات المتعارف عليها. ويستخدم الديوان مصطلحات لا يفهمها العامة.

ومن المشار إليه، فإنه لم تصدر أية تقارير تركز على ديوان الخدمة المدنية كجهاز غاية في الأهمية يراد به ضبط الإيقاع في المؤسسات العامة ومراقبتها وتقنين إجراءاتها الإدارية.

ومن الأمور الملاحظة هي عدم نشر التقارير الرقابية، إذ لا تشتمل صفحة الديوان على نسخ من التقارير الصادرة للباحثين والراغبين في الاطلاع عليها، كما أن صفحة ديوان الرقابة المالية والإدارية لا تشتمل مساحة تقبل المخالفات ولا رقم هاتف ساخن ليعطي مجالاً لتشجع التبليغ عنها.

وفيما يخص القوانين والأنظمة التي تحكم الالتزام، فإنه يلاحظ وجود أجهزة كثيرة وقوانين متشعبة تتداخل لتضع دائرة متكاملة من التقنين لعمليات الجهات الحكومية، وعلى سبيل المثال ففي وزارة المالية تصدر إرشادات وأحكام للدليل المالي الموحد، وهي ثابتة لا تتغير بما يتلاءم ووجهة نظرة معينة مراد بها التطوير المالي وإسراع الإجراءات الوزارية، وكذلك فيما يخص ديوان الخدمة المدنية وقانون الخدمة المدنية، إذ توجد عشرات المخالفات بتمرير إجراءات مخالفة لقانون الخدمة المدنية ولكن تحت إشراف ديوان الخدمة المدنية.

وبالنسبة للمناصب الإدارية والهياكل التنظيمية وأهميتها، يلاحظ أن وزارة صغيرة مثل وزارة شئون مجلسي الشورى والنواب بالمقارنة بوزارة ضخمة كوزارة التربية والتعليم أو وزارة الصحة تحمل المسميات الوظيفية ذاتها لمدير الموارد المالية، ومدير الموارد البشرية، وهو ما يطرح تساؤلاً عن دور الديوان في تحديد المناصب المقررة والدرجات ومستوى العمل الإداري.

وعلى مستوى قانون المناقصات والمزايدات الحكومية، تجدر الإشارة إلى أن تقريراً متكاملاً صدر في العام 2009 يبين ضعف اللجان وضعف الإجراءات، وهو ما يستدعي الحاجة لمراجعة القانون بحد ذاته بعد مرور 4 سنوات من صدوره.

وليس من الواضح حقيقة الأمر بالنسبة للجهات التي تتابع تقرير الرقابة المالية، ومنها رئاسة مجلس الوزراء ومجلس الشورى والنواب، ومدى إمكانياتها الرقابية، وما إذا كانت لديها لجان مشتركة مع ديوان الرقابة المالية للتباحث وفهم التقارير.

العدد 4504 - الإثنين 05 يناير 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً