لست أدري في ما إذا كان العام 2015 يحمل في طياته أملاً ووعداً جميلاً للبحرينيين، لكن المؤكد أن أيامه الأولى لم تكن سعيدةً على الإطلاق، وربما سأخالف وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة الذي بدا مسروراً بقدوم العام الجديد في تغريدة له قبل أيام حين كتب: «كثير من الايجابيات حملتها 2014 وتعدنا 2015 بايجابيات أكثر، وهي بالفعل تسبب كثيراً من الصداع السياسي لمن خانهم تفكيرهم في التعاطي الايجابي». انتهت التغريدة.
سنختلف مع سعادته بالطبع، فالحقائق على الأرض تقول عكس ما تقوله تغريدته، ونحن نصدق ما نراه عياناً بياناً لا ما نقرأه في «تويتر» كأمانٍ طيبة أو مناكفات سياسية.
والحقيقة التي يحاول البعض حجبها أو التقليل من أهميتها، أن اعتقال الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية أنتج فصلاً جديداً من كتاب المحنة التي يعيشها الوطن منذ أربع سنوات، هذا الحدث ضاعف من حدّة الاحتقان الأمني المتراكم بفعل وجود مئات المعتقلين والمطاردين، ومئات البحرينيين الذين اختاروا المنفى مكاناً للعيش ومزاولة حقّهم في التعبير والعمل السياسي بمأمن من الملاحقات الأمنية.
يأتي العام 2015 وكثير من الأسر البحرينية تعاني من قسوة الحرمان من أب غائب أو أخ مطارد تتمنى عودته. بيوت فقدت «الخبز» وألعاب الأطفال وثياب الشتاء الجديدة لأن من كان يشتري لها هذه الأشياء الجميلة بات عاطلاً عن العمل.
يأتي 2015 والشعور بغياب الأمن والاستقرار وانعدام القدرة على التفاؤل يتصاعد لدى البحرينيين مع اضمحلال أية مؤشرات ايجابية في اتجاه حل الأزمة السياسية التي تزداد تعقيداً مع اعتماد خيار المعالجة الأمنية للأزمة، وتوتر أمني يخف تارة ويتصاعد تارة أخرى لكنه لا يتوقف حتى صارت بلدنا (حريقة وسط حديقة) وبؤرة توتر في محيط خليجي مستقر سياسياً وأمنياً إلى حدّ بعيد.
يواجه البحرينيون في الواقع أزمة سياسية مدمرة لنسيجهم وأمنهم الاجتماعي لكنها أزمة مركبة من شقين، الشق الأول: حركة شعبية مطالبة بالاصلاح السياسي طامحة في توسيع رقعة المشاركة في القرار، وهي دعوة ليست جديدة، فقد تردد صداها منذ عشرينيات القرن الماضي واستمرت القوى الوطنية تتناقلها جيلاً بعد جيل وتناضل حتى الآن من أجل تحقيق هذه التطلعات.
أما الشق الثاني من الأزمة فيتمثل في بروز «الإشكال الطائفي»، في سياق ما يعرف بانبثاق «الهويات الفرعية» في الشرق الأوسط، وقد دخل هذا البعد كعامل جديد على السطح بفعل عوامل خارجية وداخلية مركبة، وأمسى هذا الخليط من العوامل ينتج أزمات حادة على مستوى الخطاب الديني، ويترك أثراً سلبياً فادحاً على النسيج الاجتماعي يتبدى في استعارة أزمات الجوار في حروب عقائدية مستوردة في مجتمع بات يشهد تصاعداً خطيراً في دعوات الكراهية الدينية في ظل انقسام سياسي حاد. فهل يمكن تجاوز كل هذا البؤس؟
ممكن جداً، ففي دراسة للكاتب الموريتاني محمد بن المختار الشنقيطي، وهي رسالته للدكتوراه في تاريخ الأديان بجامعة تكساس حملت عنوان «أثر الحروب الصليبية على العلاقات السنية الشيعية»، أشار إلى أن أغلب مراحل التاريخ الإسلامي هي مراحل تواصل بين السنة والشيعة وليست قطيعة، ومراحل القطيعة كانت محدودةً لا تزيد على الـ 200 سنة فقط، وبنظرةٍ استقرائية لمراحل التاريخ الاسلامي يرى الباحث أن مراحل القطيعة كانت أربع: مرحلة الدولة البويهية مع الدولة العباسية 105 سنوات، مرحلة الدولة الصفوية مع الدولة العثمانية، الصراع بين المالكية والدولة الفاطمية في القيروان، والمرحلة الرابعة والأخيرة التي نعيشها اليوم ابتداءً من 1979. هذه هي مراحل القطيعة الأربع، ولو جمعنا هذه المراحل – يقول الشنقيطي - سنجدها لن تصل إلى 200 سنة من تاريخ إسلامي طوله 1400 سنة.
هذا يعني أننا يمكن أن نتغلب على هذه الصفحة المقيتة من كتابنا الأسود الملطخ بالدم وفتاوى التكفير وأنصال السيوف المتعطشة للرقاب الطرية. يقول الشاعر أبو الفتح البسي:
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ...
وكل عام وأنتم بخير.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4504 - الإثنين 05 يناير 2015م الموافق 14 ربيع الاول 1436هـ
الشكر لك
شكرا لمرورك واهتمامك ياصديق
النصر قادم لامحاله
عقب هادى المعانات سياتى يوم وتنتصر الثورة وستحقق جميع مطالبنا الشرعيه مهما طال الزمن او قصر ستتحقق مطالبنا دائما ياشعبى كن متفائلا لانه الله يحب الصابرين وراح الله يحقق المراد بس صبرا ولا تتنازلون يوم واحد عن الخروووج المسيرات واصلوا فانه الله معكم والله يمهل ولايهمل
مقال قوي
أستاذ وسام تحياتي لك على هذا المقال اللامس لواقع مملكتنا و ما يدور فيها من أحداث و مجريات تعصف بها و تتلاطم الآراء و الوجهات المختلفة و فعلاً الصحفي الناجح السبع وفى و كفى .
تغيرت كثيرا يا وسام
خلك سبع يا سبع
انها التجاوب
في التجارب علم مستفاد...حديث شريف
من لايتعلم لايتغير
رأي
ابعاد رجال الدين عن السياسة
تجارب فاشلة
التجارب البشرية التي أمامنا في العالم كلها ويلات وفشل حتى في الدول التي تحكمها انظمة علمانية تجد فيها الحزبية والفئوية والأهواء الشخصية قد فتت البلاد بطولها وعرضها وخلقت صراعا داخليا بين أفراد الشعب وجماعاته وأحزابه أنظر الى لبنان وصراعاته الحزبية الداخلية وغيرها من الدول. تعجبكم أمريكا بعلمانيتهاو أحزابها والمشردون فيها لم تنفعهم العلمانية ولا الرسمالية والجرائم والانتهاكات لم تحد منها الديموقراطية التي يتشدقون بها.
العلمانية هي الحل
العلمانية هي الحل يا أستاذ فلا يمكن لنا ان تسمح بتفتيت المجتمع اكثر من نازعو مفتت بسبب تدخل رجال الكهنوت في السياسة يحب إغلاق جميع الجمعيات الطائفية السنية منها و الشيعية و منع رجال الكهنوت من الخوض في الشأن العام فلا انا سأقبل باللحية الطويلة تحكمني و لا غيري سيقبل بالعمامة تحكمه
العلمانية ليست
العلملنية لاتعني حل الجمعيات الدينية..ليس هناك تلازم بين الامرين صديقي