العدد 4501 - الجمعة 02 يناير 2015م الموافق 11 ربيع الاول 1436هـ

الناقد محمد رضا للمخرجين الخليجيين: ارفعوا سقف طموحاتكم

ترأس لجنة تحكيم المهر الإماراتي والقصير بـ «دبي السينمائي»

محمد رضا
محمد رضا

انتقد رئيس لجنة تحكيم مسابقة المهر الإماراتي ومسابقة المهر القصير بمهرجان دبي السينمائي الدولي الناقد السينمائي محمد رضا، مستوى الأفلام الإماراتية المشاركة في مسابقة المهر الإماراتي للدورة الحادية عشرة للمهرجان. وقال رضا في حفل توزيع جوائز المهرجان الذي أقيم يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2014 «نظرنا إلى مجمل الأفلام الإماراتية التي شاركت في المسابقة ورأينا أنها لم تكن على مستوى جيد ونناشدكم بأن تعملوا بجهد لكي ترفعوا سقف طموحاتكم ولكي تتمثلوا بهذه الدولة الرائعة التي تنتمون إليها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. هذه الدولة التي حققت الأحلام فباتت واقعاً والخيال بات حقيقياً».

التقيته في اليوم التالي، سألته عما دعاه لأن يوجه مثل هذا النقد القاسي لمخرجي الأفلام المشاركة في مسابقة «المهر الإماراتي»، فكان الحوار التالي:

ما هي انتقاداتك على الأفلام التي حكمتها في مسابقة المهر الإماراتي لهذا العام؟

- تعاني هذه الأفلام من ضعف في السيناريوهات المكتوبة، وأعتقد أن هذه السيناريوهات تكتب ولا يعاد قراءتها، وكأنها لا تمسّ. كذلك تعاني الأفلام من محددية آفاق الثقافة السينمائية لدى المخرجين. وأنا لا أتحدث عن الإماراتيين فقط بل عن المخرجين في كل أنحاء العالم العربي، فهم لا يبالون بالثقافة السينمائية ولا يطالعون ولا يقرأون ولا يشاهدون ولا يعرفون التيارات والمدارس السينمائية، بل إنهم لا يشاهدون أفلام الأبيض والأسود، ويتعاملون معها كما يتعامل معها الجمهور العادي. لا يعرفون الفرق بين انطونيولي وفيلليني ولا يعرفون من هو فيلليني أحياناً. ليس لديهم اطلاع ومن لا يحمل اطلاع ليس لديه حب للسينما، لديه حب لذاته، ولذا يصنع فيلماً لكي يحمل لقب مخرج فقط.

كيف يمكن ألا يكون الشباب الإماراتي مطلعاً وواعياً، وهو يعيش في بلد تقام فيه مهرجانات للسينما، وتوفر فيه الرعاية والدعم للشباب بمجرد أن تظهر لديهم بذرة حب للسينما؟ وهل الخلل في الشباب أنفسهم وفي الوعي السينمائي الموجود لديهم أم في طبيعة الدعم الذي يحصلون عليه؟

- ليس هناك خلل في الدعم، وهؤلاء الشباب الإماراتيون وغيرهم ممن يعيشون في دول مجاورة، يعيشون في فترة تحاول فيها دولهم أن تجد أفضل السبل لكي تتقدم عمرانياً ومدنياً واقتصادياً واجتماعياً وغير ذلك. في بلاد أخرى عربية مثل موريتانيا والجزائر لا يحصل الموهوبون من مخرجين وغيرهم على ربع هذا الدعم وليس لديهم أي فرص من الفرص المتوافرة في هذه البلاد، والتي لا يستفيد منها شبابها. الشباب هنا يكتبون سيناريوهات الأفلام، ولا يكترثون حتى أن يعيدوا قراءة ما كتبوه. ليس لديهم القدرة على الخيال عند تنفيذ السيناريوهات. يعيشون في صندوق يرفضون التخلي عنه. لديهم سرعة في اتخاذ القرارت وفي الكتابة والتنفيذ. هذا الخلل يحدث لأن هناك تربة من المعطيات الشخصية المتوارثة في كل شخصية عربية، تدفعهم للقيام بما نشأوا على أن يقوموا به وإلا يخرجوا من الصندوق. هناك تراكمات نفسية واجتماعية وتراثية ودينية وغيرها لا يسألون أنفسهم عنها، وإذا واجهوا أنفسهم وحاولوا التعبير عنها لا يستطيعون الخروج من حالة الاقتناع المسبق بها. ليس لديهم هذه المواجهة القوية التي تجعلهم يكسرون الإطار.

دائماً في السينما، سواء في النقد أو في الإخراج، آخر ما يهم هو ما يطرحه الفيلم، الأهم هو كيف يطرحه. كل أفلام العالم تطرح أمور ما، وهذه المشكلة كما ذكرت لا تتعلق بالسينما الإماراتية فقط ولكن أيضاً بسينمات خليجية وعربية وعالمية. الفرق هو أنه لدينا تمسك أكبر قليلاً بالمتوارث حتى لو لم تكن السينما من الموروثات إذ لم يكن هناك سينما في المنطقة العربية قبل 50 أو 60 سنة لكن العقل هو الذي يتوارث، وهو الذي يولد عقدة الأنا.

لماذا إذن منحتم، كلجنة تحكيم، الجوائز لهذه الأفلام ولم تقوموا بحجب الجوائز؟

- قواعد المهرجان الإدارية وقوانينه لا تجيز عدم منح جائزة، ولجنة التحكيم مقيدة بما وافقت عليه من شروط للمهرجان. والمشكلة موجودة في الفيلم الإماراتي فقط أما الأفلام القصيرة فكانت هناك أفلام جيدة، وكانت هناك محاولات جميلة وسينما مدروسة. بالنسبة للأفلام الإماراتية، يبدو أن كثيراً من كتاب السيناريوهات الإماراتيين القدامى مشغولون بكتابة الأفلام الطويلة وتنفيذها لذا احتجبوا. معظم ما كان متوافراً كان لمخرجين جدد أو شبه جدد.

بشكل عام كيف وجدت نتائج المهرجان، هل أنت راض عنها؟

- لم أكن بلجنة تحكيم المهر الطويل ولم تسنح لي الفرصة لمشاهدة الأفلام كلها. لكن لديّ وجهة نظر مناقضة لمنح الجوائز لبعض الأفلام، هل هي فعلاً الأفلام الأفضل. لا أستطيع بأمانة أن أقرر ذلك لأني شاهدت ثلاث أفلام طويلة فقط ولا أستطيع المقارنة، لكني أعتقد أن الفيلم الروائي الفائز بجائزة المهر الطويل، وهو أحد الأفلام التي شاهدتها، يعاني من مشاكل في الكتابة وفي التنفيذ.

كيف تجد مهرجان دبي السينمائي في عامه الحادي عشر؟

توقعت أن يكون قد تأثر بوضع الموازنات لكن مهرجان دبي أصبح غير قابل للتأثير سريعاً.تاريخه يمنعه والقائمون عليه يمنعونه وكذلك اختياراته من الأفلام تمنع ذلك. الأفلام الروائية الطويلة لم أشاهدها لأتحدث عنها، لكن اختيارات الأفلام القصيرة رائعة. كانت جيدة وفيها الكثير من الخيال والإبداع. أما فيما يتعلق بدمج جوائز المهرجان إلى بعضها، وإلغاء جوائز التمثيل والتصوير والسيناريو، وكذلك عدم وجود جوائز مادية، كل ذلك لم يؤثر على حضور مهرجان دبي بقوة على خارطة السينما العربية والمهرجانات العربية. أعتقد أنه لا يزال الأول عربياً، ولا ينافسه سوى مهرجان أبوظبي السينمائي.

ما الذي يميز دبي السينمائي عن المهرجانات العربية وخاصة الخليجية منها؟

- يميزه أولاً أنه بيت للسينما العربية، إذ لا يوجد مهرجان عربي آخر قادر على الاهتمام بالسينما العربية كما يفعل مهرجان دبي. يهتم بها عضوياً من حيث رعاية المواهب الجديدة، مثل المخرج البحريني محمد راشد بوعلي، والمخرج الكويتي عبدالله بوشهري، وهذا بالطبع يتوقف على مدى استعدادهم للتفوق. وهناك دعم معنوي لمشاريع المبدعين، أكثر من كونه مادياً. هناك هذا السعي لأن يكون مهرجان دبي بيت للسينما العربية وهي بحاجة لبيوت. ثانياً يميزه أن العاملين عليه بدءاً من رئيسه عبدالحميد جمعة ومديره الفني مسعود أمرالله علي وحتى العاملين فيه مثل صلاح سرميني وانطوان خليفة، أشخاص يفهمون السينما وضليعون فيها وليست لديهم أجندات خاصة.

أعود لتعليقك على مستوى الأفلام الإماراتية القصيرة، وكذلك اعتراضك على الفيلم الروائي الطويل الفائز بجائزة المهر الطويل. لماذا تعارض منح الجوائز لهذا الأفلام التي قد لا تكون بمستوى عالٍ لكن منحها الجوائز سوف يشجع مخرجيها ويدفعهم لتقديم تجارب أفضل في المستقبل؟

- كم عمر السينما العربية. يفوق المائة عام وهي تحصل على التشجيع. ما الذي أنتجته. هناك مخرج أميركي اسمه اورسون ويلز كان عمره 24 عاماً وكان ممثلاً إذاعياً ولم يكن لديه أي خلفية سينمائية، قدم فيلمه الأول تحت اسم «المواطن كين». لماذا يعتبر هذا الفيلم واحداً من أهم خمسة أفلام في تاريخ السينما، بينما معظم الأفلام العربية الأولى لمخرجيها ساقطة فنياً. لأنه ليس هناك معرفة بالآخر ولا ثقافة أو وعي سينمائيين.

العدد 4501 - الجمعة 02 يناير 2015م الموافق 11 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً