العدد 4499 - الأربعاء 31 ديسمبر 2014م الموافق 09 ربيع الاول 1436هـ

التركية إليف شفق تأخذنا هذه المرة إلى قباب الاكتشاف

في روايتها "المهندس المعماري المبتدئ"...

الوسط (فضاءات) - جعفر الجمري 

تحديث: 12 مايو 2017

"شفق" اسم امها الذي حملته بعد أن هجر والدها أمها وهي لم تتجاوز العام، إنها الروائية التركية ذات الحضور العالمي، إليف شفق، التي عرفها القراء العرب من خلالها روايتها الأشهر "قواعد العشق الأربعون" التي أخذتنا إلى مناخات التصوّف، وأعادتنا إلى إلى القرن الثالث عشر، في رحلة اقتفاء أثر اثنين من أقطاب التصوف وقتها، شمس الدين التبريزي، والعلاقة المتوحدة بجلال الدين الرومي. كأنها محاولة لإعادة بناء هذا العالم الغارق في ماديته، عبر تلك الرحلة الروحية والنقاء الذي لم يعد قائماً اليوم.
في روايتها الحديثة "المهندس المعماري المبتدئ"، تأخذنا شفق إلى "قباب الاكتشاف"!
هنا انتخاب لأهم ما جاء في تقرير صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بتاريخ 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، في تناوله للرواية الجديدة.
تبدو حقيقة القول، إن المهندس المعماري التركي الكبير معمار سنان، ليس معروفاً على نطاق واسع. ذلك يذكّر بما أشار إليه أحد أهم فناني عصر النهضة، مايكل أنجلو، بالقول، إن هناك الكثير من التحيّز في تاريخ الفن. ذلك هو ما تحاول رواية إليف شفق المساس به توخياً للتصحيح.
وبتتبع سيرة سنان آغا (895 هـ / 1489 - 996 هـ / 1588م)، سنجد أنه أشهر معماري عثماني، عاش في القرن العاشر الهجري في أوج العصر الذهبي للعمارة العثمانية، وكان رئيس المعماريين وأشهرهم خلال حكم السلاطين الأربعة: سليم الأول وسليمان الأول وسليم الثاني ومراد الثالث.
ولم يكن مبالغاً العالم الألماني وأستاذ تاريخ العمارة في جامعة فيينا هـ . كلوك، حين قال: "إن سنان يتفوق فنياً على مايكل أنجلو صاحب أكبر اسم فني في الحضارة الأوروبية.
وصل المتدرب الهندي الذي كان تمتلئ روحه بالخيال، وله من العمر 12 عاماً، إلى قصر توبكابي رفقة الفيل الأبيض، الذي قُدّم كهدية للسلطان. من خلال الفرص (والتقلّبات والتحولات الخيالية اللازمة). أصبح الصبي والحيوان لا غنى عنهما. في الرواية يتم توظيف الشخصيات الثلاث ليس فقط من أجل أن تسرد حكاية حياتهم فحسب، ولكنها قصة إسطنبول التي تنمو وتتمدد لتصبح الشاهد والمثل السائد للإمبراطورية العثمانية.
كما هو الحال مع عمل إليف شفق السابق، في تناولها وتقليبها للمنافذ والأساليب التاريخية التقليدية. الكاتبة ليست مهتمّة كثيراً بالمكائد السياسية التي حدثت في أوساط الطبقة العليا في السلطنة، بقدر اهتمامها بالعالم مترامي الأطراف وأنظمته الداعمة: من خلال أولئك الذين تم إقصاؤهم من المحاضر الرسمية، وتم إقصاؤهم ليكونوا خارج سياق التسجيل الحقيقي. إنها إسطنبول "زهرة عسل المدينة" بأزقتها المتعرّجة العظيمة، والممرات تحت الأرض والأسواق المغلقة" يصبح كل أولئك ومن نواح كثيرة، الشخصيات المركزية والرئيسة، من العمال والسجناء والخصيان، والمنفيين، والغجر، والسكارى والعاهرات، في حال من الصراع من أجل الإبقاء على فوضى المدينة.
الرواية تقع في الفترة بين العام 1546 و 1632، وتمتد لتغطي حياة سنان الذي توفي عن عمر ناهز 99 عاماً. الناس الذين يمكن لهم أن يعيشوا إلى تلك السن المتقدمة، يجعلون الأمر كما لو أنه معجزة في مثل هذا المكان غير المستقر والمتقلب عاطفياً.
مشاهدة موكب يشق طريقه عبر المدينة، رفقة الفيل وقد تزين وسطه بالقماش المزخرف. الصبي جهان "لم يستطع أن يصدق كيف تغيّر - فجأة - المزاج العام انتقالاً من الحزن إلى الفرح، وكيف أن نهر دموعهم قد جف. إذا استطاعوا التنقل بين الكآبة والفرح بهذه السهولة، فهل يعني هذا بأنه سيتاح لهم العبور من الحب إلى الكراهية بكل سهولة ويسر؟"
هنالك، كما قد يتوقع المرء، قصة حب، ولكن تعلّق جهان بابنة السلطان سليمان القانوني مهرماه أمر يتم حظره ضمن إجراءات ملائمة، وهو أمر سيكون من المستحيل الوصول إلى غاياته السعيدة، ومحكوم صاحبه بالموت بطبيعة الحال، على رغم لحظات العاطفة الموّارة والحنان الذي يمكن اختلاسه. هنالك ولاءات ذات تأثر عميق بين السيد والتلميذ، الولد وفِيلِه، ومستوى مذهل من التأييد المرهف من قبل مجموعة من الغجر، ولكن شفق ليست وجدانية ضمن حدود العاطفة الغالبة.
هذه الرواية ربما تكون الأكثر طموحاً مما أنجزت شفق حتى الآن، وهي أفضلها، يتم سردها بإنسانية سخية تعيد بالتأكيد ترتيب مواقف الطرفين، بإمكانات إبداعية من الخيال والواقع، تم استقاؤها وبناؤها من العالم حولنا.
يذكر، أن أليف شفق روائية تركية، تكتب باللغتين التركية والإنجليزية، وقد ترجمت أعمالها إلى ما يزيد على ثلاثين لغة. ولدت العام 1971 في ستراسبورغ،.
انفصل والدها عندما كان عمرها عامًا واحدًا فربتها أمها. وتقول الكاتبة إن نشأتها في عائلة لا تحكمها القوانين الذكورية التقليدية كان له كبير الأثر على كتابتها. وتستخدم الكاتبة اسمها الأول واسم أمها كاسم أدبي توقع به أعمالها.
أمضت طفولتها وصباها متنقلة بين مدريد وعمان وكولونيا قبل أن تعود إلى تركيا، وهاجرت إلى الولايات المتحدة لتواصل دراستها أولاً، ثم بعد ذلك لتشغل منصب أستاذة محاضرة في مادة الدراسات والأجناس في جامعة أريزونا.
نُشر لها 12 كتاباً ثمانية منها روايات باللغتين التركية والإنجليزية. صدرت روايتها The Forty Rules of Love "قواعد العشق الأربعون" في العام 2010، وبيعت من الكتاب 550,000 فأصبح بذلك الكتاب الأكثر مبيعًا في تركيا. كما أن شفق هي من بين الكتاب الأكثر مبيعًا في إيطاليا وفرنسا وبلغاريا.
حصلت روايتها الأولى Pinhan "الصوفي" على جائزة رومي لأفضل عمل أدبي في تركيا العام 1998. أما روايتها الثانية Şehrin Aynaları "مرايا المدينة" فتتطرق إلى التصوف عند المسلمين واليهود في خلفية بحر متوسطية في القرن السابع عشر. وحصلت روايتها Mahrem "النظرة العميقة" على جائزة اتحاد الكتاب الأتراك العام 2000. وحققت روايتها التالية Bit Palas "قصر البرغوث" أعلى مبيعات في تركيا، وتبعها كتاب Med-Cezir "المد والجزر" وتناقش فيه قضايا حول مكانة المرأة والرجل والجنس والذهن والأدب.
في العام 2006 أصدرت رواية The Bastard of Istanbul "لقيطة إسطنبول" باللغة الإنجليزية وحققت أعلى المبيعات في تركيا. وتعرض شفق في هذه الرواية -بين قضايا أخرى- لقضية الأرمن، وقد أدى ذلك إلى ملاحقتها قضائيًا في تركيا؛ إلا أن التهم أسقطت عنها فيما بعد.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً